((ملاحظة::الخاطرة مرفق بها مقطع صوتي بصوت الكاتب يقتضي وجود الريل بلاير ))
سمعت عن مركز ابن بطوطة في شارع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله بإمارة دبي فشددت الرحال إليه وهالني ما رأيت من تحف معمارية وتصاوير فنية تحاكي سيرة هذا الرحال العربي المغربي الطنجي الشهير عبر ردهاته الستة وهي الردهة الصينية * والردهة الهندية * وردهة تونس وشمال أفريقيا * وردهة الأندلس * وردهة بلاد فارس فتصورت حاله في الترحال واضعا نصب عينيه البحث عن منفذ ما للوصول إلى ذات إمراة بحثت أنا عنها فكان ماترون من كلمات تصف حيز المعاناة في البحث عن إمرأة لاتتواجد إلا بالأحلام ورؤى الأوهام…
فلنتابع حيثيات رحلاته ومغامراته بهذه الخاطرة التي أتمنى أن تنال على إعجابكم
ياإلهي ماذا أفعل في هذا الأمر المريب في هذا الوقت العصيب!!
الذي يمر علي مر الأحقاب من الدهور المتعاقبة علي بهذا المصاب ..
فقد تاهت جهاتي وضاعت خطواتي حتى فقدت نفسي في هذه السهول عبر صحراء وحقول
فأي وجهة أسلك ؟
وأين أرحل يا ترى
في أي مسلك؟
هكذا احتار ابن بطوطة لأول مرة منذ أن احترف الترحال وصار عالما بهذا المجال ولم يعي في أي فج عميق يرحل ويتقصى الأثر ويترجل
و بعد أن احتار من تقصى الأخبار لم يجد في مسلكه أي قرار تحدث إلى نفسه قائلا:
ويح نفسي!!
أعجزت بعد هذا العمر الطويل والسفر والرحيل وتخطي عقبات المستحيل والاسترشاد بالكون كعابر سبيل والشكوى إلى الله في بهيم الليل
أن أجد معبراً به مستقر ومستقراً به ملاذا بلا مفر ومفراً لما تعانيه نفسي في هذا السفر!!!
هاأنا ذا شامخاً
أمام منافذ قلبك
وأعتى حصونه وجباله وشجونه
وأهواله ومنونه
لا أعي أي معبر أصل به إلى حبك
وملاذ وتين قلبك
فأقوى به سياحتي وأصقل بك فصاحتي
فأسيح في بساتين طبيعة جـــمالك
وأتوه في دجى عتمة ليل شعرك
وأبحر عكس تيار عينيك
واشم عبر ترحالي
في سهول مجالي أزهار رحيق شفتيك
وأطوع قسوة الظروف
أمام المحال من الخوف
فأستظل تحت ظلال رموشك
وأستل سيف يراعي لأدافع عن مبادئي بذراعي
فلا أركن ولا أسكن لوعورة الطريق
وشح الصديق
وأعيش سنواتي أجوب تلك الصحراء
على ناقتي التي اكتنفها الإعياء
متابعا لحظاتي على عقارب رحيل الشمس
وبقايا أحلامي مع الهمس
والسكون مع غمض العيون
والصحو مع بزوغ فجر المتون..
((ففي بلاد شمال أفريقيا))
بحثت عن عينيك في الدنيا
وفتشت الحواري فلم أجدك في مساري
ودققت في الوجوه
فوجدتك ملامح عربية بشمال افريقية ..
((وفي الأندلس))
ترجلت من المركب الذي أقلني
إلى عوالم بها تاهت أعيني
فقلاع وحصون
وحضارة وشجون
أبت الوجوه العربية
إلا أن ترسم تضاريس الحياة الأبدية
وملامح الحياة الإفرنجية
ونسمات وهبات
وخضرة وروعة الحياة
فدققت في الوجوه
علني أراك فأنسى
ما اكتنفني به الإعياء
على مراحل البحث عن هواك
و أبت الظروف إلا أن تخذلني
فلا أراك
ولا أتنفس عبق العود والبخور من مطلع سناك..
و رحلت إلى
(( أرض كنانة مصر الهوى وأشجانه))
ودخلت بوابة الإسكندرية
ومنها إلى قاهرة المعز الأبية
وبحثت عن طيفك الذي لاح أمام ورادي
وكان بقرب قوس من وريدي وساعدي
فأكثرت الحديث عنك
حتى ظننت نفسك نفسي
ووجدتك ملامح شرقية بأصول عربية..
وعب مركبي قاطعا بي عباب البحر الأحمر
مع صهيل خيول الفجر إلى ((بلاد الهند))
تابعت سيري عبر الأشجار الوارفة
وخرير المياه الساكبة
وأديان وقوميات
فوجدتك قوميتي
ولزمت ثراك فلاعيون و لا شجون
ولا جـمال يعقبني عنك
أو ينسيني صورتك التي تملأ عيني
وصوتك الذي بكل ساعة يناديني
أرحل إلي أرحل
فأنا هناك في بلاد المستحيل
في حياة وأرخبيل وشرابا وسلسبيل..
ومنها قطعت الحدود إلى ((الصين))
وكنت قرب الوتين فلا حد لي دونك
ولا حياة دون الموت تحت ظلال عيونك
فقد قيل أطلبوا العلم ولو في الصين
وها أنا ذا يغمرني الحنين
في البحث عن ذاتك في التأقلم مع صفاتك
في المقارنة والمقاربة
في أن أجد ملامح تشبهك
في أن أرى عيونا تعكسك
في أن اكتشف ممرا به اصل إلى حياة تعرفك..
ورحلت إلى(( بلاد فارس ))
وربضت بناقتي أتفرس الوجوه
في الأسواق وأناظر جمال الأعناق
وزرق العيون
وجمال
وخيال
فتذكرت ماقرأته عن شهريار
وكيف لزم بحب ألف ليلة وليلة من شهرزاد
وكيف غدت حياتي في شرع البحث عنك
على سجية أكثر من ألف ليلة وليلة ..
ورحلت حتى وصلت إلى(( بلاد الحجاز))
أرض الحرمين أرض حباها الله بنور رباني
فدونت ملاحظاتي وترجلت بين آلاف البشر بين النور الذي به الله حباني
وحججت واعتمرت حتى أكملت جل ديني
واستقر الهوى الذي به حنيني
ورجوت الله أن يمد بعمري
ليكتمل سيري ونهجي وحياتي وحججي..
[أيتها العربية دعيني أترنم و مع اسمك أتأقلم فأستلهم معنى الرحيل والسفر الطويل في دهاليز الحياة مع التعثر والبكاء وعبر أشعة القمر السرمدية أشق طريقي إليك يسبقني حنيني لعينيك خلال الحدود المترامية من هذا الوجود بذاتك أن أحلم وعلى هضاب خديك أن أرسم طريقي إليك وإلى مسرى الأشواق من بؤرة عينيك وإلى اشتياقك الشديد الذي اشعر به نبضا عبر الوريد والبكاء والتنهيد وخفقان قلبي من جديد تجديني راحلاً مخلفاً الأمل بأن ألقاك على عجل وأن أنتظرك على وجل حاملا صرتي لأجوب الدنيا فلا أشعر بالإعياء وأترنم بشعر أموي وربما جاهلي وتبقى ذكراك محفورة في داخلي..]
مع ذكرى ابن بطوطة الإماراتي
الأخت ريم تحية طيبة أشكرك جزيل الشكر على تفضلك بالرد على آخر آهات ابن بطوطة الإمارات فمازالت أحلامه لم ترسم ومازالت آهاته لم تلجم ومازال راحلا بين فياف وسهول وصحراء وحقول.
احترامي لشخصك
إبداع رحلت معه إلى عالم ابن بطوطة ووقفت أمام نبض المشاعر وترجمته من لوحة الترحال
فما أجمل هذا الابداع . تحياتي الريم