البكاء شكل من أشكال التعبير عن مشاعر الإنسان الداخلية، وانفجار لآلامه المكبوتة، وحسراته المتراكمة. وهو يختلف من شخص لآخر حسب المواقف والظروف التي يمر بها كل إنسان. فليس البكاء قرينا بالأنوثة، ولا ضعفا خاصا بالنساء دون الرجال، كما هو مشهور بين الناس، أن الدموع لا ترسم خرائطها على وجه الرجل أبدا، لشموخه وكبريائه، التي لا تذلها المواقف الصعبة التي تطرأ على حياة الرجل ,والذي تبقى “كبرياء دموعه” هي أهم ميزات شخصيته العامة، والتي تثير رؤية ترقرقها في مقلتيه استغراب الكثير من الناس، واستهزاء بعضهم، كما أكد ذلك أبو فراس الحمداني قبل أكثر من 1050 عاما بقوله “وأذللت دمعا من خلائقه الكبر”، رغم أن الدمع صوت النفس البشرية، وصدى الألم الإنساني، وهو النافذة التي تندفع منها الآلام إلى خارج النفس ليتعافى الإنسان منها…

فالرجل يبكي هو الآخر، كما تبكي النساء أو أشد، لأن للرجال-أو على الأقل لنسبة عريضة منهم- قلب كقلب الطير، رقيق وديع، وأن منهم من هو أكثر وأرق إحساساً من النساء، يتأثر بسرعة بما حوله، لكن دموعه عزيزة مستعصية، لا تذرف إلا في الظروف الصعبة، وغالبا ما تكون صامتة يبكيها داخل نفسه، ويظل يجاهد لحبسها حتى لا تظهر، إلا عندما تصل به تراكمات الهموم والأحزان إلى قمة الضعف والانكسار، فتدمع عيناه، وتتساقط منها العبرات، ويبكي البكاء الحار بسبب الصراع الشديد ما بين تفاعل ظهور الدموع وانهمارها، ومحاولة السيطرة عليها وكتمها وتكبيلها بداخله حتى تموت، لكن ذلك كثيرا ما يصعب ويتعذر مهما جرب التحكم في مشاعره، فتغلبه وتتفوق عليه، وتجري من عينيه الدموع دون إرادة منه، وحينها ينهار، ويبكي كطفل سلبت منه لعبته، وتكون دموعه تلك – التي هي حتما دموع صادقة- أشد التهابا من النار، وذلك أمر غريزي فطري، فالإنسان لا يملك دفع البكاء عن النفس، خاصة إذا كان السبب يستحق كل ذاك العناء… يقول الله تعالى (وأنّه هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى).

وبعيدا عن العواطف الأبوية المحترمة جدا، فلو فكرنا قليلا كآباء، لوجدنا أننا فعلنا نفس ما يفعله الذي جاء ليتسلم مني عروسه” ابنتي”، وأننا في زمن ما مضى قرأنا نحن أيضا الفاتحة مع آباء زوجاتنا وتسلمنا منهم بناتهم، فتلك سنة الحياة وناموسها.
وكل أب يتمني لابنته أن تعيش حياة ناجحة وسعيدة مع من تحب، وعندما يتم ذلك وتتزوج البنت يسعد الأب كثيرا، و ما دموعه إلا دموع فرح أكثر منها دموع حزن، وما الحزن في عينيه يوم الخطوبة والزفاف إلا من سعادته بأنه أدى الواجب وأوصل فلذة كبده إلى بر الأمان وحقق لها ما كانت تتمناه.
وهناك قصة تحكى عن جمال عبد الناصر: حين تقدم حاتم صادق، وكان أول من تقدم لطلب يد ابنته، -وكانت نظرات عيني جمال عبد الناصر، كما هو معروف، ترعب من ينظر إليه!- يومها قال عبد الناصر لصديقه محمد حسنين هيكل: تصور جرأة الولد.. جاي عاوز ياخدها مني؟! وضحك هيكل وهو يقول لعبد الناصر الصديق والأب والإنسان: أنت نسيت أنك عملت كده برضه؟!
م
ن
ق
و
ل

11 thoughts on “لماذا يبكي الآباء عند تزويج بناتهم؟؟؟

  1. لانها ضناه وفي حمايته هو محتونها متحمل منها حاطنها في عينه ما تهون عليه

    والبنت بطبيعتها ضعيفه مب مثل الولد ودايما الأبو يشوف بنته صغيره ودلوعة يحب انه يدلعها يتحمل منها يلبي لها طلباتها بدون مقابل لكن الزوج تكون عنده مسؤولة هي تتحمل منه واتلبي له كل طلباته

    ابويه الله يطول في عمره وايد حنون علينا ويحبنا ما نهون عليه ابره اتجيسنا
    على فكرة الاهل دايما يشوفون عيالهم صغاااار
    اذكر اني يوم انخطب واردهم كان يستانس لاني رديتهم ويقول ما عليه بنتي بعدها صغيره بيي نصيبها لين ما قطاري طاف ههههه

  2. هذه سنة الحياة يا اخي

    نأخذ ممن سبقنا وربانا ثم نربي ونعطي لمن يأتي بعدنا

    الله يجمعنا بهم في مستقر رحمته

  3. ماينلام 20 ولا 25 سنه يربيه واخر شي اتسير عنه .. شـكــ وبارك الله فيك ـــرا

    الشكر لشخصكم الكريم على المرور

  4. موضوع جميل جدا و مفيد كالعاده ياااااااا اخي هزاع

    البكاء شيء طبيعي ليس للمرأة فقط بل الرجل أيضا

    لأن كل واحد منهم لديه مشاعره و ظروفه وكل واحد يعبر عنها بطرق مختلفة

    فإن العلماء يرون أن كبت المشاعر وحبس الدموع يسبب التسمم, بسبب انحباس

    المواد والمركبات المؤذية داخل أنسجة الجسم , مشيرين إلى أن المرأة تعيش

    حياة أطول من الرجل بسبب تخلصها من سموم جسمها عن طريق دموعها, لأنها

    أكثر استعدادا للبكاء من الرجل



    شرفني مروركم العطر

Comments are closed.