كنت اتصفح موقع العربية وقرات هذا الخبر
هناك على ضفة المخيم حيث اكتظاظ البيوت وانسياب مياه الصرف الصحي على الطرقات كان بيتها، وكانت غرفة الاستقبال التي جلسنا فيها جميعاً، أنا وليلى وستة أولاد ووالدتها وزوجها أحمد عبدالكريم، الذي يعمل مياوماً في ورش البناء وصب الباطون، والمعروف أن هذه الأعمال تختلف عن بقية الوظائف، إذ ليس للعامل معاش شهري، لأنه يعمل بشكل يومي ومتقطع فيجني كل يوم بيومه، ليعادل يوم العمل حوالي 20 ألف ليرة لبنانية أي 13 دولاراً أمريكياً. وتتراوح أيام عمله ما بين يومين وثلاثة بالأسبوع، وفي فصل الخريف والشتاء لا يعمل أبداً، لأن مثل هذه الأعمال لا تناسبها الرطوبة والأمطار.
بدت معالم العدمية واضحة على هذه العائلة، فلا أثاث يذكر في المكان، ولم يكن هناك ولا كنبة واحدة لاستقبال الضيوف، سوى بعض الكراسي البلاستيكية، وفرشة رثّة قديمه تغطيها أوراق الجدران المتهاوية من التآكل ونش المياه. سألتها عن عدد الغرف لأفاجأ بأن الغرفة التي تستقبلني بها هي غرفة النوم والضيوف والأكل والمطبخ أيضاً، لأن ليلى تطبخ على غازٍ صغير يستعمل لغلي القهوة في المكاتب والرحلات الصيفية. ناهيك عن النوافذ المكسرة التي تسمح بدخول الجرذان والحشرات الزاحفة، والسيدة ليس بمقدورها إجراء الإصلاحات على المنزل على اعتبار أن أولويتها هي تأمين الحليب لطفلتها، وإيجار المنزل البالغ 100 دولار، فهي تصف ما تعانيه من خجل وإذلال حينما يطرق بابها صاحب المنزل ليطالبها بإيجارات البيت المتراكمة بـ”البهدلة”، وتشير الى أن الإيجار الشهري للمنزل هو 100 دولار أمريكي.
ضيق المكان يجبر الأولاد على النوم مع والديهم في ذات الغرفة، وحينما سألتها عن أعمارهم أخذت تشير لي بإصبعها على كل واحد، كان أكبرهم 16 عاماً، يليه ابن الـ14، نزولاً الى ابن السادسة والثلاث سنوات، وأنهت بالرضيعة التي تحتضنها ثم ابتلعت غصتها وهي تخبرني بأن الصغير قد مات منذ أشهر عدة.
لم أقمع فضولي في الاستفسار حول كيفية وفاته، ليتبين أن الطفل كان رضيعاً في عمر أربعة أشهر، وكان يحتاج الى عمليه طارئة (فتاق)، لا تحتمل المماطلة، وكانت تكلفتها تساوي تقريباً 686 دولاراً أمريكياً، لكن ضيق الحال وعدم حصول الوالدين على اي مصدر مساعد، ادى الى رفض مستشفى غسان حمود الطبي الواقع في مدينة صيدا علاج الطفل قبل الدفع النقدي ما حال دون إجراء العملية الجراحية ومن ثم إلى وفاة الطفل بثمن بخس، فهل من اجحاف اكثر من هذا؟
أما الرضيعة التي بين أيديها فهي حتى الآن لم تحصل على تذكرة ثبوتية (هوية) لأن ثمنها لم يؤمن حتى الساعة.
وهل من مهزلة اكثر من تلك التي تمارسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، التي تمارس سياسة تقليص الخدمات، والتي ايضاً ما عادت محجوبة، فكل بيت فلسطيني زرته حصلت منه على التعليق والاستياء نفسهما. غير ان ما يزيد الأمر تعقيداً على السيدة ليلى هو أنها لبنانية الجنسية، فتقول: “أنا آكلتها من الجهتين”.
فوكالة الأونروا ترفض علاج السيدة لأنها تحمل الجنسية اللبنانية، والعرف السائد في الشرق الأوسط ان الزوجة تنقل الى ملف زوجها وتتمتع بذات الخدمات، لكنها الأونروا التي تجحف بحق الفلسطينيين انفسهم ماذا عن حاملي الجنسيات الاخرى؟
وفي المقلب الآخر أيضاً فإن ليلى المسكينة ممنوعة من تلقي العلاج في دوائر الصحة الحكومية التي تقدم خدماتها للمواطنين اللبنانيين، على قاعدة ان زوجها فلسطيني والأنروا أولى بعلاجها.
وأكثر ما في الأمر استغلالاً للحاجة والعوز انها لجأت للبحث عن المساعدة في إحدى المؤسسات التابعة لعائلة قيادية ولها شأنها في مدينة صيدا، لكنهم أوصدوا الباب بوجهها بحجة انها لا تقترع لفريقهم السياسي في الانتخابات النيابية، ما يعني أن امامها خيار من اثنين او تموت مرضاً كرضيعها، أو تحصل على المال للعلاج بأي طريقة كانت، وهي التي تعاني من أمراض جمة في جهازها العظمي وتحديداً (الروماتيزم) نتيجة للرطوبة العالية، والبيئة القذرة التي تحيط بمكان سكنها.
والذلّ الأعمق من ذلك، هو ما واجهها في مستشفى (الهمشري) وهو مستشفى تابع للهلال الأحمر الفلسطيني بجوار مخيم عين الحلوة، يُعنى بالحالات الطبية التي تحال إليه من عيادات الأونروا، ومن لا يملك تحويلاً صادراً عن عيادات الأونروا يصبح علاجه على نفقته الشخصية.
الموضوع على الرابط
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .
المخيمات وضعها مأساوي ، اكثر من انه مياه المجاري اتمر بين البيوت والبيوت متلاصقه بطريقه تخنق الواحد ، اوضاعهم سيئه جدا ،، حطوا عندهم في الجرائد وفي الاعلام ، قناة الجزيرة حطت برنامج عنهم ولكن
و كالعاده
شاهد ما شفش حاجه ،،