السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية أهنئكم بحلول عيد الأضحى المبارك أعاده الله عليكم وعلى الأمة الإسلامية بالخير والبركات والسعادة والنصر والتمكين والثبات.

نتذكر جميعا فرحتنا بالعيد أيام الطفولة. كيف كنا ننتظره ونترقبه ونتجهز له.

وكيف كنا نخطط لجدولنا يوم العيد مسبقا. وكيف كنا نعيش أيامه كلها ونشعر بقيمتها.

كبرنا وتغير مفهوم العيد لدينا.

أنا شخصيا فقدت الفرحة بالعيد منذ ما يقرب العشر سنين. صار العيد عندي ينتهي مع غداء أول يوم.

وبعد الغداء يصبح يوما عاديا. إجازة مثل باقي الإجازات وإن كان الزحام يزيد فيها. حتى الثياب الجديدة لم أعد حريصا عليها كالسابق.

كنت أبرر الأمر بأنه بحكم السن. لم أعد طفلا والعيد للأطفال.

لكن البارحة كنت أتجول في أحد مراكز التسوق في دبي بهدف الإنتهاء من شراء حاجيات العيد. ولاحظت أن المراكز عندنا – أتكلم عن دبي – لم تعد تعكس العيد أصلا. أتذكر في الماضي قبل حلول العيد تتزين المدينة كلها وتطغى الزينات على كل المحلات وترى عبارات التهنئة على الواجهات.

لكن الأمر تغير! والأدهى أن تزامن عيدنا هذه السنة مع أعياد النصارى جعلنا نقارن ما نقوم به نحن بما يقومون به هم. ترى محلاتهم تتزين لعيدهم وترى أشجارهم في كل محل. ترى الزينات معلقة بالمحل وبواجهته وعبارات التهنئة تملأ المكان. بل يتعدى الأمر للبضائع فترى بضائعا مخصصة للمناسبة وحلويات بألوان خاصة وثياب بنفس الألوان. حتى العاملين في المحلات تراهم يلبسون ثياب العيد.

قارنها بمحلاتنا نحن. فترى الجمود والملل. ترى الزحام الطبيعي قبل العيد وتعرف جيدا أن المحل يعيش أكثر فتراته انتعاشا طوال السنة بسبب الإقبال المهول قبل العيد لشراء كل شئ خاصة الملابس والحلويات. لكن هل ينعكس هذا الانتعاش على شكل المحل؟ لم أر ذلك إلا في محلات معدودة كأن ترى في محلات الحلويات بعض البضائع المخصصة للعيد ولتهنئة الحجاج العائدين.

هل تذكرون برامج التلفزيون أيام العيد؟ كيف كنا نلاحظ التميز فيها والإختلاف عن البرامج العادية؟ حتى التلفزيون اليوم لا يشكل أي ميزة للعيد. فقط “تترات” العيد المملة التي تتكرر ألف مرة في اليوم حتى يتمنى الشخص أن تعود المحطات لبرامجها العادية!

قد لا نعر الموضوع إهتماما زائدا ونبرره بأن العيد في القلب – ولا أدري ما يمنع أن يكون في كل مكان – لكن لو دققنا في الموضوع أكثر سنكتشف الجوانب المخيفة فيه. لنعد إلى بداية الموضوع. هل يعني العيد للأطفال اليوم ما كان يعنيه لنا عندما كنا بأعمارهم؟

لا أعتقد!

العيد ليس مجرد يوم في التقويم المعلق على الجدار. العيد ليس مجرد إجازة مدرسية. العيد ليس مجرد يوم يتلو رمضان أو يتلو الحج. العيد منظومة متكاملة. العيد تغير بيئي موسمي يكسر النمط الرتيب. هذا ما كنا نعيشه ونحن صغار لكنه غير متوفر اليوم.

والمصيبة أن البديل متوفر للأطفال! نغضب كثيرا عدما نرى أطفالنا مشدودين للأعياد الأجنبية مثل الكريسمس ورأس السنة والهالوين وعيد الحب وغيرها. لكن هل سألنا أنفسنا لماذا صار الأطفال مهتمين بهذه الأعياد أصلا؟ لماذا لم نكن نحن نعرف شيئا عن الهالوين وصار أطفالنا يحفظون تاريخه؟

الإجابة بسيطة. لأن الأجانب أتقنوا صناعة الأعياد. فصاروا يسوقون لها بشكل خيالي. في فترة الهالوين ترى كل المحلات تحولت للون البرتقالي. ترى الديكور المخيف. ترى الأقنعة والملابس التنكرية تباع في كل مكان. بل يتعدى ذلك السوق فترى كل برامج التلفزيون حتى المسلسلات والأفلام عن الهالوين. وترى الأطفال يترقبون المناسبة لشراء الثياب المخيفة والتجول في الشوارع وزيارة المنازل – التي زينت أيضا بزينة مخيفة تماشيا مع المناسبة – لجمع الحلوى.

لماذا لا نرى هذا الشئ لدينا؟ عيدنا يحوي الكثير من الرموز بالفعل. على رأسها خروف العيد! عيدنا يحوي عادات اجتماعية أيضا. هناك زيارة الأقارب وهناك العيدية. فلماذا لا نحسن استغلال أعيادنا؟

نحتاج لأن نعيد تقديم الأعياد لأطفالنا. نحتاج لخلق رموز جديدة للعيد يترقبونها ويربطون بينها وبين الموعد السنوي. نحتاج لأن نقوم بإعادة تسويق للعيد وقيمه وطرق الإحتفال به.

وإن لم نفعل. فهناك أعياد أخرى سوف تجذبهم مهما كررنا أن أعيادنا هي – فقط – عيدي الفطر والأضحى.

منقذ

2 thoughts on “هل يشعر الأطفال بفرحة العيد؟ لا أقصد أطفال العراق وفلسطين بل أطفالكم أنتم!!

Comments are closed.