جاءت سوسن تركض من أقصى الغرفة وتنادي انظري ماذا وجدت وأخذت تشدني وتسحبني إلى النافذة استجبت لإصرارها واتجهت معها إلى النافذة متجاوبة مع حماسها واهتمامها وتحفزها … توقعت أن أجد خلف النافذة فيلاً في الفناء أو بالوناً غازياً عالقاً بأشجار الحديقة نظرت من النافذة فلم أجد شيئاً متغيراً فقلت لها ماذا هناك؟ قالت: هنا، هنا وأشارت بإصبعها إلى زاوية النافذة فاقتربت أكثر لأنظر فرأيت عنكبوتاً صغيراً جداً، قلت شكراً يا صغيرتي.. لقد ….
جعلتيني أنتبه للأشياء الصغيرة في هذا العالم.
نعم، تلك هي طبيعة الأطفال إنهم شغوفون للمعرفة والبحث والاكتشاف ودقيقين إلى درجة أنهم يرون أحياناً ما لا نراه نحن الكبار.
فما هو الاكتشاف؟
وما أنواعه؟
وكيف يتعلم الصغار من خلاله؟
وما دورنا كمربيين في تنميته؟
تعريف التعلم بالاكتشاف:
هو عملية بحث وتفكير تتطلب من الفرد إعادة تنظيم المعلومات التي أمامه مع تلك المخزونة لديه وتكييفها بشكل يمكنه من رؤية علاقات جديدة لم تكن معروفة لديه من قبل.
لماذا نشجع الاكتشاف:
أثبتت الدراسات العديدة أن المجتمع المتطور وهو المجتمع الذي يولي اهتمامه للإنسان عقلاً وذاتاً ومهارة مدعماً إياه بالوسائل المتطورة والتكنولوجيا المتقدمة، ويبدأ حب الطفل للتعلم منذ ولادته من خلال محاولاته المتكررة لاستكشاف العالم المحيط به والأسئلة العديدة التي يطرحها على من حوله والتي لا تكاد تلبي فضوله وحاجته للمعرفة، وكي يتمكن المربي من تنمية وتدريب روح الاكتشاف والمعرفة لديه لابد له من توفير بيئة تثري قدراته ومعرفته وتساعده على التعلم لما له من أهمية كبيرة تؤثر على النواحي العلمية والمعرفية لديه مستقبلاً فهو:
1. يساعد الطفل في تعلم كيفية تتبع الدلائل وتسجيل النتائج فيتمكن بعد ذلك من التعامل مع المشكلات الجديدة.
2. يوفر للطفل فرصاً عديدة للتوصل إلى استدلالات باستخدام التفكير المنطقي.
3. يشجع التفكير الناقد ويعمل على المستويات العقلية العليا مثل التحليل والتركيب والتقويم.
4. يشبع حاجات الطفل في الاكتشاف مما يساعده على تثبيت المعلومة في ذاكرته.
5. يساعد على تنمية الإبداع والابتكار.
6. يزيد من دافعية الطفل للتعلم بما يوفره من تشويق وإثارة يشعر بها الطفل أثناء اكتشاف للمعلومات بنفسه.
أسس الاكتشاف: يعتمد الاكتشاف على المبادئ التالية:
1. الملاحظة الحسية: ويمكن أن تكون في الملعب الخارجي: شجعهم على لمس جذوع الأشجار ومقارنة أنواع الحشائش في الحديقة، مراقبة أعشاش الطيور وبناء عش لإحداها، إغماض أعينهم ومحاولة سماع الأصوات المختلفة حولهم أو سماع صوت الريح.
2. تحري وظائف الأشياء:
– اطحن مجموعة من المواد الناعمة البيضاء مثل ملح، سكر، طحين، نشاء وضعها في أواني صغيرة شفافة ثم شجع أطفالك على تذوقها واكتشاف وظائفها أو تصنيفها.
– اجمع أوراقاً خضراء مثل أوراق الكزبرة ، البقدونس، الملوخية، النعناع اطلب منهم ملاحظة كل نوع ومقارنته بالأوراق الأخرى ثم أحضر أوراقاً شفافة وشجعهم على رسم كل نوع على ورقة ثم مقارنة كل رسم بالآخر.
– ضع مجموعة من المراد مثل صدف، ريش، حصى في علب شفافة وشجع الأطفال على تفحصها وإعادتها إلى أماكنها للمحافظة عليها.
3. حل المشكلات:
– ضع أشياء تطفو وتغوص في حوض شفاف ثم اطرح أسئلة يصلوا من خلالها إلى اكتشاف حقائق حول الطفو والغوص.
– أضف أشياء على المواد التي تطفو لتغوص ثم ناقش معهم السبب.
– يتيح الطبخ مع الطفل فرصة كبيرة للاكتشاف مثل مزج مواد مختلفة كإضافة بعض الملح أو السكر إلى اللبن وغير ذلك من الأنشطة مما يجعله يفكر تفكيراً ناقداً من خلال حواسه.
– إن أسئلة التي يطرحها الأطفال ومقارنتهم ومطابقتهم وملاحظتهم الاختلافات بين المواد أو الأشياء هي خطوات أساسية في تعليمهم الاكتشاف.
المفاهيم العليمة الأساسية التي يكتسبها الطفل (خريطة)
علوم بيولوجية: وهي كل ما يختص بالكائنات الحية (إنسان، حيوان، نبات).
علوم فسيولوجية: وتهتم بأجزاء ووظائف الكائنات الحية.
يكتسب مفاهيم مشتركة بين الكائنات الحية بين وظائفها وأجزائها.
لذا فالأطفال في حاجة دائمة لمعرفة واكتشاف البيئة المحيطة بهم على المستويين البيولوجي والفزيولوجي.
أنواع التعلم بالاكتشاف:
أ. الاكتشاف الموجه: ويتم فيه توجيه المتعلم إلى اكتشاف شيء محدد من خلال تفاعله مع بيئته التعليمية.
ب. الاكتشاف شبه الموجه: ويقدم خلاله المعلم بعض التوجيهات أو الإرشادات العامة للطفل ثم يترك له الفرص ليكم اكتشاف بحيث لا يقيده أو يحرمه من فرص النشاط العملي أو العقلي.
ت. الاكتشاف الحر: وهو ما يصل إليه المتعلم من معلومات وحقائق وعلاقات نتيجة لنشاطه الشخصي دون توجيه أو طلب من أحد، وهو أرقى أنواع الاكتشاف والذي لا يمكن للطفل أن يخوض فيه إلا بعد أن يكون قد مارس النوعين السابقين.
دور المعلم في التعليم بالاكتشاف:
إن التجهيز والتهيئة اللذان يقوم بهما المعلم يساعدانه في تحقيق الغاية من الركن لذا فعليك عزيزي المعلم:
1. تحديد المفاهيم العلمية والمبادئ التي سيتعلمها أطفالك وتبسيطها على شكل لعبة حتى يستمتعوا أثناء التجريب والبحث.
2. تنويع أنشطة و تجارب الاكتشافية تساعده على استخدام حواسه.
3. إعداد المواد اللازمة لتنفيذ التجربة بما يتوافق مع المرحلة العمرية للطفل وتجريبها قبل عرضها على الطفل.
4. إعداد أسئلة تنمي مهارة فرض الفروض لدى الأطفال.
5. الرجوع إلى المراجع وأسس علمية ليتمكن من التدرج.
حتى ينجح الركن:
بعد انتهائك من عملية التجهيرز إليك بعض الأفكار التي تساعدك في تنفيذ عملية الاكتشاف:
– احرص على أن تقد لأطفالك تطبيقات وتجارب علمية واجعلها جزءاً مهماً في يومهم.
– قدر قيمة الفضول الطبيعي لدى الطفل ووظفه.
– تجنب أن تجبر الطفل على أنشطة علمية لا يستطيع ملاحظتها أو تطبيقها بنفسهم وتعتمد على خبرتك أنت كراشد فلن تكون مجدية أو ملائمة.
– كن مرناً واسمح لأطفالك أن يكملوا تجاربهم حتى وإن انتهى الوقت المخصص للركن أو النجربة.
– اقترح موضوع ترغب في معرفته إذا وجدت صعوبة في تحديد موضوع البحث، وأشرك أطفالك في تجهيز الفصل واشترك معه في البحث والاكتشاف.
– جهز استمارات خاصة للتجارب يسجل فيه الأطفال ملاحظاتهم واستنتاجاتهم.
– وزع مراحل النشاط على الجدول اليومي للطفل بما يتوافق مع كل مرحلة.
– امنح الطفل الوقت الكافي للتفكير في حل مشكلات.
– قوم الطفل وساعده على تطبيق ما تعلمه في مواقف جديدة.
بوكس: الاكتشافات (بوكس بجوار حتى ينجح الركن)
– اكتشافات علمية
– أركان
– طبخ
– حيوانات
– طبيعة
– نمو كائنات
– علوم البيئة
الشراكة بين المدرسة والبيت:
هناك كثير من الأنشطة التي يمكن للأبوين في البيت المشاركة فيها ليصبح الاكتشاف متعة العائلة.
– وضح لأطفالك أنهم علماء صغار يمكنهم البحث والاكتشاف.
– أرسل للأبوين معلومات تشرح فيها نوع النشاط الذي يمارسه الأطفال في الصف ومقترحات لأفكار يمكن تطبيقها في البيت لتكون استمرارية لما يقدم في الصف، مثل: زراعة الخضار والتحدث عن أسمائها وأجزائها.
– اطلب من الأبوين مساعدة الطفل على تجميع الصناديق الفارغة أو علب العصير والبيض لاستخدامها في مختلف الأنشطة وذكرهم بأهمية مخلفات البيئة في التدوير.
– شجع الأبوين على اصطحاب أطفالهم في نزهة إلى الحديقة العامة أو الفناء والتحدث معهم عن الطبيعة المحيطة من نباتات وحشرات وحيوانات وصخور….الخ وتفحصها بالشم واللمس والتذوق والفت نظرهم إلى الظواهر الطبيعية مثل شروق الشمس وغروبها أو تكاثف الغيوم ونزول المطر…الخ.
– اطلب من الأبوين تشجيع أطفالهم على جمع ما يصادفهم خلال النزهة مثل أصداف، حصى، أغصان، أوراق شجر والتحدث عنها.
أسئلة الاكتشاف:
تعد الأسئلة وسيلة طبيعية للكشف عن الحقائق واكتساب المعلومات والمهارات والخبرات وعلى المربي أن يطرح أسئلة تثير تفكير الطفل وتساعده على الحقائق والوصول إلى الأهداف المرجوة لذا لابد:
أن تكون معدة بلغة سليمة وواضحة ومتسلسلة منطقياً ومتنوعة، مناسبة للمرحلة العمرية للطفل ومثيرة لتفكيره حتى تبعث فيه الحماس لمزيد من المعرفة.
نجاح عملية الاكتشاف :
تتسبب الأسئلة المرتجلة في قطع تسلسل وترتيب تفكير الطفل مما يؤدي إلى توقفه عن العمل والبحث أو الابتعاد عن الهدف.
أنواع الأسئلة: يفضل أن يترك الطفل دون أسئلة إذا كان يعمل بشكل صحيح وينتقل من خطوة إلى خطوة وحده بسلاسة، وللأسئلة أنواع عدة نبنيها فيما يأتي:
1. أسئلة المقارنة أو التشابه والاختلاف: مثل: في أي شيء يختلف الزيت عن الماء؟
2. أسئلة الاستفسار مثل: لماذا يتجمد الماء؟ كيف تتشكل الغيوم في السماء.
3. الأسئلة الإخبارية أو المفتوحة: مثال: ماذا حصل لهذا القلم حتى صار قصيراً.
4. أسئلة تدل على الطريقة الصحيحة للعمل: مثل: انظر وأخبرني أو شم وأخبرني.
5. أسئلة الخيال التي تبدأ ب (لو) مثل: لو أقفلت فمك وأنفك ماذا سيحدث؟
6. أسئلة التحليل: مثل مم تتكون سلطة الفواكه؟
7. أسئلة المشاعر: مثل: ماذا تحب؟ هل يعجبك؟
8. أسئلة التقييم: مثل: ما رأيك ……؟
هذه الأنواع من الأسئلة تتيح للمربي مساعدة الطفل على تثبيت المعلومات لديه وتتيح للطفل الفرصة للتحدث بحرية وطلاقة وتنمي ثقته بنفسه بالإضافة إلى زيادة الألفة بينه وبين المربي وتشجعه على طرح المزيد منها ليذهب إلى حد أبعد في الاكتشاف.
عزيزي المربي إن احتضان طبيعة الأطفال الفضولية واحتياجاتهم المعرفية وتشجيعهم على البحث والملاحظة يدفعهم إلى مزيد من الاكتشاف فاحرص على إعطاء أطفالك كثيراً من الفرص غير المحدودة حتى يختبروا الأشياء بأنفسهم واجعل الاكتشاف جزءاً أساسياً من جدولهم اليومي وإذا وجدت صعوبة في تجهيز زاوية علمية في صفك فالطبيعة نبع لا ينضب.
مجلة بريد المعلم
مشكوووووووووووور على الطرح