الخليج – ملحم الزبيدي/
غلبت حالة من الصمت والسكون على السوق العقاري المحلي في دبي خاصة والإمارات عامة والأطراف المعنية ذات العلاقة بالعمل والتطوير العقاري التي تشمل الجهات الحكومية الرسمية المعنية بالعملية التنظيمية والتشريعية وشركات التطوير الرئيسية شبه الحكومية والمطورين الثانويين في الخطين الثاني والثالث .
واتسعت دائرة الصمت هذه مع استمرار التداعيات التي تأثر بها السوق العقاري منذ أكثر من عام وربع العام مع بداية الأزمة المالية العالمية، والتي تخللها الكثير من الأحداث والتفاصيل التي كان ولا يزال لها الأثر الواضح في إعادة هيكلة القطاع برمته ورسم خارطة طريق جديدة له من حيث العملية التطويرية للمشاريع والتوجهات الاستثمارية والبيع والشراء والأنظمة التشريعية وثقة المستثمرين بالشركات وغيرها .
تركزت افصاحات أطراف العمل العقاري على المبادرات وإعداد التقارير وعقد اللقاءات وحلقات النقاش فيما بينها لوضع آلية التعاون والتنسيق للتغلب على العقبات التي ظهرت على السطح لتستحوذ بالدرجة الأولى على اهتماماتهم وتركيزهم بدلا من كسر حاجز الصمت والخروج للإعلان عن تفاصيل التفاصيل عن الوضع العام للقطاع من خلال الدوائر المعنية والبيوت الداخلية للشركات بهدف تعزيز عوامل الوضوح والشفافية والإفصاح التي اعتدنا عليها في السابق، ولتكتمل للجميع الصورة الحقيقية .
ولا تزال ظاهرة تبادل الاتهامات بين العاملين في القطاع مستمرة خلف الكواليس، فكل طرف يلقي بحجر المسؤولية على رأس الطرف الآخر، فدائرة الأراضي والأملاك في دبي حملت أطراف العملية التطويرية المسؤولية كاملة لما وصل إليه القطاع، والمطور الثانوي بات يرى نفسه الحلقة الأضعف بين أطراف معادلة العقار مطالبا بتشريعات وقوانين جريئة تحميه أمام كبرى شركات التطوير من جهة، وأمام المستثمرين من جهة أخرى الذين هم أيضا لم يعودوا يعرفون إلا لغة الصياح والبكاء عن ضياع أموالهم واستثماراتهم لدى شركات كحجة لاسترداد اموالهم خوفا من تلاشيها .
وقالت “أراضي دبي”، قد أكدت أن لا مشكلة في أصل السوق العقاري وإنما ترتبط المشكلات الحالية بأطراف العملية التطويرية وبعض الأمور الإدارية التابعة لها كالبنوك والأنظمة المعمول بها والمطورين والوسطاء العقاريين والمضاربين الذين وللأسف انحصر تركيزهم بالدرجة الأولى على تحقيق الأرباح السريعة من دون الأخذ في الاعتبار الكثير من الأمور والتحذيرات التي كنا قد أشرنا اليها سابقاً .
وكشفت أيضا أن تعاملات البيع على الخارطة ضمن مناطق التملك الحر والعقود غير الموثقة تستحوذ على 90% من اجمالي المنازعات التي تقع بين أطراف العملية التطويرية .
وركزت الدائرة مسؤولياتها كجهة رسمية وحكومية، مكتفية بدورها الذي يتمثل بتنظيم السوق وضبطه وإيجاد الحلول وتذليل العقابات، بالإضافة الى التركيز على ضمان حقوق الأطراف كافة وسير العملية التطويرية، وانها تحاول دائما أن لا نكون طرفا متسببا في صلب أي مشكلة، في الوقت الذي لم تنكر فيه وقوعها في الأخطاء مبررة ذلك بأن النجاحات التي حققتها أكثر بكثير .
ولم تعد علاقة الشركات العقارية بوسائل الإعلام كسابق عهدها والتي كانت لا تتردد من التواصل معها في كل مناسبة أو حدث، وباتت تفضل اهتماماتها لحل خلافاتها سواء مع المستثمرين أو البنوك أو الإستشارين أو المقاولين أو التشريعات والقوانين التي قلمت أظفارها وحدت من خطواتها من حيث تقنين عمليات البيع على الخارطة وإصدار قانون حساب الثقة العقاري وغيرها، والأهم شح السيولة لديها، فلماذا لا تخرج عن صمتها وتعترف بمشكلاتها والعمل جهرا لإيجاد الحلول، بدلا من أن تقول _على سبيل المثال لا الحصر،”لا نعترف بمفهوم إلغاء المشاريع والتأجيل هو الأرجح” . حول كافة الجوانب تفاديا من الدخول في دائرة النقاش حول وضعها العام لتتحول اهتماماتها .
ولا تزال شركات التطوير العقاري مصرة على أهمية تحرك الجهات الحكومية نحو توضيح الكثير من اللوائح القانونية وتوفير قاعدة بيانات ومؤشر عقاري رسمي لتلجأ إليه من حيث توجهاتها الاستثمارية وفقا للواقع الذي يعكس حقيقة السوق من حيث العرض والطلب وجوانب النقص والفائض بين المنتجات العقارية، والالتفات لوضع حد لعشوائية التقارير العقارية التي أكدت نتائجها تضاربا واختلافا في قراءة السوق .
وحول هذه التقارير أكدت “أراضي دبي”، أن الدراسات والبيانات التي خرجت بها بعض الشركات أو الجهات حول السوق العقاري في الإمارة قد أثبتت أنها بعيدة عن الصحة والواقعية، وقالت “نهيب بهذه الجهات أن توضح للمستثمرين طريقة التوصل لهذه الاستنتاجات بطريقة علمية تضمن الاستفادة منها، ودائرة الأراضي والأملاك بدورها عمدت الى توفير جميع البيانات العقارية الخاصة بالسوق” .
كما أثارت من جديد معنى التوجه العام للسوق العقاري المحلي حاليا من حيث القيام بإعادة هيكلة ذاتبة تستند إلى ترتيب الأوراق والنضوج السعري والتخلص من الشرائح المترهلة وتنظيفه من العابثين بالمصلحة العامة وحقوق الأفراد والقضاء على الشائعات التي تزايدت أبعادها في الفترة الأخيرة .
وطالبت أيضا منظمي المعارض العقارية بالبدء بالتفكير بتطوير معارضهم من معارض عقارية تقتصر على الترويج والعرض الى معارض استثمارية تتجاوب مع المرحلة الحالية وتساهم بدعم العملية التطويرية والاستثمارية وتفيد العاملين في هذا القطاع، مع عدم الاكتفاء بعرض المشاريع من دون وجود المنتجات والفرص الاستثمارية الجديدة والمحفزة لتنشيط السوق .
وتتبادل أطراف معادلة العقار جملة من الأسئلة عن واقع السوق العقاري،
أولها : متى سيشهد القطاع انتعاشا جديدا وإن لم يكن بنفس القوة التي شهدها سابقا، في ظل أن القمومات التي يملكها ويتمتع بها لا وجود لها في اي سوق آخر؟ فدبي قادت الطفرة العقارية والاقتصادية في المنطقة وأثرت في الأسواق المحيطة بها للازدهار، كما أن خطوات التنظيم العقاري التي اتخذتها الجهات المعنية قد أسهمت بشكل كبير في زيادة ثقة المستثمرين بالقطاع .
ثانيا: هل استطاعت أطراف معادلة العقار استيعاب الآثار الناتجة عن تداعيات الأزمة المالية، ما سيساهم في إلغاء أو تخفيف حالة التخوف والترقب من الدخول الى السوق وطرح أية أفكار أو منتجات استثمارية واسترداد مواقعهم الاستثمارية، والتي تكونت لديهم في الفترة القليلة الماضية .
ثالثا: هل ستبدأ البنوك العودة ودخول قضية التمويل العقاري من جديد مع الأخذ في الاعتبار إعادة جدولة كل المقومات الكافية لاستعادة النشاط؟
رابعا: ما العائد الاستثماري الذي تتجه أنظار المطورين والملاك إليه والذي ينصب على الاستثمار في قطاع الإيجارات لاعتباره مضمونا مع تراجعه لمستويات 8%؟
خامساً: هل تعكس ارقام التدولات وتصرفات أراضي دبي واقع السوق العقاري وحركته، أو أن هناك عوامل أخرى تلعب دورا في هذا النطاق؟
سادساً: هل وصلت أسعار العقارات (البيع) لمستويات قوية ذات تأثير في القيمة الفعلية للعقار، أو اقتصر على الفروقات السعرية لها؟
سابعاً: هل لا يزال الملاك والمستثمرون متمسكين بقراراتهم المتعلقة برفض بيع وحداتهم بأسعار أقل من المستويات الطبيعية التي حددوها؟
ثامنا: كيف سيتعامل المطورون في الفترة المقبلة في ظل ثبات المشاريع والالتزام بتنفيذها في ظل تراجع تكلفة التنفيذ جراء الانخفاض الكبير الذي شهدته أسعار مواد البناء مؤخراً، وما يضيفه من أمر ايجابي لمصلحتهم؟
تاسعاً: هل أكثر المتضررين من الظروف الحالية التي يعيشها واقع السوق العقاري هم المضاربون فقط، الذين ليست لديهم قيمة العقار، ويضاربون بشراء أكثر من عقار، وأن الظروف الحالية أجبرتهم على الاختفاء من بين أطراف معادلة العقار أو اتجهوا الى تغطية مراكزهم في أماكن استثمارية أخرى؟
عاشراً: هل لا نزال نؤمن بأنه لا وجود لإلغاء مشاريع عقارية في دبي، وأن ما يجري حاليا هو اعادة جدولتها من حيث العامل الزمني وإطالة أمد تنفيذها؟