بقلم أريبيان بزنس في يوم الثلاثاء, 09 ديسمبر 2008
خلف الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الراهنة، تدور حرب خفية بين الدول والبنوك المركزية العالمية الكبرى على الاحتفاظ بأكبر قدر من السيولة المالية، في الوقت الذي تدور فيه رحى حرب ثانية بين العملات العالمية الرئيسية الدولار واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني واليوان الصيني على القيمة وأيضا على السيادة.
رغم إسراع الحكومات والبنوك المركزية الكبرى في العالم إلى ضخ سيولة مالية كبيرة تراوحت بين عشرات ومئات المليارات من الدولارات، في شرايين اقتصاد دولها من أجل التغلب على أزمة شح السيولة وتنشيط الاقتصادات الوطنية، فان ذلك لم يستطع إخفاء الحرب التي تدور بين دول العالم وبين بنوكها المركزية على السيولة اللازمة لعمليات التمويل.
وضمن إطار هذه الحرب، زار رؤساء دول وحكومات ووزراء وموفدون من أوروبا وأمريكا، وأيضا من دول آسيوية ومن مختلف دول العالم، دول الخليج العربية سعيا وراء الحصول على السيولة التي يقول الغرب أنها تراكمت بفعل ارتفاع أسعار النفط منتصف العام الحالي إلى ما فوق حاجز الـ 150 دولاراَ، قبل أن تتراجع إلى مستواها الحالي، والتي يقولون أنها ستمكنهم من تغيير مسار الأزمة الراهنة والتحكم بها.
وتجدر الإشارة إلى أن الأزمة المالية الراهنة، وهي الأسوأ طيلة جيلين، كبدت الأسواق العالمية خسائر وصل حجمها إلى 23 تريليون دولار، أو ما يعادل 38 في المائة من القيمة السوقية المجمعة لشركات العالم قاطبة.
هناك من يقول اليوم أن مشكلة السيولة النقدية ليس في عدم وجودها، ولكن في ركودها، فهي متوقفة ولا تنتقل من جهة إلى أخرى قبل أن تعود الثقة إلى النظام المالي وإلى الاقتصادات الوطنية والدولية.
وفي غمرة الأزمة والبحث عن الحلول، لم يطرح أحد ذلك السؤال الأهم المتمثل في أين ذهبت السيولة التي يبحث عنها العالم، والتي كان اختفاؤها السبب الأول في هذه المشكلة العالمية. وإذا كانت أسواق وبنوك أمريكا وأوروبا، وكذلك الصين وباقي دول العالم من أمريكا اللاتينية غربا إلى الهند شرقا تعاني من شيح السيولة، فأين هي السيولة بالفعل؟ ومن الذي يخفيها أو يحجبها عن الآخرين؟. أو من هي تلك الجهة التي تحتفظ بها في خزائنها؟.
ذات مرة كتب الخبير الروسي ييغور تومبيرغ من معهد الاقتصاد العالمي، أن من أسباب تعجيل الحرب الأمريكية على العراق، قرار الرئيس العراقي السابق صدام حسين، باتخاذ اليورو عملة للحسابات المالية في إطار برنامج «النفط مقابل الغذاء» بدل الدولار الأمريكي.
وكان صدام قد أمر بتحويل مبلغ 10 مليارات دولار أمريكي تراكمت لحساب العراق في الأمم المتحدة إلى اليورو. واستشهد تومبيرغ بما ذكره ويليام كلارك، الخبير في شئون الأمن واقتصاد سوق النفط بان هذا الخيار هو الذي حدد مصير العراق.
ويرى تومبيرغ وكلارك أن جزءا كبيرا من خطوط المعركة الراهنة في أسواق العملات والسيولة والاقتصاد قد رسم بفعل تغيير ميزان القوى الاقتصادية العالمية خلال السنوات العشر الأخيرة، وبخاصة العجز في ميزانية وميزان التبادل التجاري للولايات المتحدة، وارتفاع قيمة العملة الأوروبية اليورو، وأيضا الين الياباني واليوان الصيني أمام الدولار.
ويستبعد الخبير الروسي أن تكون الحرب على العراق، هي بالفعل آخر حرب تخوضها الولايات المتحدة من أجل استقرار عملتها، لاسيما وأن إيران قد أعلنت هي الأخرى عام 2006 عن خططها الخاصة بافتتاح بورصة للنفط يجري التداول فيها باليورو بدل لاسيما وأن بورصة النفط الإيرانية تتمتع في الوقت الحاضر، بالأسس التي تتيح لها أن تصبح منافسا حقيقيا لبورصتي لندن ونيويورك، ولاسيما أن أكثر من ثلث صادرات النفط الإيراني تذهب إلى أوروبا بالذات، الأمر الذي يجعل الإدارة الأمريكية تخطط جديا لردع طهران.
لكن الخبير الروسي قلل من حجم تأثير تحول إيران إلى اليورو في تسوية حسابات بيع وشراء النفط على سعر صرف الدولار فقال :»لا يبدو في الوقت الحاضر أن هناك أي تهديد للدولار كعملة وحيدة في عقود النفط، كما أن 60-70 في المئة من عمليات الاستيراد والتصدير في العالم تتم بالدولار، ويشكل الدولار نحو 60 في المئة من احتياطيات بلدان العالم من العملات الصعبة إضافة إلى أن العملة الأمريكية تعتبر أداة التعامل في نحو 80 في المئة من عمليات السوق المالية العالمية و70 في المئة من القروض التي تقدمها البنوك في مختلف أنحاء العالم».
ويعترف الخبير بان الماليين الروس، ينظرون بشك إلى مسألة استبدال الدولار بعملة أخرى في تجارة النفط. فقد صرح المحافظ السابق للبنك المركزي الروسي، فيكتور غيراشينكو قائلاً «إذا كنت تتاجر بالنفط، عليك أن تحتفظ بالدولار. لا أعتقد أن أحدا ما سيستخدم اليورو أو الروبل أو الين أو غيره كعملة تداول في سوق النفط العالمية في العقد المقبل».
وحتى اللحظة فان النفط مازال يباع ويشترى بالدولار الأمريكي، ولا يزال أيضا نفط غرب تكساس WTI ونفط Brent مقياسا لتحديد سعر النفط من الأنواع الأخرى.
ويشير الخبير الروسي إلى أن منظومة تجارة النفط، تتميز بخاصية أخرى مهمة، وهي عملة بيع وشراء النفط. حيث تجري التعاملات بالدولار ويمكن شراء النفط بأي عملة كانت، لكن حساب القيمة يجري بالدولار. وبهذا الشكل يفضل البائعون والمشترون إجراء تعاملاتهم بالدولار مباشرة تفاديا لأي خسائر جانبية في أسعار الصرف. وتحدد منظومة التعاملات وتسوية حسابات عقود النفط، والمواد الخام الأخرى، الدولار كعملة للاحتياطي العالمي.
وقد ازدادت في الآونة الأخيرة الدعوات لتغيير أصول اللعبة وانضم إلى «نادي الإصلاحيين» المطالبين بإعادة النظر في النظام الحالي للتعاملات في سوق النفط العالمي وكذلك الداعين إلى ظهور عملة أو عملات عدة أخرى لعقود النفط مما يؤدي إلى زعزعة احتكار الدولار لهذه السلعة الاستراتيجية.
ودعما منه لجعل الروبل الروسي عملة قابلة للتحويل ووسيلة للحسابات العالمية، دعا الرئيس الروسي الأسبق فلاديمير بوتين في رسالته التي وجهها إلى البرلمان في أبريل/ نيسان 2006، إلى إنشاء بورصة على الأراضي الروسية لتجارة البضائع الرئيسية التي تصدرها روسيا كالنفط والغاز كما اقترح أن يكون الروبل وسيلة التعامل في البورصة المقترحة.
كل شخص أو مؤسسه تفسر الأزمه الماليه وأسبابها حسب ما تفهمه أو ماتراه كلا حسب مستواه التعليمي ومركزه الأجتماعي ويمكن أن يكون على حق فيما يقول ……..
وأنا أرى وأقول من منطلق حقيقي لا مجال فيه لشك أو الريبه …. حرب من الله ضد الربا اللهم تب علينا ورحمنا أنا كنا غافلون……..
cash is the king
ما شاء الله مقال ممتاز
شكرا على المقال اخوي ارباب … لأنه مقال شيق وممتع …
واعتقد ان الغرض منه في رأيي طرح مسألة نظام مالي جديد، وهو ما تدعو له بعض الدول الآن …
النظام المالي الاشتراكي استفادت منه روسيا بعض الوقت لتحقيق ما تريد، وثبت فشله.
النظام المالي الرأسمالي استفادت منه الولايات المتحدة بصورة رئيسية واغلب الدول الصناعية، واثبت فشله …
والآن ثقافة نظام مالي جديد يغير اسس الأنظمة القديمة ويعيد توزيع الأدوار …
و لكن السؤال هو؟
من الذي سيرسم ويضع اسس هذا النظام؟
ومن هو الذي سيكون المستفيد الفعلي منه؟
الله المستعان …