تناقض في الرؤى حول مستقبلها
سيارات كهربائية «آخر موضة» بتصاميم متنوّعة حسب الطلب
غريب وعجيب ذلك العرض الذي شهدته مدينة شانجهاي يوم الأربعاء الماضي عندما قدمت شركة جنرال موتورز وشريكتها مجموعة «سايك» الصينية، سلسلة من السيارات من ذوات الأشكال والتصاميم المثيرة تحت اسم «إي إن- في» EN-V. ويشير المعنى الذي ينطوي عليه هذا الاسم إلى تطور حاسم ينتظر صناعة السيارات برمتها؛ فهو اختصار للعبارة الإنجليزية Electric Networked-Vehicle التي تعني (العربة الكهربائية المدمجة في الشبكة) وذلك لأن هذه العربات القزمة سوف تكون متصلة بعضها ببعض بطريقة لاسلكية حتى تتجنب الاصطدام.
وتعتمد السيارة الذكية «إي إن- في» على نظام إلكتروني يدعى «سيجواي» Segway لتحقيق التوازن والتحكم بقوة الدفع. ومن غرائب هذه السيارات أنها مجهّزة بعجلتين فقط؛ وعند التوقف، تستند عليهما وعلى قاعدة خلفية ثابتة، وعند الانطلاق تتوازن على العجلتين فقط.
وقال كريس بوروني- بيرد مدير قسم التكنولوجيا المتقدمة في شركة جنرال موتورز: «إن أهدافنا من هذا الابتكار تتجاوز بكثير مجرّد عرض سيارة تصورية جديدة. ولقد قصدنا منه أن نصنع الآن سيارات جريئة كان من المفترض أن تظهر عام 2030».
وكانت شركة جنرال موتورز أعلنت أن السيارة «إي إن- في» النموذجية ترسي معايير جديدة في عالم التنقل داخل المدن على مستوى العالم، وبما يشير إلى أنها عازمة على إنتاجها بأعداد كبيرة.
وقالت مصادر الشركة إن شراكتها مع مجموعة «سايك» تهدف إلى وضع مفهوم جديد للتنقل داخل المدن قبل حلول عام 2030. وتعتبر «إي إن- في بمثابة إعادة ابتكار للسيارات، وهي جزء من الحلول التكنولوجية لتجسيد هذه الرؤية على أرض الواقع. وعبر تبنّي منظومة جديدة في عالم السيارات تجمع بين الاعتماد على الكهرباء وإمكانية الاتصال الشبكي، تضمن السيارة المبتكرة مواكبة التحديات المتعلقة بالتنقل داخل المدن على مستوى العالم وتبشّر بمستقبل خالٍ من الانبعاثات الغازية الضارة ومن الحوادث والازدحام، فضلاً عن قيادة أكثر متعة وأناقة من أي وقت مضى.
شكوك حول المستقبل
وبالرغم من هذه الآمال العريضة التي تعقدها جنرال موتورز ومجموعة «سايك» على مستقبل السيارات الكهربائية، إلا أن الخبراء الأوروبيين يشككون فيه.
وقبل أيام قليلة، توجهت شركات صناعة السيارات في ألمانيا بنداء إلى الحكومة للحصول على مساعدات مالية لإنتاج السيارات الكهربائية حتى تتمكن من الصمود أمام المنافسة العالمية الحادة في إنتاج هذه السيارات وللاحتفاظ بالريادة في صناعة السيارات.
وقال ماتياس فيسمان رئيس رابطة صناعة السيارات الألمانية إن صناعة السيارات الكهربائية ستتطلب نفقات إنتاج عالية خلال الأعوام المقبلة وهو أمر لن تتمكن الشركات بمفردها من مواجهته، وستحتاج إلى تدخل الدولة.
وتوقع رئيس الرابطة أن ترتفع تكاليف السيارة الكهربائية من الفئة المتوسطة بمبالغ إضافية تتراوح بين 10 و 15 ألف يورو (49- 73.5 ألف درهم) مقارنة بالسيارات العادية التي تحرق البنزين أو الديزل.
وطالب فيسمان بالتوصل إلى حل أوروبي شامل لدعم صناعة السيارات الكهربائية وعدم اللجوء إلى الحلول المحلّية الضيّقة التي ستشعل المنافسة بين الشركات الأوروبية، وشدد على توحيد المعايير في إنتاج هذه السيارات.
وتأتي هذه التطورات وسط موجة من التنافس بين شركات عالمية رائدة لصناعة السيارات لاحتلال مكانة في أسواق السيارات الكهربائية فيما تعد هذه الشركات نفسها لعصر جديد من السيارات الكهربائية مستثمرة أموالا ضخمة في تكنولوجيات جديدة تماماً.
مشاريع على الأبواب
وتوقعت مجموعة «باين» الاستشارية أن كل سيارة ثانية مباعة في العقد المقبل ستكون مزودة بتكنولوجيا كهربائية حيث ستعمل 10% من كافة السيارات الجديدة بمحركات كهربائية بشكل كامل.
ويمكن رؤية المئات من السيارات الكهربائية الجديدة، سواء منها الهجين المزودة بمحرك كهربائي إضافي كمساعد لمحرك احتراق داخلي تقليدي أو المصنعة بشكل كامل لتعمل بالطاقة الكهربائية النظيفة التي لا تخلف أي انبعاثات، في معارض السيارات العالمية.
وتطلق شركة تصنيع السيارات الفرنسية «بيجو» في شهر أكتوبر المقبل سيارتها الكهربائية «آي-إن» التي تشبه سيارة ميتسوبيشي اليابانية «آي-إم في». وتلحق بها شركة نيسان بإطلاق سيارتها «ليف» بينما تعتزم مرسيدس إطلاق إنتاج صغير من فئة «إيه-كلاس» تعمل بتكنولوجيا كهربائية. وتراهن شركة «جنرال موتورز» الأميركية على سيارتها «شيفروليه فولت» بينما تطلق شركة «أوبل» الأوروبية سيارتها «أمبيرا» العام المقبل بإنتاج سنوي من المقرر أن يبلغ 60 ألف سيارة.
وأعلنت مجموعة دايملر مؤخراً، والتي تعمل على خطط لإنتاج تجاري لنسخة كهربائية من سيارتها « سمارت» ، عن تعاونها مع شركة إنتاج البطاريات والسيارات الصينية «بي واي دي» في تطوير سيارة كهربائية مخصصة أساساً للسوق الصينية. وتعمل شركة «بي إم دبليو» على إنجاز مشروع «سيارة المدن الكبيرة»؛ وهي سيارات صغيرة مزودة بألواح هيكل خفيفة الوزن ومحركات كهربائية. وتعتزم الشركة إنتاج هذه السيارات في مصنع مدينة ليبزيج الألمانية اعتبارا من عام 2015. و تعدّ شركة «فولكس فاجن» أحدث الوافدين إلى التكنولوجيا الكهربائية، حيث أهدرت الوقت بتركيز طاقتها على محركات الاحتراق الداخلي منخفضة الاستهلاك للوقود. بيد أن الرئيس التنفيذي لفولكس فاجن، مارتن فينتركورن تحدى منافسيه في معرض جنيف الأخير عندما قال: « نعمل الآن على صناعة السيارة الكهربائية التي يمكن أن يشتريها أي شخص».وتتاح النسخة الكهربائية من سيارة فولكس فاجن «جولف» التي تطلق في العام المقبل لزبائن مختارين. وسوف يشهد عام 2013 إطلاق سيارة المدن الكهربائية «آب» إلى جانب «إي جولف» و»إي-جيتا».
ومن ناحية أخرى، تركز عملاق السيارات اليابانية «تويوتا» على تكنولوجيا الهجين التي تجمع بين محرك الاحتراق الداخلي والمحركات الكهربائية.
وترى تويوتا أن «الهجين» هو بديل وليس انتقالاً إلى عصر السيارة الكهربائية النظيفة. ويبقى ارتفاع تكلفة بطاريات الليثيوم آيون يمثل العائق الأكبر أمام حدوث طفرة في سوق السيارات الكهربائية.
ويمكن أن تتكلف السيارات الكهربائية زيادة بنسبة تبلغ 50% عن تكلفة سيارة مماثلة تعمل بمحرك بنزين تقليدي. ومع هذا، ذكرت منظمة «باين» الاستشارية أن الطلب في أوروبا وحدها على السيارات الكهربائية هو 100 ألف سيارة ويتزايد بصورة سنوية. ويتواجد من يفضلون اقتناء السيارة الكهربائية في مراكز المدن حيث يسافر معظم الركاب مسافات تقل عن 30 كيلومتراً يومياً بالسيارة.
ويمكن أن تعمل المحفزات الضريبية على السيارات الكهربائية والإنتاج التجاري على المدى الطويل، على خفض كلفة البطاريات بمقدار النصف. إلا أن جون سيرل، رئيس شركة إنتاج البطاريات الفرنسية «سافت»، وصف في مقابلة أجريت معه مؤخراً المحادثات بشأن إعانات حكومية فرنسية بأنها «محبطة». وقال إنه في حال رغبت في منافسة تكنولوجيا راسخة مثل محرك الاحتراق الداخلي فستحتاج إلى المساعدة».
عن مجلة «بوبيولار ميكانيكس»
ووكالة DPA