وكون قرابة النصف مليون في أوائل سنوات الطفرة الأسهمية التي اجتاحت المنطقة بوجه عام والإمارات بصفة خاصة ، وكان مستشارا ومحللا لا يشق له غبار في سرد محاسن الأسهم وبأنها أنسب الطرق لوصول الشاب الإماراتي إلى مصافي المليونيرية كحضرته ، وكان دائما يقنع من حوله بضرورة الاتجاه في هذا المنحى لأنها من وجهة نظره طفرة يجب استغلالها أحسن استغلال .
وكانت من عباراته المشهورة وهو يضع رجلا على رجل “خالــــــــــــــي شوف طال عمرك الأسهم أنسب طريقة لك لاتحتاج جهد ولا مكدة ولاتعب بس اعرف متى تبيع واعرف متى تشتري وصدقني بسنة بتكون فوق 100 ألف درهم”.
وشاء القدر أن تتزلزل سوق الأسهم تحت ظروف مجهولة لتتضاءل النسب الربحية ليهرب صاحبنا بسحب أمواله قبل فوات الأوان والاكتفاء فقط بلاكتتابات لاكتشافه بأن هذه التحليلات ما هي إلا خزعبلات السنين التي أكل عليها الدهر وشرب وبأن المحللين ما هم إلا متنبئين قد يصيبون وقد لا يحالفهم حظ التنبؤ ليشذ عن قواعدهم التي يقنعون الناس بصدقيتها.
وتنقل بين المشاريع كثيرا حتى هداه تفكيره بمشروع يدر عليه ربح شهري ثابت ومضمون فتنقل بفكره بين معارفه ليرى أعمامه وأخواله كل منهم قد در عليه هذا المشروع أموال لابأس بها جعلهم من الأسر الميسورة ماليا فسعى بكل جهده لتجربة حظه في هذا المشروع عل وعسى يكون بادرة خير للبدء بمشاريع أخرى تجعله يدر ربحا لابأس به يكون سندا لراتبه الشهري فيدخر البعض منه للمستقبل ربما تكون هناك اكتتابات جديدة .
فهداه تفكيره وبعد مشورة زملاء مهنته توصل بأن يشتري رقم تاكسي بقرابة 150 ألف درهم إماراتي ودارت دوائر أفكاره مرة أخرى في إطار البحث عن سيارة مناسبة ليقع اختياره على سيارة كيا بقيمة 50 ألف درهم وهو يقول في ذهنه” سيارة جديدة ولو كانت كيا أفضل من كورولا مستعملة ولو كانت يابانية” ليسدد القيمة للبنك شهريا بواقع 1500 درهم واتفق مع أحد الباكستانيين على تشغيل أخاه على أساس النسبة فهو يريد ماقيمته 4000 درهم ليسدد القرض للبنك والباقي يدخره وكان هنا بداية قصته أو معاناته..
عاش صاحبنا حمود أشهره الأولى وهو مطمئن لحاله وأرباحه وأنه قد وصل إلى إيراد ثابت يعينه بعض الشيء على ضوء الإرتفاع المتنامي للسلع والبضائع والحياة بصفة عامة حتى أضحى الراتب بالكاد يكفي صاحبه في نهاية الشهر ليسد رمق سيارته للبترول ، وإن لم تعجبه الفكرة لاحقا فمئتا ألف درهم ستكون من نصيبه بمجرد بيع التاكسي وسائقه الخان إلى أي مالك جديد يبحث عن الاستثمار.
وشاءت الأقدار مرة أخرى لتخالف توقعات السيد حمود بإعلان الحكومة عن إنشاء شركة وطنية معنية بالتاكسي بأبوظبي على غرار شركة دبي للمواصلات تكون من إستراتجيتها سحب كل الأرقام من أصحابها وتعويضهم عنها بألف درهم مدى الحياة !!
ويقع هذا الخبر موقع الصاعقة ليمسك صاحبنا رأسه من هول الصدمة ويقرر بعد أن قلب الرؤى برأسه بأن الأنسب الاستثمار في التاكسي حتى إشعار آخر وهو موعد التسليم الفعلي للرقم.
فكان السيد حمود يستقبل من سائقه الذي تركه ليقوم بمهمة السائق المؤتمن على أمواله في أبو ظبي والعين وكانت حلقة الوصل بينهما هاتفه المتحرك ليخطر الأرباب بنهاية كل شهر بوضعه المبلغ بالحساب ويطمئن صاحبنا من خلال رسالة نصية قصيرة من البنك بأن المبلغ فعلا بالحساب.
وسارت المسألة على أحلى مايرام وكما خطط لها حمود في الأشهر الأربعة الأولى حتى حصل مالم يكن يتوقعه !
وسأتوقف هنا برهة .. لأكمل مسيرة السالفة في الجزء الثاني..
ياجماعة الخير عينوا من الله خير أنا مالي خص أنا ماقلت هالشي ولانسبت الموضوع لجهة معينة فلا تقولوني مالم أقله الله يخليييكم.
احترامي للجميع
نا اللي ما عطيتهم النقطة الوحيدة اللي ما تخليهم 100 %
عندي مشكلة وياهم من سنة كاملة وللحين ما يابوا لي حقي
عندي تعليق على الـ 99% اللي حصلت عليها شرطة أبوظبي.
صدقني، من سمعت هالخبر و أنا ميت من الضحك عليهم. و السؤال الي دايما يدور في بالي، “هل إدارة شرطة أبوظبي تؤمن أن أحدا ما يصدق هذه الإحصائيه البلهاء؟”.
فرد عليه الرجل: ” عشان تتأكد انظر إلى النظام “، فأراه ليكتم السيد حَمُود حنقه ويقرر أن يأخذ بالمشكلة منحى آخر في التصرف قائلا :” مايحلها إلا رجالها”!.
ظلت عبارة ” مايحلها إلا رجالها” تدوى في أركان عقل السيد حَمُود ، فهاهو يجند أفكاره لكتابة رسالة شكوى إلى السيد المدير العام سارداً وقائع معاناته وكيف أنه “تمرمط” وهو يبحث عن من يساعده في إرجاع سيارته والحصول على أمواله التي ضاعت وسط هذه الإجراءات التي لا نهاية لها !
وفي اليوم التالي قدم الرسالة في المركز الرئيس ليستقبله سكرتير المدير قائلا: “فالك طيب سيتم البت في موضوعك وحله من قبلنا في أقرب وقت ممكن، وهذه الرسالة ستقدم إلى سعادة المدير العام للبحث في حيثيات شكواك ، وسنتصل بك عند القبض على السارق “.
وهنا اطمأن حمود بأن موضوعه في أيد أمينة وتناسى الموضوع لشهرين كاملين لم يصله خلالهما أي خبر ينهي وساوسه أويرسيها إلى بر الأمان!
هنا قرر بعد الشهرين أن يزور المكتب ويقابل المدير بنفسه ، ووضع سيناريو حوار في ذهنه لكيفية محارة السيد المدير وماذا يسأله وبماذا سيجيبه ، فوضع كل الإجابات في رأسه ليضعها على طاولة المدير بمجرد ملاقاته.
وبمجرد أن دخل المكتب تلقاه سكرتير مكتب المدير بعبارة : آمر.، رد عليه السيد حمود:” مايامر عليك عدو، بس للحين ماصار شي بموضوعي ولا اتصلتوا بي تطمنوني شو صار!! وأنا صراحة مستغرب كيف حصلت إدارتكم على رضى الجمهور بمقدار 99.9 % وهاهو موضوعي من 10 شهور ماتحرك من مكانه”
هكذا رد حمود مع مراعاة مخارج أحرفه لكي لا يفهم خطأ من قبل السيد سكرتير مكتب المدير.
فرد عليه سكرتير المدير العام بحنكة دبلوماسية :” سيتم إنهاء طلبك الآن وستصلك رسالة قصيرة على هاتفك المتحرك برقم المعاملة وفالك طيب”
خرج حمود وهو لا يألو على شيء ، مشوش الفكر، وبينما هو يهم بركوب سيارته تأتيه رسالة قصيرة على هاتفه المتحرك موقعة من الإدارة المذكورة برقم المعاملة والأمنيات الطيبة ، جعلته ينفث بعض همومه في الهواء ويستريح باله من بعض العناء.
انتظر شهرا كاملا لم يحدث أي جديد في موضوعه وبينما هو يشكي الحال لأحد زملائه بالعمل دار بينهما حديث قال له زميله: ” ياريال لو قلت لي أنا معي دريول اسمه مشتاق خان يعرف كل السواقين البتان في أبوظبي بخبره لك وهو بيتحرى لك وبيبه في ساعة!” فرد عليه حمود والابتسامة تعلو محياه:”لاوالله صدق” فأكد له صاحبه هذا الأمر بالإيماء برأسه.
فأخذ حمود رقم سائق صاحبه مشتاق خان وأخبره الموضوع قائلا له:”شوف رفيق إذا انته يخبر وين هذا دريول مكان أنا بيعطي انت 1000 درهم بخشيش” فرد عليه الخان:” أرباب مافي مشكل فلوس ، مشكل كيف يجيب سيارة مال انته” .
وهنا بدأت مغامرة أخرى دراماتيكية مع السيد حمود وتحريه المأجور مشتاق خان سيتم سردها في حينه.
فما أن هل أسبوع من هذه المحادثة حتى اتصل مشتاق خان إلى صاحبنا السيد حَمُود قائلا:” ارباب أنا يشوف سيارة مال انت داخل خالدية وقف نفس رقم مال انت سيارة كيا”. قال له حمود: ” تعرف وين سايق مال سيارة يروح” فرد عليه بالنفي
فطلب منه حمود عنوان المكان فأعطاه مشتاق خان العنوان مفصلا. خرج السيد حًمود بعد الدوام نفس العنوان وبينما هو في طريقه اتصل به مشتاق خان قائلا له : ارباب سيارة روخ مافي وقف!!
فرد عليه حمود : كيف روح؟ .
“مافي معلوم انا يخلي واحد نفر يشوف سيارة وسايق يتصل هو مشان انا يقول مشتاق خان سيارة روخ !”
هنا وقف حمود في أقرب موقف سيارات ..ليضرب المقود بكلتا يديه من الحنق والغيض الذي اعتمره .
وطاف اسبوع آخر ليعاود هاتف السيد حَمُود الرنين مرة أخرى فهرع إلى حمله ليكتسف بأن مشتاق خان على الطرف الآخر. ودار بينهما هذا الحوار.
اربااااب .قال له مشتاق
رد السيد َحمُود: “هاه بشر ان شاء الله لقيته”
فرد عليه مشتاق خان مقاطعا: “ايوة ارباب انا ورا هو الحين في شارع المطار . فرد عليه حَمُود: زخه ، فرد عليه مشتاق:شو !! فرد عليه حَمُود: يعني وقف هو وياخذ سويج سيارة .
قال له مشتاق خان: “كيف يسوي هذا انا أرباب بعدين في مشكل كبير مع شرتة!!”
فرد عليه السيد حَمُود:” أنا ارباب مال سيارة وقف هو وأنا مسؤول”
وبينما هو في طريقه لاعتراضه تحولت الإشارة إلى اللون الأحمر لتحول بين مشتاق خان والسائق الهارب ليفلت هذه المرة أيضا ً من أيدي مخبر السيد حَمُود ليتصل به قائلا:” أرباب سوري أنا يضيع هو إشارة يسكر أنا مايقدر يقطع إشارة!!”
وظل حمود يفكر..بهذا الأمر..هل مشتاق خان متواطئ مع سائقه الهارب ! ربما وكيف لا وهو من بني جنسيته !
ودحض هذا الظن من فكره قائلا : “كيف ذلك وهو الذي اتصل به وابدى استعداده لمساعدتي ! فلو أنه كذلك لما أخبرني عن مكانه ولما اتصل بي يخبرني عن آخر المستجدات.
المهم..
استمرت المسألة لقرابة شهر كامل في ركودها ولم يطرأ عليها أي جديد البتة .
وبينما السيد َحمُود في خارج عمله وبزيه الرسمي تلقى اتصالا من مشتاق خان فرد على الهاتف وإذا بمشتاق يستصرخه: “أربااااااااااب سيارة مال انته في خالدية وسايق يسوي تكسي فيه نمتروس نفرات . أجابه السيد حَمُود: وين ؟
فأخبره بالمكان.
فأسرع السيد َحمُود بسيارته وهو لايرى أمامه إلا السائق مرتعدة فرائصه لاتحمله أرجله من الخوف!!
وفعلا كان السيد َحمُود هناك في غضون 10 دقائق ليجد سيارته وسائقه الهارب فيها وقد سقط في معمعة زحمة لاقبل له بها لايستطيع على أثرها الحراك لايمنة ولايسرة!
فركض إتجاهه السيد َحمُود وفتح الباب عنوة وأغلق السيارة عن العمل وأمر الركاب بالنزول
وصرخ بالسائق الهارب : “حدر يالحرامييييي”
فرد عليه السائق : أرباب أنا مافيه حرامي !!ليش هانمونة أنته كلام !
فكبت السيد َحمُود غيضه واتصل ب999 واخبرهم برقم البلاغ وأنه قد قبض على السارق بنفسه.
فأتت الدورية وأخذت السائق واحتجزت السيارة
فاستغرب السيد َحمُود قائلا: “الحرامي معكم شو تبوا السيارة”
فرد عليه الموظف: إجراءات لابد أن تحجز السيارة حتى تنتهي القضية
وراجع القسم المختص
فذهب حمود إلى القسم فأخبره المسؤول أن المسألة قد تطول قليلا إذا كانت هناك دعوى مدنية وأخرى إدارية! واترك القانون يأخذ مجراه.
وما أن خرج السيد َحمُود من القسم المختص أتته رسالة قصيرة قائلة له: لقد تم القبض على السائق الهارب ونرجو منك التقيد بأنظمة المرور وأتباع إجراءات السلامة في الطرقات والبعد عن التهور!!
استغرب السيد َحمُود قائلا في نفسه: أنا الحين المذنب!!لمخالفتي قواعد المرور!
وظلت السيارة في الحجز لشهر كامل
واتصل السائق السيد حَمُود يرجوه فكه وإرجاع السيارة له وسيتعهد له بإرجاع المبالغ كلها.
كانت في ذهن حمود تدور أفضل الطرق للإنتقام من هذا السائق الذي”غربله” لسنة كاملة
واتصل إلى عدد من أصدقاءه ليستشيرهم في الأمر..
فاتصل إلى أحد أصدقائه فقال له :” شوف ياحبيبي لو أنا مكانك بعذبه مثل ماعذبني أول شي بطلب منه يرجع الفلوس كلهن وبعد مايرجعهن ، بقوله بيم السيارة وصلح اضرارها وبسامحك وبعد ذلك بقوله وبعد مايسوي كل هذا بكنسله وبخليهم يشوتونه برع الدولة فهذا الرجل غير مؤتمن وبينصب عليك مرة ومرتين وثلاث “
واستطرد قائلا: “اتخيله وهو يقول في نفسه شو هذا مواطن تعبان انا يسوي تمثيل شوي مسكين هو يبطل ويعطي فلوس مشان أنا!!”
راقت الفكرة السيد َحمُود وبدأ بالسير على نهجها إلى أن حصل مالم يتوقعه قط.
حيث أصدر القاضي حكما بغرامة مالية إدارية قدرها 3000 درهم على السائق تذهب إلى القسم المختص وعدم جواز رفع أي دعوى مدنية بحقه!! دفعهن السائق للصندوق وهو يبتسم لأربابه قائلا :” أرباب مافي خوف أنا مافي حرامي!!”
وهنا استشاط الرجل غيضا ..كيف أنه هو المتضرر و المال ماله والتعويض يذهب لغيره!! مع عدم قدرته على رفع قضية للمطالبة بحقوقه المفقودة
اخرج السيد حَمُود السيارة ورأى عليها هموم سنة كاملة من أغبرة وصدمات هنا وهناك وبينما هو يتفحصها باغتته رسالة قصيرة مفادها:” نشكرك على تعاملك معنا فقد تم حل قضيتك مع ضرورة التقيد بأنظمة وقواعد المرور .”
فهو الآن أمام واقع جديد لابد أن يتعامل معه بمنطق حتى يخرج بأقل الأضرار.فقلب الفكرة برأسه ووجد أنه سيخسر الكثير عند إلغاء إقامة هذا السائق من أموال ستدفع وحقوق مترتبة على هذه الخطوة بالإضافة إلى أجرة سائق جديد الذين هم عملة نادرة الوجود وأمور كثيرة هو في غنى عنها مع تحويل الأرقام إلى الشركة الخاصة التى هي في طور الإعداد والإجراء بالعاصمة.
فاتفق مع السائق على تعويضه الأموال الغير مدفوعة من أجرة التاكسي للأشهر السابقة ، وبحضور أحد عمومته ويكفله بعقد رسمي بينه وبين السيد َحمُود قائلا له عم السائق: “مافي خوف ارباب أنا بيسوي كفالة مشان هذا ولد مافي خوف أي شي أنا مسؤول.”
كما أتفق معه على تأمين السيارة وإصلاحها وتجديدها على حساب السائق .
وهنا عاش السيد َحمُود مع واقع جديد مع سائقه بنفسية جديدة وهو يأمل أن لا يتعرض لخديعة مرة أخرى وأن لا يتبع هذه الإجراءات الطويلة التي أنهكت نفسه ووقته وماله!
انتهت
نترياااااااااااااا الجزء الثالث