السلام عليكم

التكلم بالعواطف لن ينقذ دبي من أزمتها، وصحيح أن دبي العالمية ليست هي نفسها حكومة دبي لكن تأثير أزمة دبي العالمية كشركة أثر على اقتصاد الإمارات وأصبحت دبي كحكومة معنية بالأمر لحماية اقتصادها، وأصبحت الإمارات ككل معنية أيضا.

لذلك يجب علينا المناقشة بحيادية تامة والتعلم حتى من المقالات التي تسيء للإمارات، ولا تقرؤا بعوطفكم لكن فكروا فيما نقرأه هل فعلا صحيح ما يتم نشره عبر وسائل الإعلام المختلفة؟ أم أنها مجرد اتهامات مغرضة؟
إذا كانت هناك بعض النقاط الحقيقية والتي أثرت بشكل سلبي فعلينا التعلم كيفية معالجتها وعدم الوقوع فيها مرة ثانية، فهذه هي الطريقة الفعالة الوحيدة في التعاطي بإيجابية عند صدور الأخبار السلبية، والدفاع العاطفي عن دبي أو أي مدينة في الإمارات ليس مجديا ولا يساعد أحد في دفع الأزمة بعيدا.
وجميل أن تكون ثقتنا عالية بالله عز وجل قبل كل شيء ثم بالإمارات، لكن أعود وأقول بأن العاطفة لا تفيد بل يجب علينا مواجهة أخطائنا والتعلم منها

أقرؤا المقال التالي بعقلانية ولا تدخلوا العاطفة أثناء قراءتكم، فأنا شخصيا لست أوافق كاتب المقال على جميع النقاط لكن أقر بأن هناك نقاط كثيرة تم أخذها على الإمارات

1. كان هناك تبذير واضح وكذلك بالإفراض في الإقراض وربما عدم حكمة من صرف الأموال في استثمارات أجنبية خاسرة لا تخفى على أحد، سواء من قبل حكومة دبي أو من قبل أبو ظبي وتم ذكر بعضها في المقال كالاستثمار في متحف شمع، أو في نادي كرة قدم.
2. للأسف تم الاستثمار في بعض الاستثمارات المحرمة وغير المشروعة، مما جعل الإمارات تدخل موردا محرم لأنه ربوي بالإضافة إلى أنه اصله حرام كالإرادات من نوادي القمار، وعندما هان علينا شرع الله، هنّا على الله

فيما يلي المقال الذي كتب في جريدة الأخبار:
لقد سمع العالم عن انهيارات دول في أميركا اللاتينيّة وروسيا، كانت حينها تُحدث صدمات محدودة، ولكن بعد سلسلة الانهيارات الاخيرة وبداية التضعضع في القطاع المصرفي العالمي، أحدث إعلان دبي عن سعيها إلى إعادة جدولة ديون مستحقّة على إحدى شركاتها في 14 كانون الأوّل 2009، صدمة وصلت إلى الأسواق العالميّة. لماذا؟

حسن خليل
خلال السنوات العشر الأخيرة، بدت دبي وكأنّها إنجاز عربي فريد، وبدا أهل الخليج ليسوا بوصفهم مجموعة قبائل وبدو، وإنّما عرّابي الحداثة. غدت دبي ملجأ لمن يطوق من المحترفين والمصرفيّين للتوظّف أو التوظيف. تحوّلت الصحراء إلى مطار وأبراج ومكاتب ومساكن وملاعب غولف وفنادق وأوتوسترادات… وما إلى ذلك من سبل العمل والرفاهيّة.
لم يعد خافياًَ أنّ دبي اصبحت موضع حسد كلّ الخليج، بما فيه الإمارات الستّ المجاورة لها، والتي لم تنتبه إلى سوء الإدارة الماليّّة للإمارة، فاتبعت نموذجها من دون احتساب المخاطر، تماماً كما فعلت هي.
لا يمكن على الإطلاق فهم وتحليل ما الذي أدّى بدبي للوصول إلى هذا الواقع المالي إلّا من خلفيّة سيكولوجيّة لا غير، فكلّ الإنجازات التي قامت بها هذه الإمارة كانت بالفعل مدهشة، وبات واضحاً انّها لو اكتفت بتقويم وترتيب بيتها الداخلي، لما وصلت إلى ما وصلت إليه الان.
أسئلة عديدة يجب أن تجيب عليها إمارة دبي خلال الأيّام المقبلة. وسيطرح من حاول تقليدها الأسئلة نفسها على حاله.
لا شكّ أنّ ذنب دبي ليس فقط في اقتراضها المفرط، ولكن أيضاً في غياب الإدارة النوعية والمرجعيّة القانونيّة والشفافيّة والمحاسبة، وكذلك في القيادات الادارية، وما يُكتب اليوم عن دبي، يمكن أن يكتب عن جميع الإمارات والدول في الخليج والعالم، ولا سيما تلك التي اعتقدت أنّ دبي هي نموذج يمكن الاحتذاء به.

مصدر الأزمة

الأزمة الماليّة في دبي ليست الأولى ، بل تأتي ضمن سلسة من الإفلاسات المصرفيّة والمؤسّساتيّة في العالم أجمع. وكلّ هذا بسبب جريمة الإقراض المفرط leverage، فقد سقطت حدود اقتراض المستهلك والشركات والمؤسّسات وصولا إلى الحكومات.
هل هناك من يذكر أنّه عندما أفلس مصرف “Lehman Brothers” كان مقترضاً أكثر من 33 ضعف قيمة رأسماله؟ وهذا الرقم يندرج على باقي المؤسّسات المصرفيّة العالميّة. وغير معلوم حتّى اليوم ما هو قعر سلّة اقتراض وإقراض المصارف العالميّة.
كانت الأمور تسير على ما يرام طالما أنّ أسعار القروض تُغطّى في ارتفاع أسعار الأصول الذي بدوره كان يؤدّي إلى مضاعفة حجم القروض.
يُمكن للمرء أن يتفهّم جشع طرف ما لا يملك فيمارس هذا النموذج ويتحمّل عواقبه. ولكن لا يمكن تفهّم ممارسة دول الخليج لهذا النمط حيث فيها ما يكفيها لأجيال مقبلة.
استطاعت دبي أن تعوّض عن ضمور وجود دخل نفطي لديها من خلال توجيه اقتصادها ليكون خدماتياً من الطراز الأوّل تشبّهاً بسنغافورة وهونغ كونغ.
لماذا بعد كلّ هذه الإنجازات، تضطرّ دبي إلى تملّك أسهم في متحف الشمع “مدام تيسوه” وشركة “دونكستر” للهندسة وشركة “شعاع” للوساطة الماليّة و”بنك مسقط” وغيره… ناهيك عن تملّك فنادق في نيويورك وكأنّ فنادقها لا تكفيها!
ولكن يبدو أنّه بعدما فقد رقم المليون دولار احترامه، التحق به رقم المليار دولار.

مسار الأمور

أعلنت دبي عن قرارها التوقّف عن خدمة دين ودفع استحقاقات ديون شركة “دبي العالميّة” (Dubai World)، حتّى أيّار 2010. وتبلغ قيمة تلك الاستحقاقات 59 مليار دولار موزّعة على 91 شركة تعمل تحت مظلّة دبي العالميّة. هذا المبلغ عبارة عن حوالي 40 مليار دولار سندات وقروض، و19 مليار دولار حسابات دائنة للمتعهّدين والمقاولين والممولين.
أمّا مجموع القروض المصرفيّة والسندات المترتّبة على لـ”Dubai inc.” (الحكومة والعائلة المالكة في دبي) فيبلغ 73 مليار دولار، يُضاف إليه المترتّبات الناتجة عن التسهيلات من مقاولين ومتعهّدين الذي يرفع الرقم بالحدّ الأدنى إلى 80 مليار دولار.
توزّعت ديون “Dubai inc.” على شركات مماثلة لبعضها البعض أنشأها حاكم الإمارة لتتنافس في ما بينها، في مجالات متعدّدة تخرج عن الهدف الذي أنشئت من أجله. فـ”دبي العالميّة” التي كان يرأسها سلطان السليم (أقيل مع رئيس مؤسّسة “استثمار دبي” محمّد الشيباني، ورئيس “إعمار” محمّد العبّار، من المناصب الإداريّة التي كانوا يشغلونها) كانت شركة قابضة لشركات استثماريّة أخرى من غير فهم مبرّرات ذلك مثل “استثمار” و”شركة استثمار دبي” (DIC) و”نخيل” و”شركة ميناء ومنطقة حرّة جبل علي” (JAFZA)، فضلا عن الشركة العملاقة «اعمار».
وفي المقابل أوجد حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، شركة “دبي القابضة” برئاسة محمّد القرقاوي الذي أصبح وزير دولة، لتتملّك “تطوير” و”سما دبي” (شركتان عقاريّتان متنافستان) و”مجموعة دبي البنكيّة” (DBG).
ثمّ أسّس “مجلس دبي للاستثمار” (ICD) التي بدورها تملّكت في “بنك الإمارات الوطني” (بعد دمجه مع “بنك دبي الوطني”) و”دبي للألومنيوم” (DUBAL)، وفي مجموعة البورصة الأوروبيّة “OMX” و”بورصة دبي” (DFM).
شركات متنافسة بين بعضها البعض في المجالات نفسها. فمن غير المفهوم ما هو منطق تأسيس هذه الشبكة العنكبوتيّة من الشركات، التي يلفّ معظمها الغموض، وتزداد أهميّة التشابك الغامض لحدود ملكيّة الحكومة مع ملكيّة العائلة. وهذا العامل هو أكثر ما يقلق الدائنين في حال اضطرّوا للجوء إلى محاكم لتحصيل حقوقهم حيث أنّ غالبيّة القروض والسندات كانت تصدر على أساس أنّ كلّ هذه الشبكة العنكبوتيّة تتمتّع بضمانة مباشرة من الحكومة والعائلة ناهيك عن الضمان غير المباشر لحكومة دولة الإمارات أي أبو ظبي، وكل ذلك من دون مرجعية قانونية او اليات شفّافة لتسجيل الاصول وتحديد «من يملك ماذا؟».
ما حصل في دبي، ضرب سمعتها الماليّة، بل ضرب أيضاً سمعة باقي البلدان الخليجيّة. والأكيد انّ وقتاً طويلاً سيمرّ قبل أن تستطيع دول الخليج الاقتراض بالفوائد نفسها التي تمتّعت بها قبل أزمة دبي.

الخيارات المتاحة

كان ملفتاً للانتباه أن إعلان دبي إعادة هيكلة ديون “دبي العالمية”، صدر بعد إغلاق الأسواق والمصارف لأنّه لو تمّ عكس ذلك، لبرزت علامات استفهام حول إمكان صمود القطاع المصرفي.
لذلك اضطرّ المصرف المركزي الإماراتي أمس (يوم عطلة!) إلى الإعلان عن ضخّ سيولة في النظام المصرفي اليوم خوفاً من تبعات لا تحمد عقباها.
غموض يلفّ علاقة دبي بأبو ظبي، فحاكم دبي كان قد عقد مؤتمراً صحافياً قبل أسبوع معلناً أنّ الإمارتين جسم واحد وأنّ دبي لن تتخلّف عن سداد التزاماتها وبعدها بأربعة أيّام حصلت دبي على قرض بقيمة 5 مليارات من مصرفي “بنك أبو ظبي الوطني” و”بنك الهلال”. يضاف إليها ملياري دولار كانت قد حصلت عليها من اكتتاب دولي.
وإلى أن تتضح صورة العلاقة بين الإمارتين بات أمامهما، وليس أمام دبي وحدها، أربعة خيارات:
1 – العودة عن الإعلان السابق والالتزام بسداد كلّ الديون، وهذا أمر مستبعد.
2 – إعادة جدولة منظّمة للديون إنّما طبقاً لبرنامج زمني محدّد يبدأ في العام 2010. وهذا أفضل السيناريوهات.
3 – إعادة هندسة الديون مع محو جزء منها وتأجيل دفع الجزء الآخر كما حصل مع بلدان أخرى. وهذا سيناريو عواقبه وخيمة.
4 – ترك الأمور على حالها مع كلّ الفوضى المترتّبة عليها، تدخل دبي بموجبها في نفق مظلم ولا يمكن تقدير العواقب، وهذا مستبعد أيضاً.

التأثيرات على لبنان

ما حصل في دبي سيلفت الانتباه إلى مديونيّة كلّ دول المنطقة، وقد يكون ما حصل جرس إنذار لمن يريد أن يعتبر في لبنان.
حكومة الوحدة الوطنيّة ستأخذ الثقة قريباً وفيها وزراء إنتاجيّون، وهناك قطاع مصرفي متماسك وكتلة نقديّة كبيرة. عوامل تشكّل فرصة ذهبيّة لصحوة ضمير عند المسؤولين بأنّ على لبنان أن يستبق الأزمات ويستفيد من كلّ الإيجابيّات الحاليّة لإدارة الدين العام، وإلّا يكون قد ضيّع فرصة ذهبيّة كما فعل في السابق. إيّاهم أن يتوهّموا أنّ لبنان معجزة وبأنّه خارق وعاصي. ومن يُقرض 3 أضعاف رأسماله لمقترض واحد لا يحقّ له أن ينظّر على الآخرين.
سياحياً سيستفيد لبنان من أزمة دبي غير أنّه سيتضرّر عبر طرد بعض العاملين في الشركات العاملة هناك.
هل هناك من يسمع أم أنّ “الشطارة” تبرز فقط في إلقاء اللوم على الآخرين؟

——————————————————————————–

دول الخليج

ما مارسته دبي تمارسه أيضاً بلدان أخرى في منطقة الخليج. فإمارة أبو ظبي دفعت حوالي مليار دولار لاستقدام متحف اللوفر لخمس سنوات، ومليار دولار لاستملاك نادي كرة القدم الإنكليزي “Manchester City”. أمّا شركاتها، “آبار” و”طاقة” و”مبادلة” و”شبكة التطوير السياحي”، فلا تختلف عن شبكة شركات دبي العنكبوتيّة، تتنافس بين بعضها البعض في مجالات غير التي أسّست من أجلها لتستملك مثلاً في مجموعة سباق السيّارات “Brown GP” في الـ”Formula One” اسمها ، وشركة “Ferrari” و”AMD” المنتجة للشرائح الإلكترونيّة، وهذه الشركة شبه مفلسة. إضافة إلى شركة “Virgin – Aerospace” للفضاء، والتي دُفع ثمن ربعها حوالي 200 مليون دولار لغرض نقل ركّاب الأرض إلى الفضاء مستقبلاً.
ناهيك عن “هيئة أبو ظبي للاستثمار” و”شركة أبو ظبي للاستثمار” و”المجلس الاستثماري لأبو ظبي”.
أمّا الكويت فالمؤسّسات الاستثماريّة الخاصّة فيها كانت سبّاقة في عمليّات الاستملاك غير المجدية منذ ثمانينيّات القرن الماضي. وفي المقابل، كانت استثمارات الجهاز الحكومي للاستثمارات جيّدة إنّما أطيح بها نتيجة حرب الخليج.
قطر استفادت من إنقاذ مصرف “Barclay’s” البريطاني لتجني 250 مليون جنيه استرليني ربحاً خلال أشهر، ولكنّها خلال أيّام الفورة بالغت في استثماراتها العقاريّة وغطست في محاولة تملّك مجموعة “Sainsbury”.
السعوديّة كانت البلد الخليجي الوحيد تقريباً الذي لم ينجرف في إغراءات الاقتراض بل جمّع احتياطيّه النقدي واستثمره في اقتصاده الداخلي أو في سندات الخزينة. ولكن من سوء حظّه أن تبرز لديه أزمة مجموعتي “أحمد حمد القصيبي و”سعد” (معن الصانع) اللتان ترزحان تحت عبء مديونيّة غير معروف حتّى الآن حجمها الحقيقي غير أنّها تقدرّ بـ30 مليار دولار في الحدّ الأدنى لـ40 مصرف. وهناك شائعات عن ضغوطات تمارسها مصارف أجنبيّة على حكوماتها للضغط على الرياض لإعلان نيّتها معالجة هذه الأزمة الائتمانيّة.
… قد يبرز من يقول أنّ صاحب المال حرّ في صرفه وتصرّفه، ولكن للمرّة الأولى سيتعرّض الخليج الغني بالنفط والمال، لملاحقات قانونيّة نتيجة تصرّفه بأموال الآخرين. الاقتراض عادة ما يكون حاجة ماسّة للمقترض لا لأن يشفي غليله في متاهات الأرقام الخرافيّة من أطول برج، وأكبر سوق تسوّق، وأكبر فندق، وأكثر عددد ملاعب غولف… لم يكن الخليج باستثناء السعوديّة (ترزح الأخيرة تحت ضغط سكّاني وبطالة ونقص في العقار) في حاجة إلى تلك الفورة العقاريّة غير المنطقيّة القائمة على وهم المنافسة من دون الأخذ بعين الاعتبار لا الجدوى ولا المخاطرة.

ط§ط²ظ…ط© ط¯ط¨ظٹ: ط¶ط*ظٹظ‘ط© ط¬ط¯ظٹط¯ط© ظ„ظ„ط§ظ‚طھط±ط§ط¶ ط§ظ„ظ…ظپط±ط· | ط¬ط±ظٹط¯ط© ط§ظ„ط£ط®ط¨ط§ط±

2 thoughts on “عنوان في جريدة الاخبار: ازمة دبي: ضحيّة جديدة للاقتراض المفرط

Comments are closed.