بمزيج من التعاطف والنظام الصارم يقف معسكر يتبع نظاما يشبه النظام العسكري على خط النار في معركة ضد ادمان الانترنت، وهو مرض بدأ يصيب الملايين من الشباب في مختلف أنحاء القرية الكونية، وقد قررت الصين مواجهته.

ويستخدم مركز العلاج من ادمان الانترنت في منطقة “داكسينج” الصينية مزيجا من جلسات العلاج والتدريبات العسكرية لعلاج اطفال طبقة من اغتنوا حديثاً في الصين من إدمان الدخول على مواقع الألعاب ومواقع إباحية وأخرى للدردشة على الانترنت.

ويقول لي يانلين، وهو طالب جامعي تدهورت درجاته بعد ان أدمن ألعاب الانترنت، ““بالتدريج اصبحت مهووسا” بالانترنت. لكن بعد أن أمضى بضعة أسابيع في المعسكر يقول لي (18 عاما) “ادركت زيف العاب الانترنت”.

وبعد الفزع من حالات وفاة وجرائم بين الأحداث مرتبطة بالانترنت، أثارت ضجة كبيرة، بدأت الحكومة الآن في اتخاذ خطوات للقضاء على إدمان الإنترنت عن طريق حظر فتح مقاهي انترنت جديدة وفرض قيود على ألعاب الكمبيوتر التي تنطوي على عنف.

وبحسب “رويترز” فإن مركز “داكسينج”، الذي تموله الحكومة ويديره كولونيل من الجيش تحت إشراف المستشفى العسكري في بكين، واحد من عدد محدود من المراكز التي تعالج من إدمان الانترنت في الصين.

وينام المرضى – وأغلبيتهم الساحقة من المراهقين الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و19 عاماً، في عنابر جماعية ويستيقظون في السادسة والربع صباحاً لأداء تمارين رياضية والسير بخطوات عسكرية على أرض ممهدة بالخرسانة مرتدين زيّ تمويه عسكري “كاكي” اللون.

ويلقي المدربون أوامرهم بصوت عال عندما لا يكونون في جلسات استشارات نفسية فردية او جماعية. ويشمل العلاج تقليد العاب الحروب بأسلحة ليزر.

وأسلوب المركز، المعتمد على المزج بين الشدة والعطف، متميز في كسر إدمان الانترنت لكنه ضروري في بلد يعاني فيه نحو ملوني شاب من هذا المرض، كما يقول العاملون فيه.

وقال شو لي تينج، خبير التحليل النفسي بالمستشفى: “العديد من مدمني الانترنت هنا لم يكونوا يعبأون بمشاعر الآخرين… التدريب العسكري يجعلهم يدركون معنى ان يكونوا جزءا من فريق.. ويساعد ذلك أيضا أجسامهم على التحسن ويجعلهم أكثر قوة”.

وعالج المركز نحو 1500 مريض بهذه الطريقة منذ أن افتتح عام 2004 وحقق نسبة نجاح بلغت 70 في المائة في القضاء على الادمان.

ويتكلف العلاج في المركز نحو عشرة آلاف يوان (1290 دولارا) شهريا، أي ما يقرب من متوسط الدخل السنوي في الصين. لكن تاو ران، مدير المركز، يقول انه يستقبل حالات من الفقراء مجاناً لتحقيق المصلحة العامة.

وأضاف: “ليس هناك اتجاه عام لإدمان الانترنت من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية. لكن طالما هناك أجهزة كمبيوتر ستكون هناك حالات ادمان”.

وفي نهاية عام 2006 كان في الصين 137 مليون مستخدم لخدمة الانترنت بزيادة بنسبة 4.23 في المائة عن العام السابق.

وتفيد دراسة أعدها المركز الوطني الصيني للاطفال عام ،2006 انه من بين مستخدمي الانترنت تحت سنّ 18 هناك 3.2 مليون مدمن على استخدام الشبكة الدولية (أي 13 في المائة).

ومعدلات إدمان الانترنت المسجلة في دراسات غربية تتباين بدرجة كبيرة وسط اختلاف كبير بشأن تعريف الادمان، وما إذا كان هذا المفهوم موجودا أصلا.

ونقلت “رويترز” عن تقرير أعدته كلية الطب بجامعة ستانفورد عام ،2006 أن واحدا من كل ثمانية بالغين يجد من الصعب الابتعاد عن الانترنت لبضعة أيام، لكن التقرير لم يكن حاسما فيما يتعلق بما إذا كان الاستخدام المبالغ فيه للانترنت يرقى إلى وصف الادمان.

غير ان السلطات الطبية الصينية لا تفرق كثيرا بين مدمن الانترنت ومدمن الكحوليات والمخدرات والقمار.

ويقول تاو: “الآثار واحدة… بعض المدمنين يتخلفون عن الدراسة.. بعضهم يهاجم الناس للحصول على المال او يسرق أو يبيع مقتنيات الأسرة ليواصل الدخول على العاب الكمبيوتر. والبعض الآخر ينتهي به الأمر للانتحار بسبب اعتقادهم انه لا جدوى من الحياة”.

وفاجأت العواقب الاجتماعية للادمان الحكومة كما فعل النمو الهائل في معدل استخدام الانترنت.

وقال تاو: “فجأة – بعد ان كان عدد المستخدمين محدودا جدا في عام 1997- أصبح لدى الصين حالياً 130 مليون مستخدم. يمكن الدخول على الشبكة في أبعد المناطق والنظام القضائي لم يجد الوقت الكافي للتطور” لملاحقة ذلك.

وإدمان الانترنت مسؤول عن معظم جرائم الاحداث في الصين وعن عدد من حالات الانتحار وعن وفيات ناجمة عن اجهاد لاعبين لا يستطيعون إبعاد أنفسهم عن جلسات الألعاب الطويلة.

وفي عام 2005 أصدرت محكمة في شنغهاي حكماً بالسجن مدى الحياة على مستخدم ألعاب الكمبيوتر على الانترنت طعن شخصاً حتى الموت لسرقته سيفه الافتراضي، وهو جائزة افتراضية كسبها أثناء اللعب.

ودفع اتساع نطاق ادمان الانترنت بين الشباب الحكومة الصينية لحظر فتح مقاهي انترنت جديدة في عام 2007 والتي ينظر إليها في الصين باعتبارها أرضا خصبة للانحرافات الاجتماعية.

واقترح نواب في مؤتمر الشعب الوطني وهو الجلسة السنوية للبرلمان عقوبات أكثر صرامة على اصحاب مقاهي الانترنت الذين يسمحون للأحداث بالدخول وفرضوا قيودا على العاب الكمبيوتر التي تنطوي على العنف.

وقال تاو: “حتى الرئيس هو جين تاو تحدث في الفترة الأخيرة عن تطوير مناخ انترنت علمي ومتحضر”.

لكن شو لي تينج قال إن ادمان الانترنت في الصين ليس مجرد نتاج لعيوب في النظام الرقابي.

وأضاف “السبب الرئيسي وراء إدمان الانترنت هو ان توقعات اولياء الأمور من ابنائهم مبالغ فيها”.

فمع اعتقاد العديد من الآباء والأمهات ان التعليم هو السبيل الوحيد للتقدم في مجتمع يشهد منافسة ضارية ويقطنه 3.1 مليار نسمة يحبس البعض أبناءهم لمذاكرة دروسهم ويطلبون من المدرسين إغراقهم بالواجبات المنزلية.

ويقول شو إن الضغوط قد تكون كبيرة على الأطفال خاصة إذ لم ينجحوا. وأضاف: “عندئذ يهربون إلى العالم الافتراضي بحثا عن تحقيق الذات والشعور بالأهمية والرضى”.

المصدر جريدة الخليج : http://www.alkhaleej.ae/articles/sho…cfm?val=364766

One thought on ““معسكر” خاص للعلا ج من إدمان الا نترنت

  1. بمزيج من التعاطف والنظام الصارم يقف معسكر يتبع نظاما يشبه النظام العسكري على خط النار في معركة ضد ادمان الانترنت، وهو مرض بدأ يصيب الملايين من الشباب في مختلف أنحاء القرية الكونية، وقد قررت الصين مواجهته.

    ويستخدم مركز العلاج من ادمان الانترنت في منطقة “داكسينج” الصينية مزيجا من جلسات العلاج والتدريبات العسكرية لعلاج اطفال طبقة من اغتنوا حديثاً في الصين من إدمان الدخول على مواقع الألعاب ومواقع إباحية وأخرى للدردشة على الانترنت.

    ويقول لي يانلين، وهو طالب جامعي تدهورت درجاته بعد ان أدمن ألعاب الانترنت، ““بالتدريج اصبحت مهووسا” بالانترنت. لكن بعد أن أمضى بضعة أسابيع في المعسكر يقول لي (18 عاما) “ادركت زيف العاب الانترنت”.

    وبعد الفزع من حالات وفاة وجرائم بين الأحداث مرتبطة بالانترنت، أثارت ضجة كبيرة، بدأت الحكومة الآن في اتخاذ خطوات للقضاء على إدمان الإنترنت عن طريق حظر فتح مقاهي انترنت جديدة وفرض قيود على ألعاب الكمبيوتر التي تنطوي على عنف.

    وبحسب “رويترز” فإن مركز “داكسينج”، الذي تموله الحكومة ويديره كولونيل من الجيش تحت إشراف المستشفى العسكري في بكين، واحد من عدد محدود من المراكز التي تعالج من إدمان الانترنت في الصين.

    وينام المرضى – وأغلبيتهم الساحقة من المراهقين الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و19 عاماً، في عنابر جماعية ويستيقظون في السادسة والربع صباحاً لأداء تمارين رياضية والسير بخطوات عسكرية على أرض ممهدة بالخرسانة مرتدين زيّ تمويه عسكري “كاكي” اللون.

    ويلقي المدربون أوامرهم بصوت عال عندما لا يكونون في جلسات استشارات نفسية فردية او جماعية. ويشمل العلاج تقليد العاب الحروب بأسلحة ليزر.

    وأسلوب المركز، المعتمد على المزج بين الشدة والعطف، متميز في كسر إدمان الانترنت لكنه ضروري في بلد يعاني فيه نحو ملوني شاب من هذا المرض، كما يقول العاملون فيه.

    وقال شو لي تينج، خبير التحليل النفسي بالمستشفى: “العديد من مدمني الانترنت هنا لم يكونوا يعبأون بمشاعر الآخرين… التدريب العسكري يجعلهم يدركون معنى ان يكونوا جزءا من فريق.. ويساعد ذلك أيضا أجسامهم على التحسن ويجعلهم أكثر قوة”.

    وعالج المركز نحو 1500 مريض بهذه الطريقة منذ أن افتتح عام 2004 وحقق نسبة نجاح بلغت 70 في المائة في القضاء على الادمان.

    ويتكلف العلاج في المركز نحو عشرة آلاف يوان (1290 دولارا) شهريا، أي ما يقرب من متوسط الدخل السنوي في الصين. لكن تاو ران، مدير المركز، يقول انه يستقبل حالات من الفقراء مجاناً لتحقيق المصلحة العامة.

    وأضاف: “ليس هناك اتجاه عام لإدمان الانترنت من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية. لكن طالما هناك أجهزة كمبيوتر ستكون هناك حالات ادمان”.

    وفي نهاية عام 2006 كان في الصين 137 مليون مستخدم لخدمة الانترنت بزيادة بنسبة 4.23 في المائة عن العام السابق.

    وتفيد دراسة أعدها المركز الوطني الصيني للاطفال عام ،2006 انه من بين مستخدمي الانترنت تحت سنّ 18 هناك 3.2 مليون مدمن على استخدام الشبكة الدولية (أي 13 في المائة).

    ومعدلات إدمان الانترنت المسجلة في دراسات غربية تتباين بدرجة كبيرة وسط اختلاف كبير بشأن تعريف الادمان، وما إذا كان هذا المفهوم موجودا أصلا.

    ونقلت “رويترز” عن تقرير أعدته كلية الطب بجامعة ستانفورد عام ،2006 أن واحدا من كل ثمانية بالغين يجد من الصعب الابتعاد عن الانترنت لبضعة أيام، لكن التقرير لم يكن حاسما فيما يتعلق بما إذا كان الاستخدام المبالغ فيه للانترنت يرقى إلى وصف الادمان.

    غير ان السلطات الطبية الصينية لا تفرق كثيرا بين مدمن الانترنت ومدمن الكحوليات والمخدرات والقمار.

    ويقول تاو: “الآثار واحدة… بعض المدمنين يتخلفون عن الدراسة.. بعضهم يهاجم الناس للحصول على المال او يسرق أو يبيع مقتنيات الأسرة ليواصل الدخول على العاب الكمبيوتر. والبعض الآخر ينتهي به الأمر للانتحار بسبب اعتقادهم انه لا جدوى من الحياة”.

    وفاجأت العواقب الاجتماعية للادمان الحكومة كما فعل النمو الهائل في معدل استخدام الانترنت.

    وقال تاو: “فجأة – بعد ان كان عدد المستخدمين محدودا جدا في عام 1997- أصبح لدى الصين حالياً 130 مليون مستخدم. يمكن الدخول على الشبكة في أبعد المناطق والنظام القضائي لم يجد الوقت الكافي للتطور” لملاحقة ذلك.

    وإدمان الانترنت مسؤول عن معظم جرائم الاحداث في الصين وعن عدد من حالات الانتحار وعن وفيات ناجمة عن اجهاد لاعبين لا يستطيعون إبعاد أنفسهم عن جلسات الألعاب الطويلة.

    وفي عام 2005 أصدرت محكمة في شنغهاي حكماً بالسجن مدى الحياة على مستخدم ألعاب الكمبيوتر على الانترنت طعن شخصاً حتى الموت لسرقته سيفه الافتراضي، وهو جائزة افتراضية كسبها أثناء اللعب.

    ودفع اتساع نطاق ادمان الانترنت بين الشباب الحكومة الصينية لحظر فتح مقاهي انترنت جديدة في عام 2007 والتي ينظر إليها في الصين باعتبارها أرضا خصبة للانحرافات الاجتماعية.

    واقترح نواب في مؤتمر الشعب الوطني وهو الجلسة السنوية للبرلمان عقوبات أكثر صرامة على اصحاب مقاهي الانترنت الذين يسمحون للأحداث بالدخول وفرضوا قيودا على العاب الكمبيوتر التي تنطوي على العنف.

    وقال تاو: “حتى الرئيس هو جين تاو تحدث في الفترة الأخيرة عن تطوير مناخ انترنت علمي ومتحضر”.

    لكن شو لي تينج قال إن ادمان الانترنت في الصين ليس مجرد نتاج لعيوب في النظام الرقابي.

    وأضاف “السبب الرئيسي وراء إدمان الانترنت هو ان توقعات اولياء الأمور من ابنائهم مبالغ فيها”.

    فمع اعتقاد العديد من الآباء والأمهات ان التعليم هو السبيل الوحيد للتقدم في مجتمع يشهد منافسة ضارية ويقطنه 3.1 مليار نسمة يحبس البعض أبناءهم لمذاكرة دروسهم ويطلبون من المدرسين إغراقهم بالواجبات المنزلية.

    ويقول شو إن الضغوط قد تكون كبيرة على الأطفال خاصة إذ لم ينجحوا. وأضاف: “عندئذ يهربون إلى العالم الافتراضي بحثا عن تحقيق الذات والشعور بالأهمية والرضى”.

    المصدر جريدة الخليج : http://www.alkhaleej.ae/articles/sho…cfm?val=364766

Comments are closed.