وقــال النهــر .. ليس كل ما يقال صحيحاً وليس كل صحيح يقال


د . محمد العبدالله
الثلاثاء12/10/2010

علمتني الحياة هذه الحكمة ، ووجدتها عملياً تصيب كبد الحقيقة في أْغلب الأحيان ، فكثيراً ما تسمع عن أمور حدثت ، لكنك تكتشف أنها غير صحيحة ، وأن الكلام الذي قيل كان مجرد شائعة تناقلتها الألسن ترويجاً لفكرة أو دعاية لبضاعة .

وفي المقابل ، فإننا في كثير من الأحيان ، لا نستطيع البوح عن أمر صحيح لأن مثل هذا البوح قد يؤدي إلى مشكلة ، فالاستعانة على قضاء الحوائج بالكتمان مرغوب تفادياً للإزعاج والعرقلة .‏


وعلى مسرح الحياة اليومية ، تجد كثيراً مما يقال لغايات ومصالح ، وأكثره غير صحيح ، ولا صدق فيه .‏


ويجب أن يكون لكل شخص سر خاص لا يبوح به حتى لأقرب الناس إليه ، لأنه إذا أخرجه أصبح أسيراً لمن أطلعه على سره ، وقد يفضحه من ظن أنه مؤتمن ، ومن ذا في هذا العصر أهل لأن يؤتمن على سر ؟ قلائل … كما أظن .‏


إنني ضد أن يصدق المرء كل ما يقال له ، وضد البوح بكل قول أو سر ، والحكيم هو القادر على تمييز الصدق من الكذب ، والحريص في الوقت نفسه على عدم قول ما قد يسبب مشكلة له أو لأحبائه .‏


يقولون : سرك أسيرك ، فإذا بحت به أصبحت أسيره .‏


وعلى هذا فثقافة الصمت هي الأجدر والأنفع في عصر نا هذا … عصر الدعاية والإعلان والإعلام والستالايت ، ففيه تقال أمور كثيرة يصعب تصديقها إلا من قبل المغفلين ، وعلى المرء أن يزن ما يسمع بميزان العقل والمنطق ، وغربلة كل ما يتناهى إلى أذنه ، وألا يتسرع في الحكم والتصديق ، فإن التمحص واجب في مثل هذه الحالات ، لمعرفة فيما إذا كان القول يحمل غايات معينة مغلفة بغلاف جميل زائف ، لا تنطلي على الفطن ، ويخدع بها الغافل .‏


رب سر تحتفظ به معك إلى القبر كيلا يجر عليك ويلات أنت بغنى عنها .‏


وختاماً :‏
فثقافة الكلام لها أصولها ، وثقافة الصمت لها كذلك أصولها ، فلا تصدق كل ما تسمع ، ولا تقل كل ما لديك ، وإن كان صحيحاً .‏

مما راق لي واتمنى أن يروق لكم