.
.
.
.
في مرة من المرات يا عيالي..كان الرجل الظالم عائدا من رحلـة قنص..و لفت أنتباهـه شــئ يتحرك بين الرمـث و الغاف..فأقترب بحـذر هـو و الرجال الذين كانـوا معــه كل على خيلــه.
أقترب أكثــر و ميـز جســد أنثـى تلبـس ثوبا أخضــر
أطول منـها ..ينسـحب على الرمـل و يعلق بالرمـث..و تفككــه بلطـف دون أن تزعـج نفسـها برفع طرف ثوبهـا..و تحمـل على كتفـها كـومة حـطب.
و لـم تزعـج نفســها أيضا لتلتـفت لضجــة الحوافــر خلفـها..مــما أثار أستــغرابه. توقف بقربها هــو و رجالـه…و أخــذ يناديها بصــوت عاال : (( هيــه هيــه أنتِ)).
و لم تلتفت أيضــا و أستمــرت بمشيها..ممــا جعلــه يشعـر بانكســار كرامتـه أمام رجالـه و هـو الذي تعــود ان تسعـى اليــه نسـاء هذه الواحــه الصغيــرة..و امتطائهــن صهــوة حصانــه ما ان يمـر بقربهــن…يختار و لا يستطــيع أحــد رده.
ليــس لأنـه الرجـل الأهم في المكان فقــط..و ليــس لأنـه الأوســم فقط..و ليــس لأنـه الأقوى الذي صــد و بذكاء و فطنــة لصــوصا لم يقـّو على صـدهم احــد قبلــه و لقـّنهم درسـا جعلهم يخافــون حتى من الأقتراب مـن حــدود قريتهــم الصغيــرة…لكــن لأن أحلامهــن تجمعــهن بــه فـي منـزله الذي لا تبـقى فيـه أنثــى لأكثــر من شهـرين أو ثلاثـة!
و لا احــد من رجال القريـة يعتـرض عليــه أيضـا.
لا احـد منهم ينسـى رأس ” غيـث” حين غلت الماء في عروقـه..عنـدما عرف أن ” مـهّيـر” التقـط اختـه مـن ” النخــل ” و أخـذها لبيتـه الطينــي الكبيــر..و ذهـب ليغســل عاره خاصـة بعـد أن سمــع النســاء يتهامسـن أن اللعيــنة ذهبــت طائعـة و بدون مقاومتــه , سيقتلهمـا معا.
لـكن غيـث لم يغســل عاره..بل دماؤه اختلطت جيدا بالرمــل أمام حجــرة ” مهيــر”.
لحظتهــا عـرف الجميــع أن عليهم الرضــوخ لـه..و لم يتكلــم بعـدها أحــد.
– عليا, عليا, يالله نــروح البيــت.
–
– توقفت منيــنة عـن الكلام و ابتسمـت لــي..و دســت في كفي حبيبات الحلــوى الصغيـرة ذات الغلاف الأحمــر..قبل أن أستجيـب لنـداء أخــي الذي سـرقنـي من حكايتها و نـظرت اليـها و أنا أسحـب كفــي.
– يــدّوه باجر بتكمليــن لي سالفـة أم ثوب أخضــر و مـهّيـر.
– هيــه يا الغاليـه, سمــي بسـم الله و روحــي و سلمــي علـى أمـج.
.
.
نلقاكم قريبا…و بنكمل القصــة..
جميل يا محبرة الأسهم، جميل.
– تـزوجها يا مهـير, لـم تأت لتـشاورنــي بل جـئت لتبلغنـــي.
–
دهـش أبـو محـمـد من الضـيف الواقـف أمام بابـه, ومـعـه أحـد رفاقـه و ابـن عمـه, الـوحـيد الـذي قبـل أن يرافقـه فـي خطبتـه غيـر المعـقولة هــذه.
كيـف يجـرؤ سـيد الدار على الزواج مـن جاريـة و هــو يستطــيع أن يتـزوج سيـداتها؟؟
لـم يشـاور أحــد… كان يكفي أبو محمــد أن يطـمئن الـى أنــه و لا واحــدة من بناتــه ستــكون في بيـــت هذا الملعـــون..
خلال ثلاثـة أيام فقــط تمـت كل ترتيبات الـزواج.. أغــدق ” مهيـر” عليها الهـدايا : ” صــوغة البحـريــن” حـراير الهنــد و كنــوز كان يشتـريها و يـدّخــرها لشــركـة عمــره التــي كان يريدها غيـــر, و كانــت هــي ” غيـــر”! و دفــع لهــا مهــرها الـذي لــم يصــل اليــها أبـــد, فقــد أستحلــه بـو محمـــد لنفســـه.
و حفــل العــرس الـذي لم يحضــره الا قلــة مــن الشــامتيـن, فقــد وجــد كثيـر منــهم أنهــا نهايــة مناســـبة لهــذا الطاغيــة. يتـزوج من جاريـة تباع و تشــترى , تحــط مـن قـدره بيــن الرجال.
أمــا النســاء فلـم يكــن حول عروســه الا عـدة جاريات, منــهن مـن يحـسدها عليـه و منهــن مـن تبكــي و تنــوح خائفـة عليهــا.
فهــي المعـروفة بينهــن بأخلاقها العالــية كن يرينــها أفضــل مــن أن ترتبـط بــه.
صمتـــت منيــنة و أطلقــت تنهيـــدة طـويلـة.
و بعــدها تعـتذر منــي لأنهــا تعبــت من الجلــوس, تقــول انـها ستكمــل الحكايـة و هــي مستلقيـة.
ياااا الله كــم هـي مهـذبة هـذه العجـــوز.
كنت قـد عــدت كما و عـدتها فـي اليـوم التالــي, أحمــل فـي يـدي دلــة القــهوة بالقرنفــل كمـا تحبهـا.
هـذه المـرة لـم أدخـل لأنتظـر ربـة المنـزل لتستقبلنــي, بـل تـوجهــت فــورا لحجيرتهــا, و جلســت و باب الغــرفة مفتــوح لآنــي لـو أغلقته لــن يكفينـــي أنا و فراشــها و هــي!
– يــدوه اذا تعبانــه نكمــل باجــر.
– لا لا فديتــج أنا بخيـر, سكـتي و خلينــي أكمــل لج.
– أبتسمــت و فــرِحتْ لأصرارها, أنا أيضـا لا أريدها أن تتــوقف.
أنجبـت لـه أول طفـل, و انشغل هـو عـن قنـصه و عـن مغامـراتـه و أهتـم بنخيـل والـده, و زرع مساحات كبيرة من أرضـه و زاد خـيره , فـي المقابل زاد سخـط الناس علـيه, و استهـزاؤهـم بـه, خاصـة حيـن جاء ابنـه حامـلا لـون زوجتـه و ملامحــه هــو.
مهيـر لـم تسعــه الدنيـا فـرحا, لـكن الارض ضـاقت بـه حيـن دعـا أهـل قريتـه و لـم يأتِ لـوليمــة احتفالــه بابنــه أحــد.
و أخــذ قــراره.
لــن يبقــى فـي هـذه القـرية أكثــر….
شوقتنا كمل >>
اتريا التكملة