——————————————————————————–
عائشة المري
تظاهر مئات الإيرانيين أمام السفارة الإماراتية في طهران للاحتفال بما يسمى بـ “اليوم الوطني للخليج الفارسي”، الذي تحتفل به إيران سنوياً في تقليد توارثته الحكومة الإسلامية عن الحكومات الملكية السابقة، وذلك استجابة لدعوة وجهها الحزب القومي الإيراني (بان ايرانيست)، وهو حزب قومي فارسي، تأسس في المرحلة الملكية، وهو من الأحزاب القلائل المسموح لها بالنشاط في الحقبة الإسلامية في إيران، ويترأس الحزب “محسن بزشكبور”. وحسب ما ذُكر في وسائل الإعلام عن هذا الحزب الشوفيني، فإنه يدعو إلى تأسيس إيران الكبرى، لتضم المناطق الناطقة بالفارسية في أفغانستان وطاجكستان، بالإضافة إلى المناطق الكردية والبلوشية والبشتون والطالش باعتبار هذه الشعوب تُعد من مكونات إيران التاريخية، فيجب صهرها في الأمة الإيرانية حسب زعم الحزب ولا يعترف الحزب بالحقوق القومية للشعوب غير الفارسية كالشعب العربي الأهوازي. وكان الحزب قد عارض بشدة استقلال البحرين، واحتج على اعتراف نظام الشاه بالبحرين كبلد مستقل وذكر الحزب بأن دعوته للتظاهر هذه ما هي إلا “تجاوب مع ما أسماه بالضرورات القومية والحركات الذاتية الشعبية للدفاع عن سلامة الأراضي الإيرانية مضيفاً بأنها تترجم اهتمام وإدراك المجتمع المدني بالمصالح القومية والترابية وتزايد مطالبة الجماهير من الحزب القومي الإيراني لبلورة الحركات الجماهيرية في أطر رسمية. وأطلق المتظاهرون شعارات تطالب بإغلاق سفارة الإمارات في طهران، وطرد السفير الذي وصفوه بـ”الصهيوني”، بالإضافة إلى ترديدهم شعارات معادية لإسرائيل والولايات المتحدة. وذكرت التقارير الرسمية بأن أهالي جزيرة قشم الواقعة قرب مضيق هرمز، نظموا سلسلة بشرية تضامناً واحتجاجاً بهذه المناسبة. ولأن شر البلية ما يُضحك، فإن المظاهرات جاءت كذلك للاحتجاج على تغييرات أدخلتها “جوجل” تتعلق بتسمية الخليج. حيث صرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني بـ”أن مثل هذه المحاولات التي لا أساس لها، وتأتي لتزييف الحقائق التاريخية، تؤدي إلى المساس بمصداقية هذه المؤسسة لدى الإيرانيين وباقي دول العالم”، فيما اعتبر الناطق باسم السلطة القضائية علي رضا جمشيدي أنه يمكن مقاضاة الذين يقومون بذلك.
وفي الوقت ذاته، عقد “الملتقى الثقافي- السياحي” الرابع للطلبة الجامعيين والباحثين والعلماء في جزيرة قشم بمناسبة اليوم الوطني للخليج الفارسي. وجاء في رسالة بعث بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى الملتقى:”إن مكانة الخليج الفارسي كمهد للحضارة الإيرانية -الإسلامية بارزة للغاية ودورها مهم جداً ومصيري في التعاطي السياسي والاقتصادي. وأن الأسماء والمؤشرات الجغرافية تعد جزءاً من تاريخ وهوية وثقافة شعب ما، وأساساً للتعاطي البناء مع سائر الشعوب، ومن هنا، فإن ضرورة وأهمية صيانة تراث إيران في الآفاق الوطنية والإقليمية والدولية تعد أمراً بديهياً”. ولم ينس الرئيس الإيراني التأكيد على “أن الخليج الفارسي يجب أن يبقى دوماً خليج الصداقة والأخوة والمزيد من التعاون”. والجدير بالذكر أنه في اليوم الأول من الملتقى، قدمت مقالات بشأن الماضي التاريخي “لجزر أبوموسى وتنب الكبرى وتنب الصغرى – بالتاء وليس بالطاء حسب ما أوردته وكالة الأنباء الإيرانية، أرنا – ودراسة أماكن ونقاط الجذب كالمساجد والموانئ والجزر في الخليج الفارسي، والنقل في سواحل الخليج الفارسي ودور ذلك في التنمية ومعرفه طاقات السياحة البيئية في الخليج الفارسي”. ولا يُعد الاحتفال بما يسمى “اليوم الوطني للخليج الفارسي” مناسبة منفصلة في السياق السياسي والاجتماعي والثقافي العام للجمهورية الإسلامية؛ فالاحتفالات القومية وحتى المجوسية منها استمرت حتى مع مجيء حكومة ألصقت كلمة إسلامية في اسمها الرسمي. فالاحتفال بعيد النيروز المجوسي لم ينقطع، بل هو مناسبة للخطب الرسمية، ويُعتبر النيروز عيد رأس السنة الفارسية الشمسية ويوافق الحادي والعشرين من شهر مارس من السنة الميلادية، حيث توقد النيران في ليلته ويُرش الماء في صبيحته. وكان الشاه قد أعاد روابطه بمملكة فارس القديمة؛ من باب جنون العظمة وليبيّن أن تاريخ إيران لا يبدأ بالفتح الإسلامي كما يشيع بذلك العديد من رجال الدين.
لقد أظهرت السنوات الماضية بما لا يجعل مجالاً للشك أن الشعارات الإسلامية التي تطلقها الجمهورية الإيرانية ما هي إلا ادعاءات تُخفي وراءها أطماعا قومية فارسية متطرفة. إذ ليس من قبيل الصدفة أن يظل الاعتقاد التاريخي السائد لدى الإيرانيين بأن الخليج “بحيرة فارسية”، وأن دورهم الحالي ما هو إلا امتداد لدورهم التاريخي السابق، فكل حاكم لبلاد فارس كان يتطلّع إلى الخليج. والظروف الداخلية لهذا الحاكم أو ذاك، هي التي كانت تقرر حجم الدور الذي يمكن لإيران أن تلعبه في الخليج، بقدر ما كانت الظروف الخارجية تحد أو تدفع بهذا الدور إلى مداه الأضيق أو الأوسع. واليوم يبدو أن الحكومة الإيرانية ستأخذ وبحكم المعطيات الإقليمية هذا الدور إلى أقصاه.
بات من المعروف أن الخليج يدخل في صلب الميثولوجيا الوطنية الإيرانية. ومنذ عام 1958 كان شاه إيران يؤكد “أن السيطرة الإيرانية على الخليج الفارسي هي أمر طبيعي، نحن نمتلك تفوقاً الآن ويجب أن نُعزّزه في المستقبل”. وكانت الصحافة الإيرانية تعتبر الخليج بحيرة إيرانية، وفي عام 1968 لم يكن يتردّد على لسان المسؤولين الإيرانيين سوى عبارة:”العودة إلى الخليج… من شأنه أن يصحّح الوضع الذي خلّفه الوجود الاستعماري طوال المئة والخمسين سنة الأخيرة”؛ فجاء الانسحاب البريطاني من الخليج ومضاعفاته، ليوفّر لإيران الشاه الأسباب الكاملة للسيطرة والتدخل، فقد كانت إيران تعتبر نفسها الدولة الوحيدة المؤهلة لملء الفراغ العسكري والسياسي الذي تركته بريطانيا، وخاصة في وجه المنافسة الأميركية -السوفييتية في المنطقة، وبات في اعتقادها تالياً أن أمن الخليج هو مسؤوليتها المنفردة، وعلى دول الخليج أن تقرّ وتقبل بهذا الدور، وأن تتعاون أيضاً معه؛ فراح الشاه يتصرف كأنه صاحب الحق الوحيد والوريث الشرعي لمصالح بريطانيا والغرب في الخليج، فكان الاحتلال الإيراني لجزر الإمارات أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى في 30 نوفمبر 1971، بعدما سوي الخلاف حول البحرين بإسقاط المطالبة الإيرانية بها، إثر استفتاء دولي تحت إشراف الأمم المتحدة، أعلنت البحرين بعده استقلالها في 14 أغسطس 1971، ولم يكن قد سبق لإيران أن تحّدثت عن حقوقها التاريخية في الجزر العربية الثلاث، إلا بعد أن سُوّيت قضية المطالبة بالبحرين، وكأنها أرادت بهذا العمل أن تعّوض عن خسارتها بالتنازل عن البحرين.
بقيت مسألة جزيرة طنب الكبرى وجزيرة طنب الصغرى وجزيرة أبوموسى مجمّدة على الرّف، إلى أن وقعت الثورة الإسلامية الإيرانية في بداية عام 1979، وعادت مسألة الجزر العربية تطفو على السطح من جديد، وقد تفاءل الكثيرون وتوقعوا بأن تقوم حكومة إيران الإسلامية بإعادة الجزر إلى سيادة دولة الإمارات كبادرة حسن نوايا من جانبها، لكن شيئاً من هذا لم يحدث.
فقد أذاع راديو طهران بأن القوات الإيرانية لن تنسحب من الجزر الثلاث، وأكد الرئيس أبو الحسن بني صدر ذلك بقوله:”إننا لا ننوي إعادة هذه الجزر، بل على العكس أنوي تنظيف الخليج من الوجود الأميركي، ومن كل ما هو مرتبط بالولايات المتحدة”. وأضاف:”في طرف الخليج يوجد مضيق هرمز الذي يمرّ عبره النفط، وهم خائفون (دول الخليج) من ثورتنا؛ فإذا سمحنا لهم بالحصول على هذه الجزر؛ فإنهم سيسيطرون على الممر، أي أن الولايات المتحدة ستسيطر على هذا الممر. هل يمكن أن نقدم هذه الهدية إلى الولايات المتحدة؟”. لقد جدّدت حكومة الإمارات آنذاك مطالبتها بعودة الجزر الثلاث إلى سيادة الإمارات في بداية عهد الثورة الإسلامية، إلا أن ردّ الحكومة الجديدة في طهران جاء سلبياً: “تعد هذه الجزر فارسية، وستبقى فارسية”.
إن ضجيج التظاهرات الطلابية وهذيان القوميين الفارسيين اللذين يشعلان النيران الفارسية يدعوانا للاعتقاد بأن الجمهورية الإسلامية مازالت تعيد إنتاج أمجاد الدولة الفارسية كما الشاه، لكن باسم ثورة إسلامية شيعية.
اللهم اجعل بيني و بين فارس جبل من نار……… رحمك الله يا عمر بن الخطاب على هذه العباره و كأنك تحس او تعرف ان هذه الفئه من البشر لن يكونواا ابدا عونا للأسلام بل فرق تسد و اهل فتنه و ضلال
بداية أشكر الاخ شمالي على بادرته بنقل هذا الموضوع وأشكر شخص الكاتبة على غيرتها وتفاعلها مع الأحداث
برأيي المتواضع المشكلة لها حل بسيط وبسيط جداً
الخليج الموازي لخليج إيران هو خليج فارس
والخليج الموازي لحدود الدول الخليجية العربية هو خليج عربي
“وكفى الله المؤمنين شر القتال”
أما إذا مازال البعض من المتزمتين ومن الطرفين يرى العكس فلن يكون هناك وفاق أبدا أبدا
وأذكركم بالحروب التي دامت 8 سنوات بين العراق الأسير وبين هذه الدولة التي لم يهتز لها كيان أثبت بأنه لا مجال إلا للتفاوض لاسترجاح الحقوق المسلوبة بين الطرفين فهذا منطق العقل.
واعتقد أن العقلاء من الطرفين أكبر من أن تثيرهم النعرات القبيلية والطائفية والقومية وأن المصالح المشتركة بيننا كعرب وبينهم كإيرانيين أكبر من أن تثيرها مثل هذه الحساسيات.
أتمنى أن يجد صوت الحق والدبلوماسية وهذا ماسنه المغفور له رحمه الله سيدي سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على مدى قيام الدولة الغراء بانتهاج منهج التفاوض ثم التفاوض ثم التفاوض بالطرق السلمية.
فدولة بثقل إيران لها وزنها في العالم ولا ينكر شخص أيا كان هذا الأمر وتعاملنا معها، تثبيت لأواصر هذه الصداقة والأخوة المتبادلة..
احترامي للجميع
علي بن حران