المرأة قد تغفر الأخطاء لكنها لا تنسى

هناك كثير من الخصال وُصفت بها المرأة: الصبر®. الانتقام®. الدهاء®. الثرثرة®. الصلابة®. الوفاء وغيرها من الأوصاف التي قد تجدها متناقضة أو متقاطعة، ولكن هذه هي المرأة بتكوينها المحير في نظر الباحثين؛ فهي التي تضحي من أجل بيتها وتربي وتسهر على راحتهم®. وهي نفسها التي أخرجت آدم من الجنة®.

وهي التي خاطب جنسها رسول الله- صلى الله عليه وسلم:»يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار، قلن لِمَ يا رسول الله؟ فقال عليه السلام: إنكن تكفرن العشير«. ولذلك ظلت المرأة وستظل محل بحث مستمر حول شخصيتها للوصول إلى تعريف دقيق لها، ولكن هناك خاصية مهمة تتميز بها المرأة قد تكون هي وراء كل الصفات التي ذكرناها وهي »قوة الذاكرة« أو عدم النسيان لأخطاء ارتكبت في حقها أو لحظات مؤلمة عاشتها لأسباب محددة خاصة لو كانت مع الزوج.

كانت دراسة أميركية قد أشارت إلى أن ذاكرة المرأة تفوق ذاكرة الرجل 51 مرة، وقالت الدراسة إن هذه النسبة تزيد إذا كان الحديث عاطفياً أو مؤلماً.

ولم يختلف العلماء كثيراً في تفسير الكثير من طباع النساء بفضل هذه الميزة »عدم النسيان«، التي تعرضها لكثير من المواقف المتباينة وتولّد معاناة شديدة وأسئلة تفرض نفسها بشأن تصرفاتها.

هل المرأة لا تغفر؟ وهل تستمد صلابتها من الإصرار لإثبات ذاتها في حالة تقصير الرجل في مسؤولياته؟ هل هذه الذاكرة القوية للمواقف المؤلمة في حقها تدفعها أحيانا للانتقام؟.

كثير من علماء النفس وأساتذة علم الاجتماع تحدثوا عن هذه الظواهر، لكنهم أجمعوا على أن المرأة هي الأكثر عطاء وقدرة على البذل من أجل هدف سامٍ ولكنها في الوقت نفسه تتألم ولا تنسى مواقف بعينها مثل الخيانة التي لا تغفرها أبدا، وأحياناً تصاب المرأة بحالة من عدم النسيان وتتذكر كل الأخطاء التي تقع في حقها خاصة من زوجها.

وحش كاسر

وتنفي ماجدة. م اتهام المرأة بالانتقام، وقالت: المرأة إنسانة شفافة جداً ومتسامحة إلى حد كبير وحريصة على تجاوز أخطاء زوجها وحفظ أسرار بيتها، موضحة أن أي بيت لا يخلو من مشاكل أو فلسفات بين الزوج وزوجته، ولكنها لا تقبل الإهانة أو المساس بكرامتها.

ومن هنا تنقلب إلى وحش كاسر لو حدث أي تمادٍ في هذا الجانب من زوجها أو غيره، ولكن هذا لا يعني أنها حاقدة أو كارهة، وأشارت إلى أن كثيرا من الرجال أهملوا أبناءهم وقطعوا الإنفاق على أسرهم، ولكن الزوجة تظل صامدة وتجتهد لتوفير المناخ الإيجابي لأبنائها وتعمل بقدر الإمكان على إبعاد الأبناء عن أي صراع بينهما، وتحرص على وضع صورة طيبة للأب في ذهن الأبناء بما لا ينعكس ذلك سلبا على مستقبلهم.

تجربة صعبة

أما سامح. أ. ح فقال إنه يعيش تجربة صعبة مع زوجته، فهو يحاول التخلص منها لأنها فهمت خطأ أنه على علاقة مع إحدى زميلاته في العمل، ويضيف: حاولت أن أنفي هذا الأمر الذي مضى عليه ثماني سنوات، لكنني لم أستطع ذلك، وهي تحرمني حقوقي الشرعية، ولا تتحدث معي إلا في حدود ضيقة وللضرورة، وكذلك الأبناء بدأوا يستوعبون أن هناك خلافاً مستحكماً بيني وبينها.

وقال: بدأت أغلق تليفوني مجرد دخولي المنزل لأن أي محادثة هاتفية تعلق عليها بصوت عال وشتائم، ظناً منها أنني أكلم امرأة، وغالباً يكون الطرف الآخر في التليفون قد سمع كل ما قالته في حقي، وقد مللت جداً، وطلاقي منها يحتاج إلى الكثير من التضحيات، لكني لازلت أعمل من أجل إقناعها بالاستمرار معاً من أجل الأبناء.

احتواء الزوج

الدكتور محمد المهدي أستاذ علم النفس، قال إن المرأة الذكية لابد أن تنحني للريح إذا فسد زوجها أو انحرف، فلابد أن تحتويه بشتى الوسائل التي تساعده على العودة إلى عش الزوجية سالماً للقيام بواجباته تجاه أسرته، ولكن هناك البعض منهن يعتبرن الرجل الذي ينحرف أو يخطئ خطأ مقصوداً أو غير مقصود إهانة لهن ولكبريائهن، ويبدأن التعامل على إنهاء العلاقة الزوجية.

وهذه كارثة، ولكنه في الوقت نفسه أكد أن الغالبية يتمسكن بأزواجهن على الرغم من عللهم ومشاكلهم بخبرة ووعي كبيرين، مشيراً إلى أن الزوجة التي تغفر لزوجها حتى في الأخطاء الكبيرة تكون قد انتصرت لنفسها ولأسرتها، لأن الرجل سيرى ذلك جميلاً ويذكرها دائماً بالخير.

فيما ذكرت »ن. أ. ح« سيدة في بداية الأربعينات من العمر، أنها لم تنس أي خطأ ارتكبه زوجها في حقها، وعلى الرغم من ذلك تتعامل معه بشكل طبيعي، وقالت: لكن كلما اختلفنا في أي موقف أعد له أخطاءه حتى لو بلغت 001 حالة، وأحيانا يستغرب هو ويضع يديه على رأسه، وأحيانا يثور بشدة. وقالت: كيف أنسى أخطاءه وأنا أعتبرها انتقاصا من حقي؟!®. ولكن أحيانا أنا نفسي بعد أن أذكر له هذه الأخطاء وأعددها له أندم على إصراري على تذكيره كل مرة بذلك.

آثار سلبية

وردا على ذلك قال المهدي إن هذه الحالة تتكرر كثيراً، فالمرأة تظن أنها كلما ذكّرت الرجل بأخطائه السابقة فهذا يعني إنذاره لأنها لم تنس، حتى لا يكرر هذه الأخطاء، ولكن في حقيقة الأمر إن هذا الأسلوب له آثار سلبية جداً في العلاقة بينهما؛ لأن الرجل يظن في زوجته الحقد والانتقام وغيرهما من الصفات التي لا تخدم هدفا غير أنها تخلق مزيدا من التوتر، وربما تقود الزوج إلى تكرار أخطائه أو أنها ما دامت تحفظ كل هذه الأخطاء فليس من الصعب إضافة أخطاء جديدة ويصبح ما تردده مجرد كلام.

ويقول حاتم عبدالرحمن ـ مدرس: إن زوجتي طيبة وتتحمل أخطائي ولكنها لا تنساها ولا تذكرها لي، ولكن في بعض الحالات إذا سألت عن تاريخ معين تذكّرني به من خلال مشكلة بيننا أو خطأ ارتكبته إذا كان التاريخ متوافقا مع ذلك الموقف أو عندما يخطئ جار أو أحد من معارفنا مع زوجته ويكون مشابها لخطئي تذكّرني بأنه نفس ما حدث معها®.

وعلى الرغم من ذلك فهي حريصة على عش الزوجية، وهي حريصة أيضا على أن تكون علاقتها معي طيبة وحتى في حياتنا الزوجية تعيش حياة طبيعية جداً، ونفى أن تكون المرأة حاقدة، وقال إنها مثل البشر بينهم الحاقد والحاسد والطيب في أي مجتمع رجالي أو نسائي.

تسامح المرأة

ولكن الدكتورة عزة كريم الخبيرة الاجتماعية بالمركز القومي للبحوث، تقول إن المرأة متسامحة، خصوصا عندما تعطي الرجل كل الحب والوفاء والإخلاص ولا تجد المقابل من المشاعر، فتصبح المشكلات التي تحدث بينها وبين زوجها ذكريات مؤلمة ولا بد أن تتذكرها من وقت إلى آخر، وقالت:

حتى الرجل لا ينسى بسهولة الأشياء المؤلمة التي يتعرض لها، ولكن المرأة دائماً تعيش في حالة خوف وترقب من أهواء الرجل إما بالزواج عليها أو السهر الكثير وإهمال الأسرة أو ضربها وإهانتها.

ولكن في كل الأحوال هناك صفة مهمة تتميز بها الزوجة هي حرصها على أسرتها وأبنائها وزوجها، وهذا لا ينفي أن المرأة قد تحفظ في ذاكرتها كثيرا من الأخطاء في حقها، ولكنها يمكن أن تغفر إلا أنها لا تنسى، وعلى الرغم من ذلك تظل تحتمل الأخطاء نفسها أو أي أخطاء جديدة من زوجها، وبقدر ما يؤلمها ذلك فإنها لا تطلب الطلاق، خصوصا إذا كانت تقاليد العائلة صارمة في مسألة الطلاق أو لديها أطفال تحرص على تواجدهم بين أبوين من أجل مصلحتهم، ولو كان ذلك على حساب راحتها وكرامتها