الاقتصادية ـ سيميون كير 05/03/2009
حلّت إحدى أشد اللحظات صعوبة في تاريخ دبي حين اكتشف العلماء اليابانيون كيفية زراعة اللؤلؤ. أدت تلك العملية إلى تدمير اقتصادات منطقة الخليج في الثلاثينيات. فقد انهارت صناعتها الرئيسية؛ الغوص وراء اللؤلؤ الطبيعي، وأدى الركود في الولايات المتحدة إلى تراجع الطلب.
لذلك، التحرك المتسق لدبي الساعية مرة أخرى إلى أن تصبح مركزاً لتجارة اللؤلؤ، أمر ملائم، بينما تعمل الأزمة الائتمانية العالمية على لجم وإبطاء نشاطات القطاعات المالية والعقارية في هذه المدينة الإمارة.
يقول أحمد سليمان، رئيس مركز دبي للمعادن والسلع: “ربما تكون هناك بعض المشاعر العاطفية في ذلك، لكننا نعتقد جازمين أن بإمكان دبي أن تصبح مرة أخرى مركزاً لتجارة اللؤلؤ، حتى لو لم يتحول ذلك إلى صناعة بمليارات الدولارات”.
المنطقة الحرة المملوكة من جانب الحكومة التي تروج للإمارة على أنها وجهة لتجارة السلع، بما فيها الأحجار الكريمة والجواهر، تريد أن تحوّل دبي إلى نقطة ارتكاز لهذه التجارة. فهي توفر بورصة تداول ومرافق تخزين للحصول على نصيب من هذه الصناعة التي تبلغ قيمتها ثلاثة مليارات دولار سنوياً، ولا تزال تشكل 2 في المائة من سوق الحُلي العالمية.
ويعود اقتراح مركز دبي للمعادن والسلع الذي يعمل تحت مظلة شركة دبي العالمية، إلى ما حققته مدينة دبي من نمو بوصفها مركزا للتجارة قبل اكتشاف النفط، حين ساعد اللؤلؤ على تحويل ذلك الخليج الصغير من قرية صيد ناعسة إلى مركز تجاري يعج بالحركة.
عمل منتدى اللؤلؤ العالمي الذي عقد في دبي، هذا الشهر، على إغراء المنتجين العالميين، بينما يستكشف مركز دبي للمعادن والسلع طرقاً لاستعادة مركز المدينة في صناعة اللؤلؤ العالمية.
يقول نيكولا باسبالي، الرئيس التنفيذي لشركة باسبالي للؤلؤ، إنه يمكن لدبي أن تصبح مركزاً إقليمياً، بل وأكثر من ذلك، طالما أنها تقدم شيئاً إضافياً لهذه الصناعة، وتبقي على سياسة الحدود المفتوحة.
تتمحور هذه الصناعة في الوقت الراهن حول هونج كونج، إلا أن باسبالي قال إن دبي مركز متوسط مثالي بين السوق الأوروبية والشرق الأوسط.
ظل المتسوقون الخليجيون مفتونين منذ فترة طويلة بالجواهر. واحتلت دبي، بصفتها ملاذاً لتجارة التجزئة، مكانة باعتبارها مدينة للذهب، فهي تعمل مركز جملة يغذي الأسواق الهندية والخليجية المربحة.
ويقول جايتي رباني، المدير التنفيذي للأحجار الملونة واللؤلؤ في مركز دبي للمعادن والسلع، إن المركز يسعى إلى الاستفادة من تصاعد الاهتمام باللؤلؤ، من خلال المساعدة في وضع معايير محددة لذلك، حتى يشعر المستهلكون بمزيد من الثقة بما يشترونه.
يسعى مركز دبي للمعادن والسلع كذلك إلى توحيد هذه الصناعة التي كانت مجزأة تقليدياً، وذلك باقتراحه حملة تسويق موحدة للؤلؤ. وأدى عدم وجود معايير متفق عليها إلى تقويض الثقة في الصناعة، الأمر الذي نجم عنه تراجع الطلب، وفقاً لما يقوله اختصاصيو الصناعة.
ويرى المنتجون أن مثل هذه الرسالة الموحدة يمكن أن ترتقي بمجمل نشاطاتهم العملية التي تعمل بأرباح متدنية، لأنها يمكن أن تشكل إجماعاً بين منتجي اللؤلؤ المتفاوتين.
وبحسب روبرت وان، رئيس شركة روبرت وان تاهيتي “إنها فكرة عظيمة، لكنها كذلك مهمة كبرى”.
ويعترف رباني بأن تشكيل إجماع سيكون أمراً شاقاً، إذ يختلف إنتاج المنتجين من حيث النوعية، بل وحتى المنتجات، بين اللؤلؤ الأبيض أو الأسود، أو الطبيعي والمستزرع.
ويعمل كبار المنتجين في العالم على الحد من الإنتاج، إذ يضطرون إلى اتخاذ قرارات صعبة حول العرض والطلب لخمس سنوات مقبلة في ظل طول عمليات الإنتاج. ويقول فان إن موقعه الإنتاجي الكبير قلص إنتاجه إلى النصف استجابة للأزمة المالية.
وثمة بصيص من الضوء أمام الصناعة، كما يقول كريس فيجي، الشريك في ماكنزي وشركاه للاستشارات الإدارية. وبضائع الرفاهية، مثل اللآلئ، هي في العادة أولى الشرائح الاستهلاكية التي تتراجع مبيعاتها عندما يبدأ الانكماش، لكنها الأولى كذلك في التعافي قبيل تعاف اقتصادي أوسع نطاقاً، حسب قوله.