أحترت بما أبدأ … ومن أين أو عن من يكون الكلام في شهر الغفران …

المعلوم أن الدين إتباع لا إبتداع ..

وخير من يتبع هم خير الخلق .. أنبياء الله ورسله .. وقد ذكرهم الله في كتابه الكريم وفصلت فيهم السنة النبوية فصلوات الله وسلامه عليهم أجمعين … ثم يليهم في الفضل الصحابه الكرام .. فكما ذكر عن بن مسعود رضي الله عنه انه قال ” إن الله نظر فى قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فبعثه برسالته ، ثم نظر فى قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم ، فوجد قلوب اصحابه خير قلوب العباد ، فاختارهم لصحبة نبيه ونصرة دينه “..

وعليه رأيت أن يكون الحديث عن الصحابه الكرام .. أولئك النفر الذين أفنوا أعمارهم وأرواحهم في طاعة الله ورسوله وتبليغ دين الله للعالمين فكان لزاما علينا قرآت سيرهم ونهجهم حتى نتأسى بهم .. فقد ورد عن بن مسعود رضي الله عنه أنه قال ” من كان متأسياً فليتأس بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً ، وأقومها هدياً ، وأحسنها حالاً ، قوم اختارهم الله لصحبه نبيه ، وإقامه دينه فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوا آثارهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ” …

ولايمكن الحديث عن جمع الصحابه فهم كثر .. وعليه سيكون الحديث عن خيرة الصحابة والمبشرون بالجنة منهم … فقد ورد في الحديث في مسند الإمام أحمد عن سعيد بن زيد – رضي الله عنه – أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : النبي في الجنة وأبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة وسعد في الجنة ولو شئت أن أسمي العاشر … وفي رواية أخرى أنه سئل عن العاشر فقال هو سعيد بن زيد ( وهو راوي الحديث ) …

( مع العلم أن المبشرين بالجنه من الصحابه أكثر من هؤلاء العشرة ولكن هؤلاء العشرة هم الأشهر لورودهم في حديث واحد .. والا فبلال مبشر بالجنه وكذا جعفر بن ابي طالب وغيره من الصحابه الكرام ) ..

ولهذا سيكون الحديث في هذه السلسلة مقسماً على الشهر الفضيل .. ففي كل ثلاثة أيام نتناول سيرة صحابي من هؤلاء الصحابه العشرة الأبرار … ولسان حالنا يقول ” ياليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيما “

فتعلوا بذلك النفوس والهمم ونردد

” فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم .. إن التشبه بالكرام فلاح ” …

عسى أن أوفق في الجمع والطرح .. وأسال الله أن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه .. وأن يخلص لنا النيات ويجعلها لوجهه الكريم ..

ملاحظة : لا يعني العنوان ” ياليتني ” التحسر على أمر مضى وإنما للتعلم من سير الصحابة .. ولنتذكر جميعاً حديث أبوهريرة حين قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وددت أنا قد رأينا إخواننا

قالوا : أو لسنا إخوانك يا رسول الله قال أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد

فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله : فقال أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله قالوا بلى يا رسول الله قال فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم فيقال إنهم قد بدلوا بعدك فأقول سحقا سحقا .. “

فتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم يتمنى لقاءك ان عملت صالحاً ولا تقل فات زمن العمل … وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم ” … فإن وراءكم أيامَ الصبر ،

الصبرُ فيهن مثلُ القبض على الجمر ، للعامل فيهن مثلُ أجر خمسين رجلاً يعملون مثلَ عمله

قيل : يا رسول الله أجرُ خمسين رجلاً منا أو منهم ؟ قال : بل أجر خمسين منكم “
نلقاكم على الخير إن شاء الله …


14 thoughts on “ياليتني كنت معهم

  1. 1) أبوبكر الصديق

    عن أبي الدرداء – رضي الله عنه- قال : كانت بين أبي بكر وعمر – رضي الله عنهمامحاورة فأغضب أبو بكر عمر فانصرف عنه عمر مغضبا، فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفرله، فلم يفعل، حتى أغلق بابه في وجهه. فأقبل أبو بكر إلى رسول الله – صلى الله عليهوسلم- فقال أبو الدرداء: ونحن عنده, وفي رواية: أقبل أبو بكر آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي – صلى الله عليه وسلمأما صاحبكم فقد غامر..فسلم وقال: يا رسول الله .. إني كان بيني وبين بن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي، فأبى علي فأقبلت إليك فقال:”يغفر الله لك يا أبابكر ( كررها ثلاثاً ) وفي رواية: ( فتبعته إلى البقيع حتى خرج من داره وتحرّز مني بداره ( ثم إن عمر ندم على ماكان منه فأتى منزل أبي بكر فسأل: أثم أبا بكر؟ فقالوا: لا… فأتى إلى النبي – صلىالله عليه وسلمفجعل وجه النبي – صلى الله عليه وسلم- يتمعر؛حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه، وقال: يا رسول الله! والله أنا كنت أظلم ( مرتين ) فقال النبي – صلى الله عليه وسلم : ” إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدقت وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو ليصاحبي( كررها مرتين ) .. فما أوذي أبوبكر بعدها ..

    وفي روايه أن عمر سلم وجلس عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل وجه النبي – صلى الله عليه وسلم- يتمعر يعني تذهب نظارته من الغضب، وكان النبي- صلى الله عليه وسلم -أبيضاً جميلاً كأنّ القمر يجري في وجهه – صلى الله عليه وسلم- فجعل وجهه يحمر من الغضب .وفي رواية:” فجلس عمرفأعرض عنه النبي – صلى الله عليه وسلم- ثم تحول فجلس إلى الجانب الآخر فأعرض عنه،ثم قام فجلس بين يديه فأعرض عنه، فقال عمر: يا رسول الله ما أرى إعراضك إلا لشيء بلغك عني، فما خير الحياة وأنت معرض عني”؟ أي خير لي في هذه الحياة إذا كنت معرضاًعني، فقال: (أنت الذي اعتذر إليك أبو بكر فلم تقبل منه؟! وفي رواية: (يسألك أخوك أنتستغفر له فلا تفعل) فقال: والذي بعثك بالحق ما من مرة يسألني إلا وأنا أستغفر له، وما خلق الله من أحدٍ أحب إلي منهبعدك” فقال أبو بكر: “وأنا والذي بعثك بالحق كذلك“.
    هو سيد الصحابة بلاد جدال وشيخهم … الصديق .. ثاني اثنين .. العتيق …أول من أسلم من الرجال و أول من يدخل الجنة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم … لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا مبتدع أو كافر …

    قال ابن عيينة ‏:‏ عاتب الله سبحانه المسلمين كلهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا بكر، فإنه خرج من المعاتبة حيث قال الله تعالى .. ‏:‏ ” ‏إلا تنصروه فقد نصره الله إذا أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار‏”‏.‏

    رجل كان يمشى على الأرض وكتاب الله يقرأ بين الناس ” وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ” فأي فضيلة ومنزلة يطمح لها مؤمن أعلى من تلك المنزلة؟؟؟

    هو أحب الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. ففي حديث عمرو بن العاص حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أي الناس أحب إليك‏؟‏ قال‏:‏ ‏‏عائشة … فقلت‏:‏ من الرجال يارسول الله ‏؟‏ قال‏:‏ ‏‏أبوها‏ .. قلت‏:‏ ثم من‏؟‏ قال‏:‏ ‏عمر بن الخطاب‏ …. ‏

    هو وزير النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه .. أما الصحبة فقد أثبتها الله له في القرآن حيث قال ” إذ يقول لصحابه لا تحزن .. ” وأما الوزارة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ” ‏إن لي وزيرين من أهل السماء ووزيرين من أهل الأرض، فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل، صلى الله عليهما وسلم وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر‏”

    رجل قال عنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أشهد أن الله أنزل اسم الصديق من السماء …
    رجل كان مع الرسول في وقت لم يكن معه أحد … حتى قال عمار بن ياسر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه الا خمسة أعبد وامرأتان وأبوبكر الصديق …

    رجل زكّاه الله تعالى من فوق سبع سموات حتى ذكر بعض المفسرين في قوله تعالى‏:‏ ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ” أي ‏ مع أبي بكر وعمر‏ …
    رجل الأعمال الصالحة والقربات .. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏من أصبح منكم صائماً‏ ? قال أبو بكر‏:‏ أنا يارسول الله … ‏فقال النبي عليه السلام ‏: ‏من تصدق بصدقة‏‏? فقال أبو بكر‏:‏ أنا‏ ‏ فقال النبي عليه السلام ‏:‏ ‏‏من شهد جنازة? فقال أبو بكر‏:‏ أنا‏ فقال‏ النبي عليه السلام :‏ ‏‏من أطعم اليوم مسكيناً‏‏? فقال أبو بكر‏:‏ أنا‏.‏ فقال‏ النبي صلى الله عليه وسلم :‏ ‏‏من جمعهن في يوم واحد وجبت له -أو غفر له-‏ …‏ وفي روايه ما اجتمعن في أمرء إلا وجبت له الجنة ..
    رجل العلم .. فهو أعلم الصحابه وقد سئل بن عمر : من كان يفتي الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟ فقال‏:‏ أبو بكر وعمر، ما أعلم غيرهما‏.‏.
    وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، جلس على المنبر، فقال‏:‏ ‏” ‏إن عبداً خير الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده‏” .. فبكى أبو بكر، وقال‏:‏ فديناك بآبائنا وأمهاتنا‏ …‏ فعجبنا له وقال الناس انظروا إلى هذا الشيخ، يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده، وهو يقول‏:‏ فديناك بآبائنا وأمهاتنا‏…. ‏ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر هو أعلمنا به‏ .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏ ” ‏إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً من أمتي لاتخذت أبا بكر، إلا خلة الإسلام‏.‏ لا يبقين في المسجد خوخة أبي بكر‏” …
    رجل كان من أقرب المقربين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم …

    فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال حين استشهد الفاروق، وضع عمر على سريره، فتكنفه الناس يدعون قبل أن يرفع وأنا فيهم، فوضع رجل فيهم منكبي، فإذا علي، فترحم على عمر رضي الله عنه وقال: ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت اني كنت كثيرا اسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ‘ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر ..
    وفي البخاري عن أبو موسى الأشعري أنه توضأ في بيته، ثم خرج فقلت لألزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأكونن معه يومي هذا‏ .. فجاء المسجد فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا خرج ووجه هاهنا، فخرجت على إثره أسأل عنه حتى دخل بئر أريس .. فجلست عند الباب وبابها من جريد حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته فتوضأ، فقمت إليه، فإذا هو جالس على بئر أريس وتوسط قفها، وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فسلمت عليه، ثم انصرفت فجلست عند الباب، فقلت لأكونن بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم، فجاء أبو بكر فدفع الباب، فقلت من هذا‏؟‏ فقال أبو بكر، فقلت على رسلك، ثم ذهبت فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أبو بكر يستأذن‏؟‏ فقال ‏: ‏ائذن له وبشره بالجنة‏ ، فأقبلت حتى قلت لأبي بكر أدخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة، فدخل أبو بكر فجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القف ودلى رجله في البئر كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم وكشف عن ساقيه، ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني، فقلت إن يرد الله بفلان خيراً يريد أخاه يأت به، فإذا إنسان يحرك الباب، فقلت من هذا‏؟‏ فقال عمر بن الخطاب فقلت على رسلك، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه، فقلت هذا عمر بن الخطاب يستأذن، فقال ‏: ائذن له وبشره بالجنة‏ .. فجئت فقلت أدخل وبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القف عن يساره ودلى رجليه في البئر، ثم رجعت فجلست، فقلت إن يرد الله بفلان خيراً يأت به( يقصد أخاه ) ، فجاء إنسان يحرك الباب، فقلت من هذا‏؟‏ فقال عثمان بن عفان، فقلت على رسلك، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : ‏ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه‏ ..‏ فجئته فقلت له ادخل وبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة على بلوى تصيبك، فدخل فوجد القف قد ملئ فجلس وجاهه من الشق الآخر. قال شريك قال سعيد بن المسيب فأولتها قبورهم‏.‏ ( فقبر ابوبكر وعمر بالقرب من قبر النبي صلى الله عليه وسلم أما عثمان فلم يدفن معهم )
    كان من أشد الناس إيمانا وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك … فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة فطلبه الراعي حتى استنقذها منه فالتفت إليه الذئب فقال له من لها يوم السبع يوم ليس لها راع غيري فقال الناس سبحان الله … فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أومن بذلك أنا وأبو بكر وعمر …

    وفي الحديث عن عبدالله بن زمعة رضي الله عنه قال‏:‏ ‏”‏لما استعز بالنبي صلى الله عليه وسلم –وأنا عنده في نفر من الناس- دعاه بلال إلى الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏مروا أبا بكر يصلي بالناس‏ ، قال فخرجنا، فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائباً، فقلت‏:‏ يا عمر، قم فصل للناس، فتقدم فكبر، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته -وكان عمر رجلاً مجهراً- قال‏:‏ ‏‏فأين أبو بكر‏؟‏ يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون‏ … فبعث إلى أبي بكر، فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة، فصلى بالناس‏”‏‏ … وفي رواية قال‏:‏ ‏”‏لما أن سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت عمر ‏(‏قال ابن زمعة‏)‏، خرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أطلع رأسه من حجرته، ثم قال‏:‏ ‏”‏لا، لا، لا، ليصل بالناس ابن أبي قحافة‏ ‏.‏‏.‏ يقول ذلك مغضباً‏”.

    رجل كان من أشد الناس حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولعل المتابع لقصة الهجرة يعلم ذلك الأمر ويتقين منه .. ولكان سأقصرها في قصة إسلام أبوقحافه ( والد ابوبكر الصديق ) .. فالمعلوم ان أبوقحافه أسلم يوم الفتح .. فبعد ان دخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكه جاء أبوبكر بأبيه ليبايع الرسول صلى الله عليه وسلم وكان رجلا كبيراً في السن فقال النبي لأبوبكر هلا أقعدت الشيخ وأتيناه … وحين وضع أبوقحافه يده في يد النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه بكى أبوبكر .. فقال له النبي ما يبكيك يا أبابكر ؟
    فقال أبوبكر : يارسول الله لوددت أن هذه اليد يد أبوطالب ( وذلك لما يعلمه أبوبكر من أن إسلام أبوطالب كان سيفرح النبي صلى الله عليه وسلم )
    لم تتوفر معية الله لبشر من غير الإنبياء إلا له .. فكما قال الله لهارون وموسى ” إنني معكما أسمع وأرى ” فكذا قال الله في كتابه ” لا تحزن إن الله معنا ”

    رجل لم يطئ الأرض بعد الأنبياء خيرٌ منه … فنعم القدوة هو …
    إسمه ووصفه : عبد اللّه بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرَّة. ويلتقي مع الرسول صلى الله عليه و سلم في مُرَّة وهو الجدُّ السادس له عليه الصلاة والسلام … وقد كان من رؤوسا قريش في الجاهلية وكان إليه الأشناق في الجاهلية، والأشناق‏ هي الديات …

    ولد بعد عام الفيل بعامين .. فهو يصغر النبي صلى الله عليه وسلم بعامين .. ومات بعد النبي صلى الله عليه وسلم بعامين وقد بلغ الثالثه والستين من عمره …

    وصفه أصحاب السير من أفواه الرواة فقالوا:ان أبا بكر رضي الله عنه اتصف بأنه كان أبيض تخالطه صفرة، حسن القامة .. نحيفا .. خفيف العارضين، اجنأ، لا يستمسك ازاره يسترخي عن حقويه ، رقيقا معروق الوجه، غائر العينين …يخضب لحيته وشيبه بالحناء والكتم …. وقد وصفته ابنته عائشة رضي الله عنها فقالت :- كان أبو بكر رجلاً أبيض ، نحيف الجسم ، خفيف العارضين ،أجنأ لا يستمسك إزاره ، بل يسترخي من حقويه ، لشدة نحافته معروق الوجه ، أي : قليللحم وجهه ، غائر العينين .. أما أوصافه الخُلقية رضي الله عنه فقد كان أبو بكر رضي الله عنه قد جمع الله له من مكارم الأخلاق أعلاها وأسناها ، كانصدَّيقا ، أواهاً ، شديد الحياء ، كثير الورع ، عفيفاً ، بعيداً عن كل خلق رذيل ،لم يعد عنه أنه شرب الخمر في الجاهلية …

    تزوج بأربعة نسوة .. أم رومان فانجبت له عائشة الصديقة ام المؤمين وعبدالرحمن .. وتزوج قتيلة بنت عبدالعزى القرشيه فانجبت له أسماء وعبدالله .. وتزوج أسماء بنت عميس الخثعمية فأنجبت له محمد .. وتزوج حبيبه بنت خارجه فأنجبت له أم كلثوم …
    كان أعلم قريش بأنسابها .. وأسلم على يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنه .. وهم عثمان بن عفان وطلحه بن عبيدالله والزبير بن العوام وسعد بن ابي وقاص وعبدالرحمن بن عوف …

    صنعته : كان يتاجر بالثياب وبلغ رأس ماله حين أسلم أربعين ألف درهم أنفقها على مصالح الدعوة الإِسلامية وخاصة في عتق رقاب المستضعفين الأرقاء من المسلمين. وكان النبي صلى الله عليه و سلم يقضي في مال أبي بكر كـما يقضي الرجل في مال نفسه … وقد بين النبي صلى الله عليه و سلم مدى إستفادته من مال أبي بكر فقال .. “ما نفعني مال قط ما نَفعني مال أبي بكر” ..

    خلافته :

    أتفق أهل السنة والجماعة على أفضلية أبوبكر الصديق وأحقيته بالخلافه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنهم في تحديد طريقة توليه للخلافه منقسمين إلى ثلاثة أقسام :
    1) النص الصريح الجلي : حيث يرى بعضهم أن خلافة أبي بكر الصديق كانت بالنص الصريح من النبي صلى الله عليه وسلم مستدلين على ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لعائشة في مرضه ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا فإني أخشى أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى .. ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر …
    2) النص الضمني الخفي : حيث يرى البعض أن خلافة أبوبكر الصديق كانت بالنص والإشارة الضمنية من النبي صلى الله عليه وسلم مستندين بذلك لعدة أقوال :
    · عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فأمرها أن ترجع إليه فقالت يا رسول الله أرأيت إن جئت فلم أجدك قال أبي كأنها تعني الموت قال فإن لم تجديني فأتي أبا بكر … فهي إشارة إلى أنه خليفته من بعده ..

    · أمر النبي صلى الله عليه وسلم في مرض وفاته بإغلاق جميع الابواب ماعدا باب أبوبكر .. وأمره أبوبكر في أن يصلي بالناس كلها دلائل على أنه الخليفه من بعده فلقد كان من المعلوم ان الصلاة لا يؤمها الا الامير .. وقد ورد في هذه المسالة قول عائشة رضي الله عنها حين قالت : ‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏‏ليصل أبو بكر بالناس‏ ، قالوا‏:‏ لو أمرت غيره? قال‏ :‏ لا ينبغي لأمتي أن يؤمهم إمام وفيهم أبو بكر‏”‏‏… وقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال ‏:‏ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فصلى بالناس، وإني لشاهد غير غائب، وإني لصحيح غير مريض، ولو شاء أن يقدمني لقدمني، فرضينا لدنيانا من رضيه الله ورسوله لديننا ” …

    · أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏”‏رأيتني على حوض، فوردت علي غنم سود وبيض، فأولت السود‏:‏ العجم، والعفر‏:‏ العرب، فجاء أبو بكر فأخذ الدلو مني، فنزع ذنوباً أو ذنوبين، وفي نزعه ضعفٌ، والله يغفر له، فجاء عمر فملأ الحوض وأروى الوارد‏”

    · قول النبي صلى الله عليه وسلم ” اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر “

    3) الشوري
    وقد ذهب البعض إلى أن خلافة أبي بكر الصديق إنما تمت بالشورى في سقفية بني ساعدة .. ومجمل قصة السقيفة ما رواه البخاري رضي الله عنه

    وعلى كل وأياً كانت طريقة توليه للخلافه فلا يشك عاقل من أهل الإسلام أنه رضي الله عنه أحق الناس بالخلافة …. ومن جميل ما يختم به عند الحديث عن الصديق رضي الله عنه ما قال الإمام أحمد رضي الله عنه حين سئل عن أبي بكر وعمر فقال : ترحم عليهما وتبرأ ممن يبغضهما .. وقال أيضاَ عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة : ما أراه على الإسلام.

    من أعماله رضي الله عنه :

    قتل المرتدين … يقول بعض أهل العلم موقفين حمى الله بهما الاسلام موقف أبوبكر الصديق من المرتدين وموقف الامام احمد من فتنه القول بخلق القران ..
    جمع القران .. بعد معركة اليمامة وموت الكثير من الصحابه من حفظة القرآن فأشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبوبكر الصديق بجمع القران فكان هذا الامر في عهده …

    في الختام لابد من القول أن حياة الصديق لا يمكن أن توجز بكلمات او تلخصها عبارات .. فهو بحر محيط لا يعلم قاعه ولا يحد مكانه .. فرحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله عنا خيرا الجزاء فقد كان لمواقفه الأثر الكبير – بعد الله – في نقل الدين إلينا كما أنزل على نبينا الكريم …

Comments are closed.