بين الشائعات والمضاربات وغياب الوعي الاستثماري
المضاربة تحرك الأسعار صعوداً وهبوطاً والشائعات تزيد من حدتها
حذر خبراء المال والاستثمار من افتقار الكثير من المستثمرين في سوق الأسهم خصوصا شريحة الصغار منهم إلى الوعي الاستثماري وهو ما يعرضهم للمزيد من الخسائر في ظل طفرة الأسهم التي تشهدها الامارات، معتبرين ان هناك حاجة ملحة الى إعادة النظر في القوانين والتشريعات بما يكفل إيجاد ذلك الوعي المطلوب لدى المستثمرين.
ولم يخف مستثمرون قلقهم من ذلك نتيجة لعدم مقدرتهم على اتخاذ القرارات الاستثمارية القائمة على الدراسة وعدم إلمامهم بمثل هذه الأمور واندفاعهم أحيانا بشكل عشوائي للاستثمار في قطاع الأسهم وسط خلل يكتنف المسألة نتيجة عدم تداركها ومعالجتها على نحو يضمن تصويب الوضع ووفقا للوائح التي تهدف الى حماية صغار المستثمرين وتضع حدا للشائعات وتسريب المعلومات التي تنتفع بها فئة محدودة مقربة من بعض الشركات وتجيرها لمصلحتها.
وعزا هؤلاء سبب غياب الوعي الاستثماري بشكل عام الى عدم وجود جهة تركز اهتمامها على هذا الجانب وان وجدت فأنها تنظم دورات مقابل رسوم مرتفعة، إضافة إلى تدافع الأفراد على نحو لافت إلى سوق الأسهم للاستثمار من دون الإلمام بأساسيات البيع والشراء
وفي موازاة ذلك طمأن خبراء ومحللون المستثمرين في سوق الأسهم المحلية الى سلامة الأوضاع الحالية التي يمر بها السوق في ظل انخفاض الأسعار وتذبذبها بعد موجة الارتفاع التي طالت جميع الأسهم خلال النصف الأول من العام الجاري والتي وصلت بها إلى معدلات سعرية عالية. وأكدوا على متانة الاقتصاد الوطني وتمتعه بعوامل القوة التي تعزز السوق وتحافظ على المكاسب التي حققها، معتبرين ان عملية التصحيح السعري أمر اعتيادي يطال كل الأسواق العالمية بعد مرحلة الارتفاعات.
ولفت مستثمرون الى ضرورة تطوير تشريعات وقوانين السوق خصوصا لجهة إلزام جميع الشركات بالشفافية ومراعاة مصالح المستثمرين، بألا تكون المعلومات مقتصرة على فئة معينة من دون غيرها، من خلال تسريبها من إدارات بعض الشركات للمعارف والأقارب.
وان كانت الصناديق الاستثمارية تشكل منقذا لتلك الفئة بالتوجه اليها للحفاظ على رؤوس الأموال الصغيرة والخروج بهامش ربحي فانه وبحسب بعض المستثمرين فإن النسبة التي تمنحها تلك الصناديق غير عادلة ومنخفضة مقارنة مع ارباحها ما يجعلهم أيضا في حيرة من أمرهم ويدفعهم الى العودة إلى السوق.
واجمع محللون على اتساع نطاق ظاهرة المضاربة وما تلحقه من خسائر بصغار المستثمرين في ظل غياب الوعي لديهم واندفاعهم القائم على الاسعار المغرية التي تكون عادة بسبب المضاربات التي تدفع الى صعود الأسهم وشرائها على ارتفاع من قبل المستثمرين لتعود الى الانخفاض الذي يقودهم الى البيع بخسارة.
وفي هذا السياق دعا محمد محمود بني هاني المدير التنفيذي لمركز الامارات الإسلامي للاسهم الى ضرورة السماح من قبل الهيئة لمكاتب الوساطة بتقديم خدمات التحاليل المالية لتوعية المستثمرين لديها، فضلا عن السماح لها بإنشاء محافظ مالية لإدارة استثمارات الراغبين من المستثمرين.
ولفت الى ان المسؤولية جماعية ومشتركة تقع عاتق الجميع وانه لابد من تكثيف الدورات التدريبية وحث المستثمرين على الالتحاق بها فضلا عن اعادة النظر في اوضاع مهنة الوساطة بتصنيف الوسطاء بحيث لا يبقى عملهم مقتصرا على تنفيذ طلبات البيع والشراء
ولم يخف محمد خوري (مستثمر) مخاوفه من استمرار غياب الوعي الاستثماري لدى معظم المستثمرين خصوصا الصغار منهم وتعرضهم لمزيد من الخسائر لعدم إلمامهم بأسس البيع والشراء والأسعار المناسبة للدخول والخروج ما يجعل المستثمر في حالة حيرة وتردد في اغلب الأحيان قبل الشروع في البيع والشراء أيضا، معتبرا ان تعزيز الوعي الاستثماري مسألة مهمة لحماية صغار المستثمرين في ظل الطفرة التي يمر بها سوق الأسهم.
ورأى أن على هيئة الأوراق المالية والسلع ان تتبنى هذا الجانب بالتعاون مع مكاتب الوسطاء والمؤسسات التي تعنى بأوضاع السوق من خلال دورات تدريبية تشتمل على مواضيع متنوعة في البورصة لتهيئة المستثمرين وتعليمهم أساسيات الاستثمار مشددا على ضرورة دخول صغار المستثمرين في استثمارات طويلة الأجل لتجنب الخسائر والتخلص من المضاربات التي تجتاح السوق بشكل لافت وتجرهم الى أسعار مرتفعة تعود عليهم خسائر كبيرة.
ودعا المستثمرين الى ضرورة المبادرة بالتوجه الى الدخول والاستثمار في أسهم شركات قوية في السوق تعود عليهم بأرباح مجزية نتيجة لقوة قيمتها السوقية ودرجة تداولها.
ورأى ان الصناديق الاستثمارية هي الملاذ الآمن لصغار المستثمرين للحفاظ على رؤوس أموالهم إلا أن الأرباح التي تمنحها تلك الصناديق غير عادلة فهي منخفضة مقارنة مع الأرباح الطائلة التي تحققها ولذلك لابد من إعادة النظر في نسبة الإرباح الممنوحة للمستثمرين في مثل هذه الصناديق.
وأوضح ان غياب الوعي الاستثماري يدفع بالكثير من صغار المستثمرين الى التوجه بالسؤال الى أصحاب الخبرة للحصول على مشورتهم ونصيحتهم حول الأسعار والأسهم المناسبة للشراء والاستثمار.
واعتبر عامر الديسي (مستثمر) ان نسبة الأرباح التي تمنحها الصناديق الاستثمارية للمستثمرين لديها متدنية قياسا بأرباحها المرتفعة وهي غير منصفة في حين عزا لجوء المستثمرين الى مثل هذه الصناديق لعدم معرفتهم وخبرتهم في البورصة وعملية التداول من حيث البيع والشراء.
وأوضح ان الطفرة الحالية في سوق الأسهم تدعو الى مواكبتها بإيجاد التشريعات والقوانين التي تتيح المزيد من الفرص الاستثمارية للأفراد، والقائمة على أسس الاستثمار السليمة التي تحد من حجم الخسائر وتحافظ على المكاسب التي يحققها المستثمر وتجعله في حال اطمئنان دائم.
وأوضح محمد علي ياسين مدير مركز الإمارات التجاري: أن ارتفاع وانخفاض الأسعار من الأمور الطبيعية والاعتيادية في الأسواق العالمية وما حدث في السوق المحلي من ارتفاعات وانخفاضات انعكس على نفسية المستثمرين.
ولفت إلى أن التصحيح السعري دائما يتبع عملية الارتفاع الزائد في الأسعار وانه امر لابد منه في الأسواق، وأوضح أن المضاربات لجني الربح السريع هي قرارات فردية لا يتحمل السوق والاقتصاد الوطني تبعاتها، مشيرا إلى أن الشركات التي يتم تأسيسها ذات فائدة كبيرة للجميع، مؤكدا أيضا متانة وقوة الاقتصاد الوطني الذي يمر في مرحلة انتعاش ونمو في كافة قطاعات.
وقال زياد الدباس المستشار في بنك ابوظبي الوطني ان عوامل قوة السوق مازالت متوافرة وفي مقدمتها الأمن والاستقرار، موضحا ان البلاد تشهد مرحلة انتعاش اقتصادي غير مسبوق بحيث ستنفذ خلال السنوات الثلاث المقبلة مشاريع مختلفة بما يعزز الاقتصاد والناتج القومي فضلا عن ان نتائج الشركات خلال الربع الثاني جاءت غير مسبوقة ما يعزز قوة السوق والشركات ومتانة الاقتصاد الوطني.
واعتبر الدباس ان التراجع في السوق أمر منطقي ويؤدي الى فرص استثمارية جديدة بحيث تصبح الأسعار مغرية للمستثمرين الراغبين في عملية الشراء.
ولفت الى أن عوامل قوة السوق تتمثل أيضا في توفير سيولة كبيرة مصدرها القطاع الخاص والبنوك وارتفاع دخل الدولة من أسعار النفط بحيث تؤدي تلك العوامل مجتمعة الى زخم اضافي لنمو الاقتصاد واتساع قاعدة المستثمرين فضلا عن انخفاض سعر الفائدة على العوائد.
وشدد علي محمد حسين (مستثمر) على ضرورة التنبيه لعملية التصحيح التي تتبع الارتفاع خصوصا من قبل صغار المستثمرين لتفادي اندفاعهم إلى البيع بأسعار منخفضة، موضحا أن القرارات الاستثمارية السليمة تجنب المستثمر الخسائر وتتجه به إلى مزيد من الإرباح فالمسألة تحتاج إلى معرفة التوقيت السليم للدخول في عملية الشراء والبيع إن لم يكن الاستثمار طويل الأمد.
ولفت إلى زيادة عدد المستثمرين الذين يدخلون السوق يوميا من دون علم ودراية بأوضاع السوق والشركات وحتى طريقة البيع والشراء ولجوئهم إلى الآخرين لإرشادهم أحيانا في هذه المسألة.
وقال محمد المنصوري (مستثمر) إن تعزيز الوعي الاستثمار لدى الجميع هو من الاولويات في المتاجرة بالأسهم التي استقطبت الآلاف من المستثمرين فضلا عن تطوير قوانين وتشريعات السوق من حيث إلزام جميع الشركات بالشفافية.
وانتقد ظاهرة تسريب المعلومات من قبل بعض الشركات لفئة محددة من المستثمرين وتجاهلها الأغلبية لتحقيق المكاسب باستغلال مثل تلك المعلومات وتوظيفها لمصلحة استثماراتهم.
ولفت محمد بني هاني (مستثمر) الى أن الوعي الاستثماري لدى المستثمرين في بدايات إنشاء السوق المالي كان على درجة عالية لجهة الإلمام بأساسيات الاستثمار الذي كان يقتصر على فئة معينة تعرف آليات السوق وكانت مستفيدة من تجربة العام 1998 بحيث كانت عملية اتخاذ القرارات في بيع أو شراء الأسهم تبنى على البيانات المالية للشركات المدرجة في السوق وليس على الشائعات في ظل الطفرة التي بدأت منذ العام 2002 والمستمرة حتى هذه الفترة في زيادة عدد المستثمرين.
وقال إن دخول شريحة كبيرة من المستثمرين لجني الارباح السريعة أدى الى ظهور المضاربة واتساعها على نطاق واسع نظرا لممارستها من قبل أغلبية المستثمرين في حين ساعدت عوامل كثيرة على وجودها مثل غياب التشريعات التي تنظم آلية عمل السوق وتوفر السيولة وتوجه أغلبية الأفراد نحو سوق الأسهم وهم يفتقرون الى المعلومات اللازمة عن طبيعة الأسواق وأوضاع الشركات المدرجة وغيرها من أمور أخرى ما أدى الى غياب الوعي الاستثماري لدى هذه الفئة في قطاع الأسهم.
ورأى بني هاني أن زيادة الوعي الاستثماري وتعزيزه لدى المستثمرين من مسؤوليات الجهات المسؤولة عن أسواق المال والوسطاء والمستثمرين أيضا باعتبارها مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع واقترح تفعيل وتطوير بعض التشريعات واللوائح التي تنظم عمل السوق من قبل الهيئة واتخاذ الإجراءات الصارمة والجادة بحق المخالفين فضلا عن السماح لمكاتب الوساطة بتقديم الاستشارات اللازمة للمستثمرين من قبل مختصين والسماح لها أيضا بإنشاء محافظ مالية لزبائنها من المستثمرين وإدارتها.
ولم يخف بني هاني أيضا المسؤولية التي يتحملها المستثمر بضرورة متابعة الاخبار ورصد التحليلات المالية والاطلاع على بيانات الشركات المالية ودراستها بعناية ليتمكن على ضوئها من اتخاذ قراراته الاستثمارية إضافة الى الدخول في دورات تدريبية متخصصة تنظم من قبل الهيئة.
وبينما لفت بني هاني الى ان احد الحلول يتمثل ايضا في توجه المستثمر الى صناديق الاستثمار لدي بعض البنوك رأى ان الارباح التي تمنحها تلك الصناديق للمستثمرين غير عادلة وانه يجب اعادة النظر فيها بما يحقق العدالة في توزيعها.
تصفّح المقالات
One thought on “صغار المستثمرين”
Comments are closed.
:ar113:
مشكور على الكلام الطيب.