||~.. السلام عليكم ورحمة من الله وبركاته ..~||

~~~~~

قاربت الشمس على المغيب ..
كان يوماً كـ سائر الأيام .. خرج كـعادته من مقر عمله لـيـعود إلى منزله .. ويـبـدأ رحلة العودة .. ورحلة الـخـوف ..
كان شـخـصاً منطوياً على نفسه .. قليل الاحتكاك مع الآخرين .. يتجنب الحديث معهم .. يمشي بخطوات مرتبكة .. لا يزيح نظره عن الأرض .. خوفـاً من نظرات الناس له ..
بدأ في المشي .. وهو يلاحظ ذلك الظل الذي يتبعه كل يوم ..

تـملكه الخوف .. فـ صاحب الظل الطويل .. يتـتـبعـه أينما ذهب !! لم يجرؤ يوماً على الالتفات إلى الخلف ليرى من صاحب هذا الظل ..
أبطأ مشيه .. ولكن الظل ما زال يتبعه .. بدأ يمشي بخطوات متسارعة .. وصاحب الـظل كذلك !!
بـدأ في الارتجاف .. وسيطرت الرهبة على ذهنه .. ودار حديثه المعتاد بينه وبين نفسه : من هذا الشخص !! ماذا يريد !! ولماذا يتـتـبعني كل يوم ؟!
مر الوقت بـطـيـئاً .. وهو يتمنى أن يصل إلى منزله بأسرع وقت ممكن لكي تنتهي رحلة الخوف هذه ..
ولكن كأن الوقت تـوّقف .. ووصل إلى مرحلة شعر فيها وكأن الخوف سـيقـتله !!
رفـع بصره عن الأرض .. أحس بالدهشة !! فـهو لم يـجرؤ يوماً أن يرفع بصره ويـرى تلك الوجوه !!
ولـكـن تـملكه الخوف مرة أخرى ! فأخذ يـحس بنظراتهم كـأنها سهام قاتلة !! وأخذ يرتجف ..
تسارعت خطواته .. شعر بـالرهبة وتمنى لو أن الأرض قد انشقت وابـتـلعـتـه ..
بدأ يفـقـد الاتـزان .. وفجأة .. تـعـثر وسـقط على الأرض ..
لم يجرؤ على الوقوف .. فقد تبادر إلى ذهـنه مباشرة أن من دفـعـه لـيسقط .. هـو صاحب الظل الطويل ..
أصيب بالحيرة !! ودارت في ذهنه أسئلة عديدة !! ماذا يريد صاحب الظـل الطويل !! وهل سيؤذيني !! لماذا أنا … ؟؟ ….
اختلطت مشاعره بين الخوف والغضب .. ولكن .. أصـر على الوقوف .. لـيـرى من صاحب الظـل الطويل ..
وقف على رجليه .. ولاحظ الظـل الطويل بـجانبه .. التفت مسرعاً ليرى صاحب هذا الـظـل !! ولكن لم يجد أحـداً !!
أين اختفى !؟ هل هرب خوفاً من مواجهتي !؟ … وقبل أن يكمل حديثه مع نـفسه .. لاحظ أن الظل لا يزال بـجانبه !!
وكـرر ما قام به .. والـتـفت بـشكل مفاجئ !! ولـكن لم يرى أحداً !!
أصابته الحيرة .. وحاول نسيان ما حـدث .. وهـمّ بالعودة ..
ولكن قبل أن يكمل مسيره .. انـحنى إلى الأرض لـيـلتقط محفـظـته التي سقطت أثـنـاء وقوعه ..
و وجد صاحـب الـظـل الطويل أيضاً .. يـنـحـني .. ليـلتقط محـفـظـته ..
حـيـنـها .. أدرك أنه هو .. هو صـاحب الـظـل الطويل ..

~~~~~

كـثـيـرة هي تـلك الأمور .. التي قد تـكون وهماً .. ولـكـنها تـسبب لنا ضـرراً نسـتـطـيـع تـجـنـبه !!

لا تـتـبع ظـلـك .. بل دعه لـ يـتـبـعـك !!
ولا تـيـأس ولا تحزن من بـعض الأمور .. ولا تـسـلم أمرك لأوهامك لـكي تـقودك ..
انس ماكان في الماضي يـصـيـبـك .. وحـاول أن تواجه ما يصـيـبك .. ولا تـتـجـنـب ما قـد يصـيـبـك ..
.. سـلم أمرك لله .. الـذي بـيـده ملكوت كل شيء .. وتوكل على الله .. فـهو نعم المولى .. ونـعم الـنـصير ..
||~ من بـنـات أفـكـاري ~||

ودمتم ..

9 thoughts on “صــاحــب الـــظــل الـــطــويــــل ..

  1. موضوع رائع..

    عندما قريت العنوان حطيت ببالي المسلسل الكرتوني..و…(جودي أوبت)…

    سبحان الله..تشبيه دقيق..وبمحله..

    فعلاً..

    هناك أشياء واقعية بسيطة لا تكاد توزن…لكننا بطبيعة أنفسنا وأفكارنا ..نضخمها..

    ونتعايش معها…كأنها واقع مـــر..يعني مسلسل وهمي من صنع أفكارنــا..

    يا ترى ماهو السببـ…!!

    هل هي الوحده التي فرضناها على حياتنا…هل إنطوائنا جعل أفكار وأفكار..تتسلل إلى عقولنا…!!!

    أحيانا…أننا نخلق مشكلة من لا مشكلة…ونتعايش معه..مما يؤدي بنا إلى ..

    العميمي..

    موضوع جداً جميلـ…وقد ضرب على الوتر الحساس..

    وفيه من المعاني..التي تجعل الشخص ينظر لنفسه..مش لظله..

    جزيتـ شكراً ،،،

    عاد “جودي أبوت” مرة وحدة !!

    العفو .. وتسلمين أختي ظبيانية على مرورج ومداخلتج الجميلة ..

    في اعتقادي .. هناك علاقة مباشرة وقوية بين الشعور بالوهم وبين الوحدة .. فنجد الشخص الانطوائي والذي لا يختلط بالآخرين .. يتوهم بأمور وأحداث كثيرة .. قد لا تمت للواقع بصلة وقد تكون ضرباً من الخيال ..

    شكراً على مرورج مرة أخرى وعلى مداخلتج الجميلة .. ويزاج الله كل خير ..

    __________________

  2. سرد مميز اخوي العميمي

    بارك الله فيك وجزاك الله خير

    تسلم يا خويه عيناوي وبطران ..

    وجزاك الله خيراً على تواجدك ومرورك الجميل ..

    __________________

  3. الظل هو من يتبعنا.. و ليس العكس..
    .
    كذلك هي الأفكار و الرؤى.. فهي انعكاس لما هو مـتأصل و متشكل أساسًا في دواخلنا..
    و بالتالي فإن أفكارنا هي ما ينضح من إناء شخصياتنا..

    و حتى تتغيير هذه الأفكار التي نحملها.. لا بعد لنا من العمل أولاً على تغيير الداخل .. {إنَّ اللهَ لا يغيّرُ ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسِهِم} [سورة الرعد/15]

    .
    .

    لكن لفت انتباهي أن بطل القصة كان مرعوبًا من ذلك الظل الذي ما انفك يتبعه؟

    ……. هل هناك من يخاف من أفكاره إلى هذا الحد؟

    و هل نعده إنسانًا طبيعيًا أم مريضًا نفسيًا يحتاج للعلاج؟
    /
    /
    الفكرة جميلة كالعادة..

    سلمت “بنات أفكارك ” أخي العميمي
  4. موضوع رائع..

    عندما قريت العنوان حطيت ببالي المسلسل الكرتوني..و…(جودي أوبت)…

    سبحان الله..تشبيه دقيق..وبمحله..

    فعلاً..

    هناك أشياء واقعية بسيطة لا تكاد توزن…لكننا بطبيعة أنفسنا وأفكارنا ..نضخمها..

    ونتعايش معها…كأنها واقع مـــر..يعني مسلسل وهمي من صنع أفكارنــا..

    يا ترى ماهو السببـ…!!

    هل هي الوحده التي فرضناها على حياتنا…هل إنطوائنا جعل أفكار وأفكار..تتسلل إلى عقولنا…!!!

    أحيانا…أننا نخلق مشكلة من لا مشكلة…ونتعايش معه..مما يؤدي بنا إلى ..

    العميمي..

    موضوع جداً جميلـ…وقد ضرب على الوتر الحساس..

    وفيه من المعاني..التي تجعل الشخص ينظر لنفسه..مش لظله..

    جزيتـ شكراً ،،،

Comments are closed.