وجهة نظر إقتصادية: أسواق الأوراق المالية العربية وغياب القطاع النفطي
كامل عبدالله الحرمي الحياة – 01/09/05//
أدى ارتفاع أسعار النفط خلال العامين الماضيين إلى زيادة الفوائض المالية للدول العربية المنتجة للنفط مما أدى إلى زيادة حجم الاستثمارات الخارجية المتاحة إلى أكثر من 360 بليون دولار.
ويتركز معظم الاستثمارات الخارجية في كل من الأسواق الأميركية والأوروبية، وبنسبة أقل في أسواق آسيا وبخاصة اليابان. إلا أن بعض الاستثمارات بدأ يتجه شرقاً الى أسواق جديدة مثل كوريا والصين بنسبة قليلة جداً لعدم انتظام البورصة في الصين وعدم وجود خبرات طويلة فيها في الوقت الحالي.
وتستثمر الدول العربية الفوائض المالية في شراء حصص الشركات العالمية العملاقة في جميع المجالات من دون استثناء، مثل الطاقة والنفط والمصارف وصناعة البتروكيماويات والتقنيات المتقدمة. وبعض الدول الخليجية، منها الكويت، له خبرات كبيرة وكفايات متقدمة في بعض الأسواق المالية بدأت منذ أكثر من 30 عاماً.
وفي الفترة الأخيرة، بدأت الحكومات تشجيع الاستثمار في المنطـــقة العـــربيــة. وبدأت الأسواق المالية العربية تتحـــسن وتنتـــظم تدريجاً وفيــها الكثير من الشفافية، بخــاصة سوق الكويت للأوراق المالية، بحيث يجب على جميع الشركات المدرجة في السوق الإعلان عن نتائجها المالية مع نهاية كل 3 اشهر، وإخطار إدارة البورصة عن أي عقود جديدة أو أي تطورات لها تأثير على أداء الشركة المدرجة في السوق، وأي مخالفة ستكون نتيجتها وقف التعامل بأسهم تلك الشركة إلى أن تقوم بتعديل أوضاعها وتصحيحها.
وتتمثل أسواق الأوراق المالية العربية في 14 بورصة موزعة على أكثر من 13 دولة. ويبلغ إجمالي عدد الشركات المدرجة في البورصات العربية نحو 1597 شركة مع نهاية عام 2004. وأجمالي قيمة الأسهم المتداولة بلغ 568 بليون دولار في نهاية العام الماضي. و أكبر الأسواق العربية هي بورصة الأسهم السعودية التي بلغت قيمة الأسهم المتداولة فيها في نهاية عام 2004 نحو 473 بليون دولار، أي ما يعادل 83 في المئة من إجمالي قيمة التعامل، تليها سوق الكويت بقيمة 52 بليون دولار و بنسبة 10 في المئة، وتحتل بقية دول الخليج العربي المراكز المتقدمة وكذلك مصر وبقيمة نحو 7 بلايين دولار. إلا أن أكبر عدد الشركات المدرجة في البورصات العربية هي في مصر وبعدد 792 شركة، تليها عمان(الأردن) بنحو 192 ثم الكويت بعدد 125، منها 6 شركات غير كويتية وهي خليجية ولبنانية. وبورصة الكويت هي البورصة الوحيدة التي تتعامل مع شركات ليست من بلد المنشأ. ويبلغ عدد الشركات المدرجة في بورصة الأسهم السعودية 73 شركة وأقل عدد الشركات المدرجة هي 3 شركات في بورصة الجزائر.
وتمثل في سوق الأوراق المالية العربية قطاعات اقتصادية مختلفة ومتنوعة، مثل البنوك والصناعة والاستثمار والتأمين والعقار والأغذية. ويأتي قطاع البنوك في المركز الأول من القيمة الاسمية في البورصات العربية. ومازالت الأسواق المالية العربية بحاجة إلى مزيد من التشريعات والتنظيمات لضمان الاستقلالية والشفافية.
ومن الملاحظ، غياب النشاط النفطي من جدول بورصة أسواق المال العربية. وهذا يشمل الشركات التي تتعامل مباشرة بالنشاط النفطي، أو الصناعات التحويلية المرتبطة بالنشاط النفطي. وهذا ما يجرنا إلى الحديث حول خصخصة بعض النشاطات النفطية أو زيادة دور القطاع الخاص في تنمية وتطوير النشاطات المرتبطة بطريق غير مباشرة في صناعة النفط مثل محطات بيع الوقود أو نشاطات متصلة بتوزيع الوقود أو في قطاع نقل وشحن النفط أو في الاستثمار في قطاع التكرير. ومثلما فُتح المجال للقطاع الخاص في مجال بناء وإصلاح السفن، لماذا مثلاً لا نزيد من الشركات العاملة في قطاع البتروكيماويات وإفساح مجال أكبر للقطاع الخاص في الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، إضافة إلى شركتي سابك وبوبيان.
بمعنى آخر، لماذا لا يحاول القطاع الخاص الاستثمار في الصناعات التحويلية والمرتبطة مباشرة بالنفط، وترك المجال لشركات النفط الوطنية العمل في صلب نشاطاتها في مجال الاستكشاف والتنقيب عن النفط والتسويق وترك بقية الخدمات للقطاع الخاص.
وكما هو الأمر مع الشركات العاملة في قطاعات اقتصادية اخرى، فإن أداء الشركات سيكون معلوماً وملموساً من قبل حملة الأسهم في البورصة لتقدير نوعية هذا الأداء وتقييم عمل هذه الشركات ومعرفة نوعية الإدارة بحسب الأداء المالي للشركة في كل عام.
لقد وصلنا إلى مرحلة متقدمة في الأدارة وادارة الأموال والأصول. والاستثمار في الخارج هو مقياس نجاحنا و قدرتنا في العمل في الأسواق العالمية بكفاءة ودراية. وقد أعطتنا هذه الخبرة القدرة والارادة في تشجيع وتطوير وتحديث أسواقنا المالية والاستثمار فيها. فالمحصلة النهائية لأي عمل هي في تطوير الانسان، وهذا يتحقق من خلال تحسين الأداء الأداري وإيجاد المنافسة وتحقيق هامش معقول من الربح، وهذا ما يريده الجميع.
كاتب ومحلل نفطي.