أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أن دولة الإمارات لم تكن بعيدة عن تأثيرات الأزمة المالية العالمية وتداعياتها وأن الإمارات بما تملكه من قاعدة اقتصادية ومالية قوية وصلبة تستطيع أن تحد من تأثيرات هذه الأزمة عليها.
وتطرق سموه في حديث شامل لصحيفة الحياة أجراه رئيس التحرير غسان شربل تنشره اليوم إلى انخفاض أسعار النفط قائلا سموه «يتعين علينا أن ندرك أيضا أن هذه الأزمة ستكون مؤقتة مهما طال زمنها ولابد للدول المنتجة من الاستعداد لمواجهة مرحلة من الطلب العالمي المرتفع على النفط مع عودة الانتعاش إلى الأسواق العالمية في المستقبل». وأكد سموه أن دولة الإمارات تتعامل مع موضوع التركيبة السكانية بشكل حضاري ودون الإخلال بالتزاماتها الإنسانية والدولية وفي إطار حرصها على الهوية الوطنية. وقال سموه: إنني تشرفت بتحمل الأمانة والمسؤولية في بلدي خلفا للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤكدا سموه أن دولة الإمارات بدأت مرحلة التمكين بتعاون من أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات ومؤازرة شعب الإمارات، كما تم وضع استراتيجيات طموحة تعمل الحكومة لتحقيق العيش الكريم لأبناء الإمارات.
وأعرب صاحب السمو رئيس الدولة عن أمله في أن تلعب الولايات المتحدة الأميركية برئاسة باراك اوباما دورا متزايدا في تحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط وترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة الخليج. وقال سموه في حديث شامل لصحيفة الحياة أجراه رئيس التحرير غسان شربل وتنشره اليوم ان مطالبة دولة الإمارات باستعادة الجزر الثلاث التي تحتلها إيران لا تلغي إمكان قيام علاقات تعاون وانفتاح بين الجانبين. وذكر سموه بموقف الدولة الداعي إلى نزع السلاح النووي من الشرق الأوسط ..آملا سموه أن تطمئن إيران المجتمع الدولي بشأن سلمية برنامجها النووي. وأكد صاحب السمو رئيس الدولة أن قيام منظومة أمن خليجية تشارك فيها إيران يجب أن يسبقه توافق في الرؤى حول أمن الخليج واستقراره.
وعن احتمال مواجهة عسكرية أميركية إيرانية بسبب البرنامج النووي الإيراني .. قال صاحب السمو رئيس الدولة «المواجهة العسكرية في منطقة الخليج أمر مرفوض من حيث المبدأ لأننا نؤمن بالحلول السلمية للخلافات أما بالنسبة للبرنامج النووي الإيراني فقد بات مسألة دولية خارجة عن النطاق الإقليمي للخليج».وأعرب سموه عن ارتياحه لتراجع وتيرة العنف في الشارع العراقي .. معتبرا سموه انه لابد لدول المنطقة من الانفتاح الايجابي على العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية وتوفير كل أشكال الدعم والمساندة للشعب العراقي وحكومته لتخطي الأزمات. وأكد سموه أن المستجدات الإقليمية والدولية تضع على قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية المقرر عقدها نهاية الشهر الجاري في مسقط مسؤوليات مضاعفة لبلورة رؤية موحدة وشاملة إلى جانب المضي في تفعيل الاتفاقيات على صعيد العمل الخليجي المشترك.
وجدد سموه التأكيد على سلمية البرنامج النووي للدولة، وقال سموه «نحن مرتاحون للخطوات التي تمت في هذا المجال ومن أبرزها توقيع اتفاقيات مع عدد من الدول المتقدمة في مجال الطاقة النووية السلمية.
وأكد صاحب السمو رئيس الدولة أن البرنامج التسليحي لدولة الإمارات دفاعي لتوفير ما هو ضروري لتعزيز قواتها المسلحة ورفع جهوزيتها.
وأعرب صاحب السمو رئيس الدولة عن أمله في أن يساعد التحرك الأخير في مجلس الأمن في تحريك عملية السلام بصورة فعالة وسريعة وان تأخذ الإدارة الأميركية الجديدة والمجتمع الدولي خطوات جادة لتنفيذ هذا القرار.
كما أعرب سموه عن ارتياحه إلى الخطوات التي تحققت في لبنان خلال السنة الجارية وبينها انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، منوها سموه بأهمية خطوة قيام علاقات دبلوماسية بين سورية ولبنان.
وفيما يلي نص الحديث …
* العنوان الكبير على الصعيد العالمي هو انتخاب باراك أوباما رئيساً جديداً للولايات المتحدة الأميركية.. ما هي رؤيتكم لوجود رئيس جديد في البيت الأبيض وتأثيره على العلاقات الإماراتية الأميركية ومستقبل الوضع في الخليج والشرق الأوسط؟
ــ اتسمت علاقاتنا بالولايات المتحدة الأميركية في الفترات الماضية بالصداقة والتعاون في مختلف المجالات.. ونعتقد أن علاقاتنا مع الإدارة الأميركية الجديدة ستكون امتداداً واستمراراً لما اتسمت به هذه العلاقات والبناء عليها وتعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين.
ولا شك أن الولايات المتحدة الأميركية بما تضطلع به من إمكانات وما لها من دور رئيسي في حفظ السلم والأمن العالميين تتحمل مسؤوليات خاصة تجاه مناطق النزاع والتوتر في العالم .. كلنا نأمل بأن تمارس الولايات المتحدة الأميركية دوراً متزايداً في عهد إدارة الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما لتحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط وترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة الخليج.
الموقف الثابت من مسألة الجزر
في ضوء الموقف الثابت لدولة الإمارات من مسألة جزرها الثلاث التي تحتلها إيران ..نرى أن العلاقات الإماراتية – الإيرانية تمر بمنعطفات بين فترة وأخرى وكان الجديد في ذلك هو زيارة وزير الخارجية سمو الشيخ عبدالله بن زايد لطهران وتوقيع اتفاقية بين الطرفين لإنشاء لجنة مشتركة بين البلدين، كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات بين البلدين وهل تعتقدون بأن استمرار الحوار مع طهران سيؤدي إلى حل لقضية الجزر ؟
ــ إيران دولة جارة مسلمة .. وعلاقاتنا معها تأخذ أشكالاً وأبعاداً مختلفة وتربطنا بها مصالح متعددة وكبيرة.. ولذا كنا نرى ومازلنا منذ فترة طويلة أن مطالبنا باستعادة جزرنا الثلاث التي تحتلها إيران منذ العام 1971 سواء من خلال المفاوضات المباشرة أو من خلال اللجوء للتحكيم الدولي لا تلغي إقامة علاقات تعاون وانفتاح بين الجانبين بما يعزز أمن واستقرار منطقة الخليج وزيادة التعاون الاقتصادي والتجاري بين بلدينا.
ومن هذا المنطلق كانت زيارة وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد الأخيرة لطهران والاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة لبحث كل الموضوعات التي تهم الجانبين.
ونحن نأمل بأن يتم مستقبلاً طرح مسألة الجزر على جدول أعمال هذه اللجنة وبدء حوار إيجابي وجاد بين البلدين بشأن هذه القضية بما يواكب تطلعاتنا لزيادة أواصر التعاون بيننا وبين إيران وبما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.
* يكثر الحديث الآن عن إنشاء منظومة أمن خليجية تشارك فيها إيران ..ما هو موقف الإمارات من مثل هذا الطرح ؟.
ــ أمن واستقرار المنطقة هدف لجميع دول المنطقة ولذا يتعين على جميع دول الخليج بذل الجهود والإمكانيات للوصول إلى هذا الهدف.
ونحن على ثقة بأن توحيد الجهود لتحقيق أمن المنطقة واستقرارها يتطلب رؤية جماعية لمفهوم الأمن والاستقرار في المنطقة ونرى أن مجموعة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد تمكنت من وضع رؤية واضحة لمفهوم السلم والأمن الإقليميين في منطقة الخليج وهي تبذل جهوداً واضحة ومتواصلة لنزع فتيل أي تفجير في المنطقة ولا بد أن نرى تحركاً مماثلاً من قبل الدول الأخرى في المنطقة خصوصاً وأن منطقة الخليج بما تمتلكه من ثروات وبما تمثله من شريان حيوي للنفط والملاحة الدولية تتداخل فيه المصالح الإقليمية والدولية ولهذا لا بد أن تتوافق الرؤى حول أمن واستقرار الخليج قبل الحديث عن إنشاء منظومة امن الخليج.
البرنامج النووي الإيراني
* كثر الحديث أيضاً عن مواجهة أميركية ـ إيرانية أو مواجهة غربية ـ إيرانية بسبب الخلاف حول البرنامج النووي الإيراني .. هل ترون أن المواجهة قد تراجعت بعد انتخاب أوباما رئيساً جديداً للولايات المتحدة الأميركية.. وما هي رؤيتكم للخروج من هذه المشكلة؟
ــ المواجهة العسكرية في منطقة الخليج أمر مرفوض من حيث المبدأ لأننا نؤمن بالحلول السلمية للخلافات. أما بالنسبة للبرنامج النووي الإيراني فقد بات اليوم مسألة دولية خارجة عن النطاق الإقليمي للخليج.. ونحن نرى دائماً ضرورة درء الخطر النووي والعسكري عن منطقتنا ونؤمن بضرورة نزع السلاح النووي من الشرق الأوسط بشكل عام والالتزام باتفاقيات منع انتشار الأسلحة النووية.
وإننا نأمل أن تطمئن إيران المجتمع الدولي بشأن سلمية برنامجها النووي خصوصاً وإننا نؤكد على حق جميع الدول بما فيها إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية.
* وماذا عن البرنامج النووي الإماراتي وما هي الخطوات التي تم إنجازها حتى الآن في ضوء تفهم دول العالم لسلمية هذا البرنامج واستعدادها للتعاون مع الإمارات في تنفيذه ؟.
ــ إن العنوان الرئيسي والأساسي لبرنامجنا النووي هو سلمية هذا البرنامج في إطار من الشفافية الكاملة والمطلقة.. وقد بدأ تفكيرنا لإطلاق هذا البرنامج من رؤيتنا لاحتياجاتنا المستقبلية من الطاقة التي تتزايد باستمرار مع توسعاتنا التنموية في مختلف القطاعات والتي تتطلب مزيداً من الطاقة الكهربائية.. ونحن نعتقد أن سجلنا ومصداقيتنا في سياستنا الخارجية وفرت لهذا البرنامج ومنذ انطلاقته بدءاً من مراحل الدراسات الأولية وحتى المراحل الأكثر تقدماً تعاوناً دولياً وتأييداً من جميع الدول والمنظمات الدولية المعنية.
نحن راضون ومرتاحون للخطوات التي تمت في هذا المجال ومن أبرزها توقيع الإمارات اتفاقيات مع عدد من الدول المتقدمة في مجال الطاقة النووية السلمية .. ونأمل أن نحقق خطوات متسارعة في تنفيذ برنامجنا النووي السلمي وفق أرقى معايير الأمن والسلامة.. وان يكون ذلك نموذجاً للدول الأخرى في المنطقة.
نشطت الحركة السياسية والدبلوماسية في الفترة الأخيرة بين الإمارات والعراق وأرسلت الإمارات سفيرها إلى بغداد وأسقطت الديون عنها.. كيف تنظرون إلى مستقبل الوضع في العراق في ضوء المتغيرات الكثيرة التي حدثت حتى الآن محلياً وعالمياً وما هي رؤيتكم لوضع العراق في إطار المنظومة الخليجية والعربية؟.
ــ نحن مرتاحون لتطور علاقاتنا مع العراق الشقيق والتي كانت على الدوام وستبقى تستند إلى إيماننا بوحدة العراق واستقراره وأمنه .. ومن هذا المنطلق جاء قرارنا بإسقاط ديوننا المترتبة على العراق وتسمية سفير لبلادنا في بغداد وتفعيل وتنشيط سفارتنا فيها.
إننا نؤمن بان أمن العراق واستقراره بما يملك من موقع استراتيجي وقوى فاعلة سينعكس على منطقتنا بشكل عام ولذا لا بد لدول المنطقة من الانفتاح الإيجابي على العراق وعدم التدخل في شؤونه الداخلية وتوفير كل أشكال الدعم والمساندة للشعب العراقي وحكومته لتخطي الأزمات.. نحن مرتاحون لتراجع وتيرة العنف في الشارع العراقي التي تواجهه.
وإننا على ثقة بأن العراق الشقيق سيتعافى من كل المخاطر والتحديات التي يواجهها ويكرّس وحدته الوطنية ليأخذ دوره الطبيعي في إطار المنظومة الخليجية والعربية والدولية.
وحدة الصف الفلسطيني
* كيف تنظرون إلى الوضع الفلسطيني في ضوء الانقسام الفلسطيني الداخلي، والتغيير في البيت الأبيض والانتخابات الإسرائيلية القادمة؟ هل ترون أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط مازال يحظى بفرصة في المستقبل القريب ؟.
ــ لقد دعونا وما نزال ندعو إلى وحدة الصف الفلسطيني والاستجابة للمبادرات العربية الكثيرة والجهود التي بذلت وما زالت تبذل حتى الآن لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية لأنها الطريق الوحيد أمام الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه وإقامة دولته المستقلة.
ونحن متأكدون أن أية رؤية دولية بما فيها رؤية الإدارة الأميركية الجديدة نحو القضية الفلسطينية ستكون أكثر إيجابية بمقدار ما يكون الصف الفلسطيني موحداً.
إننا في دولة الإمارات نؤيد باستمرار أي جهد عربي لتحقيق الوفاق الفلسطيني كما أننا ندعم أي جهد لتحريك عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل على مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
وإننا نأمل أن يساعد التحرك الأخير الذي تم في مجلس الأمن الدولي إلى تحريك عملية السلام بصورة فعالة وسريعة كما نأمل أن تأخذ الإدارة الأميركية الجديدة والمجتمع الدولي خطوات جادة لتنفيذ هذا القرار.
* كيف تنظرون إلى التطورات التي شهدتها الساحة اللبنانية منذ اتفاق الدوحة مروراً بانتخابات رئيس لبناني وحركة المصالحة بين مختلف الأطراف اللبنانية واستئناف الحوار اللبناني والاتفاق على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين سورية ولبنان. . وما هو الدور الذي يمكن للإمارات أن تلعبه من خلال علاقاتها المتميزة مع لبنان لدفع عملية الحوار مروراً بالانتخابات البرلمانية القادمة؟
ــ إننا نتطلع بكثير من التفاؤل والأمل إلى الخطوات التي تحققت في لبنان لجهة إنجاز الوفاق الوطني والتي انطلقت من اتفاق الدوحة ومروراً بانتخاب الرئيس اللبناني الجديد وإعادة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وانطلاق عملية الحوار وصولاً إلى التحضير للانتخابات البرلمانية.
كما أننا نقدر عالياً الاتفاق السوري اللبناني لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين سورية ولبنان وبما يؤسس لعلاقات سورية لبنانية على أسس من العلاقات الأخوية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين.
إننا في دولة الإمارات لن ندخر جهداً لتعزيز ودعم مواقف أشقائنا في لبنان لإنجاز برنامجهم الوطني على مختلف المستويات.
وكما تعرفون فإننا وجهنا دعوة مفتوحة للرئيس اللبناني ميشيل سليمان لزيارة دولة الإمارات وإننا نتطلع إلى لقائه في وقت قريب.
ونعتقد أن هذا اللقاء سيكون مناسبة للوقوف على التطورات الإيجابية التي يشهدها لبنان والدور الذي يمكن لدولة الإمارات أن تقوم به في إطار تعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على المكتسبات التي تحققت خلال الفترة الأخيرة وبما يحفظ أمن واستقرار لبنان.
* كشفت مصادر عالمية عن توجه الإمارات لشراء منظومة صاروخية للدفاع الجوي.. أين تقع هذه الخطوة في برنامج الإمارات التسليحي والهدف منها ؟.
ــ إننا ننطلق في برنامجنا التسليحي من رؤيتنا إلى أن الأمن والسلام يحتاج دائماً إلى القوة التي تدافع عنه وتحميه.. ولذلك جاء برنامجنا التسليحي على الدوام برنامجاً دفاعياً يقوم على توفير ما هو ضروري لتعزيز قواتنا المسلحة ورفع جهوزيتها.
القمة الخليجية
* تنعقد نهاية الشهر الحالي القمة الخليجية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.. كيف تنظرون إلى هذه القمة وأهم القضايا التي ستبحثها ؟.
ــ إننا نتطلع إلى انعقاد القمة الخليجية نهاية الشهر الجاري في مسقط ونحن نرى ان انعقاد هذه القمة التي ستستضيفها سلطنة عمان الشقيقة برئاسة أخينا جلالة السلطان قابوس بن سعيد في هذه المرحلة بالذات يكتسب أهمية خاصة نظراً للتطورات التي تشهدها المنطقة والعالم ..
الأمر الذي يضع أمام قمتنا في مسقط مسؤوليات مضاعفة لتوحيد الجهود للخروج برؤية موحدة وشاملة للتعامل مع المستجدات على الساحتين الإقليمية والعالمية إلى جانب المضي في تفعيل الاتفاقيات التي تم إنجازها على صعيد العمل الخليجي المشترك وتسريع الخطى بإنجاز ما نتطلع إليه من اتفاقيات قادمة وخصوصاً لجهة إصدار العملة الخليجية المشتركة وتعزيز السوق الخليجية المشتركة وتحقيق المواطنة الخليجية بكل ما تحمله من معانٍ إضافة إلى تطوير وتعزيز التعاون الأمني والعسكري بين دول المجلس بما فيه تطوير قوات درع الجزيرة.. واننا على ثقة بأن رئاسة جلالة السلطان قابوس بن سعيد للقمة ستعطي مزيداً من القوة لعملنا المشترك.
* رأينا في الفترة الأخيرة تحركاً للجامعة العربية على صعيد أكثر من ملف عربي .. فهل ترون أن الجامعة بدأت تخرج من الدائرة المغلقة التي كانت تحيط بها .. وما هي رؤيتكم لمزيد من تفعيل دور الجامعة ودفع العمل العربي المشترك نحو آفاق جديدة؟
ــ إننا نشاطركم الرؤية بأن جامعة الدول العربية بدأت حراكاً جيداً باتجاه التعامل مع القضايا والملفات العربية المطروحة بإلحاح في هذه المرحلة.. وإننا إذ نسجل بارتياح تقديرنا لهذا التحرك نأمل بأن تأخذ الجامعة العربية دوراً أكثر فاعلية في هذا الاتجاه .. ونعتقد أن ما نعطيه كدول عربية لهذه الجامعة من دعم وتأييد لمساعيها وجهودها على أكثر من صعيد سيمكنها من التحرك بفاعلية ..فقد رأينا تحرك الجامعة على الساحة اللبنانية وفي درافور وعلى الصعيد الفلسطيني وفي الحوار مع القوى والتكتلات الإقليمية والدولية.. وأننا نتطلع إلى إمكانية تطوير آليات العمل في الجامعة بما يفضي إلى عمل عربي مشترك أكثر فاعلية وأكثر إنتاجية لصالح امتنا وشعوبنا.
* احتفلت الإمارات في الثاني من ديسمبر بالذكرى الـ (37) للاتحاد بين الإمارات السبع ..ونحن إذ نبارك لكم في هذه الذكرى نود التعرف على رؤيتكم لمزيد من الخطوات المستقبلية لتعزيز المكاسب الاتحادية التي تحققت لشعب الإمارات في السنوات الماضية؟.
ــ احتفالنا قبل أيام بالعيد الوطني السابع والثلاثين لقيام دولتنا العزيزة يشكل بحد ذاته دافعاً نحو مزيد من الجهد والعمل لبناء دولتنا وتحقيق المزيد من الانجازات لشعبنا.
لقد كانت هذه الاحتفالات مناسبة أظهرت مدى التفاف أبناء شعبنا حول قيادتهم واتحادهم وإيمانهم بالعمل الجاد لاستكمال المشروع النهضوي لدولتنا والانطلاق بعزيمة وإرادة قوية لتحقيق أهدافها الوطنية.
وقد أثبتنا من خلال اجتماع المجلس الأعلى للاتحاد الذي تزامن مع احتفالنا بالعيد الوطني السابع والثلاثين مدى قدرتنا على التحرك بمرونة وفاعلية لاتخاذ ما يلزم لتعزيز مسيرتنا الاتحادية بما فيها التعديلات الدستورية التي أقرَّها المجلس الأعلى للاتحاد وبما يضع كل الطاقات والإمكانيات في مكانها الصحيح والمناسب لبناء الوطن والنهوض به ليتبوأ مكانته بين دول العالم.
مسيرة المجلس الوطني
* يكثر الحديث في هذه الفترة عن تطور في مسيرة المجلس الوطني الاتحادي بعد التطور السابق والذي انعكس من خلال انتخاب نصف أعضاء المجلس ودخول المرأة بشكل واضح. ما هو الجديد في رؤيتكم لمستقبل المجلس الوطني الاتحادي؟
ــ كما ذكرت سابقاً فقد قمنا بإدخال تعديلات دستورية تمكنّنا من توسيع دور المجلس وتعزيز دوره ومكانته.. ومن هذا المنطلق كانت لنا في دولة الإمارات عدة خطوات باتجاه تطوير المجلس الوطني الاتحادي من حيث انتخاب وتعيين أعضائه ودخول المرأة إلى عضوية المجلس.
وإننا نسجل في هذا الصدد موافقة المجلس الأعلى للاتحاد في اجتماعه الأخير على إجراء تعديل دستوري بتمديد فترة المجلس الوطني من سنتين إلى أربع سنوات وتحديد مواعيد بداية كل دورة ومدتها وكذلك إطلاع المجلس على الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها الدولة مع الجهات الخارجية .. لا شك أن هذه التعديلات تدخل في إطار رؤية شاملة لتطوير وتفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي وفق خطوات مدروسة تأخذ في الاعتبار طبيعة المرحلة التي تمر فيها والتطورات التي تشهدها بلادنا على مختلف الصعد.
* من منظور أوسع لظاهرة العمالة تظهر مشكلة التركيبة السكانية بأبعادها المختلفة كأحد أهم التحديات التي تواجه المجتمع الإماراتي ما هي الخطوات التي ستتخذها الإمارات لمعالجة هذه المشكلة ؟.
ــ إننا ننظر إلى التركيبة السكانية لدولة الإمارات من منظور إيجابي يجسد قدرة شعبنا ودولتنا على انصهار هذا الكم والتنوع البشري في إطار إنساني قادر على أعضاء نموذج لقدرة التفاعل الإنساني في عملية البناء والنهوض بدولتنا لتحتل مكانة متقدمة على الصعيد الحضاري والتنموي مع اكتساب احترام وتقدير المنظمات الإقليمية والعالمية لتعاملنا الإنساني والحضاري مع جميع المقيمين في بلادنا وخلق وإيجاد الحوافز أمامهم للمساهمة الفاعلة في عملية التنمية التي تشهدها الإمارات.
غير أن هذه الرؤية الشمولية لا تخفي عن أعيننا ضرورة المحافظة على هويتنا الوطنية.
ومن هذا المنطلق جاء تشكيل لجنة عليا للتعامل مع مشكلة التركيبة السكانية ونحن نقدر عالياً عمل هذه اللجنة التي تمكنت حتى الآن من وضع العديد من المبادرات للتعامل مع هذه القضية، واتخاذ الإجراءات الفعلية في هذا الشأن.
كما إننا بصدد اتخاذ إجراءات وقرارات أخرى في إطار سياستنا المعلنة والشفافة للتعامل مع التركيبة السكانية بشكل حضاري ودون الإخلال بالتزاماتنا الإنسانية والدولية وبما يحقق الهدف من تنوع التركيبة السكانية في بلادنا.
العنوان الرئيسي الذي يواجه العالم في هذه الفترة هو الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها على الاقتصادات العالمية.. وهذا يطرح أكثر من سؤال بالنسبة لتعامل الإمارات مع هذه الأزمة .
إن الأزمة المالية العالمية تشكل اليوم العنوان الرئيسي للأزمات التي يواجهها العالم .. وقد بدأت انعكاساتها وارتداداتها تصيب مناطق العالم المختلفة بحيث لم يعد أحد في العالم بعيداً عن تأثيراتها السلبية.. ولا شك أن دولة الإمارات ومن خلال انفتاحها على الاقتصادات العالمية لم تكن بعيدة عن تأثيرات هذه الأزمة وتداعياتها.. غير أن الإمارات بما تملكه من قاعدة اقتصادية ومالية قوية وصلبة تستطيع ان تحد من تأثيرات هذه الأزمة عليها.
وقد عملنا من خلال الحكومة الاتحادية والمصرف المركزي على توفير حلول سريعة لمواجهة تداعيات الأزمة وتم التحرك سريعاً لوضع 120 مليار درهم من الأموال تحت تصرف وزارة المالية والمصرف المركزي لضخ السيولة اللازمة في جهازنا المصرفي وتوفيرها للاستمرار في مشاريع التنمية التي يجري تنفيذها في بلادنا.
وإننا نتطلع إلى أن تسهم هذه الخطوة في ترسيخ دعائم اقتصادنا الوطني وجهازنا المصرفي ..وإننا نؤكد في هذا المجال قدرتنا على مواجهة هذه الأزمة وتداعياتها من خلال ضخ السيولة اللازمة في الشريان المالي ووضع القوانين والأنظمة التي تعزز الإجراءات الرقابية والشفافية في المؤسسات والشركات الوطنية وتحفيز العمل فيها بما يعزز قدرتها الإنتاجية والمساهمة في بناء اقتصادنا الوطني.
الاقتصاد الإماراتي
* كيف تنظرون إلى مستقبل الاقتصاد الإماراتي في ضوء تباطؤ الاقتصاد العالمي وهل سيكون لتراجع ــ أسعار النفط تأثير على خطط وبرامج الإمارات في مجال صناعة النفط والغاز؟
كما قلت إننا في دولة الإمارات جزء من الاقتصاد العالمي وإننا منفتحون عليه بكل قطاعاته وبالتالي فإننا من بين الدول التي تتأثر بالركود الاقتصادي العالمي.
ويعتبر التراجع الكبير في أسعار النفط ابرز تأثيرات هذه الأزمة علينا وعلى الدول المنتجة والمصدرة للنفط غير أننا في دولة الإمارات نشارك الدول المنتجة قراراتها من خلال منظمة أوبك بتخفيض الإنتاج وفق قرارات مدروسة للحفاظ على توازن العرض والطلب..
ولكن يتعين علينا أن ندرك أيضاً أن هذه الأزمة ستكون مؤقتة مهما طال زمنها ولا بد على الدول المنتجة من الاستعداد لمواجهة مرحلة من الطلب العالمي المرتفع على النفط مع عودة الانتعاش إلى الأسواق العالمية في المستقبل ولذلك فإننا في دولة الإمارات ماضون في خطط وبرامج النهوض بصناعتنا النفطية وزيادة قدرتنا الإنتاجية من النفط الخام والغاز والبتروكيماويات بما يتناسب مع قدراتنا المالية والتمويلية للمشاريع المستقبلية.
* سجلت الميزانية الاتحادية لدولة الإمارات لعام 2009 ارتفاعاً ملحوظاً قياساً مع ميزانية عام 2008 إلى أي مدى سيتم الالتزام بهذه الميزانية مع التراجع الكبير في أسعار النفط ؟
ــ نستطيع أن نسجل أن ميزانية الحكومة الاتحادية لعام 2009 هي الأعلى منذ قيام الاتحاد في العام 1971 ولا شك أن هذه الميزانية تعكس توفر موارد مالية جيدة لبلادنا وإرادة فعلية نحو مزيد من الإنفاق في جميع القطاعات التي تغطيها.. وان التراجع الكبير في أسعار النفط والتباطؤ في الاقتصاد العالمي لن يثنينا عن الاستمرار في توفير الإعتمادات المالية لهذه الميزانية وعدم اقتطاع أي جزء منها تحت تأثير الأزمة.
وعلى العكس من ذلك فقد قمنا خلال الأيام الأخيرة باعتماد مبالغ مالية إضافية تزيد عن ؟.؟ مليار درهم لتغطية مصروفات عدد من الجهات الحكومية الاتحادية.. ونأمل مستقبلاً إلى تحسن الأوضاع المالية والاقتصادية لتحقيق مزيد من التوسع في الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين.
* مع تفاقم الأزمة العالمية بدأ تحرك دولي نحو توحيد الجهود العالمية لمواجهة هذه الأزمة وتأثيرها على الاقتصاد العالمي والاقتصادات النامية بشكل خاص من خلال توفير دعم أكبر لصندوق النقد الدولي ..ما هو موقف الإمارات في هذا الشأن؟
ــ إننا نتابع عن كثب الجهود الدولية للتعامل مع الأزمة المالية العالمية ونرى أن المجتمع الدولي بقواه ودوله ومنظماته الفاعلة بدأ خطوات جيدة للحد من تأثيرات هذه الأزمة على الاقتصاد العالمي وإننا نؤمن بضرورة توحيد هذه الجهود بحيث تتحمل كل الأطراف الدولية مسؤولياتها كل حسب مقدرته.. وذلك بمعنى أن لا يقع حمل مواجهة هذه الأزمة على الأطراف التي كانت ضحيته بحيث لا يزداد البؤس والجوع الذي يضرب كثيراً من دول العالم النامي.
على الدول الكبرى أن تتحرك لتقديم مزيد من المساعدات للدول الفقيرة لمساعدتها على النمو وتحفيز قاعدة الإنتاج في مختلف مناطق العالم والتوجه لضخ الأموال في الاقتصادات الفعلية.
ونحن في دولة الإمارات نرى أننا بما نقدمه من مساعدات للدول النامية لتنفيذ الكثير من المشاريع الإنتاجية الخدمية والاجتماعية فيها فإننا نسهم بشكل فعال في مساعدة هذه الدول على مواجهة الأزمة المالية.. إننا نرى أن هناك حاجة ملحة لتعاون دولي من خلال نظام اقتصادي عالمي أكثر شفافية وأكثر عدلاً يأخذ بمصالح جميع المناطق في العالم.
* يرى الكثير من المتابعين أن الأزمة المالية العالمية أوجدت الكثير من الفرص الاستثمارية الجيدة في بعض دول العالم .. فهل ستتحرك الإمارات للاستحواذ على بعض الشركات والمؤسسات العالمية التي تعاني من صعوبات مالية؟
ــ إن الحديث عن الفرص الاستثمارية بعد الأزمة المالية العالمية قد يكون متاحاً ومبرراً غير أن توجهاتنا الاستثمارية تقوم أساساً على دراسات الجدوى الاقتصادية وتوزيع استثماراتنا جغرافياً وقطاعياً، وخصوصاً لجهة التركيز في استثماراتنا داخلياً في إطار عملية التنمية الشاملة التي تشهدها بلادنا.
ولذلك فإننا بقدر ما نبحث عن فرص استثمارية مجدية في الخارج ونعمل بشكل جدي على استقطاب استثمارات خارجية لبلادنا.. وقد تمكنا من أن تكون دولة الإمارات منطقة جاذبة للاستثمار الأجنبي بمعدلات كبيرة وذلك بفضل الأمن والاستقرار الذي تنعم به بلادنا وامتلاكها منظومة واسعة من القوانين والتشريعات التي تنظم عمل الاستثمار الأجنبي وتوفر له الضمانات اللازمة إضافة إلى توفير الأرضية اللازمة للاستثمار في الإمارات والمناطق الحرة في بلادنا.
تجربة الحكم
* لقد مضى على تسلمكم لمقاليد الحكم في دولة الإمارات أربع سنوات.. كيف تحكمون على تجربتكم في الحكم؟
ــ أولا لقد تشرفت بحمل الأمانة والمسؤولية في بلدي خلفاً للمغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة وباني نهضتها.
ولقد بدأنا مرحلة التمكين بتعاون نعتز به من إخواني أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات ومؤازرة من أبناء شعبنا وقد تم بحمد الله وضع استراتيجيات طموحة تعمل الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية على تنفيذها باقتدار وحماس وجدية وبمتابعة دقيقة وتناغم بين الحكومة والمجلس الوطني الاتحادي.. وإننا نأمل أن نحقق الهدف من هذه الاستراتيجيات لتوفير العيش الكريم لشبعنا العزيز وتعزيز مكانة دولتنا إقليمياً ودولياً.
الله يطول عمره ويوفقه لما فيه خير البلاد والعباد