أنقل لكم أخوتي هذه القصيدة في رثاء الشيخ عبدالعزيز بن باز _رحمه الله_ ، وألحقنا به في دار كرامته مع النبيين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً:
ما بال دمعكِ فوق الخدِّ ينسكبُ
والنفسُ نائحـةٌ والقـلبُ ينتحبُ
ما بالُ دمـعكـما عينيَّ منهمرٌ
كالغيثِ كَمـًّا إذا جـادت به السحُبُ
أجابـتِ العينُ لمـّا جفَّ مدمعُها
وبالدِّمـَا صـارَ منها الوجهُ يختـضبُ
إنَّ المصَـابَ الذي أبكيهِ نائحـةً
الكـونُ يبـكيه محــزوناً ولا عجبُ
فكيفَ تصبرُ والأكوانُ نائحةٌ..!!
أم كيفَ تـصـبرُ والآجـالُ تقتـربُ
***
كفاكِ ياعينُ كُفــي عن معاتبتي
أقولُهـا وحروفُ الشـعـرِ تـضطرِبُ
فخامرَ الحزنُ نفسي ثمّ خــامرها
والقـلبُ حلّتْ به الأكــدارُ والوصبُ
حتى كتبتُ وأركاني مُـزَعْـزَعةٌ
بـاكٍ,وتمـلؤني الأحزانُ والكُــرَبُ
عبدُ العزيزِ ابنُ بازٍ ماتَ!!وا أسفي
فهلْ ستنفعــني الأشعـارُ والخُطَـبُ
ماتَ الذي كانَ مصباحاً يضاءُ به
إن عـاينتهُ شمـوسُ العـلمِ تحْـتجِـبُ
في العــلمِ داهيةٌ , للهِ داعـيةٌ
في الحفظِ معجزةٌ , مــا مثلهُ النُّجُبُ
هو ابنُ بازٍ, فهــلْ حيٌّ يماثلُهُ
منه المكـارمُ والأمجـادُ تُكْـتَـسبُ
قضى الحياةَ ونصرُ الدينِ ديْدَنـُه
وليسَ يثنـيهِ إن ما ناصرَ الرَّهَــبُ
كم جاهلٍ يصطلي بالجهلِ أخرجهُ
إلى جنانِ الهــدى تسمو به الرُّتـَبُ
وكم حسيرٍ يرى الأبوابَ موصدةً
لفـقرهِ, صــاحِباهُ الغـمُّ والنَّصَبُ
ترى ابنَ بازٍ يواسيهِ ويجلســهُ
وإن تكلّمَ , منهُ الشيـخُ يــقتـربُ
وكمْ يتامىَ أصابَ اليتْـمُ مقتَلهم
والبـؤسُ ليس له في غيرهـــمْ أرَبُ
جادَ الإمامُ لهم,فانزاحَ ما وجدوا
من المآسي, ونـالوا منـهُ مــا رغبُـوا
فعُـدَّ ما اسطعتَ تُحصي من مكارمه
عليه رحمـتُ ربـي ما بدتْ شــهُبُ
وصلِّ دوماً على الهــادي وعترته
وصحبهِ, والأُلى من مـائهم شربــوا
حتى ارتوتْ بالهدى أكبادهم فغدوا
على المحجـّةِ لا زيـــغٌ ولا عطَـبُ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((من اخبار سماحة الشيخ في صباه))
من اخباره في صباه ان والده توفى وهو صغير حيث انه لا يذكر والده .
اما والدته فتوفيت وعمره خمس وعشرون سنه.
ومما يذكر انه في صباه ضعيف البنيه , وانه لم يستطع المشي الا بعد ان بلغ الثالثه , ذكر ذلك ابنه الشيخ احمد.
وكان سماحة الشيخ معروفا بالتلقي والمسارعه الى الخيرات , والمواظبه على الطاعات منذ نعومة اظفاره.
وقد ذكر لى الشيخ سعد بن عبد المحسن الباز- وهوقريب لسماحة الشيخ ويكبره بعشر سنوات – ذكر ان الشيخ منذ نعومة اظفاره كان شابا سباقا الى أفعال الخير, وان مكانه دائما في روضة المسجد وعمره ثلاثه عشر عاما.
وقد ذكر لى سماحة الشيخ – رحمه الله- فيما كا يذكره من أخبار صباه موقفا لا ينساه مع شيخه الشيخ صالح بن عبد العزيز ال الشيخ قاضي الرياض انذاك.
يقول سماحته: كنت في مقتبل عمري , وقد راني الشيخ صالح – رحمه الله – في طرف الصف مسبوقا , فحزن الشيخ صالح , وقال : بعض الناس يسوف , ويجلس يأكل ويشرب حتى تفوته الصلاة , وكأنه – رحمه الله – يعنيني ويعرض بي , فخجلت مما كان مني , وتكدرت كثيرا , ولم انس ذلك الموقف حتى الان.
ولم يكن الشيخ صالح – رحمه الله – ليقول ذلك الا لانه كان يتوسم ويتفرس في سماحة الشيخ نبوغه المبكر.
ومن الاخبار المعروفه عن سماحة الشيخ في صباه انه معروفا بالجود والكرم.
وقد ذكر لي الشيخ سعد بن عبد المحسن الباز – رحمه الله – ان سماحة الشيخ عبد العزيز وهو طالب عند المشايخ – اذا سلم عليه احد دعاه الى غدائه , او عشائه , ولم يكن يحقر شيئا يقدمه لضيوفه ويجعل الله في الطعام خيرا كثيرا.
ألف المرؤة مذ نشا فكأنه سقي اللبان بها صبيا مرضعا
ومن اخباره في صباه انه كان يكتب , ويقرا ويعلق على الكتب قبل ان يذهب بصره.
وقد قيل ذات مرة لسماحة الشيخ : سمعنا انك لا تعرف الكتابه.
فأجاب سماحته بقوله : هذا ليس بصحيح , فانا اقرأ وأكتب قبل ان يذهب بصري, ولي تعليقات على بعض الكتب التى قرأتها على المشايخ مثل الاجروميه في النحو , و غيرها.
واذا املى سماحة الشيخ على كتابا , او تعليقا , وكان هناك اشكال في كلمه ما – قال لي : تكتب هكذا , واشار الى راحة يده , وهو يكتب باصبعه , ليريني كيفية الكتابه الصحيحه.
وقيل لسماحته ذات مرة : هل صحيح انك تتمنى انك رأيت الابل على ما خلقها الله؟
فاجاب سماحته بقوله : هذا ليس صحيح , فانا اتصورها , لان بصري لم يذهب الا وعمري تسع عشرة سنه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير عن الشيخ
واحب ان اشارك بما قراته في كتاب
(( جوانب من سيرة الامام عبد العزيز بن باز -رحمه الله- ))
نبذه في سيرة سماحة الشيخ
هو سماحة الامام العلامه المجدد عبد العزيز بن عبدالله ابن عبد الرحمن بن محمد بن عبدالله ال باز
ولد في الرياض في ذي الحجه سنة 1330 هـ , كان بصيرا في اول طلبه للعلم -كما يقول- .
ويقول اصابني المرض في عيني عام 1346 هـ فضعف بصري بسبب ذلك ثم ذهب بالكليه في مستهل محرم من عام 1350 هـ والحمد لله على ذلك.
ويقول الشيخ -رحمه الله-: وقد بدأت الدراسه منذ الصغر , فحفظت القرأن الكريم قبل البلوغ على يدي الشيخ عبدالله بن مفيريج – رحمه الله – ثم بدأت في تلقي العلوم الشرعيه والعربيه على أيدي كثير من علماء الرياض .
ومن اعلام العلماء الذين درس عليهم الشيخ :
1- الشيح محمد عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمهم الله -.
2-الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب قاضي الرياض -رحمهم الله- .
3- الشيخ سعد بن حمد بن عتيق -رحمه الله- قاضي الرياض.
4-الشيخ حمد بن فارس وكيل بيت المال بالرياض -رحمه الله-.
5-اليشخ سعد وقاص البخاري من علماء مكه أخذت عنه علم التجويد في عام 1355 هـ , حيث كنت أتردد على الشيخ سعد في دكانه مدة شهرين , أخذ عنه علم التجويد .
6-سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم بن عبد اللطيف ال شيخ -رحمه الله- وقد لزمت حلقاته صباحا مساء.
وفي كل يوم سوف اشارك بجانب من جوانب حياته الى ان انتهي من الكتاب .
اللهم ارحم الشيخ وجازه عنا كل خير وجعل عمله في ميزان حسناته.
انظروا معي إلى أخلاق هذا الإمام وزهده _رحمه الله_ تتجلى في هذه القصة العجيبة:
فقد نشر الدكتور تقي الدين الهلالي _رحمه الله_ قصيدةً له بمجلة الجامعة السلفية في بناس – الهند – الصادرة في 23/ 3/ 1398 يمدح فيها العلامة ابن باز _رحمه الله_، فقال:
خليلي عُوْجَابي لنغتنمَ الأجــــــــرا على
آل باز إنهم بالعلى أحــــــــرى
فما منهمو إلا كريم وماجــــــــــدٌ
تراه إذا ما زرته في الندى بحـــــرا
فعالمهم جَلَّى بعلم وحكمـــــــــــةٍ
وفارسهم أولى عداة الهدى قهــــــرا
فسل عنهمُ القاموسَ والكُتبَ التي
بعلم حديث المصطفى قد سمت قدرا
أعُمُّهموا مدحاً وإني مقصــرٌ
واختص من حاز المعالي والفخــرا
إمام الهدى عبدالعزيز الذي بدا
بعلم وأخلاق أمام الورى بدرا
تراه إذا ما جئته متهللاً
ينيلك ترحيباً ويمنحك البِشْرى
وأما قِرى الأضياف فهو أمامُه
فحاتم لم يتْرك لهث في الورى ذكرا
حليمٌ على الجاني إذا فاه بالخنا
ولو شاء أرداه وجلله خُسرا
يقابل بالعفو المسيء تكرماً
ويبدل بالحسنى مساءته غُفرا
وزهده في الدنيا لو أن ابن أدهم
رآه ارتأى فيه المشقة والعسرا
وكم رامت الدنيا تحلُّ فؤاده
فأبدلها نُكْرا وأوسعها هَجْرا
فقالت له: دعني بكفِّك إنني
بقلبك لم اطمع فحسبي به وَكْرا
خطيب بليغ دون أدنى تلعثم
ومن دون لحن حين يكتب أو يقرا
بعَصْرٍ يرى قُراؤه اللحنَ واجباً
عليهم ومحتوماً ولو قرأوا سطرا
بتفسير قرآن وسنة أحمدٍ
يُعمِّر أوقاتاً وينشرها درّاً
وينصر مظلوماً ويسعف طالباً
بحاجاته ما إن يخيِّب مظطرا
قضى في القضا دهرا فكان شُريحَه
بخرج أزال الظلم والحيف والقسرا
وكليةَ التشريعِ قد كان قُطْبَها
فأفعمها علماً فنال به شكرا
وجامعة الإسلام أطلع شمسَها
فَعَمَّت به أنوارُها السَّهْلَ والوعرا
تيممها الطلابُ من كل وُجْهَةٍ
ونالوا بها علماً وكان لهم ذخرا
فمن كان منهم ذا خداع فخاسر
ومن كان منهم مخلصاً فله البشرى
ولم أر في هذا الزمان نظيره
وآتاك شيخاً صالحاً عالماً برا
وأصبح في الإفتا إماماً مُحَقَّقَاً
بعلم وأخلاق بدا عَرْفُها نَشْرا
وأما بحوث العلم فهو طبيبُها
مشاكله العسرى به أُبدلت يسرا
ويعرف معروفاً وينكر منكراً
ولم يخش في الإنكار زيداً ولا عمرا
وما زال في الدعوى سراجا منوِّرا
دُجَى الجهل والإشراك يدحره دحرا
بدعوته أضحت جموعٌ كثيرةٌ
تحقق دين الحق تنصره نصرا
ألم نره في موسم الحج قائماً
كيعسوب نحلٍ والحشودُ له تترا
وما زال في التوحيد بدر كماله
يحققه للسامعين وللقُرا
ويثبت للرحمن كل صفاته
على رغم جهمي يعطلها جهرا
ويعلن حرباً ليس فيه هوادة
على أهل إلحاد ومن عبد القبرا
وما قلت هذا رغبة أو تملقاً
ولكن قلبي بالذي قلته أدرى
فيارب مَتِّعْنَا بطول حياته
وحفظاً له من كل ما ساء ضرَّا
فلو كان في الدنيا أناس حياته
بأقطار إسلام بهم تكشف الضرَّا
فيا أيها الملك المعظم خالد
بإرشاده اعمل تحرز الفتح والنصرا
فقد خصَّه الرحمن باليمن والمنى
وآتاك شخصاً صالحاً عالماً برا
فأنت لأهل الكفر والشرك ضيغم
تذيقهموا صاباً وتسقيهموا المُرا
فلا زلت للإسلام تنصر أهله
وتردي بأهل الكفر ترديهموا كسرا
وحببك الرحمن للناس كلهم
سوى حاسد أو مشرك أضمر الكفرا
وقد أبغض الكفار أكرم مرسل
وإن كان خير الخلق والنعمة الكبرى
عليه صلاة الله ثم سلامه
يدومان في الدنيا وفي النشأة الأخرى
كذا الآل والصحب الأجلاء ما بكت
مطوقة ورقاء في دوحة خضرا
وما طاف بالبيت العتيق تقربا
حجيج يرجون المثوبة و الأجرا
وما قال مشتاق وقد بان إلفه
خليلي عوجابي لنغتنم الأجرا
فيا أيها الأستاذ خذها ظعينة
مقنعة شعثاء تلتمس العذرا
فقابل جفاها بالقبول وأولها
من العفو جلبابا يكون لها سترا
وبعد أن نشرت تلك القصيدة في مجلة الجامعة السلفية في بناس – الهند – أرسل سماحة الشيخ عبد العزيز – رحمة الله – تعقيباً إليك نصه :
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ عبد الوحيد الرحماني مدير مدير مجلة الجامعة السلفية في بنارس – وفقه الله – للخير آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد اطلعت على قصيدة نشرت في العدد التاسع من مجلتكم لفضيلة الدكتور تقي الدين الهلالي تتضمن الغلو في المدح لي , ولعموم قبيلتي , وقد كدرتني كثيراً , فرأيت أن أكتب تنبيهاً للقراء , باستنكاري لذلك وعدم رضائي به.
وإليك ما كتبت برفقه راجياً المبادرة بنشره في أول عدد يصدر في المجلة.
أثابكم الله وشكر سعيكم.
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
وإليكم أيها القراء نص ذلك التنبيه :
“الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه،أما بعد
فقد اطلعت على قصيدة نشرت في العدد التاسع من مجلة الجامعة السلفية في بناس – الهند – لفضيلة الشيخ الدكتور تقي الدين الهلالي، وقد كدرتني كثيراً، وأسفت أن تصدر من مثله، وذلك لما تضمنته من الغلو في المدح لي ولعموم قبيلتي، وتنقصه للزاهد المشهور إبراهيم بن أدهم – رحمه الله – وتفضيلي عليه في الزهد، وعلى حاتم في الكرم ، وتسويتي بشريح في القضاء لإلى غير ذلك من المدح المذموم الذي أمر الرسول – صلى الله عليه وسلم – بحثي تراب في وجوه من يستعمله.
وإني أبرأ إلى الله من الرضا بذلك ، ويعلم الله كراهيتي له، وامتعاضي من القصيدة لما سمعت فيها ما سمعت .
وإني أنصح فضيلته من العود إلى مثل ذلك، وأن يستغفر الله من ما صدر منه، ونسأل الله أن يحفظنا وإياه وسائر إخواننا من زلات اللسان، ووسواس الشيطان، وأن يعاملنا جميعاً بعفوه، ورحمته، وأن يختم للجميع بالخاتمة الحسنة ، إنه خير مسؤول .
ولإعلان الحقيقة وإشعار من اطلع على ذلك بعدم رضائي بالمدح المذكور جرى نشره، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فرحمك الله رحمةً واسعة، فقد أتعبت من بعدك والله.
أهلاً بك أخي الكريم، القصيدة منشورة في ملتقى أهل الحديث بواسطة أبو زيد الشنقيطي غفر الله له ولوالديه.
بوركتي
ولو تضعين كاتب هذه القصيده
وبالله التوفيق