سؤال يرد في أذهاننا أحياناً : هل استخدم النبي –صلى الله عليه وسلم- العود (البخور) ، أو بتعبير آخر : هل كان العود الذي نتبخر به في أيامنا هذه معروفاً في عهده عليه الصلاة والسلام؟؟
الجواب على هذا السؤال يعرف من استعراض أحاديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كما يأتي:
1- عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:”إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءةً لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يمتخطون ، أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة ، وأزواجهم الحور العين ..”
(البخاري 3327 ، مسلم 7078)
وزاد في رواية البخاري :” ومجامرهم الألوة الألَنجُوج عود الطيب..”
قال النووي (شرح مسلم 17/170) : (الألوة) بفتح الهمزة وضم اللام أي العود الهندي.
قال الحافظ ابن حجر (الفتح 6/458): الألنجوج بفتح الهمزة واللام ويكون النون بجيمين الأولى مضمومة والواو ساكنة : هو العود الذي يتبخر به ، ولفظ الألنجوج هنا تفسير الألوة ، والعود تفسير التفسير.
وقال أيضا (6/407) : ومجامرهم الألوة : الألوة العود الذي يتبخر به ، قيل جعلت مجامرهم نفس العود … والمجامر جمع مجمرة وهي المبخرة ، سميت مجمرة لأنها يوضع فيها الجمر ليفوح به مايوضع فيها من البخور..
2- عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:” أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون ، آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك..”
مسلم 7080
3- عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:” أيما امرأة أصابت بخوراً ، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة”
مسلم 997
4- عن نافع قال : كان ابن عمر إذا استجمر استجمر بالألوة غير مطراة وبكافور يطرحه مع الألوة ، ثم قال : هكذا كان يستجمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
مسلم 5845
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى : الاستجمارهنا استعمال الطيب والتبخر به مأخوذ من المجمر ، وهو البخور ، وأماالألوة فقال الأصمعي وأبو عبيد وسائر أهل اللغة والغريب هي العود يتبخر به ، وقوله : غير مطراة أي غير مخلوطة بغيرها من الطيب، ففي هذا الحديث استحباب الطيب للرجال كما هو مستحب للنساء ، لكن يستحب للرجال من الطيب ما ظهر ريحه ، وخفي لونه ، وأما المرأة فإذا أرادت الخروج إلى المسجد أو غيره كره لها كل طيب له ريح ، ويتأكد استحبابه للرجال يوم الجمعة والعيد وعند حضور مجامع المسلمين ومجالس الذكر والعلم وعند إرادته معاشرة زوجته ونحوذلك . والله أعلم .
بعد هذا الاستعراض يظهر لنا أن العود كان معروفاً أيام النبي –صلى الله عليه وسلم- وكان يتبخر به هو وأصحابه رضي الله عنهم ، بل هو من نعيم الجنة ،نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الجنة.
وقد كان العود يسمى (الألوة) و(الألنجوج) و(العود الهندي) و(البخور) والتبخر (الاستجمار) والمدخن (المجمر)..
وكان العود ينسب للهند لأنها موطنه الأصلي وكانت معروفة به، وأما ما كان يجلب من غيرها من البلدان فكان يسمى بـ(العود الصيني)
وقال عنه ابن سينا “أجود اصناف العود (المندلي) ويجلب من وسط بلاد الهند ثم (الهندي)وهو جبلي ويفضل على (المندلي) حيث انه اعبق في الثياب ولا يولد القمل ومن الناس من لايفرق بين (المندلي) و(الهندي) وقال أفضل العود (السمندري) وهو سفالة الهند ثم (القماري) وهوسفالة الهند أيضاً و(الصيفي) وهو صنف من (السفالي) ومن بعد ذلك (القافلي) و(البري) و(القطفي)و(الصيني) ويسمى بـ(القشمري) وهو رطب حلو وهو دون ذلك و(الحلالي) و(المانطاني) و(اللوالي)و(الربطاني) و(المندلي) عامته جيدة. ثم أجوده (السمندري) الأزرق الصلب الكثير الماءوالغليظ الذي لا بياض فيه والباقي على النار، وقوم يفضلون الأسود منه على الأزرقوأجوده (القماري) الأزرق النقي من البياض. الرزين والذي يرسب في الماء (يغطس فيالماء) . والطافي فوق سطح الماء عديم الحياة والروح رديء”
والعود أيضاً كان يستعمل في العلاج وفي الطب الشعبي.
قال ابن القيم :” ويقال إنه شجر يقطع ويدفن في الأرض سنة ، فتأكل الأرض منه ما لا ينفع ، ويبقى عود الطيب ، لا تعمل فيه الأرض شيئاً ، ويتعفن منه قشره وما لا طيب فيه .
وهو حار يابس في الثالثة ، يفتح السدد ، ويكسر الرياح ، ويذهب بفضل الرطوبة ، ويقوي الأحشاء والقلب ويفرحه ، وينفع الدماغ، ويقوي الحواس ، ويحبس البطن ، وينفع من سلس البول الحادث عن برد المثانة ، قال ابن سمجون “العود ضروب كثيرة يجمعها اسم الألوة، ويستعمل من داخل وخارج، ويتجمر به مفردًا ومع غيره، وفي الخلط للكافور به عند التجمير معنى طبي، وهو إصلاح كل منهما بالآخر، وفي التجمر مراعاة جوهر الهواء وإصلاحه، فإنه أحد الأشياء الستة الضرورية التى في صلاحها صلاح الأبدان”. زاد المعاد (5/315).
تنبيه:
ورد في الصحيحين والمسند عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال ” عليكم بهذا العود الهندي ، فإن فيه سبعة أشفية يستعط به من العذرة ويلد به من ذات الجنب ” .
البخاري 5692 ، مسلم 2214
فليس المقصود (بالعود الهندي) في هذا الحديث العود المذكور الذي يتبخر به وإنما هو نوع من العود يسمى (القسط الهندي) ويسمى (الكسط) وهو مستخدم في العلاج وليس في التبخير.
قال ابن القيم :”عود : العود الهندي نوعان ، أحدهما يستعمل في الأدوية وهو الكست ، ويقال له القسط ، الثاني يستعمل في الطيب ، ويقال له الألوة “.انتهى
أرجو أن أكون قد وفقت لإفادة الجميع.
ترقبو المزيد..
شكرا على المعلومة
والله الصراحة تحتاج بحث!
يالله على إيدك…ابحث وفيدنا،
جزاك الله خيرا
جزاك الله خيرا وبارك فيك
وننتظر المزيد