واليمني إذا خزن

الخطاب الروحاني

::
قد بدى لي منذ الوهلة الأولى أن الوضع سيئ، ولا يمكن التلائم معه، واستطعت مقاطعة تلك المجالس تماما حتى في أهم المناسبات التي تحتم علي الجلوس وسط تلك المساوئ، والمساوئ قد تعني للبعض عبثا انها مجالس طيبة ومحببه وقد تصل حد العشق..!

دخلت على صديقي في مجلس زفافه بعد ان اقتصر على جلسة نهارية هي كل فرحه، كما انها كانت مليئة بالحزن، إذ ان الناحية المقابلة له يجلس فيها أهل قتلى احد اقربائه ممن قتل في حرب صعدة، فاقتصر على دعوة زملائة المقربين علهم يضيفوا بعض الفرحه..
لا اصدق انني في مجلس يمكن لعاقل أن يلبث فيه اكثر من خمس ثواني، هي وقت القبلات التي تهديها للعريس وتغادر.. لكن… !! كان الأمر صعبا بالنسبة لي، كيف اغادر وأنا ارى ابتسامة صديقي لا تكاد تجد لها ملجأ حينما لا يجدنا، فسعادته كنت احسها في وجودنا فنحن زملائه الذين تقاسمنا معه المر والحلو.. ! كان علي أن أجلس واصبر حتى اقدم شيء لصديقي.. ولكن كيف؟
فالجو لا يسمح لك بالرؤية فيما عدا الاثنين، من فرط دخان السجارة و”المداعة”، والمنظر اشبه بلوحة رسام اراد بها عقاب جمهوره، رأيت رؤساً اضافية ملتصقه بالرؤس الأصلية، وأياد تقطف شجرا اخضرا لا احسبه الا طعام الغنم، وروائح مضغ أسوأ من ريح الثوم والبصل، وافرازات جسم جراء العرق والانهماك في المضغ والتفكير، اضف الى ذلك حب سيئ في الكلام من لسان ترسل في كل كلمة بذرة قات، وياليتها نظيفه، فقد عانت الويلات من مطاحن تشتكي الى الله سوء استخدامها..

تخيلت ان رئتي في ذلك الوقت تبتهل الى الله عسى الله ان يخفف عقابا نزل عليها معتقدة انها صارت في يوم القيامة وانها تعاقب بسوء فعلي، وتخيلت معدتي تقول لي: يا عبد الله.. ماذا فعلت في الدينا من جرائم، اذا كان هذه هي ريحة نارك التي عاقبك الله بها؟ ظانة انها ايضا في يوم القيامة.

وتخيلت الجراثيم تشكتي من اهانتها واحضارها فوجا تلو فوج، وتخيلت الأمراض تشكوا من قسوة مجيئها دفعة واحدة، والقلب المسكين الذي قسى عليه مديره وأجبره على اقامة حفل استقبال واحد لكل من الجراثيم والأمراض بجميع انواعها، خاصة تلك التي تتخلل أوراق القات تحت عنوان “السرطان”، وذلك المسمى بـ “سم القات” يأتي كقوافل النمل الى معاشها، وذلك الذي يستهدف القلب بجرعات من الركود والتفكير غير المنطقي، كما ان الضيف الثقيل ايضا الذي يأتي كغبار عاصفة استهدف حجرة واراد محوها، متوجهاً الى الرئة قاصدا قتلها، ربما لحرصه على العروق كي لا تستهلك كثيرا في النبض، وربما لحرصه ايضا على ارجاع العروق لبارئها قبل تاريخ الانتهاء..

تخيلت كل ذلك كله وقلبي يطاوعني بالخروج، الى ان اذن الله لي بتكبيرات سمعتها هي أذان المغرب.. خرجت وكلي شوق للحياة الدنيا، وانطلقت مسرعا نحو حديقة أداوي بهوائها ما اهلكته روائح المجلس في رئتي.. وتطلب ذلك مني الوقت الكثير، وما زلت حتى الآن اشعر ان علي الكثير لمداواتها.. فقد ظلمتها حد الهلكة..

ولكن من يداوي قلبي ؟ وأنا ارى رجالا كاملين يصنعون لهم وديان ويملؤها الأمراض مستمتعين بالعيش فيها، بل ويدفعون المال لقاء ذلك، وكذا الوقت والشعور والضمير والجهد والتفكير و.. كله وقف لتلك المجالس.
الأدهى من ذلك انهم يفتخرون بهكذا صنيعة، مع اعترافهم بخطيئة صنيعهم..

يا ويح قومي لو يدركون ما يفعلون؟ كم دمر القات من قلوب وكم دمر من مزارع ومن اموال وأعمال ومن عقول افكار ومن خطط ومشاريع، ومن نساء ورجال، ومن اسر وكيانات، ومن ثروة ومن وقت ومن جهد ومن جمال ومن ومن … و…

ياليت قومي يدركون بشاعة منظرهم حين يخزنون، وسوء أحوالهم الجوية حين يدخنون، وفي الجمع بين ذلك قتل عمد للنفس ..!!

سأظل اروي حكايتي حتى يدركون..

كيف ترون انتم ايها السادة؟

29 thoughts on “واليمني إذا خزن ( موضوع لأخ يمني يكتب عن بلوى بلاده)

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اخي الفاضل ممكن اعرف المغزى من الموضوع هل نحن نقدر نساعد في حل مشكلة القات ؟ ام ان الموضوع فقط للتسلية. وهل عرض الصور بهذا الاسلوب سوف يساعدنا على الحل؟
    تحياتي

  2. شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

    اشكال جميله لو يسون أجمل مصطول قات منو بيفوز برآيك

    شى جميل بصراحه

  3. لن أعلق ….

    لكــــن سأدع الصور تتـــكلـــم :

    القــــــــــــــــــــــــــات
    والمراحل التي يمر بها المخزن

    تلك الشجرة التي ضربت بأطنابها في أرض اليمن و غيره

    مرحلة الشراء من السوق
    لا تهتم إذا أردت الشراء في وقت متأخر أو انتهى القات وتريد ( قات اسعاف) فهناك المقاوتة المناوبون
    الخروج بالغنيمة رغم كل الظروف

    مرحلة الإنتعاش
    مرحلة التكييف مع المكان

    مرحلة التأمل العميق
    ويستمر التأمل والبحث في أغوار العودي

    مرحلة ( التـتـنيحة ) وفصل الإستقبال

    Waht’s Up!
    مرحلة ( أنا الملك )

    مرحلة (أهيم بين الوديان)

    ثم أخيرا ….
    مرحلة…..

    التحول

    !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
    ^
    ^
    ^
    أظن شفناه في فيلم

    الحمد لله الذي عافانا

Comments are closed.