شاءت الأقدار أن أعيش ما يمكن أن نسميه “موسم فراق الأحبة”، فخلال شهر واحد، فارقني ابني وحبيبي أحمد ذات يوم دامع، وقبل أن أتجاوز تلك المحنة، إذ بعاصفة الأحزان تكتمل باستقالتي من “الاتحاد” بعد 31 عاماً من البذل والعطاء، حيث كانت “الاتحاد” هي بيتي الأول فمنحتها كل الحب، ومنحتني كل النجاح والتقدير.
إنها إرادة الله التي تضعنا في امتحانات نراها صعبة، لكن إيماننا يفرض علينا أن نرضى بقضائه، وأن ندعوه لأن يلهمنا الصبر والسلوان حتى نقوى على تجاوز المحن مهما كانت قسوتها ومراراتها.
واليـوم، وأنـا أغادر دولة الإمارات لابد من تسجيل عدة ملاحظات:
أولاً: إنني محظوظ بذلك الحب الذي لمسته سواء تعاطفاً بعد رحيل ابني المهندس الشاب، أو وأنا أضع نقطة في آخر السطر لمسيرتي المهنية في “الاتحاد” التي تدرجت خلالها من محرر طموح إلى رئيس القسم الرياضي إلى مدير تحرير واحدة من أهم الصحف العربية على الإطلاق، وسيبقى “كل هذا الحب” وساماً على صدري وديناً في رقبتي وتجسيداً واضحاً لكل ما يتسم به وطن الأوفياء.
ثانياً: إن أي نجاح شهدتُه في مسيرتي المهنية ما كان له أن يتحقق لولا مناخ العمل الذي هيأ لنا كل سبل التميز، ناهيك عن روح الفريق الواحد التي كانت كلمة السر في المكانة التي وصل إليها “الاتحاد الرياضي”.
ثالثاً: إن أي ألقاب أو جوائز حققها “الاتحاد الرياضي” تتوارى أمام الهدف الأسمى وهو إعداد جيل من الصحفيين المواطنين الذين باتوا يشغلون المناصب القيادية في “الاتحاد”.
رابعاً: إن الايام المقبلة تشكل تحدياً أمام الجيل الحالي في “الاتحاد الرياضي”، بقيادة الزميل الرائع محمد البادع وبمعاونة صادقة من الزميل راشد الزعابي كمبيوتر “الاتحاد الرياضي” من أجل تحقيق المزيد من النجاحات، لاسيما أنهم ينطلقان من قاعدة قوية لا ترضى بغير النجاح بديلاً.
ولأنها كلمة الوداع، فإنني أتوجه بخالص الشكر والتقدير لكل رؤساء التحرير الذين تعاقبوا على قيادة “الاتحاد”، بداية من الأستاذ مصطفى شردي “رحمه الله” ومروراً بالأستاذ خالد محمد أحمد، والدكتور عبدالله النويس، والأستاذ عبيد سلطان، وصولاً إلى الأستاذ راشد العريمي رئيس التحرير الحالي، وكذلك إلى كل مديري التحرير محمد يوسف وناصر الظاهري وعلي أبو الريش، ولكل الذين تعاقبوا على رئاسة القسم الرياضي، بداية من توفيق الطهراوي ومروراً بحمدي نصر وسعيد المعصم ومحمد الجوكر، وصولاً إلى الزميل محمد البادع رئيس القسم الرياضي الحالي، وإلى كل الزملاء في صحيفة “الاتحاد” والصحف الأخرى الذين لعبوا دوراً ملموساً في إعلاء شأن الصحافة الرياضية الإماراتية.
أغادركم اليوم وفي القلب كل الحب والتقدير لدولة الإمارات حكومة وشعباً لما حبتنا به من تقدير وتكريم.
أغادركم اليوم وفي القلب دمعتان، الأولى: لفراق ابني أحمد، والثانية لوداعكم مع وعد بأن أبقى دائماً وأبداً وفياً لهذه الأرض الطيبة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين…
شـكــ على نقل الخبر ـــرا لك … والله يعطيك العافيه على تقدمك الرائع ..