هذه المقال للاسهم في السوق السعودي لاكن هو ينطبق بشكل عام على الاسواق المالية وهو مقال مفيد وارجو التمعن به لرغبتنا في نشر الوعي الاستثماري العام لدى الجميع

إذا كان السعر العادل لسهم “سابك” هو فعلا 230 ريالا واتفقت السوق جميعها على ذلك فإنه يعني ببساطة أن السعر العادل – أو أي سعر قريب منه سواء أعلى أو أدنى – هو سعر انهيار السوق. ومعنى هذا أن الأسواق الناشئة لا تعرف الاستثمار أبدا. إن كل مستثمر صغير يعاني تضارب نتائج التحليلات المتعلقة بأسعار الأسهم السعودية، وخاصة القيادية منها. لكن القضية الأهم التي تواجه الصغار هي في التفرقة بين السعر العادل الذي يحدد عن طريق التحليل الأساسي والتحليل الفني. يحاول المحللون الفنيون تحديد أسعار للسهم القيادي بناء على تحليل الاتجاه وبعض الأدوات الفنية التي تستند إلى مفهوم المتوسط والانحراف المعياري وبعض مفاهيم الاحتمالات في الإحصاء. التحليل الفني يحدد أسقفا سعرية للسهم، وكذلك قيعانا سعرية، فإذا تجاوز السهم أحد هذه الأسعار كان حتما على المحلل الفني أن يحدد السعر الذي يليه، لكن التحليل الفني لا يخبرنا لماذا لم يقف السهم عند السعر المحدد ولماذا تجاوزه؟ ثم وفي غمرة الأسعار التي يحددها التحليل الفني يأتي التحليل الأساسي ليقدم لنا أسعارا مختلفة وهي كما يقول أهل الاختصاص تعتمد على تحليل الصناعة والشركة والقوائم المالية وعليه تستند قرارات كبار المستثمرين. ولكن مرة أخرى لا يخبرنا التحليل الأساسي ماذا أفعل إذا وصل السهم لهذه الأسعار ثم تجاوزها.
المنطق يقول إن علينا في كلا الحالتين أن نبيع السهم لكن عادة ما يتجاوز السهم الأسعار المحددة وبمراحل عديدة. يقال إننا لا نستطيع البيع عند القمة ولا الشراء عند القاع ولكن لماذا ونحن جميعا نعرف التحليل ونعتمد عليه، سواء كان فنيا أو أساسيا؟ ثم إذا كنا نتحدث عن الأسعار العادلة، فإننا نتحدث ودون شعور عن المضاربات وليس الاستثمار. الجميع يؤكد أن السوق السعودية في هذه الأيام هي سوق استثمارية، وذلك لمجرد أن الأسهم القيادية تتحرك بقوة. وهذا جزئيا صحيح طالما أن التحرك جاء بسبب عمليات شراء واسعة، لكن حالما يتجاوز سعر السهم في السوق السعر العادل له، فإن العملية تتحول فورا إلى مضاربات. فما الذي يجبرني على البقاء في سهم مقيم بأكثر من سعره العادل؟ إن أسس الاستثمار تخبرنا أنه إذا كان سعر السهم في السوق أقل من سعره العادل فيجب الحصول عليه وإذا كان أكثر من سعره العادل فيجب التخلص منه لأن هناك مكاسب رأسمالية أكبر بكثير من العوائد الاستثمارية، ولأن الجميع سيبدأ بالبيع حتى يعود السهم إلى السعر العادل أو أقل منه – التصحيح – يمكنك حينها العودة للسهم كاستثمار. لكن هذه النظرية تفترض بقاء رأس المال في الانتظار حتى يعود السهم، ولكن رأس المال لا يحتمل الانتظار، بل يخرج بحثا عن عوائد حتى تعود الأسهم إلى أسعار أقل بكثير من الأسعار العادلة – انهيار. إذ فتحديد السعر العادل يتضمن التوجيه نحو المضاربات، وذلك في سوق تستطيع أن تصل للسعر العادل في غضون أيام. وهو الأمر الذي يعني إما أن السعر العادل خطأ أو أن السوق لم تستكمل عمقها.
من هنا تبدو الصعوبات الحقيقية وراء تحديد الأسعار وصعوبة القرارات المستندة إليها. قبل عدة أشهر حددت مجموعة HSBC العربية السعر العادل لسهم “سابك” بـ 155 ريالا ثم 165 ريالا والآن بـ 230 ريالا. المشكلة ليست في التقرير ولا في التحليل المشكلة في القرار المستند إلى هذه التحليلات. لو كان معي سهم “سابك” وبعته عندما وصل السعر إلى 165 ريالا أو بعد ذلك السعر، وقد وصلها قبل صدور التقرير الأخير، فهل القرار خطأ أم صحيح؟ والصعوبة في إمكانية اتخاذ قرار العودة للسهم بعد أن تم تعديل سعره لأنني سأضحي بجميع الأرباح التي حققت – وفقا للتقرير – أرباحا غير حقيقية، بل خسائر. يتذكر الجميع معي كيف تم تحديد سعر السهم قبل الانهيار بـ 1800 والبعض حدده بـ 2500 ريال يعني بـ 360 و500 ريال على التوالي ومع ذلك لم يصلها السهم أبدا. بل انهار السوق قبلها فهل كانت فعلا أسعار الانهيار؟

معظم التحليلات الأساسية تحاول أن تحدد قيمة حقوق الملكية، والحمد لله أنها ليست معقدة لدينا، فهي تتمثل في الأسهم العادية فقط. حقوق الملكية هي كل ما يتبقى من قيمة الأصول بعد استبعاد الديون. لكن ما قيمة الأصول. تعرف المعايير المحاسبية الأصول بأنها منافع اقتصادية مستقبلية محتملة حصلت المنشأة الحق فيها نتيجة عمليات حدثت في الماضي”ما يهم في التعريف هي عبارة منافع اقتصادية مستقبلية محتملة. وما يبحث عنه المحلل الأساسي هو تحديد صافي قيمة تلك المنافع في نهاية فترة معينة وهنا تختلف أساليب التحليل من استخدام طريقة صافي التدفقات النقدية (كقيمة للمنافع المستقبلية) – وهي أكثر الطرق استخداما – إلى طريقة أسعار بيع الأصول. ما حدث لسعر سهم “سابك” إنه نظرا لتغييرات الأسعار ونظرا لما حققته “سابك” من استثمارات جيدة، فإن حجم المنافع المستقبلية قد تغير إيجابيا ولذلك، فإن قيمة تلك المنافع قد تغير أيضا، ولهذا تغيرت قيم صافي الأصول، وتغير سعر السهم تبعا لذلك، فكان قيمة صافي الأصول تحدد بالعودة من المستقبل إلى الآن. ولهذا فإن قضية التحليل الكبرى هي أن هذه المعلومات بقيم مستقبلية فلابد لمعرفة السعر العادل ليوم من العودة بهذه القيم إلى سعر النقد اليوم لنعرف قيمتها لذلك لابد من استخدام معدل خصم (فائدة) مناسب، فما هو سعر الخصم المناسب؟ ولكن لأن المنافع التي تعود على المستثمر من امتلاك السهم هي في قيمة الأرباح الموزعة وهذا الرقم يعتمد على الطرق المحاسبية التي تحدد الأرباح في نهاية العام والتي ترتكز على القيم التاريخية، وليست قيما مستقبلية لهذا تظهر فجوة كبيرة في نتائج التحليل الأساسي وقيم الواقع الذي على أساسه تتخذ القرارات.
من هنا فإن الأسعار العادلة التي يحددها التحليل الأساسي محل جدل، فإذا أضفت إلى هذا ما يصنعه التحليل الفني من تشويش فإنه يجب عليك أخذ كل تلك الأسعار بعين الحذر وتبقى السوق لها كلمة الفصل أولا وأخيرا، ودوما سيفرض المضاربون أسعارهم وقراراتهم على الجميع وفي لحظة القرار تلك لن تتذكر السعر العادل إلا بصعوبة

د. محمد أل عباس – أستاذ المراجعة المساعد -جامعة الملك خالد – أبها

ارباب

4 thoughts on “هل الأسعار العادلة للأسهم القيادية هي أسعار انهيار السوق؟

  1. السعر العادل للأسهم هو قضية شائكة فمعظم التقارير للأسعار العادلة صادرة من جهات لها مصالح معينة و هذا يجعلنا نفكر ألف مرة قبل الدخول و الخروج على الاسهم بناءا” على هذه التقارير

Comments are closed.