مآسي سيح البانه

يقع سيح البانه بالقرب من عين خت السياحية التابعة لإمارة رأس الخيمة وحبحب التابعة لإمارة الفجيرة ويتوسط عدداً كبيراً من المناطق والقرى الآهلة بالسكان والأراضي الزراعية التابعة لرأس الخيمة ولمدة طويلة كان هذا السيح من المناطق الهادئة والمريحة للسكان ولكل من رغب بأن يقضي استراحة قصيرة فيه.

إلا أنه في الآونة الأخيرة وبعدما تدخلت الحكومة الاتحادية وانهت الخلاف بين الإمارتين وأقرت أحقية كل منهما في السيح وأصبح لكل منهما موطأ قدم فيه قانونياً ، إذ سال لعاب كل منهما في السيح وقد كدنا لانصدق ، أن يكون هذا السيح بتلك الأهمية الاستراتيجية للإمارتين ، فقد تدفقت الاستثمارات الصناعية إليه من الفجيرة ولم نرَ وادياً أو هضبةً أو سفحاً أو سهلاً إلا ونُصب فيه مقلع و كسارة ولم يُكتف بذلك بل أنشأت إمارة الفجيرة مصنع إسمنت عملاق وبدأت تلك المنشآت بضخ السموم والأتربة والغبار على المناطق المحيطة المأهولة بالسكان وعلى الأراضي الزراعية. ولم تكتفِ الفجيرة بتلك المشاريع بل لديها مخططاً لبناء مصنع أسمنت آخر يُنتج ملايين الأطنان من الإسمنت .

والأغرب من ذلك أن إمارة رأس الخيمة وسكانها المتضررين الرئيسيين من وجود تلك المنشآت تدفع بمشاريع مشابهة إلى هذا السيح وبدأت بتشييد مصنع إسمنت ضخم محاذٍ لمصنع الفجيرة على جانب الطريق الرئيسي وكأنها وجدت ضالتها في هذا المكان وهي تعلم علم اليقين بأن المتضرر الرئيسي من تلك المشاريع قاطبة سكان إمارة رأس الخيمة وليس سكان الفجيرة الذين يبعدون عشرات الكيلومترات من السيح عدا سكان قرية حبحب التابعة لإمارة الفجيرة.

والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تسلك الإمارتان سلوكاً غير حضاري في التعامل مع هذه المنطقة ؟ ولماذا الانتقام من المواطنين بحجة التنمية وأية تنمية يتحدثون عنها التي لطالما أضرت بالإنسان . هنا في رأس الخيمة يتحدثون عن ضرورة إجلاء السكان من المناطق الصناعية القديمة كـ خور خوير والمناطق المجاورة لها التي بُنيت فيها مصانع ومقالع وكسارات بحجة ارتفاع تكاليف نقل تلك الصناعات إلى مناطق أخرى . لكن ماذا عن المشاريع الجديدة والتي شُيدت بجانب مراكز العمران . هل هم أيضاً مطالبون بأن يرحلوا وإلى أين ؟

لقد أولت الدولة اهتماماً كبيراً بالبيئة ، واستحدثت وزارة جديدة للبيئة ، وهناك هيئة اتحادية للبيئة ، كل ذلك من أجل خلق بيئة نظيفة خالية من التلوث والأضرار البيئية وتنمية موارد البيئة بما يضمن استدامتها ، محققة بذلك أفضل الممارسات للإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة. إننا نناشد الدولة الاتحادية بأن تتدخل لوقف هذا العبث بالبيئة والإضرار بالإنسان ، وبأن يكون للدولة الاتحادية اليد الطولى في الشأن البيئي على مستوى جميع الإمارات ، فليس مقبولاً أن يكون في إمارة ما مستوى عال من الرقابة على التلوث وفلتان في أخرى.

منقول مآسي سيح البانه – منتديات وطن