ابوظبي في 28 يونيو/وام/ أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ” حفظه الله ” ان ما تنعم به الامارات من أمن واستقرار ولله الحمد لم يتحقق بفعل الاحتياطات والاجراءات الامنية فقط بل بحرصها على توفير سبل العيش الكريم والكسب الشريف لكل من يعيش على ارض الامارات .
وقال صاحب السمو رئيس الدولة في حديث شامل لصحيفة النهار اللبنانية الصادرة اليوم ان التحذيرات والتعليمات الصادرة عن بعض الهيئات الدبلوماسية الاجنبية لرعاياها المقيمين في الامارات لايعدو أن يكون جزءا من عرف اعتادت عليه تلك الهيئات في التعامل مع اي اشاعة او معلومة مهما كانت مصداقيتها ، مشيرا الى أن دولة الامارات تحترم حق الدول في اتخاذ ما تراه من اجراءات لحماية مواطنيها .
وأشاد سموه في الحديث الذي اجراه الاستاذ سمير عطا الله ، بأتفاق الاطراف اللبنانية في الدوحة وبدور أمير دولة قطر بانجاز هذا الاتفاق لكنه اعرب عن قلقه من التأخير في تنفيذ بقية بنود الاتفاق ، مشددا ” حفظه الله ” على ان اي حل للازمة السياسية في لبنان لابد ان يقوم على قاعدة التعايش والتكافؤ وألا يحاول اي طرف تحقيق مكاسب سياسية على حساب الطرف الآخر .
ووجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان الدعوة لفخامة الرئيس اللبناني ميشال سليمان لزيارة دولة الامارات لكنه ترك تحديد موعدها لفخامته مقدرا سموه اولويات الرئيس سليمان وارتباطاته . كما أعرب عن أمله في ان يزور لبنان في اقرب فرصة للالتقاء بالرئيس سليمان وتهنئته بثقة الشعب اللبناني ومؤسساته الدستورية وقواه السياسية .
وحول ما اذا كانت دولة الامارات عازمة على القيام بدور اكثر ديمومة في لبنان قال “حفظه الله ” ان دولة الامارات لم تغب يوما عن مساعي تحقيق الوفاق في لبنان مؤكدا ان دولة الامارات شاركت بتلك المساعي بدافع الواجب والمسؤولية وليس بحثا عن دور. وقال اننا نكمل بعضنا بعضا وما تحققه اي دولة خليجية أ و عربية هو في المحصلة انتصار للتضامن العربي الذي يشكل أحد ثوابت سياسة الامارات الخارجية .
وحول ما اذا كانت الامارات تشجع القطاع الخاص للقيام باستثمارات في لبنان قال صاحب السمو رئيس الدولة ان الحكومة في الامارات لا تتدخل في اختيارات القطاع الخاص لان لديها الثقة الكاملة في مستوى نضج هذا القطاع من جهة ولانها تنتهج سياسة السوق الحرة من جهة ثانية . لكن سموه أكد أن الامن والاستقرار هما اهم عوامل الجذب للمستثمرين . وقال : ان هناك استعداد عربي وأجنبي للاستثمار في لبنان ومساعدته في تجاوز الصعوبات الاقتصادية والمالية التي يواجهها متى توفرمناخ موات من الامن والاستقرار السياسي .
وتناول صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله في حديثه عددا من القضايا العربية حيث أعرب في رده على سؤال عن المشروع النووي الايراني عن قلق الامارات من اي مشروعات وبرامج تدخل المنطقة في سباق نووي مع تأييد حق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وأعتبر سموه السؤال عن احتمال لجوء ايران الى قنوات مصرفية اماراتية في حال تشديد العقوبات عليها في الاسواق العالمية ، بأنه سؤال افتراضي لكنه قال ان دولة الامارات ملتزمة بتطبيق قواعد الشرعية الدولية في مثل تلك الحالات .
وحول الاستثمارات الاماراتية في الخارج قال سموه حفظه الله ان التقديرات الخاصة بهذه الاستثمارات مبالغ بها مشيرا الى أنها تعمل وفق اسس اقتصادية وليس لاعتبارات سياسية والى أن دولة الامارات أوضحت ذلك لشركائها في الخارج وقال : ان هذه الاستثمارات ذات أجل طويل باعتبارها جزء من التزام الدولة تجاه الاجيال المقبلة .
وأكد صاحب السمو الشيخ خليفة عدم وجود حاجة لتأسيس صناديق تمويل جديدة لدعم الدول العربية مشيرا الى وجود صناديق وطنية واقليمية عديدة في هذا المجال ومذكرا بدور القطاع الخاص الذي قال انه ينفذ مشاريع بمليارات الدولارات في العديد من الدول العربية وانه متى توفر مناخ موات من الناحية السياسية والتشريعية والادارية فأن مبادرات القطاع الخاص ستزداد .
ونفى سموه وجود سياسة رسمية لاستبعاد العمالة العربية وتفضيل العمالة الاجنبية مشيرا الى ان السوق هو الذي اعطى في مرحلة ما من مراحل التنمية ارجحية للعمالة الاجنبية باعتبارها عمالة أقل كلفة من الناحية المادية وبأعتبار انه يتوفر منها بدائل كثيرة . لكن سموه أشار الى ان الدولة تعمل حاليا على تصحيح المعادلة من خلال وضع اشتراطات مادية ومعيشية تتفق والمعايير العالمية في التعامل مع العمالة الوافدة بحيث لا تعود العمالة الاجنبية تلك العمالة الرخيصة التي اعتاد عليها السوق .
وقال صاحب السمو رئيس الدولة ان الامارات تنظر لاتفاقيات التعاون العسكري نظرتها لاتفاقيات التعاون في المجالات الاخرى فلا تحمل اتفاقيات التعاون العسكري اي معان سياسية مشيرا الى ارتباط الدولة باتفاقيات تعاون عسكرية مع عدد من الدول في اطار حرصها على تنويع معدات قواتها المسلحة . واضاف ان اتفاقية التعاون النووي مع فرنسا هي واحدة من سلسلة اتفاقيات وقعتها الامارات مع الدول التي تملك التقنية النووية مشيرا الى ان الامارات قد تعقد في المستقبل المزيد من الاتفاقيات في هذا المجال .
وحول استعادة الامارات التمثيل الدبلوماسي مع العراق قال سموه: ان علاقات الامارات بالعراق ظلت متواصلة حتى في غياب الدبلوماسيين بسبب الظروف الامنية لكنه اكد ان الامارات حريصة على ان يستعيد العراق دوره وان تتعزز خيوط اتصاله بمحيطه العربي . وفيما يلي نص حديث صاحب السمو رئيس الدولة مع صحيفة النهار اللبنانية ..
*— تتحدث الانباء الاخيرة عن تهديدات ارهابية مزعومة لدولة الامارات ما هو نصيب ذلك من الصحة ؟.
—- لعلك تشير الى التحذيرات والتعليمات التي صدرت عن بعض الهيئات الدبلوماسيه الاجنبية المعتمدة عندنا ، لمواطنيها المقيمين في دولة الامارات .من حيث المبدأ نحن نقدر حق كل دولة في اتخاذ ما تراه من اجراءات لحماية مواطنيها ، لكننا نعتقد ان ما صدر عن تلك الهيئات ، لايعدو ان يكون جزءا من عرف تتبعه بعض البعثات الدبلوماسية الاجنبية في التعامل مع اي معلومة أو اشاعة تصل اليها مهما كانت مصداقيتها .
نحن ولله الحمد ننعم بمستوى من الامن والاستقرار تغبطنا عليه الدول الاخرى . وهذا الامن لايتحقق بفعل ما نتخذه من احتياطيات واجراءات أمنية فقط بل بتوفير سبل العيش والكسب الشريف في اجواء من الاحترام لكل من يعيش على هذه الارض بحيث تصبح بيئة الامارات بيئة طاردة لكل من يحاول ان يعبث بأمنها واستقرارها أو يحاول الاعتداء على حرماتها .
*— بعد قمة دمشق العربية وحضوركم لها ، جاءكم الرئيس بشار الاسد ، في زيارة رسمية ، هل تناولت محادثاتكم تفاصيل الوضع في لبنان وسبل الوصول الى حل دائم هناك ؟.
— زيارة الرئيس بشار الاسد للامارات ، هي جزء من الاتصالات المستمرة بين البلدين ، وهذه الاتصالات كانت قائمة قبل القمة وهي مستمرة بعدها وعلى مستويات مختلفة .ومن الطبيعي ان نتطرق في كل لقاء يجمعنا سواء هنا في الامارات او في اي مكان آخر ، الى الاوضاع العربية بكافة ابعادها ، ومن بينها بالطبع الوضع في لبنان ، وما يحمله من تداعيات خطيرة في داخل لبنان وفي المحيط الاقليمي برمته . ولم تكن محادثاتنا مع الرئيس بشار الاسد معزولة عن المساعي التي كانت تبذل في ذات الاتجاه في اطار جامعة الدول العربية وفي اللقاء الذي جرى فيما بعد في الدوحة ونجح في جمع الاطراف اللبنانية ووضعهم على مسار الاتفاق على حل الخلافات القائمة بينهم . ولعلك تعلم ان الامارات كانت ممثلة بوزير خارجيتها في اللجنة الوزارية العربية ، كما انها كانت مشاركة بفعالية في الحوارات التي جرت في الدوحة والتي اثمرت الاتفاق على انتخاب الرئيس ميشال سليمان وآلية تشكيل الحكومة وقانون الانتخاب .
اننا ننظر الى اتفاق الدوحة الذي كان للاخ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير دولة قطر الفضل الاكبر في انجازه ، باعتباره نقطة تحول هامة في مسار الازمة السياسية في لبنان ، لكننا مع ذلك لا نزال نشعر بالقلق ازاء التأخير في تنفيذ كافة بنود الاتفاق والانتقال للخطوات التالية لانتخاب الرئيس ميشال سليمان . ان اي حل دائم في لبنان لابد ان يقوم على قاعدة التعايش والتكافوء بين كافة مكونات الشعب اللبناني والا يحاول اي طرف من الاطراف تحقيق مكاسب سياسية على حساب الطرف الاخر او على حساب المعادلة السياسية التي تحكم لبنان والتي صيغت على اساس التوافق بين جميع القوى اللبنانية .
* — هل تعتزم دولة الامارات القيام بدور اكثر ديمومة في المسألة اللبنانية ، كما هو الامر بالنسبة الى دول خليجية اخرى ؟ .
— كما قلت لك فأن دولة الامارات لم تغب عن المساعي العربية لايجاد اتفاق بين مختلف الاطراف .ونحن في مشاركتنا في تلك المساعي لم نكن نبحث عن دور أو موقع سياسي بل كان دافعنا الشعور بالواجب والمسؤولية تجاه قضايا امتنا العربية وهو شعور وواجب لم نمارسه اليوم فقط أو ازاء الازمة في لبنان بل كانت على الدوام جزءا من فلسفة السياسة الخارجيه التي وضع اسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان .
واذا كنت تشير في سؤالك الى الشقيقة قطر التي لعبت دورا مهما في اتفاق الاطراف اللبنانية فأننا لانشعر اننا في منافسة مع أحد ، فنحن نكمل بعضنا بعضا وما تحققه اي دولة خليجية او عربية هو في المحصلة نجاح لنا جميعا لانه يعني انتصار للتضامن العربي الذي يشكل هدفا اساسيا من اهداف تحركنا في محيطنا العربي .
*— هل يؤدي الوضع الحالي في لبنان الى تشجيع مواطني الدولة على توسيع نطاق الاستثمارات الخاصة في هذا البلد ؟ .
—- الحكومة في الامارات ، لاتتدخل في اختيارات القطاع الخاص الاستثمارية ، لانها تنتهج سياسة السوق الحرة من جهة ولان لديها الثقة الكاملة في مستوى نضج القطاع الخاص لديها بحيث لايحتاج معها الى توجيه استثماراته لا داخل البلاد ولا خارجها . لكن بصفة عامة فأن الامن والاستقرار هما اهم عوامل الجذب للمستثمرين وعندما يتحقق هذان الشرطان فأن المستثمرين انفسهم سيبادرون الى توجيه استثماراتهم الوجهة التي يعتقدون انها ستعود بالنفع والخير عليهم .
ولعل لنا في الامارات تجربة واضحة . فبعد اتفاق الطائف وانتهاء الحرب الاهلية تدفقت الاستثمارات الاماراتية على لبنان كما تزايد اعداد الاماراتيين الذي اشتروا عقارات واملاك في لبنان . هذا الامر يمكن ان يتكرر الآن اذا تم تنفيذ اتفاق الدوحة بكافة تفاصيلة والامتناع بشكل كامل ونهائي عن استخدام العنف في الخلافات بين القوى السياسية او المذهبية .
*— يعاني لبنان من وضع اقتصادي مؤسف ، خصوصا لجهة الدين العام المتراكم ، هل من امكانية لمبادرة خليجية مشتركة للمساعد ة في تخفيف اعباء الديون المشار اليها ؟.
— تعودنا على لبنان ان يكون مثل طائر الفينق الذي ينهض من تحت الرماد ليحلق عاليا . وأنا على يقين ان مشكلة لبنان ليست في الضائقة الاقتصادية بل في الازمة السياسية . فالضائقة الاقتصادية بالنسبة لشعب حيوي مثل الشعب اللبناني لاتشكل معضلة كبيرة خاصة في وجود استعداد عربي ودولي للمساعدة اذا توفرت شروط الامن والاستقرار واتفق الفرقاء في لبنان على حل الخلافات بينهم . ولعلك تلاحظ ان الاوضاع الاقتصادية في المنطقة تشهد طفرة غير مسبوقة سواء لجهة الاعمار او لجهة تنقل الاستثمارات . ولا اعتقد ان هذه الطفرة وهذه الاستثمارات يمكن ان تتجاهل بلدا مثل لبنان اذا توفرت فيه بيئة مستقرة وآمنة قادرة على جذب الاستثمارات والمستثمرين .
*—- تزداد الصورة السياسية العامة في منطقة الخليج توترا بسبب النزاع حول المشروع النووي الايراني ، وقد ادى التصاعد الى فرض عقوبات مالية على ايران . هل يمكن لايران في هذه الحال أن تلجا الى تسهيلات مصرفية لدى مؤسسات الدولة .
نحن في دولة الامارات وفي منطقة الخليج عبرنا عن قلقنا الدائم من اي مشروعات أو برامج تدخل المنطقة حلبة السباق النووي ، لكنا اعربنا عن تأييدنا لحق جميع الدول في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية . ونحن نتابع الجهود المبذولة من اجل حل مشكلة الملف النووي الايراني بشكل مرض ومطمئن ، و لا زلنا نأمل ان يتمكن المجتمع الدولي في الوصول الى هذا الحل .
اما بخصوص سؤالك عن فرض عقوبات مالية جديدة على ايران واحتمال ان تلجأ ايران الى قنوات مصرفية اماراتية ، فأن السؤال بالرغم من طبيعته الافتراضية ، لا تشكل الاجابة عليه اي حرج، لان لدينا ثوابت تحكم تصرفاتنا وسلوكنا ازاء اي قضية من القضايا وهي الالتزام الكامل بمباديء الشرعية الدولية . وسياساتنا قائمة على هذا الاساس في مختلف الامور فاذا كانت هناك عقوبات ذات طبيعة دولية فأننا لن نتردد في الالتزام بها وبشروطها وهو ما فعلناه تجاه العراق حين كانت هناك عقوبات دولية مفروضة عليه ابان حكم النظام السابق .
*— تقول بعض الارقام ان محفظة الدولة من الاستثمارات السيادية في الخارج تزيد على 800 مليار دولار . وأسعار النفط لا تكف عن الارتفاع ، مما يزيد في دخل الدول النفطية العربية على نحو غير مألوف . هل في نية سموكم القيام بمبادرة فردية او دعوة دول الخليج الى مبادرة عامة لاقامة صندوق يساهم في تطوير الدول العربية المحتاجة ؟ .
— بداية أعتقد ان التقديرات التي ذكرتها مبالغ بها ولا تعكس حقيقة وحجم الاستثمارات الاماراتية في الخارج . وبغض النظر عن الارقام والتقديرات فأن الصناديق السيادية التي تشير اليها تعمل وفق اسس اقتصادية وليس لاعتبارات سياسية ، وقد اوضحنا ذلك بجلاء لشركائنا في الاسواق العالمية . فنحن نعمل على اساس ما يتوفر لنا من فرص استثمارية في مختلف الاسواق وحيثما توفرت للاستثمار جدوى اقتصادية . ونحن نعمل في كثير من الاحيان على اساس الاستثمار الطويل الأجل لاننا نؤمن ان استثماراتنا هي جزء من التزامنا تجاه الاجيال المقبلة التي قد لا تتوفر لديها نفس الامكانيات التي تتوفر لدينا حاليا خاصة اذا اخذنا بالاعتبار ان النفط ثروة ناضبة فيما احتياجات العالم من الطاقة في تزايد .
وبالنسبة لما جاء في سؤالك حول القيام بمبادرة لاقامة صندوق لدعم الدول العربية المحتاجة ، فأنني لا أجد حاجة لاقامة مثل هذا الصندوق لان هناك صناديق وطنية في كل دولة عربية من الدول المنتجة للنفط وهي قدمت وتقدم مئات الملايين من الدولارات لتنفيذ مشروعات خدمية وتنموية وبنى تحتية في العديد من الدول العربية بما فيها لبنان . كذلك هناك صناديق اقليمية خليجية وعربية واسلامية تساهم بها الدول العربية المنتجة للنفط وهي ايضا تقدم معونات وقروض ميسرة للعديد من الدول العربية .
وأعتقد اننا في ظل تحسن موارد ودور القطاع الخاص لم نعد بحاجة الى اقامة صناديق او بنوك ومؤسسات تمويل حكومية جديدة . فالقطاع الخاص بات ينفذ مئات المشاريع برؤس اموال بمليارات الدولارات في البلاد العربية ، ويمكن لك ان تراجع الارقام وتراقب ما ينشر في الصحف العربية عن المشروعات الجديدة . يضاف الى ذلك ان مناخ الاستثمار في العالم العربي بات اكثر جاذبية وبالتالي فأن رؤؤس الاموال العربية تتحرك حاليا بحرية اكبر وتتوفر لها ضمانات افضل تفتح لها افاق استثمارية اوسع . المشكلة كما قلت لك ليست في توفير التمويل بل ايجاد مناخ موات من الناحية السياسية والتشريعية والادارية وعندها لن تجد احدا يتردد في الاستثمار في اي مكان
*— منذ سنوات وموضوع العمالة الاجنبية مطروح على البحث . البعض يرى ان عدد العمال الاجانب يفوق بكثير عدد العمال العرب والبعض يقول ان دول مجلس التعاون تخشى من تكاثر العمالة العربية لان في الامكان استغلالها سياسيا عند الضرورة . هل في الافق سياسة جديدة حول هذا الامر ؟ .
— هذا تشخيص خاطيء للمشكلة . فتزايد العمالة الاجنبية قياسا للعمالة العربية في الامارات ودول المنطقة كانت له اعتبارات اقتصادية ، حيث كانت تلجأ المؤسسات والشركات الى استخدام الايدي العاملة الرخيصة والتي تتوفر منها بدائل كثيرة . وبسبب التفاوت بين اجور العمالة العربية والعمالة الاجنبية ، كان هناك لجوء مستمر للعمال الاجانب مما زاد في عددهم قياسا للعمال العرب . ولو كان ما تقوله صحيحا لما لجأت دول الخليج الى استقدام واستخدام مئات الالاف من العرب في وظائف اشرافية او ادارية أو فنية وهي وظائف تحتاج الى اشخاص يتمتعون بمستوى تعليمي وثقافي عال . ولكن لم تكن لدينا مخاوف من هذا النوع وكانت لدينا ثقة بأنفسنا وقدرتنا على ادارة عملية التنمية بشكل آمن ومستقر .
نحن نعترف انه خلال الفترة الماضية من عملية التنمية كانت هناك على صعيد العمالة تقديرات خاطئة وكانت للبعض حسابات ربح وخسارة ضيقة نحاول الان تصحيح مسارها على اساس اعادة النظر بأوضاع العمالة الاجنبية لجهة توفير الشروط المالية والظروف المعيشية اللائقة التي تتفق مع المعايير العالمية ما يعني ان العمالة الاجنبية لن تكون في الفترة المقبلة تلك العمالة الرخيصة وعندها سيكون هناك فرصة لتصحيح المعادلة التي يكون فيها السوق حكما بين العامل العربي والعامل الاجنبي ..
*— يبدو أن انتخاب الامين العام لمجلس التعاون الخليجي أصبح قريبا .
وقد سبق للامارات ان تولت هذا المنصب . هل هناك توافق على اسم معين ؟ هل يمكن ان نتوقع خلافا ما ؟ اي قاعدة سوف تعتمدون في الاختيار كفاءة المرشح أم حق الدول الاعضاء في التناوب ؟ .
— لم يكن انتخاب امين عام لمجلس التعاون موضوعا خلافيا بين دول المجلس ، والآلية الموضوعة للاختيار تفي بالحاجة . ولا اعتقد ان هذه الآلية تنال بأي صورة من معيار الكفاءة . فدول الخليج ولله الحمد لديها كوادر في مختلف التخصصات وتجاري في هذا المجال الكثير من دول العالم .
*— كيف ترى سموكم الجالية اللبنانية في الدولة ؟ كيف تقيمون مساهمتها بالنسبة للاخرين وما هو الحقل الذي تميزت به ؟ .
— الجالية اللبنانية من الجاليات التي نعتز بوجودها ونقدر دورها وحضورها في العديد من مفاصل حياتنا في الامارات ، والانطباع العام عن ابناء الجالية انهم / شطار / في كل المجالات التي عملوا بها وخاصة في مجال الخدمات السياحية والمالية . ولعل اهم ما يميزهم انهم عملوا في القطاع الخاص اكثر مما عملوا في الوظائف الحكومية وهو ما اعطاهم فرصة التطور بوتيرة اسرع من غيرهم من الجاليات .
*— هل ستوجهون دعوة للرئيس ميشال سليمان في وقت قريب ؟ وهل في الافق احتمال أن تقوم سموكم بزيارة للبنان ؟ .
— الرئيس ميشال سليمان مرحب به في الامارات دائما ، وأنا اذ اوجه له الدعوة لزيارة بلده الثاني من خلالكم فأنني ادرك ان لديه اولويات نحترمها ونقدرها ونأمل ان يكون قادرا على تلبية دعوتنا في اقرب وقت .
اما بخصوص زيارتي للبنان فهي ضمن جدولي وآمل ان تتاح لي الفرصة في اقرب وقت لزيارته والالتقاء بفخامة الرئيس سليمان وتهنئته على ثقة الشعب اللبناني وقياداته السياسية .
[size=”4″] *— ماذا يعني لبنان في ذاكرتكم ؟ ماذا يعني لسموكم كدور وحضور في منظومة هذه الامة ؟ .
[/SIZE
— لبنان كان على الدوام منارة من منارات العلم والحضارة . و حضنا دافئا لكل العرب . ونحن نأمل ان يستعيد هذا الدور وأن يظل مصدرا من مصادر الالهام للشعراء الذين تغنوا بجمال طبيعته وحيوية شعبه .
*— عقدت الدولة مؤخرا اتفاقا عسكريا مع فرنسا ، كما عقدت اتفاقية ثقافية واقتصادية معها ، هل يعني ذلك مكانه خاصة لفرنسا في سياسة الامارات الخارجية ؟.
— لعلك تشير الى اتفاقية التعاون في المجال النووي للاغراض السلمية .
فالاتفاقية العسكرية وقعت منذ عشر سنوات تقريبا ولم تكن تلك هي الاتفاقية الوحيدة التي وقعتها دولة الامارات في مجال التعاون العسكري فلدينا اتفاقيات مع بريطانيا والولايات المتحدة وروسيا وبلدان اخرى .
ونحن ننظر للتعاون العسكري نظرتنا للتعاون في المجالات الاخرى ولا نحمل هذه الاتفاقيات معان سياسية خاصة . وستجد حين تقترب من السياسة الدفاعية للامارات انها مبنية على قاعدة من التكافوء في علاقاتها بالدول الاخرى وعلى تنوع تعاونها مع تلك الدول . واذا نظرت لمكونات التسليح لدينا ستجد انها تعكس هذا التنوع فلدينا معدات فرنسية وامريكية وبريطانية وروسية والمانية واسبانية وغيرها وما يحكم سياستنا في هذا المجال احتياجاتنا الدفاعية لا الاعتبارات السياسية .
*— اذن لنضع السؤال بصيغة اخرى. لماذا التعاون النووي مع فرنسا ؟.
—- التعاون النووي مع فرنسا أحد الخيارات المطروحة امام الامارات التي تسعى لاقامة برنامج نووي سلمي في مجال الطاقة ولدينا اتفاقيات مماثلة مع الولايات المتحدة وبريطانيا وقد نعقد اتفاقيات اخرى في المستقبل مع دول اخرى
*— زار وزير الخارجية الاماراتي العراق مؤخرا . وقررت اعادة تنشيط السفارة هناك . هل من سياسة خليجية عامة في هذا الاتجاه ؟ .
— علاقاتنا بالعراق لم تنقطع بالرغم من الفترة التي غاب فيها التمثيل الدبلوماسي الاماراتي في بغداد . فقد ظل التواصل مستمرا مع الاشقاء في العراق وعلى كافة المستويات واستقبلنا مسؤولين وقيادات سياسية وحزبية عراقية عديدة طوال العامين الماضيين حين اضطرتنا الظروف الامنية الى تقليص وجودنا الدبلوماسي في بغداد . اننا ونحن نأمل ان يتجاوز العراق بسرعة الظروف الامنية التي حالت دون وجود سفير لنا في بغداد خلال الفترة الماضية ، فقد وجدنا في التحسن النسبي في المناخ الامني حافزا لنا لاستعادة تمثيلنا الطبيعي في العراق واعتقد ان هناك حاجة لمبادرات عربية في هذا الاتجاه لان ذلك من شأنه قطع الطريق على من يحاول ابعاد العراق عن محيطه العربي .
*— ثمة خلافات عربية عربية تلبد الافق ، هل تنوي الدولة وسموكم شخصيا القيام بأي مبادرة في هذا الاتجاه ؟.
— حرص الامارات على التضامن العربي من ثوابت سياستها الخارجية ، وهي لا تتوانى عن القيام بأي مسعى أو جهد من شأنه توحيد الصف العربي وتنقية الاجواء مما علق بها من شوائب . يساعدنا في ذلك اننا ولله الحمد على علاقات طيبة بالجميع ولسنا هدفا للاستقطاب أو جزءا من محور على حساب محور فخيوط اتصالاتنا مفتوحة مع كافة الدول الشقيقة بلا استثناء ، وهو امر يتيح لنا فرصة التحدث بحرية مع الجميع وبكافة القضايا وفي اي وقت وبدون ترتيب مسبق يأخذ شكل المبادرة أوغير ذلك .
الله يحفظ بلادنا من كل شر
يعطيك العافيه سيدي بو سلطان والله يحفظك لنا ولاماراتنا الحبيبه
حوار رائع وإجابات منطقية مقنعة
دمت ذخرا لنا وللامارات يا سيدي
الله يحفظ حكومتنا وشيوخنا
الله يحفظ دار زايد واهلها من كل شر و ويديم علينا نعمة الامن والامان