في أعداد سابقة انتقدنا تلفزيون أبوظبي في مقالين متتاليين ومن ثم وجهنا رسالة مفتوحة لرئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي للإعلام مطالبين بإعادة النظر فيما يبث من برامج، وأن يكون من يمثلنا إعلامياً محلياً ودولياً هم أبناء البلد، وأن نشاهد على قنواتنا ما يمثلنا كإماراتيين وخليجيين، وفي منح المواطنين فرصة في الشركة التي مالت كفتها ناحية جنسيات معينة وتتحدث القناة بلسانهم حتى أصبحت قناتهم وليست قناتنا .
وكنا نتوقع من هذه الشركة كونها شركة إعلامية أن تتقبل الانتقاد وأن تراجع أوجه الخلل التي أشرنا إليها أو تحاول الرد عليها لنفي ما ذكرناه في نقدنا، وذلك عملاً بمبدأ حرية الرأي وسماع الرأي الآخر، وهو من المبادئ التي تنادي بها شركة أبوظبي للإعلام وتطبقها عندما تريد أن تنتقد الآخرين، وعندما وصل رأينا ورأي الناس إليها توقعنا منها تحركاً سريعاً لتصحيح الأخطاء وذلك لمصلحة الدولة أولاً ومصلحة الشركة ثانياً كونها شركة وطنية .
وفعلا تحركت الشركة سريعاً بقيادة المستشار العام للشؤون القانونية حازم قاقيش برفع قضية ضد المجلة لإسكاتنا عن المطالبة بهذا الحق، ضارباً بعرض الحائط توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد حفظه الله التي تقول:( لا تساهل ولا تهاون مع كل ما يهدد قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا ولغتنا الوطنية التي هي قلب الهوية الوطنية ودرعها وروح الأمة وعنصر أصالتها ووعاء فكرها وتراثها)
فإذا كانت هذه الشركة الإعلامية لا تحافظ علي هويتنا ولاعاداتنا ولا تقاليدنا و لا تقبل الانتقاد أو حرية الرأي فمن وجهة نظري لا تصلح أن تعمل في الإعلام، لأنها تفتقر إلى الهدف من الإعلام.
فمن ذلك المنطلق تحدثت (مجلة حطة)، ومن ذلك المنطلق تحدث القراء، ولا أحد يملك الحق في مصادرة رأي الناس ومنعهم من التعبير عن ما يدور في صدورهم، فما تريده الشركة الإعلامية هو أن يبقى ما في الصدور في الصدور ولا يخرج إلى العلن. وإلا فلماذا المستشار القانوني قاقيش يقود الشركة نحو القضاء من أجل إغلاق (مجلة حطة) ويطالب بمعرفة أسماء الناس الذين كتبوا التعليقات وأكثرهم مواطنون يعملون في الشركة. فهل يريد معرفتهم كي يكافئهم ويشكرهم مثلا ؟ طبعاً الجواب واضح فهو يريد إسكاتهم ومعاقبتهم، ولا يريد أن تصل أصواتهم لأولياء الأمر .
المضحك أن المستشار القانوني ذهب إلى (هيئة تنظيم الاتصالات) بنفسه طالباً من الهيئة إغلاق المجلة وطلب بأن تمنحه الهيئة معلومات ( الآي بي ) لمن دخلوا إلى المجلة وكتبوا فيها وأن يكشفوا له أسماء أصحابها؛ ورفضت الهيئة لأن ذلك مخالف للقانون بالطبع!
إنه حتى من لم يدرس القانون يعرف أن مثل هذا الطلب يجب أن يكون بقرار قضائي وموجه من المحكمة إلى الهيئة. فهل المستشار القانوني الذي هو من المفترض أن يكون أكثر الناس إلماماً بالقوانين والإجراءات لا يعرف هذا القانون؟ أم يا ترى ظن أنه فوق القانون؟
عموماً إن تحريكهم دعوى ضدنا لن يوقف أقلامنا، لأن هدفنا المصلحة العامة للبلاد ولن نسمح لأي شخص أن يتلاعب بهويتنا الوطنية، ومن يريد إسكاتنا هدفه المصلحة الشخصية، خاصة أننا نملك الكثير لنتحدث عنه ونكشفه، فلقد تواصل معنا عدد كبير من موظفي الشركة الغيورين على شركتهم وبلادهم، وأمدونا بمعلومات سنكشفها في وقتها المناسب.
ومن هذا الكثيرالذي نملكه هو نسخة من اللائحة القانونية الداخلية للشركة، والتي تم وضعها من قبل إدارة الشؤون القانونية وإدارة الموارد البشرية في الشركة وكلتاهما تقعان تحت إدارة اثنين من غير المواطنين، وإن الحديث عن هذه اللائحة يحتاج إلى سلسلة من المقالات، ارتأيت أن أتحدث في هذا المقال عن مادتين فيه وأعدكم بالمزيد في المقالات القادمة .
لتقرأوا معي المادة رقم 145 من الباب الثاني عشر: ينبغي على كافة الموظفين خلال ساعات العمل الرسمي المحافظة على المظهر العام والالتزام بارتداء ملابس لائقة ومحتشمة تتلائم ومتطلبات وظائفهم والعادات والتقاليد السائدة بالدولة .
لقد قمت مؤخراً بزيارة شركة أبوظبي للإعلام فظننت نفسي على شاطئ البحر! السيد المستشار العام للشؤون القانونية هل عادات وتقاليد دولة الإمارات هي لبس التنورة لفوق الركبة أوالبنطال الشفاف؟ أم هو بنظرك لباس محتشم وفق التقاليد السائدة في الدولة؟ أم أن حضور بعض الأجانب للعمل بالشورت يعتبر بنظرك زياً رسمياً للعمل؟
ثم إنه لمن المضحك المبكي أن تدخل إلى شركة إماراتية لتجد لافتات فيها تقول : (ممنوع التزلج) و (ممنوع إدخال الكلاب) و (ممنوع إدخال المشروبات الكحولية) ! لا أعتقد أنها وضعت بدون أن تكون ضرورية !

أما المصيبة فهي في (المادة رقم 55 الباب الرابع ) التي تقول : يصرف بدل الرسوم الدراسية سنويا للموظفين غير المواطنين لتعليم أبنائهم في المدارس داخل دولة الامارات العربية المتحدة وخارجها . ويتم صرف النفقات التعليمية في حالة كون المدارس موجودة خارج الدولة إلى حساب المستفيد مباشرة شريطة توفير كافة مستندات الفواتير ذات الصلة وبيانات تحويل المدفوعات .
ويكون الصرف كالآتي: من الرئيس التنفيذي إلى الدرجة الرابعة : مبلغ 10000 عشرة آلاف + 75 % من قيمة الفاتورة المتبقية وبدون حد أقصى لعدد الأبناء. ومن الدرجة الخامسة إلى العاشرة مبلغ 8000 درهم بحد أقصى 3 أبناء.

داخل الدولة قبلناها وبلعناها أما خارج الدولة فهذه جديدة جداً ولأول مرة نسمع بها ! تخيل أخي القارئ أن دولتنا تصرف مبالغ لتعليم أبناء الموظف وهم في بلدهم . يعني يتعلمون على حساب الدولة وهم لم يعيشوا فيها ولا يعرفونها وبالتالي لن يكون لهم أي ولاء لها ولا محبة وليس بينهم وبينها علاقة ولن تكون بالنسبة لهم إلا تلك الدولة البعيدة التي ( يتنعمون بمالها).
حتى دول العالم الأول المعروفة باستقطاب العقول العبقرية والمفكرة والمبدعة لا تصرف “للعبقري” أموالاً لتعليم أولاده في دول أخرى ! إنما شركة أبوظبي للإعلام سبقت كل هذه الدول لأن من وضع هذا البند يريد مصلحته قبل أي شيء آخر!
ثم إن الرئيس التنفيذي وحتى الدرجة الرابعة (أكثرهم وافدون) يحصلون على رواتب شهرية لا تقل عن مائة ألف مع مسكن فخم وأثاث وتذاكر سفر للعائلة كلها وتعليم أولاد، بحسبة بسيطة .. الموظف الواحد منهم يكلف الدولة ما لا يقل عن نصف مليون درهم شهرياً، لكن هل يكتفون بذلك ؟ .. لا .. إنهم يريدون للشركة أن تدفع لتعليم أولادهم حتى وهم لا يعيشون في الدولة وبدون أي حد أقصى ولا عدد محدد للأولاد.

بقلم : أحمد محمد بن غريب

36 thoughts on “عجائب وغرائب شركة أبوظبي للإعلام

  1. سؤال محيرني..

    على كثر ما تهاجم هذه المؤسسة على سلبياتها..

    بالصحف والدوريات والمواقع الإلكترونية..

    إلا..

    أنني ملاحظتنها عالية بشموخ السحاب..لا يهزها ريح..

    غريبة..

    معقولة لم تصل لأولي الأمر..يعني..!!!!!!!!!!!

Comments are closed.