شجرة واحدة

افتتاحية جريدة الخليج /

يعجب المرء لكيفية تعاطي التقارير المالية الغربية ومعها بعض وسائل الإعلام العالمية والإقليمية مع تطورات الوضع الاقتصادي الراهن في الدولة، فالمتابع لهذه التقارير يلمس بوضوح حجم التهويل والمبالغة في تصوير التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، مع تجاهل تام لإمكانات الدولة في معالجتها بهدوء لا يستدعي هذه الضجة المفتعلة التي يحلو لمطلقيها الإغراق فيها من دون رؤية موضوعية لحقيقة الوضع.

لكن النغمة الأخطر في التقارير الغربية هي محاولة التفرقة بين إمارات الدولة إلى حد الادعاء أن كل إمارة تعالج مشكلاتها بمفردها، في تبسيط مخل لا يمكن لعاقل يعرف الإمارات أن يستوعبه. فالاقتصاد الوطني موحد في إطار الدولة الاتحادية، وحركة السيولة واحدة على اختلاف منابعها، لأن البنوك من كل الإمارات تقرض المستثمرين والمشاريع في كل الإمارات، وأسواق الدولة واحدة في كل القطاعات، والمستثمرون يوزعون مشروعاتهم في كل المناطق تبعاً لفرص الربح.

نغمة التفرقة النشاز التي أصبحت تنشرها يومياً التقارير الغربية وترددها وسائل الإعلام الخليجية والعربية عن قصد أو غير قصد، إما أنها تصدر عن جهل يطيح مصداقية مطلقيها أو أنها حملة مغرضة تحاول استغلال الوضع الحالي لإضعاف المنجزات الاقتصادية المحققة في الإمارات.

في الحالتين ينبغي أن يدرك مروّجوها أن الإمارات دولة اتحادية واحدة استفادت مجتمعة من الإنجازات التي تحققت في كل إمارة منها، والسبق الذي نجحت بعض الإمارات في تحقيقه استفاد منه الجميع، ولذلك توضع إمكانات الدولة بأكملها لمواجهة التحديات في كل الإمارات.

ستكتشف المؤسسات المالية الغربية قريباً أن إجراءات المعالجة يتم اتخاذها على كل المستويات، وأن الأموال اللازمة لسداد الالتزامات مؤمنة بالكامل من الداخل، لأن هذه الالتزامات وضعت أساساً في الداخل في تنمية الاقتصاد الوطني من دون تفريق بين المستفيدين، سواء أكانوا من مواطني الدولة أم من الخليجيين والعرب والأجانب.

لقد قطف الجميع ثمار الطفرة الاقتصادية، ولم يقتصر القطاف على إمارة بعينها حتى ولو قاد بعض الإمارات قطار النمو الذي تدفقت عوائده بالنتيجة الى الجميع.

نعم، الإمارات هي شجرة مثمرة تحتضنها دولة الاتحاد، والأشجار المثمرة وحدها ترمى بالحجارة، لكن ما دام على رأس هذا الهرم قيادة واثقة فإن مثل هذه الحجارة لن تصل إلى ثمارها.