في تاريخ 26/12/2006 طلبت هيئة السوق المالية من شركة بيشة للتنمية الزراعية إعادة إصدار قوائمها المالية للربع الثالث 30/9/2006 بسبب تسجيلها للاستثمارات قصيرة الأجل بالتكلفة التاريخية بدلاً من تسجيلها بالقيمة السوقية. ثم في 13/1/2007علقت الهيئة التداول في شركة بيشة بسبب تجاوز خسائرها نسبة 75 في المائة من رأس المال.

والواقع أن هذه المشكلة وإن كانت تتعلق بشركة بيشة في الوقت الحالي إلا أنها تخص أيضاً كثيرا من الشركات التي تملك استثمارات في السوق السعودي.

ولعل مشاكل تقييم الاستثمارات من الأمور التي سوف تظهر على السطح عند إعداد القوائم المالية في نهاية هذا العام، بل إن أثرها قد يمتد إلى القوائم المالية في الأعوام المقبلة.

ولعلنا لا نبالغ إن قلنا إن مشاكل الممارسات المحاسبية لا تخص السوق السعودي وحده بل إن هذه المشاكل هي من أكثر التحديات التي تواجه أسواق المال قاطبة.

ومن الأمثلة على المشاكل المحاسبية اكتشاف قيام شركة Xerox في يونيو/حزيران 2002 بتحريف النتائج المالية على مدى خمس سنوات من خلال تضخيم الدخل بمبلغ 1.5 مليار دولار، ومن ذلك أيضا ما حصل في فضيحة شركة Enron حيث خسر المستثمرون على مدى 6 سنوات 200 مليار دولار تقريباً نتيجة إعادة تقييم الدخل.
والواقع أن تُنبه هيئة السوق المالية لمثل هذه الممارسات المحاسبية يعتبر نقطة إيجابية تسجل لصالح الهيئة مع نهاية العام الحالي. ومع ذلك فإنه قد يكون من المناسب إعادة النظر في إجراءات التصفية التي يحكمها نظام الشركات الحالي من خلال وضع لوائح نظامية لإجراءات إفلاس الشركات المدرجة في السوق المالي.

ومن جهة أخرى فإن وجود معيار محاسبي سعودي يغطي المسائل المتعلقة بالاستثمارات يسجل أيضاً لصالح الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، ومع ذلك فإن تطوير المعيار السعودي الخاص بالاستثمارات يعد مطلباً مهماً في الوقت الحالي، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بتصنيف الاستثمارات إلى ثلاثة أنواع حسب المعيار الحالي حيث يصعب التفريق بين هذه الأنواع الثلاثة من الناحية العملية.

كما أن تطوير المعيار ينبغي أن يركز على توثيق الغرض والنية من الاحتفاظ بالاستثمار لتأثير هذا الغرض في تصنيف الاستثمار ومن ثم طريقة المعالجة المحاسبية الملائمة (التكلفة التاريخية أو القيمة السوقية) لهذا التصنيف التي سوف تؤثر بالتالي على الأرباح السنوية للشركات.

ولاشك أن تأثير الممارسات المحاسبية على القوائم المالية وبالذات على الأرباح السنوية يعتبر من الأمور التي ينبغي للمستثمرين أخذها في الاعتبار عند قراءة وتحليل التقارير المالية. ومن هنا تظهر الحاجة إلى ما يعرف بالتحليل المحاسبي للقوائم المالية حيث يقصد به دراسة عمليات وأحداث الشركة، وتقييم تأثير السياسات المحاسبية في القوائم المالية، وتعديل تلك القوائم لتعكس بشكل أفضل الوضع الاقتصادي الحالي للشركة ليعكس الحقيقة الاقتصادية للشركة.