هذة القصة قرأتها من مجلة الاسلام اليوم ، أعجبني صراحة كاتبها ! فنقلتها لكم عسى ان نستفيد منها.
يومَ ضاعَ رمضانُ منّا ..
كانت الاستعدادات لترتيب المائدة تجري على قدم و ساق , فقد اقترب موعد أذان المغرب , و الصائمون الصغار في شوق لما يبُلّ العروقَ و تطيبُ به نفوسهم بعد صبر يوم كامل , و كان الأولاد منشغلين معي بنقل الأطباق و الكؤوس من المطبخ و ترتيبها بشكل جميل , و كادت مائدتنا أن تمتلئ على آخرها حين صاح طفلي الصغير بغضب :
– أين البطاطس المقليّة ؟
أذهلني صوته و طريقته في الاعتراض , و أغضبني المنطق الذي فكر به , وكأن وجود طبق البطاطس المقليّة بين الأطباق أصبح من المسلّمات , و بات من واجبي وضعه على المائدة كل يوم .
نظرت بحزن إلى مائدتي التي امتلأت بأنواع من الأطعمة اللذيذة , فطبق الخضار مع اللحم و الأرز و نوعين مختلفين من الشوربة و التبولة و الفتوش وسلطة الملفوف و كذلك الكبة المقلية و النيّئة و ثلاثة أنواع من المقبلات , و قد أخذت مني الكثير من الوقت و الجهد لإعدادها و تزيين أطباقها و جعلها مبهجة محببة , و كانت النتيجة اتهاما من صغيري بالتقصير .
ترى من الذي جعل طبق البطاطس المقليّة أو الّتبولة أو الكبّة النيئة و المقبلات الكثيرة و الشوربات المختلفة و المعجنات و الحلويات.. أمورا أساسية لا يمكن أن نقبل بغياب أحدها . و من الذي جعلنا نتقبل نحن النساء فكرة ضياع رمضان في المطبخ بكل سهولة و دون أن نرحم أنفسنا و نفكر في مصالحنا الشخصية كقيامنا بما هو أكثر خيرا لنا و للأسرة .
و من يا تُرى الذي علّمنا أنّ للشهر الكريم كل تلك المتطلبات التي ترهق كاهل الأب و تجعلُ من اسم الشهر الكريم في خياله شبحا مخيفا يستنزفه و يبعد عنه مشاعر البهجة بقدومه .
في الحقيقة لقد جعلتني عبارة الصغير الغاضبة أفهم جيدا أنني من فرض على نفسي تلك المهمة الشاقة عندما عوّدت أسرتي على وجود مائدة مكتظة بأنواع كثيرة من الأطعمة , و أنني أيضا من أرهق كاهل زوجي بمتطلبات للشهر الكريم و العيد بعده و بها جعلتُ رمضان هو أثقل الشهور عليه بدلا من أن يكون شهرُ الراحةِ و التفرغ الجزئي للطاعة و السرور بالقرب من الله .
كانت ثقافة المجتمع حولي هي السائدة , و قد أخذتنا في تيارها دون أن نفكر في صحة أو ضرورة ما نفعل .
و أدركت أنني ضيّعت جلّ نهاري في الوظيفة و المطبخ , و بتُّ منهكة لا طاقة لي لآخذ بيد أسرتي نحو منجزات حقيقية في شهر الإنجازات , و أنني أثقلت كاهل زوجي بمتطلبات اضطرته للركض في عمله و أتعَبته مثلي .
و علمتُ أنني من جعل الشهر عند الأولاد طعاما و تلفازا أجدني مضطرة لتركهم أمامه ريثما أعدّ لهم المائدة و أعيد في المساء ترتيب و تنظيم المنزل .
بين إرهاقي و هموم زوجي ضاع الشهر من يدنا و يد الأولاد, و لم ندرك له تلك المعاني الروحانية التي أدركها قادة الأمّة من قبل , فالقائد الأعلى غارقٌ في هموم الرزق , و مساعده في المطبخ منهك يعاني التعب و الرعية أمام التلفاز تائهين .
و لكنّنا تعاهدنا معا هذا الشهر , و بما أننا ما زلنا القادة في مملكتنا , أن نفرض قوانين جديدة تخفف من همومه و من إرهاقي , وقررنا أن نصرف همّتنا للحصول على إنجازات رائعات في العلم و العبادة و إدخال معنى الصوم الحقيقي في نفوس أحبتنا , تماما كما فعل من بنا صرح الأمة من قبل .
عبير النحاس
26 – 7 – 2009
.
.
.
و يضيع جدام التلفزيون و على المقاهي و في المولات و الخيم الرمضانية
مادري منو اخترع فكرة الخيم الرمضانية والرقاصات !!
شيء فعلاً غريب