يذكر أن المتنبي وأبو فراس الحمداني كانا في مجلس سيف الدولة الحمداني .. ولم يكن بينهما أي ودٍ يذكر .. بل كانت بينهما جفوة وقطيعة…

وصادف ان كان في نفس سيف الدوله شيءٌ على المتنبي في ذلك المجلس .. وكان المتنبي يلقي قصيدته الرائعة في مدح سيف الدولة

وا حرّ قلباه ممن قلبه شبم … ومن بجسمي وحالي عنده سقم

مالي أكتم حباً قد برا جسدي .. وتدعي حب سيف الدولة الأمم

حتى وصل لقوله :

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي .. وأسمعت كلماتي من به صمم

أنام ملئ جفوني عن شواردها … ويسهر الخلق جراها ويختصم
فما كان من أبو فراس الحمداني إلا أن رمى المتنبي بدواة الحبر في وجهه ..

فضحك سيف الدولة لهذا الموقف …
فما كان من المتنبي ( الداهية ) إلا أن أكمل قصيدته ببيت هو من أجمل ما قال المتنبي حيث قال :

إن كان سرّكم ما قال حاسدنا … فما لجرحٍ إذا أرضاكم ألم

هذه هي سرعة البديهة وهي ما يعرف بـ ” الجواب المسكت ” والتي يملكها القليل .. ولا يحسن إستخدامها إلا أقل القليل … فتجد من الناس من إذا فاجئته الخطوب أتاها بأسرع الردود .. فلكل سؤال عنده جواب .. ولكل موقف رد مهما كان مفاجئا …

ومما يذكر من القصص عن سرعة البديهة لدى بعض الأشخاص ما ذكر عن برناردشو حين قال له أحد الكتّاب المغرورين :

انا أفضل منك .. فإنك تكتب بحثا عن المال وانا اكتب بحثا عن الشرف …

فرد عليه برناردشو على الفور: صدقت … فكلٌ منا يبحث عما ينقصه …

ومما يذكر عن احد الخلافاء الأمويين في الاندلس ( أظنه هشام بن عبدالرحمن الناصر ) أنه أستلم رساله من أحد الحكام العبيدين يتنقص فيها منه ( وقد كان العبيدين يحكمون اجزاء من المغرب العربي قبل ان يدخلوا مصر ويأسسوا دولتهم فيها ) .. وقد كان العبيدين مجهولي النسب ويدعون زوراً وكذباً انهم من أهل البيت .. فرد عليهم الخليفه الأموي …

” قد علمت نسبنا فهجيتنا .. ولو علمنا نسبك لرددنا عليك ”

أهي مهارة يكتسبها المرء مع مرور الوقت ام هي موهبة وهبها الله لأناس دون أناس … كم هو جميل ان يكون للمرء سرعة بديهة ولكن الأجمل ان يحسن إستخدامها …
دمتم بود …

9 thoughts on “سرعة البديهة

  1. ياخي والله انك رهيب *_^

    بعطيكم قصه في سرعة البديهه ^^

    وفد شاعر على وزير خطير ، بالمكرمات شهير ، فلما أبصر جلبابه ، وشاهد حُجّابه ورأى أصحابه هابه ، فأراد أن يقول مساك الله بالخير ، قال من شدة الخجل ، ومن دهشة الوجل : صبحك الله بالخير ، فقال الأمير : أصباح هذا أم مساء ، أم تريد الاستهزاء ، فقال الشاعر بلا إبطاء :

    صبحته عند المساء فقال لي
    …………………….. ماذا الصباح وظنَّ ذاك مزاحا

    فأجبتُه إشراق وجهك غرني
    ……………………..حتى تبينت المسـاء صبـاحا

  2. فعلا هي نعمه ولكن البعض يسئ استغلالها …

    ياترى شو هو الرابط بين المرء سريع البديهة وسليط اللسان؟

    تسلمين اختي على المرور والرد …

    اعتقد برأيي المتواضع … ان سرعة البديهة تأتي من سياق ما يقال لنا …يعني الرد يكون

    من مضمون ما يقال امامنا…

    لكن سلاطة اللسان …هي التسلط باللسان بكلام يفوق ما يقال …ويختلف

    عنه حتى ليصبح أسوأ منه…

    اخي مضارب مغامر….

    مواضيعك تعد احدى اجمل ما يطرح هنا… وما نحتاج له

    فـــ ألف شكر …وتحية

  3. سرعه البديهه نعمه كبيره خاصه اذا كان صاحبها “دمه خفيف “

    ممكن في ناس تولد معهم هالموهبه .. و يظهر عليهم من مراحل الطفوله .. يعنى دائما جوابهم حاضر و و في مكانه .. مثلا ابنه بنت خالتي عمرها كان 3 سنوات .. تعلمت جمل من المسلسلات .. استعمالها للجمل كان دائما في مواقفها الصحيحه

    و ايضا ممكن تكتسب عن طريق التعلم … يعني من موقف تكرر .. المره اللي بعده احتمال كبير الشخص تكون رده فعله جاهزه

    و اخير :

    كانت أمرأة تسوق أربع حمير وإذا بشابين سائرين بجانبها‎


    فقالا لها‎


    نهارك سعيد يا أم الحمير‎


    فاجابتهما على الفور‎


    نهاركم مبارك يا أولادي‎

  4. سرعة البديهة في نظري موهبة من الله وعلى من يمتلكها ان يحسن استخدامها مثل ما ذكرت ياخوي

    شكرا لك

Comments are closed.