مهنة التقييم العقاري ( الخبير العقاري ) كأساس لصناعة التمويل ‏العقاري

المهمة الأساسية للتقييم العقاري :

‏ مهمته الأساسية تقدير قيمة الأملاك العقارية وهذه القيمة قد يكون الحافز لتقديرها أسباب ‏عديدة مثل البيع و الشراء أو التأمين أو الإحلال أجزاء أو التعويض عن خسارة جزء من أملاك ‏أو تقسيم أملاك أو تمويل بناء أو استكمال بناء أملاك أو سكنية أو تجارية الخ . ‏
و يتعامل المقيم العقاري مع جهات عديدة مثل مشترى العقارات أو البائعين أو مؤسسات ‏حكومية أو شركات أو وسطاء عقاريين و المعتاد اللجوء إلى خبير التقييم وهو يجب أن يكون ‏علاقته الوحيدة بالعقار هو التقييم فقط دون أي علاقة أخرى . ‏
و يقدم الخبير عملة على هيئة تقرير تقييم ( ‏Appraisal Report ‎‏ ) و لتقديم التقرير يجب ‏على الخبير إجراء دراسة مستفيضة لتقدير قيمة الأملاك التي يقيمها شاملة المنطقة الجغرافية ‏و الحالة الاقتصادية .‏

‏1-مؤهلات الخبير العقاري (خبير التقييم ) :‏

و يجب لأداء عمله أن يكون قادر على قراءة و فهم العديد من النصوص و التعاريف و العقود ‏القانونية و أن يكون لديه قدر من العلوم الهندسية لتحديد الأبعاد و الخواص الطبيعية للأملاك ‏كما يجب أن يكون ملماً بعلوم البناء و التشييد و حساب تكاليف البناء و مصاريف الصيانة و ‏الإدارة للأملاك و تقدير ما تغله الأملاك من عائد و بالاختصار فخبير التقييم العقاري يجب أن ‏يلم بعلوم الهندسة و المساحة و الاقتصاد و المحاسبة و الإدارة المالية و التمويل . ‏

بمعنى أن يكون الخبير ملماً بأساسيات العلوم الهندسية اللازمة لحساب المساحات و عناصر ‏المنشات و نوعياتها و الحكم على سلامتها و ملاءمتها لأداء العمل المتوقع منها من عدمه و ‏تكاليف التشييد و البناء و كذلك حساب الاستثمارات المطلوبة لبناء عقارات و الحكم على ‏إيرادات و مصروفات شاملة الاهلاكات و الصيانة و الضرائب لهذه العقارات و القيمة الحالية ‏لعائد استخدام الأملاك لعدد من السنين القادمة مما يعنى ضرورة إلمام الخبير بقدر كبير من ‏العلوم الهندسية بالدرجة الأولى إضافة إلى بعض العلوم المحاسبية و علوم الإدارة المالية كما ‏يجب أن الخبير بعلوم الجغرافيا و العلوم الاقتصادية و الاجتماعية لتقدير حركة السكان ‏و الاستثمارات على مستوى الدولة لتوقع العرض و الطلب على الأملاك في المستقبل لتقدير ‏تأثير ذلك على قيمة الأملاك في منطقة ما .‏

بناءا عليه يتضح صعوبة وجود درجة علمية واحدة في مستوى البكالوريوس فقط تمنح الخبير ‏القدر الكافي لممارسة عمله .‏
ولذلك لزم على الخبير متابعة شهادته العلمية في العديد من التخصصات لتغطية جوانب النقص ‏في تخصصه الأصلي ( الهندسة مثلا ) من خلال برامج مماثلة لبرامج التعليم المستمر ‏بالجامعات أو البرامج المتخصصة التي تمنحها المؤسسات المهتمة بالمهنة مثل بعض ‏المؤسسات المالية و غيرها . ‏

‏2-الخبرة المطلوبة للخبير العقاري:‏

يحتاج خبير التقييم إلى خبرة مناسبة لتقييم العقارات حتى يمكن له الحكم على تأثير قوى ‏المجتمع المختلفة على أسعار الأملاك . ‏
و في كثير من الدول يوجد وظيفة (خبير تحت التدريب) و هي موجودة في العديد من الشركات ‏حيث يقوم المتدرب بالعمل كمساعد لخبير تقييم لعدة سنوات يستطيع بعدها التقدم لامتحان ‏الحصول على ( أجازه العمل كخبير ) بل أحيانا توفر بعض الجامعات برامج تدريبية لفترة ‏زمنية تؤهل المتدرب للتقدم للحصول على درجة خبير تقييم و نفس الأمر تقوم به بعض ‏المؤسسات المالية لعدد من موظفيها . ‏

‏3-أهم صفات الخبير العقاري الحيادية: ‏

وهى أهم ما يجب أن يميز عمل الخبير وهو حياده الشخصي تجاه الأملاك التي يقيمها ولذلك ‏يجب على الخبير قبل البدء في قبول عملية التقييم أن يوضح للعميل أي مصلحة شخصية أو ‏ارتباط آخر قد يكون للخبير بهذه الأملاك خلاف التقييم فقط .‏
و لعل هذا هو السبب في إصرار قانون التمويل العقاري المصري على ألا يكون خبير التقييم ‏من العاملين لدى المؤسسة المالية التي تقوم بالتمويل . ‏
ومما لاشك فيه أن أهم عناصر كفاءة أداء الخبير لعمله هي خبرته السابقة و مدى تعددها و ‏تنوعها و اهتمامه بالإلمام بالعلوم الخاصة بعمله و تطورها و متابعة الحديث منها( التعليم ‏المستمر ) مثلها مثل أي مهنة أخرى و لعل هذا هو السبب في أن سجلات خبراء التقييم ‏العقاري لدى الهيئة العامة للتمويل العقاري تجدد كل ثلاث سنوات لتقييم أداء الخبير لعملة و ‏مدى قدرته على استيعاب متغيرات السوق . ‏

‏4-أغراض التقييم :‏

الأغراض متعددة التي يجرى من أجلها التقييم و بتعدد الأغراض تتعدد النتائج فعلى سبيل ‏المثال لا الحصر يجرى التقييم لأسباب عدة منها :‏
تحديد السعر الذي يطلبه البائع . ‏
مساعدة المشترى لتحديد الثمن العادل للشراء . ‏
تحديد قيمة عقار بعينه كجزء من تركه . ‏
تحديد إيجار للأملاك كنسبة من قيمتها . ‏
تحديد قيمة نسبية لأملاك يتم تبادلها بين أطراف مختلفة . ‏
تحديد أملاك يتم تبادلها عند اندماج أو تصفية أو إفلاس شركات .‏
تحديد قيمة تمويل قرض عقاري و التي عادة ما تكون نسبة من القيمة السوقية للعقار . ‏
تحديد الضرائب العقارية عند بيع الأملاك . ‏
تقييم الأملاك عند حالات الطلاق و قسمة الأملاك بين الزوجين . ‏
تقييم الأملاك في أثناء القضايا بين الأطراف المتعددة . ‏
تحديد قيمة أعمال توسعات مستقبلية .‏
تحديد قيمة التأمين الواجب على الأملاك . ‏
تحديد تكلفة عيوب إنشاء كجزء من عملية تقاضى . ‏
تقييم الأملاك بغرض حساب الضرائب. ‏
تحديد ما إذا كان الاستخدام الحالي لأملاك هو افضل استخدام لها أم لا . ‏
تحديد أنسب قيمة لاستخدام أملاك خالية . ‏
تحديد خسائر الأملاك نتيجة حريق أو عواصف أو زلازل …. الخ . ‏
تحديد قابلية مبنى للهدم من عدمه لإعادة استخدامه بطريقة أفضل …. الخ . ‏

5-تصاريح مزاولة المهنة للخبير العقاري:

لتعدد أسباب تقييم الأملاك ( التقييم العقاري ) يتضح أن هذه المهنة قد مارسها الناس منذ فترة بعيدة و لعل من اقدم الدول الحديثة في مجال التمويل العقاري الولايات المتحدة الأمريكية و التي أدخلت نظام التمويل العقاري في أعقاب الكساد الأكبر في أوائل الثلاثينيات و مع التمويل العقاري ظهرت منظمات عديدة منها :

1-المنظمة الوطنية لمجلس الأملاك العقارية ( National Association of Real Estate Board )
2-منظمة مقيمي العقارات السكنية ( Society of Residentail Appraisal )
3-المعهد الأمريكي لمقيمي الأملاك العقارية ( American Institue of Real estate Appraisers )

و مع ظهور التمويل العقاري كان لابد من التقييم لحساب الحدود الآمنة للتمويل و مارس المهنة فئات كثيرة اشهرها الوسطاء العقاريين حتى كانت فترة الثمانينيات ( 1980 – 1990 ) و التي شهدت تطورات اقتصادية عديدة كان من جرائها تأرجح أسعار العقارات صعودا ثم هبوطا و انهيار في ولايات عديدة منها ولاية
كاليفورنيا و الولايات الشمالية الشرقية و نتيجة لحدوث تغيرات اقتصادية أخرى صاحبت هذا التأرجح انهارت واحدة من اكبر المؤسسات المالية العقارية ( Savings & Loans ) لأسباب كان من أهمها وجود عيوب في نظام التقييم العقاري و هو ما دفع المجتمع الاقتصادي للإصرار على ضرورة حصول المقيمين العقاريين على شهادة لممارسة المهنة .
ولقد بدأت تلك الحقبة مع تنظيم قوانين المؤسسات المالية وزيادة حدود تأمين الحسابات المالية و مع زيادة المنافسة بين المؤسسات المالية ووجود فائض مالي لدى العديد من المؤسسات المالية و مع ارتفاع سعر الفائدة ووجود قروض عقارية طويلة الآجل سبق منحها بفوائد منخفضة و التي لا تقوى على منافسة القروض قصيرة الآجل عالية الفائدة و لكسب المنافسة انزلق الكثير من مسئولي المؤسسات المالية (عن قلة خبرة أو سوء نية ) في فخ تمويل العديد من المشاريع ضعيفة الدراسة و التي لم يصاحبها دراسة جيدة لحالة السوق .
وبعض هذه المشروعات يمكن اعتباره عالي المخاطرة في ظروف السوق الجيدة و للأسف لم تقف الظروف الاقتصادية و السياسية في صف المغامرين و كان لتغير بعض قوانين الضرائب بإلغاء الحافز الضريبي على العقارات انسحب عدد كبير من المستثمرين من سوق العقارات و مع انخفاض أسعار البترول في تلك الفترة انهارت أسعار العقارات الأمر الذي نتج عنه انهيار العديد من المؤسسات المالية التي كانت قد انغمست في النشاط العقاري .

و لعل أحد أهم أسباب انهيار بعض هذه المؤسسات هو سوء أداء أعمال التقييم العقاري ( نتيجة الإهمال و عدم وجود ضوابط علمية لأعمال التقييم أو الغش المتعمد أو كلاهما ) في إعداد تقييم حقيقي للأملاك التي تمنح لها القروض .
و قبل انهيار مؤسسة التوفير و القروض الأمريكية ( Saving & Loans ) لم تكن أي ولاية أمريكية تشترط الحصول على شهادة خبرة لأداء عملية التقييم العقاري و كانت العديد من القروض تمنح عن طريق مقيمين تتعاقد معهم المؤسسات المالية بمعرفتها أو عن طريق تقييم الوسطاء العقاريين و لكن بعد انهيار السوق في الثمانينيات و انهيار مؤسسة التوفير و القروض ( Savings & Loans ) عدلت الحكومة الفيدرالية الأمور و بات من الضروري حصول المقيمين العقاريين على شهادة خاصة بأعمال التقييم .
ففي أعقاب انهيار بنك ( Savings & Loans ) اصدر الكونجرس تشريع إصلاح و تحديث المؤسسات المالية :
Financial Instituions Reform , Recovery , and Enforcement Act ( FIRREA )
و في يوليو 1991 اصدر الكونجرس تشريع بان تتم كل أعمال التقييم العقاري لأعمال الحكومية بواسطة خبراء تقييم لديهم تصريح أو إجازة ممارسة المهنة ( Certified Appraisal ) أو ( Licensed Appraisal ) من حكومات الولايات .

و تم تقسيم المقيمين العقاريين إلى نوعين :

1- حاصل على ترخيص ( Licensed ) و هو خبير تقييم لأعمال تقل قيمتها عن 250000 دولار .
2-حاصل على أجازه عمل ( Certified ) و هو خبير تقييم لأعمال تتعدى 250000 دولار .

كما أصدر الكونجرس قرار بأنه على من يرغب من المؤسسات المالية عدم التقيد بهذا الشرط أن يثبت للحكومة الحدود الدنيا التي يمكن ألا يستعمل معها خبير يحمل إجازة الدولة بنوعيها و ذلك للأعمال التي تقل عن حد أدنى و على المؤسسة المالية أن تثبت أن هذه الحدود لا تخدم سلامة المؤسسة المالية .

و حفاظا على سلامة المؤسسات المالية الأمريكية تم إنشاء مؤسستان هامتان هما :

1-مجلس مواصفات التقييم ( ASB ) ( Appraisal Standards Board )وهو يختص بوضع الاشتراطات الموحدة لكيفية أداء أعمال التقييم و كيفية إعداد التقارير الخاصة بها والمسئول عن إصدار الاشتراطات الموحدة لممارسة مهنة التقييم العقاري :
(Uniform Standards of Professional Appraisal Practice) ( USPAP )
و أهم إصدارات هذا المجلس التي تهمنا هنا هي :-
اشتراطات أداء أعمال التقييم العقاري .
اشتراطات مراجعة التقييم العقاري .
اشتراطات تقديم استشارات عقارية .
اشتراطات تقييم عقاري جماعي .
اشتراطات أداء تقييم الأعمال التجارية .
اشتراطات إعداد تقرير تقييم الأعمال التجارية .

2-مجلس تأهيل المقيمين العقاريين ( AQB ) (Appraiser Quantification Board )
وهو المسئول عن تحديد المؤهلات المطلوبة للحصول على أي من شهادتي ممارسة أعمال التقييم
License , Certification) ) .
أوجب الكونجرس على حكومات الولايات المانحة لشهادة الخبراء العقاريين أن تتقيد بالحدود التي وضعها هذان المجلسان .
و لبيان أهمية أعمال التقييم نسرد المنظمات الأمريكية المهتمة بعمل خبراء التقييم العقاري و منها ( إضافة إلى ما سبق ) :
American Association of Certified Appraisers .
American Socity of Farm Managers & Rural Appraisers .
Appraisal Institute .
International Association of Assessing Officers .
International Right of Way Association .
National Association of Independent Fee Appraisers .
National Association of Master Appraisers .
Farm Cedit Council .
Mortgage Insurance Companies of America .
مما سبق يتضح درجة الحرص الشديد التي حرص عليها النظام الأمريكي ( عقب انهيار إحدى مؤسساته المالية الرئيسية نتيجة لسوء أداء عملية التقييم و عدم وجود ضوابط كافية لها ) في اختيار خبراء التقييم و أهمية تأهيلهم تأهيلا يتفق و خطورة المهمة الملقاة عليهم و التأكيد على حسن أداءهم ضمانا لسلامة المؤسسات المالية و حماية للمال العام و الخاص .

منقول من مجلة العقاريه