هوت بسوق دبي وأربكت سوق الأسهم السعودية .. تصريحات مغلفة بجريمة مالية.. والتحرك الحكو

هوت بسوق دبي وأربكت سوق الأسهم السعودية .. تصريحات مغلفة بجريمة مالية.. والتحرك الحكومي مشلول

إيلاف رامي محمد /

أصعب ما يمكن أن يمر به القارئ هو الدخول في دهاليز التصريحات المتضاربة المتناقضة في مجال يكون للمعلومة فيه قيمة غالية الثمن قد تأتي على حصاد سنين، وما أن ينبت الكلأ حتى تأتي النار على الهشيم، ولنا في سوق دبي والسعودية بعد ما ذكر عبرة أججت التساؤل لماذا وكيف وأين ولما ..؟ صفقة تمت ولم تتم ثم لايزال التفكير فيها قائماً ليتحول العجب إلى صراع من الأرقام في أذهان الجميع، ولكن الحبكة تبقى غامضة، ليس في بطن الشاعر، إنما التاجر.

المملكة القابضة تعلن عن توقع الأمير الوليد بن طلال ورئيس مجلس إدارة شركة المملكة القابضة نيابة عن شركة جدة الاقتصادية اتفاقية مع محمد بن علي العبار، رئيس مجلس إدارة شركة أعمار العقارية نيابة عن شركة أعمار، لتطوير مشروعي مدينة المملكة وبرج المملكة في جدة. ويذكر البيان “أن اختيار شركة أعمار العقارية من بين خمس شركات عالمية أخرى لما تتمتع به من خبرات قوية في مجال تطوير المشاريع العملاقة. وبهذا تكون شركة إعمار مسؤولة عن التطوير والإشراف على بناء مشروعي مدينة المملكة وبرج المملكة في جدة، الأطول في العالم.
واستطاعت الشركة أن توفر فريق عمل ذي خبرات خلال أسبوع من توقيع الاتفاقية، حيث قاموا بعملية وضع خطة التطوير العامة، والتخطيط، ودراسة البيئة، ودراسات الحركة المرورية وبدء أعمال تأهيل الموقع إضافة إلى الحصول على التصريح المبدئي، وتعمل شركة إعمار بالتنسيق التام مع أمانة مدينة جدة”.

ويستمر البيان في ذكر تفاصيل الصفقة “التي يبلغ إجمالي الاستثمار بها أكثر من ١٠٠ مليار ريال” حسبما ذكر البيان.

هذا المشروع برج المملكة – جدة- التابع لمدينة المملكة – جدة- يمثل أحد أكبر المشروعات العقارية المتكاملة في السعودية، ويتميز بموقعه الكائن في منطقة إستراتيجية على خليج (أبحر) شمال جدة، حيث يحتضنها البحر الأحمر عن قرب، وتصافحها الجبال الشرقية من غير بعيد، وتقوم على مساحة مقدارها ٥.٣كم مربع (خمسة ملايين وثلاث مئة ألف متر مربع) تقريباً، وعلى بعد عشرين كيلومتر من مدينة جدة القديمة، بجوار مطار الملك عبد العزيز الدولي، وستبلغ مساحة البناء (٢٣.٠٠٠.٠٠٠) متر مربع موزعة على برج المملكة، والفلل والشقق السكنية، والمساكن المتنوعة، والفنادق والمكاتب، والمجمعات التعليمية والتجارية، والإنشاءات الشاطئية، وما يلزم من البنى التحتية المتكاملة، وسيعتلي البرج مركز تجاري وقاعة مناسبات، وسيشتمل على فندق خمس نجوم، ومكاتب ووحدات سكنية فاخرة، مع إطلالة رائعة على البحر الأحمر، وخليج (أبحر) والجبال إلى الشرق، ويعتبر تصميم البرج راقياً، حيث جاء مثلث الشكل، وتعكس واجهته الزجاجية روح مدينة جدة وسماء وماء وأرض المدينة.

ماذا بعد ذلك ..؟

الوسط الاقتصادي في الخليج كان مذهولاً من حيثيات الصفقة وأبعادها بعد بيان المملكة القابضة ليفاجأ ذات الوسط ببيان آخر من إعمار جاء نصه “نفت شركة أعمار العقارية الإماراتية في بيان أنها دخلت طرفاً للاستثمار مع شركة المملكة القابضة السعودية في مشروع كبير يتضمن أطول برج في العالم في مدينة جدة غرب السعودية. ويأتي نفي إعمار بعد يوم من إعلان شركة المملكة القابضة التي يرأس مجلس إدارتها الملياردير السعودي الوليد بن طلال السبت أنها وقّعت مع شركة إعمار العقارية لتولي مسؤولية التطوير والإشراف على بناء مشروعي مدينة المملكة وبرج المملكة”.

التأثيرات للبيانيين مجتمعين كان وقعه مباشراً على أداء أسهم شركة إعمار، حيث شهدت بورصة دبي الأحد صعوداً كبيراً في سعر سهم شركة إعمار مرتفعاً بنسبة 7.2 %، دافعة قيمة مؤشر البورصة لأعلى مستوى له في سبعة أشهر، استجابة لأنباء الصفقة التي عززت ثقة المستثمرين، إلا أن شركة إعمار التي ذكرت في بيان أرسلته إلى وكالة رويترز أنها “لن تستثمر في أية مشاريع من هذا النوع”، وقالت إنها وقّعت اتفاقاً مع شركة “جدة الاقتصادية” تقوم بموجبه “بتقديم خدمات إدارة مشروع عقاري مقابل رسوم فقط” رغم أن شركة المملكة القابضة أرفقت صورة لمراسم إبرام الاتفاقية يظهر فيها الأمير بن طلال إلى جانب محمد العبار، رئيس مجلس إدارة شركة إعمار العقارية.

يوم الثلاثاء، وبعد تصريح شركة إعمار بالنفي، قالت شركة إعمار العقارية إن الصفقة التي وقعتها مع شركة المملكة القابضة السعودية لا تزال مشروطة وستركز على إدارة عملية التطوير، وأوضحت الشركة في بيان نشر على موقع سوق دبي المالي على الانترنت “حيث أن المشروع مازال في مرحلة دراسة الجدوى والتصميم العام فإنه من غير الممكن حالياً تحديد مستوى الدخل”. كل ذلك أتى بعد نفي إعمار يوم الأحد الماضي قيامها بالاستثمار في مشروع لشركة المملكة القابضة السعودية سيشمل بناء أطول برج في العالم، وقالت إنها أبرمت صفقة لتقديم خدمات إدارية مقابل رسوم.

اليوم أيضاً، ومن خلال موقع تداول، أعلنت المملكة القابضة إعلاناً آخر، ذكر البيان “تؤكد شركة المملكة القابضة بوجود عقد خدمات تطوير بين شركة إعمار العقارية PSJC وشركة المملكة القابضة (ممثلةً شركة جدة الاقتصادية). وأن شركة جدة الاقتصادية شركة ذات مسؤولية محدودة، وتمتلك شركة المملكة القابضة 40% من شركة جدة الاقتصادية التي تمتلك كامل المشروع.

كما تؤكد شركة المملكة بأن شركة إعمار ليست مستثمراً، وهذا يوافق بيان شركة إعمار، ومتوافقاً مع البيان الصحافي الصادر من شركة المملكة بتاريخ 14 يونيو 2009م، حيث ينص على أن إعمار مسؤولة عن تقديم خدمات التطوير”.

وفي وقت تحركت فيه هيئة الأوراق المالية والسلع وطالبت شركة إعمار العقارية بتوضيح حول الاتفاقية الموقعة بينها وبين شركة المملكة القابضة تتضمن تفاصيل هذه الاتفاقية، وقالت إعمار إن “الاتفاقية الموقعة حالياً من إعمار مشروطة بتوقيع عدد آخر من الاتفاقيات بين إعمار والشركة”.

فيما ذكر لإيلاف أحد المختصين بجرائم الأسواق المالية حول التصريحات المتناقضة يفترض في مثل هكذا حالات بالجهة المسؤولة عن السوق المالية، وخصوصاً إذا ما كانت هذه الجهات شركات مساهمة يفترض أن تطلب توضيحاً أو أن يفتح تحقيق مستقل لضمان عدم تأثير هذه التصريحات على الأسواق المالية، كما حصل لسهم إعمار، وبما يضمن الحفاظ على حقوق المساهمين، فما حصل من تضارب في التصريحات يصنف كجريمة أسواق مالية بالتصريح ببيانات غير صحيحة تؤثر بشكل مباشر وربما غير مباشر على الأسواق المالية وأدائها، مستغرباً من عدم تحرك هيئات السوق المالية بالشكل السليم والصحيح تجاه مثل هذا الأمر، ثم كيف يفسر الإعلان ثم النفي فالاتفاق، ما حصل ليس أمراً عرضياً، وإنما كان مدروساً بعناية.

وقفزت أسهم إعمار بنسبة 7.18 % يوم الأحد الماضي، وهو اليوم الذي تلا إعلان شركة المملكة القابضة عن إسناد تطوير المشروع لشركة إعمار باستثمارات إجمالية لا تقل عن 100 مليار ريال (26.7 مليار دولار). وهوت أسهم إعمار بنسبة 5.74 % يوم الاثنين بعد التوضيح من قبل الشركة.