توقع خبراء اقتصاد أن تواصل أسواق المال الخليجية أداءها المتصاعد في المستقبل القريب مدعومة بوفرة السيولة وزيادة النفقات العامة. وحذر الخبراء المشاركون في مؤتمر آليات تفعيل البورصات الخليجية الذي افتتح في أبو ظبي أمس من وجود مخاطر تتمثل في اعتماد الدول الخليجية على العائدات النفطية، غياب التنظيم، ومحدودية كل من القاعدة الرأسمالية للبورصات الخليجية والعرض والطلب على الأسهم، إضافة إلى سيطرة عدد من كبار المستثمرين على حصص كبيرة من الأسهم، مقاومة الشركات العائلية التحول إلى شركات مساهمة، وعدم تنوع الأوراق المالية، وسيطرة الأسهم وندرة السندات.
وأشاروا في المؤتمر الذي يختتم أعماله اليوم إلى خطورة الأموال الساخنة وتمرير عمليات غسل الأموال، مطالبين بسرعة إنشاء البورصة الخليجية الموحدة، تفعيل الدور الاقتصادي والتنموي لأسواق المال الخليجية، وتحديث البورصات وتطويرها من الناحيتين الفنية والتنظيمية بما يساعد على زيادة حجمها وقدرتها الاستيعابية.
وأكد المشاركون أن الارتفاع غير المسبوق الذي شهدته أسعار النفط أدى إلى توجيه الأنظار بشكل قوي إلى أسواق دول مجلس التعاون، إضافة إلى استفادة البورصات من زيادة عدد الشركات المدرجة، زيادة أرباح الشركات المتداولة أسهمها، ضعف أداء أسواق المال العالمية، وانخفاض مستويات أسعار الفائدة نسبيا وتعزيز الشفافية.
ورأوا أن هذه العوامل وغيرها عززت أداء البورصات الخليجية، حيث ارتفعت القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة في السوق السعودية نهاية الربع الثاني من السنة الجارية بنسبة 31.8 في المائة لتبلغ نحو518.241 مليار دولار مقابل 393.322 مليار دولار نهاية الربع الأول من السنة نفسها.
وبيّن المشاركون أنه مقارنة بالربع الثاني من عام 2004 ارتفعت القيمة السوقية للأسهم السعودية بنسبة 152.6 في المائة، وبذلك تمثل السوق السعودية 49 في المائة من إجمالي القيمة السوقية لأسواق الأوراق المالية العربية، أي أن القيمة السوقية للسوق السعودية تساوي نحو نصف إجمالي قيمة الأسواق العربية الأخرى مجتمعة. وأوضحت ورقة العمل المقدمة من الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء المصري الأسبق أنه حتى منتصف أيلول (سبتمبر) 2005 بلغت قيمة بورصات دول مجلس التعاون الست نحو 1.04 تريليون دولار، أي ما يناهز ضعف القيمة التي حققتها نهاية 2004 والمقدرة بنحو 526.3 مليار دولار.
ولفتت الورقة إلى أن غالبية البورصات الخليجية سجلت تراجعا في تموز (يوليو) 2005، حيث هبطت بورصتا دبي وأبو ظبي نحو 43 مليار دولار الأمر الذي أثر على البورصات الخليجية الأخرى وشهدت سوقا السعودية وقطر تراجعا طفيفا.
وكشفت أن دول مجلس التعاون تولي منذ العقد الماضي اهتماما متزايدا لإنشاء وتطوير أسواق الأوراق المالية فيها لقناعتها بالدور المهم الذي يمكن أن تطلع به هذه الأسواق في مسيرة التنمية من خلال تعبئة المدخرات المحلية وتوجيهها نحو الاستخدامات الأكثر كفاءة وتوفير التمويل طويل الأجل للمشاريع الاقتصادية، بجانب دور الأسواق المالية في إنجاح برامج الإصلاح الاقتصادي، وتحفيز القطاع العام، الخاص المحلي، والأجنبي على الاستثمار لأن البورصات تتمتع بخاصية التوزيع الواسع للمخاطرة والتعرف اليومي والمنتظم على العوائد المحققة.
وأشار المشاركون إلى تضافر عدة عوامل حال دون قيام البورصات الخليجية بمهامها التنموية المأمولة محليا وإقليميا كونها أسواقا صغيرة الحجم، كما أنها تعاني من درجة تركز التداول، ضعف الفرص المتاحة للتنويع، ضعف سيولة الأسواق، التقلبات الشديدة في أسعار الأوراق المالية، محدودية الأدوات المالية المستخدمة، وضعف الهياكل التنظيمية والتشريعية والمؤسسية لهذه البورصات.
وذكروا أن من بين مظاهر محدودية الدور التنموي للبورصات الخليجية، محدودية القاعدة الرأسمالية لأسواق الأسهم الخليجية بسبب سيطرة الملكية الحكومية على الشركات التي تراوح بين 40 و45 في المائة من جملة أسهم الشركات المدرجة، إضافة إلى انخفاض نسبة عدد المتعاملين في البورصات الخليجية من إجمالي عدد السكان، حيث تقدر هذه النسبة بنحو 2 في المائة في المتوسط مقارنة بـ 20- 30 في المائة من الدول المتقدمة ومرد ذلك إلى انخفاض الوعي الاستثماري لدى كل من المدخرين والمستثمرين وتدني الثقة بكفاءة مؤسسات الوساطة المالية غير المصرفية.
وشدد المشاركون على أن التحرير المالي في العالم يشكل تحديا يواجه بورصات دول الخليج من قبل التكتلات المالية الدولية وفروعها وشركاتها التابعة العاملة في المنطقة، حيث تشكل الأموال الساخنة خطرا حقيقيا على استقرار البورصات واقتصادات دول التعاون، كما تشكل إمكانية استغلال هذه البورصات في تمرير عمليات غسيل الأموال تحديا إضافيا شديد الخطورة يضعف الدور التنموي للأسواق المالية.
وأشاروا إلى أن دول مجلس التعاون تسعى، من خلال رفع نسبة تملك الأسهم لمواطنيها، إلى تعزيز عملية ربط البورصات وأسواق المال ببعضها وإزالة حواجز تداول الأسهم فيما بينها، في مسعى منها إلى جعل الأسواق المتعددة سوقا مالية واحدة، منوهين في هذا الإطار بتطوير السعودية للتقنية التي ستمكن مبدئيا المستثمرين في دول المجلس من تداول الأسهم في أي من دول المجلس دون عائق، ما سيشجع التدفقات عبر الحدود داخل المنطقة والإبقاء على المدخرات واستثمارها فيها.
وأكد المشاركون في المؤتمر أن البورصة الخليجية الموحدة ستساعد على إعادة تخصيص موارد دول الخليج بكفاءة اقتصادية عالية تحقيقا للتوازن المطلوب بين الادخار والاستثمار، حيث ستشكل البورصة الموحدة القناة الرئيسية لانتقال الرساميل في المنطقة وجذب الأموال الأجنبية، وستساعد على تسريع عملية عودة الأموال المهاجرة، وتوسع الطاقة الاستيعابية لاقتصادات دول المجلس.
وذكروا أن إنشاء البورصة الخليجية الموحدة لا يخلو من تحديات منها مدى قدرتها على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، توظيف السيولة في القطاعات الإنتاجية، والالتزام بالمعايير الدولية المتعارف عليها، ومدى قدرتها على المنافسة الدولية، الأمر الذي يستوجب إفساح المجال أمام المبادرات الفردية والقطاع الخاص للمشاركة في النشاط الاستثماري، إيجاد الأطر التشريعية والتنظيمية المرنة بما يضمن حماية حقوق المتعاملين، تطوير البنية الأساسية، واستخدام المعايير الدولية فيما يخص حوكمة الشركات لضمان حقوق المساهمين، إضافة إلى تنويع أدوات الاستثمار المالية، والتعريف بفرص وإمكانيات الاستثمار المالية بين دول المجلس.
المصدر >>>جريدة الإقتصادية السعودية
http://www.aleqt.com/AswaqList.asp?NewsID=5080