طالب بدعم إعلامي لنشر الوعي بأهمية التراث
جانب من عملية ترميم برج حصن فلج المعلا

يرى المواقع الأثرية التاريخية التي تحتضنها إمارة أم القيوين ثروة وطنية وشاهدا حيا على حضارة وتاريخ المنطقة، كما أعتبرها ثروة لدولة الإمارات، فجند نفسه للذود عنها وحمايتها، والحرص على إبقائها إرثا قوميا.
الشيخ خالد بن حميد المعلا مدير عام دائرة الآثار والتراث بأم القيوين، تحدث إلى «الاتحاد» عن الدائرة واهتماماتها وتطلعاتها، وركز على أهمية نشر الوعي بأهمية الآثار والتراث، ودور وسائل الإعلام لتثقيف المجتمع، لأن الدوائر بحاجة إلى جهود الإعلام في مسيرتها في مجال التنقيب والترميم والحفظ. وقد أعرب الشيخ خالد عن سعادته لكل ما تحقق لإمارة أم القيوين حتى اليوم في مجال التنقيبات، وفي مجال تخصيص الميزانيات من قبل حكومة الإمارة من أجل عمليات الترميم والصيانة، وذلك إيمانا من الحكومة بالإرث التاريخي الذي يعكس تاريخ الإمارة قديما، وقد جاء اهتمام الدائرة نتيجة لاهتمام صاحب السمو الشيخ سعود بن راشد المعلا عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين، الذي استقى هذا النهج من الوالد الراحل الشيخ راشد بن حميد المعلا رحمة الله عليه.
هوية الوطن

يقول عن أسباب الاهتمام بالجانب التاريخيّ في الإمارة: لأن التاريخ يمثل جزءاً من شخصية المواطن، وجزءاً لا يتجزأ من الهوية الوطنية، خاصة أن للآثار أهمية كبرى، ومنها معرفة حدود الحضارة ولأنها تتيح معرفة واضحة بماضي الأجداد الغابر، ولأنها توقظ مشاعر الاعتزاز والفخر بذلك الماضي، وما كان ينجز فيه من عمل وحياة، بقيت آثارها شاهدا ومعينا، وفي وقت يجد فيه الإنسان نفسه وسط عالم مغترب تتعدد فيه الثقافات.ويتحدث عن الأبحاث الأثرية في الإمارة، وتاريخها فيقول: بدأت الاكتشافات الأثرية في إمارة أم القيوين عام 1970، حين قامت بعثة المسح الأثري العراقية بدعم من حكومة أبوظبي، باكتشافات عدة في مواقع أثرية في الإمارة أهمها موقع الدور، ثم عادت بعد ذلك للعمل عام 1974م ولمدة موسم واحد.
يكمل الشيخ خالد بن حميد المعلا: هناك عدة بعثات عملت ضمن عمليات البحث والتنقيب، ومنها البعثة الفرنسية التي بدأت عمليات التنقيب الفعلية في جزيرة «الأكعاب»، والتي تقع في خور أم القيوين من عام 2005 إلى 2008، حيث كشفت عمليات التنقيب والحفريات عن مكتشفات أثرية مهمة تضاف إلى الخريطة الأثرية بالدولة.أيضا استقدمت حكومة أم القيوين أربع بعثات لاستكمال التنقيبات التي وضعت أسسها بعثة التنقيب العراقية، وهي البعثة البريطانية والبعثة الفرنسية والبعثة البلجيكية والبعثة الدنماركية، وقد بدأت تلك البعثات أعمالها في عام 1987م وانتهت عام 1990م، فيما عدا البعثة البلجيكية، والتي استمرت في التنقيب حتى عام 1994م، وتحت إشراف حكومة أم القيوين.
الحفاظ على التراث
نظرا لحرص حاكم أم القيوين الراحل رحمة الله عليه في الحفاظ على الآثار والتراث في الإمارة، تم إصدار أول مرسوم الأميري عام، 2000م، وذلك لإنشاء دائرة المتاحف والتراث، من أجل النهوض بعملها باعتبارها الجهة المنوط بها الحفاظ على المباني التاريخية والمواقع الأثرية، والعمل على احترام عناصر التراث والعمل على تعزيز وتثقيف الجيل الجديد بأهمية التراث، وكذلك للتنسيق مع الدوائر ذات العلاقة.
ثمن الشيخ خالد دور الشيخ محمد بن راشد المعلا بوضع الأسس اللازمة لخطة عمل تنظيمي للمحافظة على التاريخ والتراث في الإمارة، واليوم تكمل الدائرة الأدوار المنوطة بها من أجل الاستمرار في الإنجازات.
وعلى أجندة الدائرة حاليا- يتابع الشيخ خالد بن حميد المعلا- متابعة صيانة حصن أم القيوين الوطني، والذي يعتبر من أهم الحصون في دولة الإمارات العربية المتحدة وأقدمها، حيث يعود تاريخ بنائه إلى عام 1768م، وللحصن أهمية بالغة بالنسبة لمواطني إمارة أم القيوين، إلى جانب أهميته السياسية باعتباره مركزا للحكم ومسكنا للعائلة، وتجرى حاليا الترتيبات اللازمة لصيانته الدورية، ويعكس والمنطقة المحيطة به تاريخا مهما، خاصة أن الحاكم قديما كان يحرص على الجلوس أمام الحصن للالتقاء بالمواطنين، نظرا لبساطة الحياة ولأن البيئة كانت لا تتضمن إلا أهل الإمارة أو من يأتون لزيارة الحاكم.
لم يتوقف طموح الدائرة عند هذا الحد، بل قامت باستقدام بعثة تنقيب فرنسية للتنقيب عن الآثار في جزيرة الأكعاب، والتي يعود تاريخها إلى الألف الخامس قبل الميلاد، وتعتبر من المواقع المهمة؛ لأنها تسلط الضوء عن الإنسان الذي عاش على هذه الأرض وتفاصيل حياته، كما وقعت الدائرة عددا من اتفاقيات التعاون مع الدوائر ذات العلاقة في عدد من بلدان العالم.
ترميمات
أيضا من نشاطات الدائرة، قيامها بتشكيل لجنة الحفاظ على المباني التاريخية والمواقع الأثرية، وإصدار خريطة المباني التاريخية والأثرية، وفقا لأهميتها وتماشيا مع المصلحة العامة، وهكذا فإن كل هذه المنجزات تحققت بناء على توجيهات الحكومة، كما قامت الدائرة بترميم سور أم القيوين التاريخي، والذي يعود تاريخه إلى عام 1820 وفي عهد الشيخ عبد الله بن راشد الأول، إلى جانب أن هناك العديد من الترميمات والصيانة للمواقع التاريخية، مثل حصن فلج المعلا الذي حصل على ميزانية خاصة، ويجري العمل حاليا على ترميمه وأيضا مسجد الفلج وبرج بخوت.
لم ينسَ الشيخ خالد دور وزارة الثقافة والإعلام وتنمية المجتمع، وبالتعاون مع دائرة الثقافة والآثار بإمارة أم القيوين، عندما بدأت في تنفيذ مشروع المسح الأثري لمنطقة الدور الأثرية، على مساحة تقدر باثني عشر كيلومترا مربعا، ويهدف المشروع إلى رسم خريطة للآثار المكتشفة والبحث عن آثار أخرى وتصوير المنطقة بكل ما اكتشف حتى الآن، تمهيدا لدراستها أثريا وضمها إلى المناطق التراثية العالمية.
الجذب السياحي التاريخي
قال الشيخ خالد بن حميد المعلا: تتطلع حكومة أم القيوين إلى جعل المنطقة منطقة جذب سياحي، ويتضمن العمل التنقيب والترميم وغيرها من العمليات الأثرية والتاريخية للمنطقة، ويمثل مشروع الدور بداية قوية لنجاحات متوقعة في مجال الآثار، ويأتي تطبيقا لتوجيهات القيادة الرشيدة وبدعم من صاحب السمو الشيخ سعود بن راشد المعلا، عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين، وبرعاية معالي عبد الرحمن بن محمد العويس وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع.
منطقة الدور الأثرية كانت وما زالت محط أنظار خبراء الآثار العالميين لأهميتها التاريخية، حيث تعود بعض الآثار المكتشفة بها إلى ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، ولذلك فإن الدائرة تعمل حاليا وفق خطط وبرامج على كل المواقع التي اكتشفت، إلى جانب تطلعها لترميم المنازل التي كانت قد ظهرت فيما بعد قرب الحصون، نظرا لأنها تشكل جاذب سياحي قوي، حتى من قبل الأهالي ومن قبل أبناء الإمارات المحبين للآثار وللتعرف على إرث الأجداد.