ملاحظة: أبطال قصصي حقيقيين
سارة، مريم وسيف
لطفاً اضغط على النشيد قبل أن تبدأ في القراءة
تم منح هذه القصه وسام التميز
.. الاداره ..
ملاحظة: أبطال قصصي حقيقيين
سارة، مريم وسيف
لطفاً اضغط على النشيد قبل أن تبدأ في القراءة
.. الاداره ..
Comments are closed.
– مريم. من فضلك اقتربي.
فدخلت والتردد يثنيها. دققت النظر. “نعم، إنها كدمات!” هكذا ردّدت في نفسي.
– هل أصابكِ مكروه؟
– لا يا معلمتي!
– هل سقطتي؟
وهي تهز رأسها نافيةً، قالت: لا!
– حسناً ما هذه الكدمات التي على وجهك؟
– إنها الخادمة!
سرت رعشة في أوصالي، وسألتها: أتعنين أن الخادمة قد مدت يدها عليكِ؟
– نعم. لقد صفعتني على وجهي!
– ولماذا؟
– اغتاضت منّي اليوم حين رفضت تناول الفطور.
– بهذه البساطة؟
ردّت بانكسار: لقد اعتدت على ذلك!
رن الجرس معلنا انتهاء فترة الاستراحة. استأذنتي في الذهاب إلى صفها وخرجت برفقة سارة.
– إنه موضوع لا أستطيع أن أتدخل فيه.
– أنتِ يا عبير من يقول هذا الكلام؟! أين حرصكِ واهتمامكِ بالطالبات؟!
– موجود لكن هنا بين أسوار المدرسة لا خارجها!
– ومريم ألا تستحق الاهتمام؟ أليس ما حدث لها جريمة في حقها؟ وممن؟ من الخادمة؟!
– ماذا يمكنني أن أفعل؟!
– أقل شيء استدعي والدتها، وأعلميها ما حدث.
– وإن كانت تعلم؟!
– فتلك مصيبة! وأيّ مصيبة!!
– لكن هل يُعقل أن يصل الأمر إلى الضرب! “هكذا حدثتها بانفعال”
– ربما لم تكن تقصد.
– كيف… ومريم أخبرتنا أنها اعتادت على ضرب الخادمة؟!
– والمطلوب؟
– انتبهي لابنتك لأنها بحاجة إليكِ خاصة وهي في هذا السن، وأوقفي الخادمة عند حدها.
– كيف؟
– استغني عن خدماتها.
– أستغني عن خدماتها!!! مستحيل!! من سيدبر شؤون منزلي إن ذهبت؟! أنتِ لا تعرفين خادمتي، وقد لا تعلمين أن جميع جاراتي يحسدنني عليها.
خرجت أم مريم مثلما جاءت! خرجت وقلبي يتفطّر على ابنتها المسكينة، ويشتعل غيضاً منها ومن الخادمة التي خلا قلبهما الرحمة!!
وللقصة بقية …
سأعود -إن شاء الله- انتظروني …
أمسكت يدها وقلت: تعالي معي إلى المكتبة؟
كانت أمينة المكتبة قد جهزت ركناً خاصاً حمل مجموعةً من الكتب والمجلات والمطويات. كانت كلها عن الأم.
أمي العزيزة…
لا أعرف ماذا أكتب؟! أو ماذا أقول؟! أو من أين أبدأ؟! سأبدأ بالبوح عن أمنتياتي. تمنّيت أن أسألكِ، تمنيت أن أناقشكِ في أمور عدّة. أياماً كثيرة مرّت احتجت فيها إلى نصحك وإرشادكِ. احتجت إلى من يجيب على أسئلة عديدة يضج بها رأسي. أسئلة لم أجد لها إجابة! حيّرتني وما تزال!
دائماً ما تخالجني هواجس عديدة، منها ما يدوم، ومنها ما ينتهي لحظة ميلاده. متأكدة أنّي سأجد لديك أذناً صاغية، لما أقوله أو أكتبه لكن هيهات هيهات. لقد منحتني ذات يوم كل اهتمامك. منحتني ما كنت أتمناه، وما لم أكن أتمنّاه.
مرّة شاهدتكِ في المنام تطلبين منّي أن أقول لكِ كل شيء. استغربت من طلبك، لكن تمنيت ساعتها لو أحكي لك كل شيء. آآه لو عرفتي يا أمي ما في جوفي من حكايات ضاق بها صدري. حكايات لا تموت أقصها على نفسي كل يوم لكن ذلك مستحيل.
أمي … إن الحياة صعبة، أصعب ممّا تصورت، والواقع يجب أن أرضى به حتى لو وقفت عاجزةً أمامه. ثقي بأني كل صباح أتذكرك ويلوح طيفك أمام ناظري حين أرتّب شعري، وحين أنتظر الحافلة، وحين أعود إلى البيت وقت الظهيرة.
أمي… كنتِ موجودةً معي، والآن رحلتي. أنا في دار وأنتِ في دار أخرى، ولا أعلم إن كُتِبَ لنا أن نلتقي مرةً أخرى.
ما شاء الله عليك ياشمس قصه رائعه …..
– توقيعك بعد الخط الأحمر!!
أجبتها مبتسمة: بإذن الله غداً سيكون أخضر!
– الطابور يا مدرسات. المديرة نبّهت بالأمس على حضور جميع المعلمات إلى جانب الطالبات.
خرجت زميلاتي وبقيت وحيدةً في الغرفة. انهمكت في التحضير لكن توقفت عن الكتابة ورفعت رأسي حين ارتفع صوت نشيد في الإذاعة المدرسية.
لسوف أعود يا أمي أقبّل رأسك الزّاكي(1)
أبثّك كلّ أشواقي وأرشف عطر يُمناكِ
أمرّغ في ثرى قدميـ ـكِ خدّي حين ألقاكِ
– إنها الآنسة “عبير” الاختصاصية الاجتماعية.
التفت حولي، وألقيت نظرةً سريعة على جميع الواقفات في الطابور، فلم أجدها. هناك في غرفة أمينات السر وجدتها تصوّر مجموعةً من الأوراق. سلّمت عليها و…
– عبير. هل أنتِ المشرفة على إذاعة اليوم؟
– نعم. هل هناك شيء؟
– النشيدة!
سكتت، ووصل إلى أسماعنا صوت سارة.
فكم أسهرتِ من ليلٍ لأرقد ملء أجفاني
– لا أعني هذا. عبير ألَمْ تجدي غير سارة؟!!
– إنها أجمل صوت إنشادي مميز في المدرسة وبدون منازع.
– لكن لديها ظرفها الخاص.
خرجت الكلمات مني وهي تحمل نبرة غضب مكتومة. هنا تذكرت أن عبير اختصاصية جديدة في المدرسة. كانت سارة تكمل النشيد.
وكم أظمأت من جوفٍ لترويني بتحناني
– قبل ست سنوات توفيت والدة سارة في حادث سيارة. كانت في طريقها للمدرسة لتأخذها إلى البيت لكن سيارتها انحرفت عن الطريق، وبسبب إصابتها الشديدة توفيت قبل قدوم سيارة الإسعاف.
سكنت عينا عبير، وتمتمت بصوتٍ خافت:
– وسارة؟!
– سارة جلست تنتظرها في المدرسة برفقة بعض المعلمات اللواتي تأخرن في الذهاب ذلك اليوم، وحين وصل خبر الحادث إلى المعلمة المناوبة اتصلت بوالدها الذي لم يرد، فاضطرت لتوصيلها بسيارتها الخاصة إلى منزل جدها. طوال الطريق كانت سارة تبكي بصمت رغم عدم علمها بما حدث لوالدتها. سألتها المعلمة عن سبب بكائها فانطوت على نفسها ورفضت الحديث.
ويومَ مرضتُ لا أنسى دموعا منكِ كالمطر
– تغيبت سارة عن المدرسة أسبوعاً كاملاً، ولم يمر عام حتى تزوج والدها، وتركها تعيش في كنف جدها.
– ومن يعتني بها؟!
– جدتها وخالاتها.
وقفت عبير إلى جانبي نستمع إلى سارة وهي تنشد. كانت علامات التأثر باديةً على وجهها. رغِبت في إيقافها لكني أمسكت يدها، وطلبت منها أن تدعها تكمل.
ويوم وداعنا فجراً وما أقساه من فجرِ
وقلتِ مقالةً لا زلـ ـتُ مدّكراً بها دهري
محال أن ترى صدراً أحنَّ عليك من صدري