” كيف تهبط بالطائرة ستجده فى العدد القادم “
طبعاً النتيجة المأساوية معروفة و حتمية و لا داعى لذكرها
ذكرتنى هذه القصة الجميلة بما يحدث فى عالمنا العربى من ثورات شعبية يهلل و يصفق لها الجميع بداية من تونس مروراً بمصر ثم ليبيا و البحرين و اليمن و أخيراً عمان
و لكن ما أخشاه حقيقة أن يكون منظمى تلك الثورات قد قرأوا الجزء الأول فقط ” كيف تقوم بالثورة ” و لم ينتبهوا لوجود جزء ثانى فى عدد قادم ” كيف تنجح الثورة فى التغيير “
الكل مشغول و سعيد بتهليل قادة الغرب لما تقوم به الشعوب العربية و تناسى الجميع أن قادة الغرب هم من كانوا يدعمون الحكام المخلوعين فى فرض سيطرتهم على شعوبهم
وصف الغرب ثورة تونس بثورة الياسمين و صفقوا للشعب التونسى ثم وصفوا ثورة 25 يناير بمصر بثورة اللوتس و أسهبوا فى مديحها بل ذهب بعضهم أنهم سيقومون بتدريسها للأطفال بمدارس إنجلترا و أمريكا و ها هو الغرب يصفق لثوار ليبيا و يهددون بالتدخل العسكرى لإنقاذ الشعب الليبى
نجاح الثورات لا يقاس بالقدرة على إسقاط الأنظمة و إنما يقاس بمدة القدرة على تصحيح المسار و التغيير للأفضل و إستبدال النظم الديكتاتورية بنظم ديمقراطية
منذ بدء الثورة التونسية و كل يوم نسمع عن تظاهرات لتغيير الوزارة و لم يستقر الحال بتونس حتى هذه اللحظة و ها هى العدوى تنتقل إلى مصر و كل جمعة تظاهرة لتغيير الوزارة ثم الإحتفال ثم تظاهرة ثم إحتفال و كأننا فى سباق لإستعراض القوى و فرد العضلات
ما يحدث الأن بالعالم العربى بدأ يخرج من نطاق الثورات إلى نطاق إشاعة الفوضى وعدم الإستقرار
ما يحدث الأن أمر جد خطير و إنتقال المد الثورى الشعبى غير المحسوب من دولة لأخرى سيدخل بالعالم العربى فى متاهات كبيرة و نفق مظلم من الفوضى و العشوائية
و أخشى أن نجلس بعد فترة لنردد جميعاً قصيدة الحلزونة و الحلزون
الحلزونة والحلزون اتقابلوا في خرم الاوزون
الحلزونة تاهت جوة متاهة
والحلزون لما استناها
هربت وقعت جوة البير
السما بتمطر مسامير
والحلزون مكبوت واسير
الحلزونة انتحرت فجاة
والحلزون خبطته عربية
عدت في ميدان التحرير
الحمد الله
بيتنا بعيد عن المطار
نعم كلام جميل
عبره صدام وعبره سهم ديار
الشكر موصول تحياتى
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .
عندما ننتخب الفاسد, ونطيع الكرسي و ندع القابعين بعيدا عن اوطانهم واهلهم وهم المنظرين المتدثرين الفراء وعلى سفرة الثراء ومجالس الندماء في كل المدن , البعيدين عن المجتمع وعن معاناة الحاكم والمحكوم, عندما نسمعهم وهم يتشدقون بالالقاظ التي اختزلوها من محاضرات امثالهم وكتب امثالهم, عندما ننقاد لما يقولون ونتوجه حسبما تريد بوصلتهم, وهم في هخر المطاف الذين يأتون ليعيشو في القصور على حطام بيوتنا وينسوقون وتجوزون ويحتفلون من نويف دمائنا واموالنا,
عندما نتبعهم نقلع ولا نعرف الهبوط
ان الارض لمن عليها , ولمن يعاني فيها من حاكم ومن محكوم, ان الدول هي مظله تحتها الحاكم والنظام والدستور والشعب. وان لنا كتابنا المقدس الذي يهدينا ” أن جائكم فاسق بنبأ فتبينوا ……… ) و”اطيعو اولي الامر منكم” و”امركم شورا” و”أصلحوا…” والكثير من الاقوال في الكتاب والسنة. “من رأى منكم منكرا فيغيره بيده فان لم يستطع بلسانه وان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان” و”اليد” هنا بمعنى العمل لا بمعنى القوة والسلاخ والضرب, وهي تنسجم مع مواقف الرسول عليه الصلاة والسلام وسنته التي ترشدنا الى الحلم والتعقل والرشاد والصلاخ, التي توجهنا الى ابواب الخير.
ان المطالبة بالحقوق امرا شرعه ديننا الحنيف ولكن اوجد لنا القنوات التي نسلكها وليس اولها السيف ولا اخرها السيف.
ان التغيير مطلوب ولكن لنتذكر قول العزيز القدير “ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” وانفسهم هنا لا تبدأ بالجماعة ولكن تبدأ بالنفس الواحدة والتي تشكل مجموعها الجماعة.
اننا بحاجة الى ان نعيد النطر في ممارساتنا واحكامنا وافكارنا وسلوكنا كل بذاته قبل ان نتحدث عن الاخرين. اننا بحاجة ان نعرف الى اين تسير بنا الدروب قبل ان نسلكها , وان نتأكد من اننا سنكون قادرين على ادارة الطاقة وتوجيهها الوجهة السليمة والسيطرة عليها ولا ندعها تنفلت من عنانها لتكون طاقة شيطانية مدمرة.
اننا بحاجة ان نتعلم الهبوط قبل الاقلاع,
اننا يجب ان نتعلم من الاجابة على هذا السؤال ونتعلم الحكمة الكامنة في الاجابة: أيهما خلق الله العلي القدير اولا “الحياة” أم “الموت”؟
نجاح الثورات لا يقاس بالقدرة على إسقاط الأنظمة و إنما يقاس بمدة القدرة على تصحيح المسار و التغيير للأفضل و إستبدال النظم الديكتاتورية بنظم ديمقراطية
ما شاء الله عليك يا بوسعيد
اتمنى ان نرى العدد القادم كيف نهبط من الطائرة في الاسواق قريبا وأن لا نضيع في هذه الموجه ونترك الحلزونه الى الابد
فعلا كلام مضبوط شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .