تلعب سوق الأوراق المالية (البورصة) دوراً كبيراً في التنمية الاقتصادية للدول، لما تتيحه هذه السوق بمؤسساتها المالية من قدرة على التمويل والاقتراض، من خلال الدخول في الاستثمار المباشر في الأوراق المالية التي تصدرها الشركات الجديدة بالاكتتاب العام، أو التي تقوم بزيادة رأسمالها، أو التي يتم تخصيصها.
وسوق الأوراق المالية هي السوق التي يتم فيها التعامل بالأوراق المالية بيعاً وشراءً على نحو تشكل فيه إحدى القنوات الرئيسة التي ينساب المال فيها بين الأفراد والمؤسسات والقطاعات المختلفة في الاقتصاد، ما يساعد على تعبئة المدخرات وتنميتها وتهيئتها للمجالات الاستثمارية التي يحتاج إليها الاقتصاد القومي.
ويتوزع الاستثمار في الأوراق المالية بين الاستثمار طويل الأجل (شراء الأسهم والاحتفاظ بها)، والمضاربات. والمضاربة هي عملية بيع أو شراء يقوم بها مستثمرون خبيرون في السوق للانتفاع من فروق الأسعار، للاستفادة من السعر الحالي. ولا تقتصر المضاربة المشروعة على ملاحظة ظروف السوق والتنبؤ بالأسعار، بل لا بد من أن تتحول إلى فعل وهو التدخل بالشراء عند انخفاض الأسعار، أو البيع عند الارتفاع. المضارب هنا يتعامل في السوق وفقاً لما تسفر عنه تنبؤاته التي يجب أن تستند إلى معلومات صحيحة، وحسابات دقيقة مستفيداً هو شخصياً من وراء ذلك، وفي الوقت ذاته يؤدي خدمة نافعة للسوق.
وتعدّ المضاربة المشروعة القوة المنشطة لسوق الأسهم، ومن دونها تظل السوق راكدة، كما أنها تحدّ من التقلبات والتموّجات الشديدة في الأسعار، ولذلك فإن المضاربة المشروعة ضرورية لسوق الأسهم، لأنها تعمل على تحقيق أهم الأركان الأساسية اللازمة لأدائها، وهو التوفيق بين العرض والطلب، فعندما تنخفض الأسعار يتدخل المضاربون بالشراء، ويؤدي ذلك إلى الحدّ من استمرار الانخفاض، نظراً لازدياد الطلب.
ويقوم المضاربون بعكس ذلك عندما ترتفع الأسعار فيقومون ببيع ما لديهم من أسهم، وتؤدي تلك العملية إلى الحدّ من ارتفاع الأسعار نتيجة زيادة العرض. والمضاربون بهذه الطريقة يختلفون عن المستثمرين العاديين الذين يشترون الأسهم مع بداية الارتفاع وهو ما يؤدي إلى زيادة ارتفاعها، ويبيعون عند انخفاض الأسعار ما يزيد من انخفاضها.
والمستثمر الذي يقوم بالمضاربة المشروعة لا بد أن تكون لديه الكفاءة والخبرة التي تمكنه من التحليل السليم لأوضاع السوق، إضافة إلى توافر رأس المال الكافي الذي يحميه من الخسائر المتوقعة، والالتزام بأخلاقيات التعامل، ولا يقوم بأفعال من شأنها التأثير في أسعار الأسهم، سواء بارتفاعها أو انخفاضها، ما يضرّ بالسوق عموماً، وبصغار المستثمرين بصفة خاصة، وينبغي ألا تعتمد عمليات المضاربة على الصدفة والحظ، بل لا بد أن تستند إلى دراسات وحسابات صحيحة حتى تكون دعامة للسوق.