كثر الحديث مؤخرا عن شركات الاسمنت
وقد يعود ذلك الى الارتفاعات الملحوظة التي حققتها بعض تلك الشركات في فترة وجيزة (رغم حالة التذبذب والتراجع التي يعيشها السوق منذ مدة) مما وضعها في بؤرة الاهتمام بالنسبة للكثيرين
وقد درجت العادة ان ترتفع اسعار شركات الاسمنت عند اقتراب موسم توزيعات الارباح السنوية بسبب التوزيعات المغرية لقطاع الصناعة عموما والاسمنتات على وجه الخصوص
كما لاحظنا تباين ردود فعل الكثيرين حيال طفرة قطاع الاسمنت ما بين متفائل ومتشائم
وبين هذا وذاك طُمست بعض الحقائق – عمداً او بدون قصد –
ولهذا سأورٍد هنا بعض المغالطات التي يروّج لها بعض “المغرضين” عن شركات الاسمنت متبوعة بالحقائق ذات الصلة(حسب ما هو متوفر لدي من معلومات):
مغالطة: كل شركات الاسمنت متشابهة
الحقيقة: تختلف شركات الاسمنت في كثير من الامور مثل الطاقة الانتاجية، نوع المنتج (اسمنت، كلنكر، اسمنت ابيض …) ، نوعية الانتاج (من ناحية المواصفات والمقاييس)، الربحية، …الخ
وشركات الاسمنت المدرجة في الاسواق حاليا هي:
سوق ابوظبي: شركات اسمنت الخليج والاتحاد والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة وام القيوين والاسمنت الابيض
سوق دبي: شركة الاسمنت الوطنية (تم إدراجها حديثا)
مغالطة: غالبية ارباح شركات الاسمنت “غير تشغيلية” اي من الأنشطة الاستثمارية
الحقيقة: هناك تفاوت كبير في هذه الناحية بين الشركات – فبعضها تحقق ارباحا تشغيلية بالكامل تقريبا (شركات اسمنت الفجيرة ورأس الخيمة) والبعض تطغى ارباحها الاستثمارية على التشغيلية (اسمنت ام القيوين والاسمنت الابيض) بينما تقع باقي الشركات بين النقيضين (الخليج والاتحاد والشارقة)
مغالطة: الارباح التشغيلية الصافية لشركات الاسمنت ضعيفة
الحقيقة: تحقق اغلب شركات الاسمنت (بإستثناء الابيض وام القيوين) ارباحا تشغيلية جيدة الى ممتازة بكل المقاييس وتعتبر من افضل الشركات في السوق من ناحية المكررات والعائد على رأس المال والعائد على حقوق المساهمين …الخ
مغالطة: قد تتعرض شركات الاسمنت لهزة اذا حصل انهيار للسوق المالي
الحقيقة: اذا تعرض السوق لانهيار – لا قدّر الله – مثل ازمة سوق المناخ او صيف 98 فسينخرب بيت الكل وليس شركات الاسمنت فقط!!
مغالطة: تلجأ شركات الاسمنت الى الاقتراض من بعضها او من البنوك مما سيؤدي الى إضعاف مراكزها المالية مستقبلا
الحقيقة: تلجأ الكثير من الشركات (الاسمنتات وغيرها) الى الاقتراض للعديد من الاسباب. ولكن شركات الاسمنت افضل من غيرها بكثير في هذه الناحية لأنها تقوم بالاقتراض لأسباب معروفة ومبررّة ولها عائد محسوب ومضمون(مثل تمويل مشاريع توسعة الانتاج او تحسين نوعية المنتج). والحصول على تمويلات خارجية في بعض الاحيان قد يكون الخيار الامثل من الناحية الاستراتيجية والمالية والحفاظ على معدلات الأداء المستقبلية مقارنة باللجوء الى زيادة رأس المال بنسب كبيرة.
ومن الملاحظ ان هذه الشركات تعلن بصورة مفصلة ودقيقة عن تفاصيل قروضها والاستخدامات المزمعة لها أي انها افضل بكثير من بعض الشركات التي تظهر مديونياتها فجأة ضمن بياناتها المالية وبدون ادنى تفاصيل مسبقة. هذا طبعا غير العديد من الشركات التي تلجأ لزيادة رأس المال بصورة غير مبررة + علاوات اصدار كبيرة + قروض من البنوك لغرض المضاربة في اسواق الاسهم …
مغالطة: ستقل ارباح شركات الاسمنت الغير تشغيلية اذا انتهت الطفرة الحالية في سوق الاسهم
الحقيقة: ستكون شركات الاسمنت الأقل تأثرا من هذه الناحية بسبب ان الجزء الاكبر من محافظها يتكون من اسهم تأسيس في شركات قائمة وقوية كاستثمار طويل المدى (وتُدرج كاستثمارات متاحة للبيع او كاستثمار في شركات شقيقة). فمحافظ شركات الخليج والشارقة والابيض على سبيل المثال تم تأسيسها قبل اكثر من 20 سنة وتشمل اسهم شركات راسخة بسعر التأسيس تحقق من ورائها ارباحا عالية من التوزيعات. وتخصص شركات الاسمنت عادة نسب اقل من محافظها للمتاجرة والمضاربة في السوق (وتُدرج كاستثمارات متاحة للمتاجرة).
ولا ننسى التوسعات الانتاجية الكبيرة لبعض الشركات والتي ستعوض وتزيد عن اي نقص محتمل في ارباحها الاستثمارية
ولكن الخوف كل الخوف على الشركات التي انجرفت مؤخرا في المضاربة على الاسهم معرضة حقوق مساهميها لمخاطر تقلبات السوق، فهذه الشركات تتملك الاسهم حاليا بالاسعار السوقية واي هزة قد تعرضها لخسائر جسيمة (فمثلا تمتلك اغلب شركات الاسمنت والتأمين سهم اعمار على سعر 1-3 درهم بينما تأخذه الشركات التي قررت “المقامرة” في السوق مؤخرا على 25 درهم فمن سيكون المتضرر الاكبر اذا اهتز السوق؟)
مغالطة: ادارات شركات الاسمنت تتفرغ للمضاربة في اسواق الاسهم على حساب الأنشطة الرئيسية للشركات
الحقيقة: المتتبع لاخبار الشركات يعرف انها في سعي دؤوب لرفع طاقاتها الانتاجية او تحسين نوعية منتجاتها او خفض مصاريف استهلاك الطاقة وخلافه. فأين الاهمال الذي يدّعيه البعض؟
اما بالنسبة لتعاملاتها في سوق الاسهم، فمن المعروف ان هذه الشركات (وبعض شركات التأمين) دخلت هذا المجال منذ عقود وليس البارحة وهي متمرسة فيه قبل ان تبرز اسواق الاسهم بفترة طويلة جداً.
هذا الانتقاد يجب ان يُوجّه الى ادارات الشركات التي انغمست حديثا في اسواق الاسهم واضعة فيها الكثير من الوقت والمال على حساب انشطتها الأساسية والأمثلة على ذلك عديدة كما نرى في البيانات المالية الاخيرة للشركات
مغالطة: مساهمي شركات الاسمنت لا يستفيدون مباشرة من ارباحها الاستثمارية
الحقيقة: الارباح الاستثمارية تُدرج بطريقة او بأخرى ضمن حقوق المساهمين او الاحتياطيات او الارباح الفعلية (تبعا لنوعيتها) او يتم استخدامها في تمويل الانشطة التشغيلية او مشاريع التوسعات او توزيعات الارباح
وفي النهاية لابد وان يستفيد المساهمون منها بطريقة او باخرى
مغالطة: شركات الاسمنت تتحايل على السوق للحصول على مكررات غير مُستحقة عن طريق ادراج ارباحها الاستثمارية في افصاحاتها
الحقيقة: هذا كلام خاطيء جملة وتفصيلا. فالسوق وصنّاعه اذكى بكثير مما يحاول البعض الإيحاء به ولا يمكن التحايل عليه بهذه السهولة. والدليل على ذلك هذا المثال:
الشركة >>>>>>>>>>> عدد الاسهم >>>>>> ارباح 9 شهور >>>>>> السعر السوقي
================================================== ==
اسمنت رأس الخيمة >>>> 440 مليون >>>>>> 84 مليون >>>>>>>>> 4.80 درهم
الاسمنت الابيض >>>>> 467 مليون >>>>>> 226 مليون >>>>>>>> 3.10 درهم
نلاحظ ان السعر السوقي لسهم اسمنت راس الخيمة اعلى بـ %50 من الاسمنت الابيض رغم ان ارباحه تعادل %37 فقط من ارباح الابيض ورغم تقارب رأس مال الشركتين
والسبب هو ان السوق يُعطي مكررات اعلى للشركات ذات الأداء التشغيلي
اذاً السوق اعطى الاسمنت الابيض سعرا يقل بكثير حتى عن الشركات الحديثة والتي مازال بعضها على الورق لحينه ولم تبدأ فعليا بمباشرة اعمالها كما ان بعضها لم تُدرج في السوق حتى الآن ويتم تداول اسهمها بـ 7-4 دراهم!
وهذا رغم ان شركة الاسمنت الابيض تأسست قبل حوالي 20 سنة وتحقق ارباحا وتمتلك محفظة استثمارية ضخمة قد تناهز قيمتها الملياري درهم لو تم تقييم كل الاسهم التي تمتلكها على اساس القيمة السوقية الحالية كما ان حقوق المساهمين الفعلية فيها تعادل 4-5 اضعاف رأس المال
ورغم كل ذلك يتم تداول السهم بأقل من نصف قيمة بعض الشركات الحديثة
ونفس الشيء تقريبا ينطبق على شركات الاسمنت الاخرى
فأين التضخم السعري للاسمنتات الذي تروّج له بعض الأقلام المشبوهة …
فعلى خلاف ما يدّعيه البعض، السوق واعٍ ومدرك لكل هذه المعطيات تبعاً لنظرية Everything is discounted in the market price
مغالطة: لن يكون لشركات الاسمنت نصيب في النمو الكبير المتوقع مستقبلاً لشركات سوق دبي بحكم كونها مُدرجة في سوق ابوظبي
الحقيقة: لا أدري ان كان هذا ضرباً من التنجيم او الرجم بالغيب من قبل البعض!
ولكني لا أرى اسبابا مقنعة لإستثناء سوق ابوظبي من توقعات النمو التي ستشهدها اسواق المنطقة. عموماً قد لا يتأثر ملاك اسهم الاسمنتات بعدم تحقيق الشركات نسب نمو “تفوق الـ %200” كما يروّج البعض وبالتالي نزول مكررات بعض الاسهم الاخرى من خانة المئات الى خانة العشرات – حيث ان اغلب مكررات شركات الاسمنت اصلاً تتراوح بين 20-10 حاليا
مغالطة: تُصّنف شركة طاقة من ضمن شركات الاسمنت بسبب ارتفاع ارباحها الغير تشغيلية
الحقيقة: لا علاقة لشركة طاقة بالاسمنت لا من قريب ولا من بعيد …
يمكن بس مغضوب عليها من قبل البعض بسبب انها مدرجة في سوق ابوظبي
هذه محاولة لإحقاق الحق فقط وليست دعوة للبيع او الشراء
ويجب على المستثمرين دراسة اوضاع الشركات المستهدفة بصورة وافية قبل اتخاذ قراراتهم
والله الموفق،،
وانا كمان اثلجت صدري ياسومر
الكبير كبير
والنص نص وما يلزمناش
جزاك الله كل الخير …
موضوع مميز من كاتب مميز …
شكرا على الموضوع الطيب
بصراحة بردت النار إلي في قلبي علي بعض الناس
مجهود ممتاز واهنيك على الطرح الموضوعي ومن يريد ان يعرف تاثير المحافظ الاستثماريه على السهم والشركه فليرجع لشركة الدوائيه السعوديه سعرها اليوم تقريبا 810 ريال والسبب انها تملك في شركه زميله حصه ممتازه من الاسهم وكذلك ارباح شركة جازان الزراعيه السعوديه جزء كبير منها غير تشغيلي وسعرها اليوم فوق ال400ريال (لا املك لا في الاسمنتات ولا في هذه الشركات السعوديه ولكن للايضاح فقط) الاسمنتات في ثاني موجة طلوع ويتبقى فيها ثلاث موجات والله اعلم
سلمت يمناك اخى سومر..فى ميزان حسناتك ان شاء الله..
الاقلام المسمومه ستتوارى عن الانظار..واشك انها سوف تشارك فى الموضوع.