طلبات الفتيات تثقل كاهل الشباب في «ليلة العمر»

المصدر – البيان: شباب تضيق في وجهه سبل العيش الكريم والاستقرار طالما أنه مهدد بتحمل تكاليف باهظة أملاً في الوصول إلى عش الزوجية.. يدفعون مئات آلاف الدراهم قبل تحقيق حلم لا مفر منه.

وهو ما ينعكس في مرات كثيرة بمزيد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي تلقى على عاتق الزوج الجديد.. وفي الطرف المقابل تشيع لدى الفتيات ثقافة تبدو حتى الآن «لا غنى عنها»، وهي التي تنحصر في حلم «ليلة في العمر»، وبالتأكيد فتلك القناعة تنجم عنها ممارسات تدفع زوج المستقبل إلى مواجهة أعباء متراكمة قبل الزواج في يومه الأول.أما في طرف العلاقة الزوجية الآخر، فقد ابتعدت عائلات كثيرة عن واقع «التحميل الزائد» للزوج في تكاليف ما قبل العرس، لا سيما وهي التي تنازلت في طلبها في قيمة المهور وارتضت لبناتها العيش المستور بما يكفل لهن ولأزواجهن مستقبلاً أكثر إشراقاً وتفاؤلاً وبعيداً عن براثن القروض والديون التي اعتادها الكثيرون.

لكن، لا تزال ثقافة بعض مناطق الدولة تحمل «المعرس» تكاليف أخرى غير المتفق عليها في العرف العربي عامة، وعند أهل هذه المناطق لا بد على العريس أن يقدم الذهب والكسوة لشقيقات العروس ووالدتها مثلما يتحمل تكاليف الشبكة وكسوة العروس وأثواب الزفاف وغيرها من الإكسسوارات التي تتشبث بقناعة «ليلة في العمر»، كما توضح راية المحرزي الرائدة في العمل التطوعي والديني والاجتماعي في هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية.وتضيف أن الأم بشكل خاص لا بد أن يكون لها دور فاعل في التخفيف عن كاهل الشباب، لا سيما فيما يخص زواج البنات ومتطلبات العصر الكثيرة، والتي في غالبها كثيراً ما تقود إلى زج الابنة وزوجها للعيش تحت قبضة الديون والقروض، وهو ما يأتي على حساب استقرار الأسرة وتفاهم الزوج والزوجة.

بحسب ما تؤكد المحرزي فإن المهر المحدد رسمياً للزواج في دولة الإمارات يبلغ 20 ألف درهم حاضراً و30 ألفاً غائباً، فيما المشكلة تكمن في ما بعد المهر والتكاليف الكبيرة التي تنفقها الأسر على متطلبات الزواج الكثيرة من حفلات وكوش وذهب وملابس وفساتين زفاف وفندق وقاعة، وكل تلك الأمور تستنزف مئات آلاف الدراهم من جيوب شباب مقبلين على الحياة ولا يملكون سوى أمل العيش والاستقرار.

تكاليف مرهقة

حمد المنصوري شاب إماراتي مقبل على الزواج، يقول إن تكاليف الزواج في دولة الإمارات تبدو مرتفعة جداً وإن قورنت مع ما هو سائد حتى في دول الخليج الأخرى، وهو ما يرهق آمال الشباب المقبلين على حلم الزواج.

مشيراً إلى أن تكاليف الزواج تبدو متفاوتة بحسب قناعة العائلات، فبينما تجد حالات تترك من يتقدمون لخطبة بناتها يواجهون خياراً مرهقاً، تلحظ في المقابل نماذج أكثر إيجابية في تعاطيها مع قضية تزويج بناتها، وهو ما حصل مع والده الذي أخذ على عاتقه تزويج بناته بمهور رمزية تبلغ 5 آلاف درهم، ناهيك عن تساهل الأسرة في ما يعنى بإكسسوارات الزواج الأخرى.

ويؤكد المنصوري أنه سعى خلال الفترة الماضية للزواج من فتاة إماراتية لكنه لم يوفق، وقريباً ساقه القدر إلى فتاة من إحدى الدول الخليجية القريبة، وهو الآن على وشك إتمام مراسم زواجه وفق أعلى المعايير السائدة في تلك الدولة، لكنه فوجئ أن التكاليف التي سينفقها من أجل الزواج هناك لن تتعدى 120 ألف درهم إماراتي، بينما شقيقه الآخر تزوج قبل سنوات قريبة وتكلف أكثر من 400 ألف درهم هنا في دولة الإمارات.

وهنا تظهر الايجابية الكبرى التي تقدمها فكرة الاعراس الجماعية وتعميم ثقافتها بين الشباب المقبلين على الزواج نظرا لما تشكله من حل ناجح لتقليل تكاليف الزواج وحفلة «ليلة العمر».

محمد الصادق شاب حديث الزواج يؤكد أنه في دولة الإمارات وبعض الدول العربية الأخرى فإن تكاليف الزواج مبالغ فيها إلى الحد الذي يجعلها عبئاً على الشباب المقدمين على هذه الخطوة، فبعض الفتيات ينحصر تفكيرهن في أن الشاب مقدم على شرائها مادياً أكثر منه معنوياً.

حيث أن كثيراً من الشباب هذه الأيام لا يستطيعون إتمام مراسم الزواج المادية لأسباب تتعلق بغلاء المعيشة وكثرة الالتزامات المفروضة عليه بفعل إكسسوارات الزواج، وهو ما يتركهم فريسة سهلة للبنوك والقروض التي حتماً ستأتي على مستقبلهم وواقع زواجهم وأبنائهم أيضاً.

«خذها بعباتها»

العنود المطوع فتاة إماراتية تؤكد أن المسؤولية في مسألة الزواج ملقاة على الزوج مثلما الزوجة، فبعض العائلات تتمسك بمقولة «خذها بعباتها» إلا أن الشاب في حالات محددة تجده يهتم بإيجاد حفلة عرس كبيرة مع مغنٍ وكوشة وقاعة وفندق وغيرها من التكاليف الأخرى، فالشباب يقلدون ويتظاهرون أمام بعضهم البعض أيضاً، مشيرة إلى أن اهتمام الفتيات بالأمور المادية المرافقة لمراسم الزواج يبدو أكبر وأكثر سلبية مما هو موجود لدى الشباب.

المشكلة بنظر العنود أن الفتاة هذه الأيام مهتمة بما يسمى «البراند» أو الماركات العالمية وتراها تحرص على أن تظهر بالشكل الذي تريده أمام قريباتها وصاحباتها في «ليلة العمر»، واليوم درجت موضة جلب فساتين الزفاف من لندن أو من دول عربية أخرى، ولكن المفيد في مثل هذا الأمر أن فستان الزواج المستورد يكلف سبعة آلاف درهم بينما الفساتين المتوفرة في الدولة تتطلب مبالغ طائلة وتتراوح قيمتها بين 20 و30 ألف درهم.

وتوضح المطوع أن الفتاة تبدو مهتمة في الظهور بأبهى الصور العصرية في يوم زفافها، وهذا الأمر مرده إلى الغيرة المتولدة بين الفتيات، وإيمانهن المطلق أن كلمة الزفاف تعني «ليلتي الوحيدة».

مشيرة في الوقت نفسه أن الحاصل هذه الأيام يكمن في قناعة مبدئية تترسخ لدى الفتيات بعدم التبذير والبذخ في إكسسوارات الزواج، وتلك القناعة ناجمة من معطيات العصر التي تشهد غلاءً غير مبرر في مختلف نواحي الحياة، وهو ما يتسبب كثيراً في وقوع أزواج جدد في فخ القروض والبنوك التي لا تنتظر المستقبل الذي يحلم فيه الشباب الفتيات هذه الأيام.

شباب يضعون الزواج في خانة الاتهام

قديماً كانت الفتاة تتزوج بأقل التكاليف، وكل ما تتطلبه رحلة الانتقال من بيت أبيها إلى عش الزوجية لم يكن يتعدى الثوب والكندورة وسروال البدلة التقليدي والعباية والشيلة، مع القليل من الذهب التقليدي في اليدين وحول العنق وإكسسوارات أخرى على الرجلين، أما اليوم فصار لزاماً على «المعرس» أن يختار لشريكة حياته قاعة واسعة وفاخرة منذ الأيام الأولى للخطبة، تليها كميات مبالغة من الذهب وذلك بعد مهر مبالغ فيه لدى البعض، ثم توفير مبالغ طائلة لشراء أو استئجار فستان الزفاف.

وما يتبع ذلك من ملابس وإكسسوارات وحفلات لا تبقي ولا تذر، وكل ذلك كما يؤكد مواطنون يضع الزواج في خانة الاتهام والإحجام من قبل شباب يجدون أنفسهم يسيرون في العمر دونما يلتفتون إلى الاستقرار في تكوين أسرة وتربية أجيال، لذلك صار لزاماً على الأسر الإماراتية أن تنظر بعين أكثر واقعية إلى مستقبل بناتها في عش الزوجية

7 thoughts on “طلبات الفتيات تثقل كاهل الشباب في «ليلة العمر»

Comments are closed.