هوس الأرقام المميزة يصل إلى العملات النقدية في قطر
فتوى اعتبرت تجارتها من الربا المحرم

فتش في حافظة نقودك فقد تكون محظوظا تحمل أوراقا نقدية ذات أرقام تسجيل مميزة يدفع لك فيها محبوها عشرات أضعاف قيمتها، ومن يدري فقد تصبح مليونيرا هكذا بضربة حظ، إذا كنت تمتلك رقما يصادف تاريخ ميلاد أحد الأثرياء الشباب أو يماثل رقم سيارتهم أو هاتفهم الجوال.

الهوس بالأرقام المميزة في قطر انتقل من أرقام السيارات والجوالات إلى الأرقام المطبوعة على العملات النقدية الورقية.. والظاهرة ليست قاصرة على قطر فقط، ولكنها انتشرت في كافة دول الخليج، ويستطيع أي متصفح للمنتديات على الإنترنت أن يشاهد إعلانات البيع والشراء لهذا النوع الجديد من الأرقام المميزة. “الأسواق.نت” رصدت الظاهرة الغريبة التي بدأت تنتشر بين الشباب من باب التباهي والبحث عن أي شيء جديد ومثير.

إعلانات الصحف

العجيب في الأمر أنه بالنسبة للأرقام المميزة للسيارات أو الهاتف فإنها تظهر ويمكن أن تكون سببا لتميز مقتنيها أو العملات فإن مكانها حوافظ النقود أو الجيوب، وبالتالي فهي لا تظهر للآخرين، ورغم ذلك فإن أعداد هواتها يتزايدون، بل إن انتشار إعلانات هذه العملات ذات الأرقام المميزة في الصحف بشكل أسبوعي جعل أناسا عاديين يهتمون ويفحصون أرقام النقود التي في حوزتهم، وخاصة إذا عرفنا أن عملة ورقية ذات رقم مميز قد يصل سعرها إلى 5 آلاف ريال، وهي من فئة 500 ريال مثلا (الدولار يساوي 3.7 ريالات).

والأعجب من ذلك أن القيادات والأجهزة المصرفية لا علم لها حتى الآن بهذه الظاهرة الجديدة. أما موقف الشرع من هذه الظاهرة فقد كان التحريم وعدم جواز بيع نقد بنقد باعتباره من الربا المحرم.

عبد الله المناعي ذلك الشاب الصغير الذي لم يتجاوز 15 ربيعا مولع بجمع العملات، سواء القديمة أو الحديثة التي تحمل أرقاما مميزة وجدنا رقم هاتفه الجوال في أحد المنتديات يعلن فيه عن رغبته في شراء عملات تحمل أرقاما مميزة.

حدثناه وقال لـ”الأسواق.نت” هذه هي هوايتي منذ سنوات، وأحب اقتناء تلك العملات ومن أهم العملات التي اشتريتها ورقة من فئة 10 ريالات وتحمل رقم 222222 ودفعت مقابلها 500 ريال، وورقة أخرى فئة ريال واحد تحمل رقم 555055 اشتريتها بخمسة ريالات فقط، كما أنني أحرص حاليا على فحص أرقام أية ورقة نقدية تصل إلى يدي، سواء كان من المصروف الذي آخذه من والدي أو أي مصدر آخر.

وحول أقصى سعر دفع في رقم مميز قال إنه كان مبلغ 5 آلاف ريال، وكان مقابل ورقة من فئة 500 ريال تحمل رقم 111111.

وأضاف المناعي أنه يشتري العملات القديمة لكافة بلدان العالم، وأنه يحتفظ بعملات سعودية وإماراتية وكويتية وأمريكية، كما أن لديه عملة مصرية تحمل رقما مميزا.

رقمان متشابهان للعملة والسيارة

أحد الطلاب وجد في تجارة الأرقام المميزة للعملات النقدية فرصة للحصول على مصدر دخل للإنفاق على دراسته، حيث قال سعد الكتان لـ”الأسواق.نت” بدأت ممارسة هذه الهواية منذ أكثر من شهر عندما وجدت إقبالا في أوساط الشباب القطري على شراء العملات ذات الأرقام المميزة، فبدأت في تجميعها ثم عرضها للبيع حتى تكون مصدر دخل لي وأحصل على هذه العملات بالصدفة ولا أشتري من أحد حتى أتجنب الخسارة، وأعرض أحيانا سعرا محددا، وفي أحيان أخرى يكون بيع العملة على شكل مزاد أي لأعلى سعر.

ويضيف الكتان “إن العملات ذات الأرقام المتشابهة أو المتكررة تكون أعلى سعرا، وأن ورقة نقدية فئة 50 ريالا إذا كانت ذات رقم مميز قد تباع بـ500 ريال، بالإضافة إلى 50 ريالا هي قيمة العملة النقدية”.

عدي شريقي يعمل “كاشير” في أحد المطاعم يقول بدأت في تجميع العملات النقدية ذات الأرقام المميزة منذ عام في إطار هواية جمع العملات التي أهواها منذ سنوات، وأحصل على هذه الأرقام المميزة من خلال عملي ككاشير، حيث أحصل عليها من زبائن المطعم وأفرزها، وكذلك عندما أقوم بسحب مبالغ مالية للمطعم من البنك فإذا وجدت عملات ذات أرقام مميزة أحتفظ بها وأضع ما يقابل قيمتها من النقود التي بحوزتي، مشيرا إلى أنه في بلده سوريا يقوم بجمع العملات القديمة لدول الشام، وكذلك دول الخليج ومنها عملات المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات والكويت.

ويشير شريقي إلى أنه عندما يعجبه رقم عملة فإنه لا يبيعها بل يحتفظ بها وأن الشباب القطري يفضل غالبا الأرقام المكررة في العملة مثل 66666 أو 333333، وأنه إذا وصل إلى يده رقم مثل هذا فإنه لا يبيعه.. وأنه يعرض غالبا البيع لأعلى سعر ولديه ورقة فئة 5 ريالات تحمل رقم 446444 وورقة فئة ريال واحد تحمل رقم 669666 وورقة فئة 10 ريالات تحمل رقم 388885.

وعن بعض تجاربه في البيع تحدث شريقي فقال “كان لدي ورقة فئة 5 ريالات وكانت تحمل رقم 223222 وعندما عرضتها للبيع عرض علي مواطن قطري مبلغ 3 آلاف ريال لأن هذا الرقم هو نفس رقم سيارة هذا المواطن، إلا أنني أبلغته أن هذا السعر مبالغ فيه، وأنا أمارس الأمر كهواية وأخذت منه 500 ريال فقط، كما اتصلت به مواطنة قطرية وعرضت عليه مبلغ 3 آلاف ريال في رقم فئة ريال واحد يحمل 629666 إلا أنه رفض أيضا أن يبيع لها بهذا المبلغ.

ربـــا مُحــــرَّم

ويشير شريقي إلى أن أغلب هواة شراء هذه العملات ذات الأرقام المميزة من الشباب صغار السن الذين يتعاملون مع الأمر كهواية أو من باب التباهي بين الأصدقاء، ويشير إلى أنه يعرف شخصا لديه عملة تحمل رقم 1000000 كما لديه ريالات تبدأ من رقم 1 إلى 9 وهي مجموعة جميلة ونادرة.

وأحد أصحاب الإعلانات اتصلت به “الأسواق.نت” لتكتشف أنها سيدة عربية وأنها حصلت على رقم مميز لورقة فئة 10 ريالات بالصدفة، وأنها لأول مرة تمارس هذه الهواية وآخر عرفنا أن له صديق كاشير وصل إلى الدوحة حديثا ولا يوجد لديه خط هاتف جوال، ولهذا طلب منه صديقه نشر الإعلان برقم جواله ليبيع تلك العملة النقدية ذات الرقم المميز.

الرئيس التنفيذي لبنك قطر الدولي الإسلامي عبد الباسط الشيبي قال إنه يسمع عن هذه الظاهرة الجديدة لأول مرة من “الأسواق.نت” التي وصفها بالظاهرة الغريبة، متسائلا إذا كان رقم الجوال المميز يظهر ومن هو من مظاهر الوجاهة الاجتماعية عند بعض الناس، وكذلك الحال بالنسبة لرقم السيارة، فكيف سيكون الوضع بالنسبة لرقم العملة الورقية؟ هل سيظهرها أم أنه سيعلقها على جيبه؟. فإذا كان اقتناء العملات القديمة أمرا مقبولا ومفهوما كهواية، فإن حرص البعض على اقتناء العملات الحديثة ذات الأرقام المميزة يعد أمرا عجيبا.

أما الموقف الشرعي لهذه الظاهرة فقد فصله لنا فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم موضحا أن العملة النقدية إذا كانت سوف تُباع كأنها قطعة أثرية، مثل العملات القديمة، فيجوز بيعها، على أن الاهتمام بمثل هذه الأشياء ليس مِن معالي الأمور، أما بيع النقد بنقد من نفس جنسه بأعلى من قيمته على النحو الموصوف فلا يجوز، سواء كان سبب ذلك رقمه المميز أو غير ذلك من الأسباب لما في ذلك من الربا، حيث إن النقود الحالية لها نفس الأحكام المقررة للذهب والفضة من حيث الربا وغيره، وقد قال صلى الله عليه وسلم “الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد أو استزاد، فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء” أخرجه مسلم.

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة؛ أولا: بخصوص أحكام العملات الورقية، أنها نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما.. وننبه إلى أن شراء الأرقام المميزة للعملات والسيارات ونحو ذلك يدخل في التبذير المحرم لعدم الحاجة إلى ذلك.

======
الراية القطرية

9 thoughts on “كل واحد يشوف جيبه يمكن … تكون من اللي……

Comments are closed.