الدوحة ـ الشرق:
مرة أخرى تعود قناة الجزيرة إلى الأضواء. لكن هذه المرة ليس بسبب أنها بثت شريطاً جديداً لعدو أمريكا الأول أسامة بن لادن ولا لأنها هاجمت إحدى الدول العربية، لكن لانها تتجه للخصخصة. وسارعت المحطة الاخبارية إلى وقف الشائعات حيث قال مسؤول التحرير أحمد الشيخ «الجزيرة ليست للبيع».
وحسبما أفاد جهاد بلوط مدير الاتصالات والعلاقات الإعلامية بقناة الجزيرة فإن العرض للبيع والاستثمار الخاص أمران مختلفان تماما، وأضاف انه من البداية كانت الخصخصة مقررة، فالحكومة امدت القناة بالمال للسنوات الخمس الأولى، وبعد ذلك فإن على الجزيرة أن تمول ذاتياً.

وبالنسبة لبلوط فإن اولئك الراغبين في اسهم برأسمال الجزيرة يتوزعون على ثلاث فئات:

أولئك المهتمون بالقناة كمشروع أعمال، وأولئك الراغبون في محاولة اغلاقها والفئة الثالثة وهي اولئك الذين يسعون للسيطرة عليها.

لابد أن وقع خصخصة القناة كان كالصدمة في نفوس العاملين فيها والبالغ عددهم ألفا ومائة. ووفقاً لبلوط فإن المزاج العام كان «تأمليا» لكن بعد أن أدركوا ان جوهر عمل القناة لن يتغير أصبحوا أكثر قبولا.

يشار إلى أنه بعد صدور المرسوم الأميري في يناير من هذه السنة، فقد تم تعيين مجلس إدارة جديد لقناة الجزيرة في قطر. وسيعمل الأعضاء على اعداد تقرير حول الجدوى الاقتصادية لتحويل القناة إلى شركة مساهمة خاصة.

ويجب أن يأخذوا في الاعتبار عند اتخاذ قرارهم أمرين، كما يقول بلوط؛ أولهما المادة الاخبارية والتحريرية «والتي يجب حمايتها»؛ وثانيهما ضمان عدم تأثير أي ضغط سياسي أو مالي علي ميثاق الشرف المهني للقناة. يقول بلوط: إذا أحس أي واحد في الجزيرة أنه سيتم تغيير الطبيعة التحريرية للمادة الإعلامية والاخبارية فيها، فسيتم التخلي عن كامل فكرة الخصخصة.

بعد انطلاقتها وبدء بثها عام 1996، أصبحت الجزيرة القناة التليفزيونية الاخبارية العربية الرائدة على المستوى العالمي حيث يشاهدها عشرات الملايين.

وقد تم تصنيف القناة عالميا في المركز الخامس كأكثر العلامات التجارية تأثيراً لعام 2004 وذلك بعد آبل وغوغل وأيكيا وستار بكس.

يقول حمد النعيمي مدير التسويق في الجزيرة: «أنا دائما أحصل على ردود من مشاهدينا حول كيف أن القناة تشكل مرجعا. وإذا شاهدوا الأخبار على قناة أخرى، فإنهم يعودون للجزيرة للتأكد من دقة المعلومات. إن المصداقية تعزز اسمنا».

وقد بدأت الجزيرة مؤخراً فقط بالاعتماد على الدخل من المعلنين. وكما يقول بلوط فإن ثمة «حظرا اقتصاديا غير رسمي على الجزيرة».

إلى الآن يتكون المعلنون في الجزيرة في أغلبهم من شركات محلية بينما تتجنب الشركات العالية الارتباط والمساهمة في تمويل القناة بسبب الخوف من ردات فعل واشنطن والحكومات العربية يشار إلى ان تقارير في السنة الماضية قالت ان ميزانية الجزيرة تبلغ 120 مليون دولار منها 45 مليونا تمويلا من دولة قطر. لكن بلوط يقول ان الأرقام غير دقيقة ومثلها مثلها معظم شبكات البث لم تحقق الجزيرة الأرباح المتوقعة.

وحسبما يقول النعيمي فإن هناك زيادة 23 بالمائة في الإعلانات في هذه السنة مع دخول زبائن جدد من أصحاب الأسماء الكبيرة المشهورة.

وتستعد الجزيرة حالياً لإطلاق الجزيرة الانجليزية كما تستعد لإطلاق قناة للأطفال وقناة وثائقية. ومع كل ما ذكر فإن الجزيرة مصممة على الحفاظ على سمعتها على أنها قناة «الرأي الآخر».

ويمضي نايجل بارسون مدير تحرير القناة الانجليزية للقول على خلاف الشبكات التليفزيونية الأخرى ستقدم الجزيرة العالمية أخباراً متحررة من أي قيود مركزية ولا تتبع أجندة محلية. وستغطي القناة قضايا وأقطارا لا تجد الآن تغطيات كافية ولكنها في نفس الوقت تعتبر ذات أهمية للناس حول العالم حسبما قال السيد بارسون «دول مثل الصين ستتكون لها أهمية كبرى وتأثير كبير على النظام العالمي في القرن الواحد والعشرين».

وفي الوقت الذي ستبث فيه قناة الجزيرة العالمية اخباراً من كل ارجاء المعمورة إلا انها تخطط لعمل تغطيات خاصة في الشرق الأوسط.

فقال السيد نايجل بارسون «بموقعنا الفريد في المنطقة سنقدم منظورا عربيا للاحداث العالمية.. وسنكون أول وأفضل قناة عالمية فيما يتعلق بامتلاك الحقائق والمعلومات الخاصة بالأحداث العربية.. ويضيف السيد بارسون قائلا: انه في الوقت الذي يأملون فيه تقديم منظور مختلف للغرب إلا أنهم لا يخططون للهجوم عليه. ويقول: لن تكون القناة بأي حال من الأحوال معادية للغرب أو لأمريكا» وأكد ان التركيز سيكون على بناء علاقات دولية.

وفي كتابه الذي صدر مؤخراً تحت عنوان «الجزيرة: قناة تليفزيونية اخبارية عربية تحدث العالم» قال هاغ مايلز انه وجد ان كثيراً من العرب يبدون حماساً كبيراً للقناة الانجليزية الجديدة ويعتقدون انها ستكون ذات تأثير مهم على الموقف السياسي في الشرق الأوسط للحد الذي يرون انها ستساعد في حل النزاع القائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وقد أجرى السيد هاغ مايلز حوارا مع جهاد بلوط مدير الاتصالات والعلاقات العامة في قناة الجزيرة قال فيه ان القناة الناطقة باللغة الانجليزية ستساعد في تغيير مسارات تدفق الاتصالات بين الشرق والغرب. فقد رأى بلوط ان هذا التدفق «كان دائما في اتجاه واحد، من الشرق للغرب».

ومن جانبه يرى السيد جون زغبي رئيس شركة زغبي العالمية لاستطلاعات الرأي ان لقناة الجزيرة العالمية امكانيات كبيرة للنجاح في الولايات المتحدة في أوساط العرب الأمريكيين والأمريكيين الآخرين الذي ملوا من نوعية الأخبار التي يبثها الإعلام المرئي الأمريكي.

ويدرك السيد نايجل بارسون التحديات التي يمكن ان تواجهها قناة الجزيرة العالمية من شبكات عالمية عريقة مثل cNN وBBC والقنوات الاخبارية الانجليزية الجديدة الأخرى، ولكنه يبقى واثقا جداً من النجاح فقد قال لصحيفة MEB أن قناة الجزيرة العالمية تحشد الآن فريقا من المهنيين القادرين على دخول التنافس مع أي قنوات اخبارية أخرى.

فالسيد نايجل بارسون نفسه إعلامي محترف عمل خلال الثلاثين سنة الماضية مع هيئة الاذاعة البريطانية الخدمة العالمية واشرف على تدشين قناتين تليفزيونيتين عالميتين هما تليفزيون EBC في سويسرا وTelecampion في إيطاليا.

ويقول بارسون ان الجزيرة ستقوم بتوظيف أكثر من 300 اعلامي متميز من مختلف الجنسيات ومن كافة المناطق والقارات، من الشرق الأوسط ومن آسيا واستراليا وأوروبا وأمريكا وكندا وافريقيا.

ومن بين الذين انضموا سلفا إلى هيئة تحرير قناة الجزيرة العالمية مورجان ألميدا المصمم السابق في قناة CNN واستيف كلارك المنتج التنفيذي السابق في SKY NEWS الذي سيكون مخرج برامج الأخبار في الجزيرة العالمية. بالإضافة إلى بول جيبس الذي حقق نجاحاً وشهرة كبيرة في BBC من خلال تقديم برامج ذات شعبية كبيرة وسيكون مسؤولا في قناة الجزيرة العالمية عن اخراج البرامج وهناك أسماء اعلامية كبيرة ذات شهرة عالمية وقادمة من دول وشبكات تليفزيونية مختلفة منهم استيف جيدوسكي وغاري نايير وليندسي أوليفر وغيرهم.

وتستخدم قناة الجزيرة العالمية بعضا من أحدث التليفزيون ما توصلت إليه تكنولوجيا البث التليفزيوني سواء في مراكز البث أو في الميدان. هذه الإمكانيات التكنولوجية الجديدة سترتقى بالأداء الفني لقناة الجزيرة إلى مستويات عالمية حقيقية.