تشكيل لجنة لصياغة توصيات “ندوة زكاة الأراضي”.. د. الشبيلي لـ “الاقتصادية”:
فقهاء يجمعون: لا زكاة على المساهمات العقارية المتعثرة
أجمع عدد من الفقهاء والمختصين وأعضاء في لجنة الزكاة في الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، على عدم وجوب زكاة على المساهمات العقارية المتعثرة، على اعتبار أنها أموال ليست تحت تصرف المكلف، كما أنها أموال غير نامية وهي تشبه المال المعدوم الذي لا يستطيع الحصول عليه.
ويأتي هذا الرأي الفقهي في الوقت الذي أشارت فيه دراسة إحصائية لعدد المساهمات العقارية المتعثرة ما بين عامي 1395هـ و1424هـ، إلى أنها تجاوزت 134 مساهمة عقارية متعثرة في الرياض والمنطقة الشرقية، قدرت قيمة استثماراتها بنحو 5.80 مليار ريال. وأكد لـ “الاقتصادية” الدكتور يوسف الشبيلي عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء عضو داعم للهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، خلال ندوة “زكاة الأراضي والمساهمات العقارية المتعثرة”، التي نظمتها لجنة الزكاة في الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل في الرياض، أنه سيتم الرفع بالتوصيات التي خرجت عن الندوة، التي من ضمنها عدم وجوب الزكاة على المساهمات العقارية المتعثرة إلى مقام الهيئة الإسلامية للاقتصاد والتمويل للبت فيها.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
أجمع عدد من المختصين في القضاء وأعضاء في لجنة الزكاة في الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، على عدم وجوب زكاة على المساهمات العقارية المتعثرة، على اعتبار أنها أموال ليست تحت تصرف المكلف، كما أنها أموال غير نامية وهي تشبه المال المعدوم الذي لا يستطاع الحصول عليه.
ويأتي هذا الرأي الفقهي في الوقت الذي أشارت فيه دراسة إحصائية لعدد المساهمات العقارية المتعثرة ما بين عامي 1395هـ و1424هـ، بأنها تجاوزت الـ 134 مساهمة عقارية متعثرة في الرياض والمنطقة الشرقية، قدرت قيمة استثماراتها بنحو 5.80 مليار ريال.
وأكد لـ “الاقتصادية” الدكتور يوسف الشبيلي عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء عضو داعم للهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، أن عددا من المختصين توصلوا إلى اتفاق في الرأي بعد دراسة وبحث عدد من المسائل فيما يتعلق بالوعاء الزكوي للمشاريع الاقتصادية، بأنه لا زكاة في المساهمات العقارية المتعثرة.
وأوضح الشبيلي خلال ندوة “زكاة الأراضي والمساهمات العقارية المتعثرة” التي نظمتها لجنة الزكاة في الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل في الرياض، أنه سيتم الرفع بالتوصيات التي خرجت بها الندوة والتي من ضمنها عدم وجوب الزكاة على المساهمات العقارية المتعثرة، إلى الهيئة الإسلامية للاقتصاد والتمويل للبت فيها، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه تم تشكيل لجنة لمتابعة تلك التوصيات ليتم تدوينها وعرضها على أعضاء الهيئة للمصادقة عليها.
وقال: “إن الندوة خلصت إلى الأصل الشرعي في الأموال الزكوية وما يجب فيه الزكاة وما لا يجب، كذلك حكم زكاة الأراضي التجارية وحكم إذا قلب الشخص نيته في الأرض التي يتملكها إن كان بقصد التملك والاقتناء، أو عكس هذه النية وقصد بها التجارة، وهل تصبح من عروض التجارة، كما خلصت الندوة إلى حكم العقارات المدخرة لفترات طويلة هل تجب الزكاة فيها أو لا”.
واستعرض الدكتور فهد المشعل عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية خلال الجلسة الثانية للندوة، بحثا عن زكاة الأرض عند الفقهاء، والذي قصد به بيان أحكام الزكاة المتعلقة بالأرض المملوكة الخالية باختلاف أنواعها واختلاف مقاصد الناس فيها.
وخلص المشعل إلى أن الأراضي المملوكة إذا قصد بها التجارة صارت عروض تجارة، ووجبت فيها الزكاة في قول عامة أهل العلم، وهذا الحكم تؤيده النصوص العامة والخاصة من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة، وعليه اتفقت المذاهب الأربعة.
وقال: “إن عدم وجوب الزكاة في العروض قول “شاذ”، ومخالف لما تقتضيه المصلحة العامة التي قصدها الشرع في الزكاة”.
وأبان المشعل أنه يشترط لوجوب الزكاة في الأراضي شرط واحد فقط، هو نية التجارة بها، بأن ينوي بيعها للحصول علي المال، نية لا تردد فيها. وأضاف قائلا: “ليس من شرط صحة هذه النية عرضه على مكتب عقاري أو وضع لافتات عليها ونحو ذلك، بل يكفي إضمار بيعها في الوقت المناسب”.
وزاد أن الغالب من شراء الأراضي عدم نية التجارة، وفي هذه الحالة لا توجب الزكاة في الأرض، ومن ذلك نية بنائها للسكن أو للإيجار أو نية زرعها أو غرسها أو جعلها استراحة أو مستودعا أو مواقف أو نحو ذلك، كما أنه لا يشترط لزكاة الأرض أن يملكها بفعله كالشراء والصلح والخلع وقبول الهبة أو الوصية، بل متى دخلت ملكه بأي سبب كان، ثم نوى بها التجارة وجبت فيها الزكاة.
وقال: “يشترط لوجوب الزكاة في الأراضي المعدة للبيع استمرار نية التجارة بها إلى نهاية الحول، ولو نوى الاقتناء انقطع الحول، فإن عاد ثم نوى التجارة استأنف حولا آخر”.
وأوصى المشعل تجار الأراضي بتقويم أراضيهم المعدة للبيع كل عام، سواء كانت رائجة أو كاسدة، ويكون التقويم بسعر يومها في نهاية كل حول، ويبدأ حولها منذ ملك ثمنها إذا كان ثمنها مما تجب فيه الزكاة، ومقدار زكاة الأراضي ربع عشر قيمتها 2.5 في المائة كالنقود لأنها تقوم مقامها وهي وسيلة إليها.
134 مساهمة عقارية متعثرة
من جهته قدر الدكتور يوسف القاسم أستاذ الفقه المساعد في المعهد العالي للقضاء، عدد المساهمات العقارية المتعثرة في منطقة الرياض والشرقية بأنها 134 مساهمة، وبقيمة بلغت 5.80 مليار ريال وذلك منذ عام 1395هـ وحتى 1424هـ، كان نصيب الرياض منها 114 مساهمة بقيمة 80 مليون ريال والخمسة مليارات الباقية في المنطقة الشرقية، لكنه قال: “إن هذه الإحصائية ليست دقيقة نظرا لأنه طرأ عليها بعض المستجدات”.
المماطلة في تصفية المساهمة
ولخص القاسم في ورقة العمل التي قدمها خلال الندوة بعض الأسباب التي تؤدي إلى تعثر المساهمات العقارية وهي إما تلاعب مدير المساهمة بأموال المساهمين، وإما تجميد تلك المساهمات العقارية من قبل الجهات الرسمية، إما لمخالفات نظامية، وإما لتظلم بعض المساهمين لدى الجهات المختصة ضد القائمين على تلك المساهمات، بسبب المماطلة في صرف مستحقاتهم المالية، وإما لظهور خصومة في ذلك العقار، وإما لعدم كفاءة بعض القائمين على هذه المساهمات، ودخولهم غمار تجارة المساهمات العقارية دون سابق خبرة أو تجربة، ودون دراسة للجدوى الاقتصادية من هذه المساهمة أو تلك، أو لغير ذلك من الأسباب التي أسهمت في خلق هذا النوع من المساهمات، وقد ترتب على هذا الواقع المحفوف بالتعثر العديد من الإشكالات، ومن ذلك حكم زكاة هذه الأسهم المتعثرة.
وقال: “إنه يجب علينا أن ننظر إلى السبب المؤدي إلى هذا التعثر، وإلى واقع المال المتعثر، هل تحول من نقد إلى عروض، أم لا؟ فتعثر المساهمة يكون أما بسبب مدير المساهمة، وإما بسبب طرف خارجي كالدوائر الحكومية المختصة، فإن كان بسبب المدير، وكان التعثر ناتجاً من كساد العقار، فهذا تجب فيه الزكاة كل عام لأن لأسهم هذا العقار قيمة سوقية، ويجوز للمساهم أن يبيع نصيبه ولو بالعقد من الباطن”.
ولفت القاسم إلى أنه إذا كان التعثر ناتجاً من مماطلة المدير في تصفية المساهمة، فهذا يخرّج حكمه على مماطلة المدين للدائن، وأثره في وجوب الزكاة عليه، وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال، وتبين أن الراجح في هذه المسألة عدم وجوب الزكاة في دين المماطل، وبالتالي فإن المساهمات إذا كانت متعثرة بسبب مماطلة المدير في تصفية المساهمة، فإنه لا تجب فيها الزكاة، وإذا انفك التعثر، وعادت الأموال إلى أربابها، فإنه يستأنف بها حولاً، ولا تجب الزكاة فيها لما مضى. وقال: “وإن احتاط لذمته وزكاها إذا قبضها لسنة واحدة كان أولى، ولاسيما أنه يشكل على الكثير من الناس تحديد الزمن الذي يحكم فيه بوقوع التعثر، هذا إن كان تعثر المساهمة بعد شراء العقار وتحول النقد إلى عرض، وكان التعثر بسبب مدير المساهمة، لأجل الكساد، أو المماطلة”.
وأضاف: أما إن كان تعثرها بسبب طرف خارجي، كتجميد المساهمة عن طريق الدوائر الحكومية المختصة، فالأقرب أن حول التجارة ينقطع بهذا التعثر، حيث لم يعد العقار مما تجب فيه الزكاة.
أما إن كان تعثر المساهمة قبل شراء العقار، بحيث لا تزال أموال المساهمين نقوداً في يد المدير، وأخذها بحجة فتح مساهمة ما، ثم اكتشفوا أنهم وقعوا ضحية نصب واحتيال، وأنه قام بوضعها في حساباته الخاصة، أو بتشغيلها في مصالحه المختلفة، فهذه النقود وإن كانت في الأصل مرصودة للنماء، إلا أنها تأخذ حكم زكاة المال الضمار، وقد اختلف الفقهاء في حكم زكاته على ثلاثة أقوال، وبين الباحث أن الراجح في هذه المسألة هو عدم وجوب الزكاة في المال الضمار.
لا زكاة في المساهمات المتعثرة
وتوصل القاسم إلى أن المساهمات إذا تعثرت قبل شراء العقار، بسبب النصب والاحتيال، فإنه لا تجب فيها الزكاة، وإذا انتهى التعثر وعادت الأموال إلى أصحابها، فإنه يستأنف بها المساهم حولاً، ولا تجب الزكاة فيها لما مضى. وإن احتاط لذمته، وزكاها إذا قبضها لسنة واحدة كان أولى، ولاسيما أنه يشكل على الكثير من الناس تحديد الزمن الذي يحكم فيه بوقوع التعثر.
مسؤولو الدولة ودراسة التعثر
وأوصى القاسم بأن على المسؤولين في الدولة دراسة الأسباب التي أدت إلى تعثر المساهمات العقارية دراسة جادة، وإيجاد الحلول المناسبة للخروج من هذا المأزق أو الفخ الذي وقع فيه كثير من المساهمين، والذي ألقى بظلاله على اقتصاد البلد كله، وأن تتم دراسة الأسباب وتقديم الحلول من خبراء اقتصاديين أمناء على ثروة هذا البلد، وقيمه الإسلامية النبيلة.
وحذر القاسم من وضع الحلول التي هي أشبه بالعراقيل منها بالمخرج من هذه الأزمة، وقد أفرز التنظيم الأخير- بحسب ما أفاد به بعض المسؤولين في وزارة التجارة – انصراف التجار عن فتح المساهمات العقارية، بل وإلى ممارسات أخرى غير نظامية كفتح المساهمات من الباطن، وهذا له أثره السيئ في المستقبل القريب.
علاج سوق الأسهم
وشدد القاسم على وجوب الإسراع في علاج واقع سوق الأسهم السعودية، التي ألقت خسائرها المتتابعة بظلالها على سوق العقار بشكل لافت للنظر، حيث كان لوقوع المساهمين “الذين يبلغ عددهم ثلاثة ملايين مساهم أو أكثر” في شرك انهيار السوق الأخير، كان له أثره الواضح في كساد سوق بيع الأراضي والوحدات السكنية، مشيرا إلى تعالي أصوات الغيورين من هذا البلد، ولاسيما من أرباب التخصص الاقتصادي الإسلامي إلى وجوب تصحيح وضع السوق بما يحقق المصلحة.
قوانين صارمة تحد من المتلاعبين
وطالب أستاذ الفقه المساعد في المعهد العالي للقضاء بسن الأنظمة ووضع الرقابة الصارمة التي تضع حداً لتلاعب أهل النصب والاحتيال، وإحالة هؤلاء إلى الجهات القضائية، لمحاسبتهم وإصدار العقوبات الصارمة ضدهم، والتشهير بهم إن اقتضى الأمر ذلك، وأن يكون النظر في هذه القضايا على وجه الدقة والسرعة أيضاً؛ معللا ذلك بأن التأجيل يضر في الغالب بحقوق مئات، وربما آلاف المساهمين، بل بمصلحة البلد كله.