قاع “الأزمة”… بداية الصعود
الاتحاد ـ د. محمد العسومي 30/04/2009
بعد أن طوت الأزمة أهم فصولها المؤلمة، أخذ سؤال يتردد وبقوة في الآونة الأخيرة: هل وصلنا إلى قاع الأزمة؟ وإذا كان الجواب بالنفي، فمتى سنصل إليه؟ وهذا السؤال ينم عن قلق كبير ليس لدى المستثمرين فحسب، وإنما أيضاً لدى عامة الناس الذين اكتووا بالأزمة بشكل أو بآخر، فالبنك الدولي يتوقع انضمام 90 مليون فقير جديد إلى فقراء العالم بسبب الأزمة، كما أن عدد الجياع سيصل وفق تقديرات البنك إلى مليار جائع حول العالم. ومن هنا يبدو السؤال الخاص بقاع الأزمة، والذي يعني ضمناً إمكانية التعافي والنمو من جديد، سؤالا مهماً يمكن لشعوب العالم أن تتنفس الصعداء من خلال الاجابة عليه على نحو يمكن أن تنخفض معه أعداد المصابين بضغط الدم والسكري.
غير أن الإجابة على هذا التساؤل ليست بالأمر اليسير، فصورة الاقتصاد العالمي لا تزال ضبابية، إلا أن هناك مؤشرات اقتصادية ومالية صدرت عن مؤسسات عالمية كبيرة وتأثرت بشدة من الأزمة تتيح الخروج ببعض الاستنتاجات التي يمكن على ضوئها تقييم الموقف والخروج بتصور أولي حول إمكانية المرور من عنق الزجاجة.
والحال أن التقديرات في هذا الصدد متفاوتة، فالاتحاد الأوروبي الذي يملك مصداقية اقتصادية كبيرة يتوقع أن تبدأ الآلة المالية في التحرك مع نهاية العام الجاري، في حين ذكر صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد العالمي سيبدأ في التعافي في العام القادم 2010. وأما في الولايات المتحدة، وهي مركز الأزمة، فتقديرات بنك الاحتياطي الفيدرالي تتفاوت بين فترة وأخرى، إلا أنه يعتقد أنه بحلول منتصف العام القادم ستتوفر الظروف الملائمة للاقتصاد الأميركي للنمو مجدداً.
ويمكننا القول مبدئياً إن هناك مؤشرات إيجابية عديدة برزت مع إعلان نتائج الربع الأول من هذا العام للعديد من الشركات العملاقة، فأرباح “بنك أوف أميركا” تضاعفت ثلاث مرات في الربع الأول لتتجاوز 4 مليارات دولار، كما حققت مجموعة “سيتي جروب” و”جولدمان ساكس” و”جنرال إلكتريك” ارباحاً تجاوزت ملياراً ونصف المليار لكل منها.
أما في أوروبا، فقد حقق بنك “كريدي سويس” أرباحاً بمبلغ 1.7 مليار دولار، وارتفعت أسعار المساكن في بريطانيا ولأول مرة بنسبة 2 في المئة كما أن صناعة السيارات المعرضة للإفلاس خفضت خسائرها بأكثر من المتوقع، فخسائر شركة “فورد” تمحورت حول 1.4 مليار دولار فقط في الربع الأول. وهذه الأرباح كانت مجرد حلم قبل أقل من ستة أشهر، عندما كانت هذه المؤسسات المالية العملاقة تترنح وتطلب النجدة من وزارات المالية والبنوك المركزية. وإذن، هناك مؤشرات إيجابية، ولكنها متقلبة ومتفاوتة، إلا أن الإجراءات الحكومية والتنسيق الدولي بدآ يؤتيان ثمارهما، بما في ذلك قرارات مجموعة “العشرين”.
ولكن دعونا نتساءل: ماذا بشأن مؤسساتنا الخليجية والعربية؟ وأين هي من هذه التطورات؟ من حيث المبدأ وكما تظهر البيانات المعلنة حتى الآن لنتائج الربع الأول من العام الجاري يتضح أن المؤسسات المالية الخليجية والعربية حققت نتائج جيدة بشكل عام، كما أن هذه النتائج تعتبر أفضل من تلك المحققة في المؤسسات الدولية التي أشرنا إليها. وربما يعتبر ذلك أمراً طبيعياً، على اعتبار أن المؤسسات المالية الخليجية والعربية لم تتورط بصورة كبيرة في أزمة الرهن العقاري وما تبعها من خسائر جسيمة، مما أبقاها بعيدة نسبياً عن تلك الخسائر الكبيرة، وذلك على رغم التداعيات التي عانت منها كردود أفعال على الانهيار الذي أصاب النظام المالي العالمي.
ولكن ماذا يعني ذلك؟ إنه يعني، وبوضوح شديد، أن الاقتصادات الخليجية بصورة خاصة والعربية إجمالا أصبحت قريبة من القاع، وأن بوادر النمو بدأت في البروز مع إعلان نتائج الربع الأول من العام، حيث تم إطفاء معظم الخسائر والديون الهالكة، بل وتمكنت العديد من هذه المؤسسات من تحقيق أرباح تعتبر جيدة إذا ما قورنت بالأوضاع الاقتصادية والمالية في العالم. وبناء على ذلك، فإن التوقعات تشير إلى أن نتائج الربع الثاني ستكون أفضل من الربع الأول للمؤسسات المحلية، وبالتالي، فإنه مع إعلان هذه النتائج في شهر أغسطس القادم ستتهيأ هذه المؤسسات ومعها اقتصادات المنطقة للخروج من القاع.
وربما يستغرب البعض إمكانية تعافي اقتصادات بلدان الخليج قبل غيرها من تداعيات الأزمة، إلا أن هناك أسباباً موضوعية عديدة تبرر مثل هذا التعافي، وربما نتطرق لها في مقالات قادمة، إن شاء الله.
جزاك الله خير
مشكور ويعطيك الف عافية
الاعتماد ع النفط …
لن ينقذها ف هذا الوقت
ربما بعضها يعتمد ع التنويع الاقتصادي .. ولكن .. هذا التنويع جاء متاخرا جدأ
__________________
الكل بما فيهم غالبية المراقبين الإقتصاديين يراهن أن ما تعاني منه الأسواق هي مشكلة نفسية وأن الحل يكمن في إستعادة الثقة وهو ما يبرر حرص الحكومات والمؤسسات على إخراج وأحياناً تضخيم أي مؤشر قد يعني أن الإقتصاد يتعافى , ولكن بعض الإقتصاديين مثل بول كروغمان يقول أن المشكلة أكبر من ذلك إذ يعتقد أنها مشكلة هيكلية مما يتطلب إجراءات هيكلية بمعنى إعادت هيكلية لإقتصادات الدول الصناعية