التقرير السنوي للشركة: موجة الهبوط الرئيسية أثرت على مستويات تقييم السوق
«الفجر للأوراق المالية» ترصد أسباب تراجع السوق في 2006

يشير التقرير السنوي لشركة الفجر للأوراق المالية إلى ان موجة الهبوط الرئيسية التي شهدتها الأسواق المالية في عام 2006 أثرت على مستويات تقييم السوق اذ أصبحت الأسهم تتداول على مستويات تقييم منخفضة حيث بلغ مضاعف الربح للسهم الواحد لجميع الشركات الوطنية بناء على أرباح 2006 المتوقعة حوالي 13.93 مرة وللشركات حوالي 13.65 مرة.

وبالنسبة للقطاعات الاقتصادية فقد بلغ مضاعف الربحية بناء على أرباح 2006 لقطاع البنوك 13.65 مرة ولقطاع الخدمات 13.42 مرة ولقطاع الصناعات 13.16 مرة في حين سجل قطاع التأمين اعلى مضاعف ربحية 17.49 مرة. وفيما يتعلق بمضاعف القيمة الدفترية فقد بلغ معدله لجميع الشركات حوالي 2.41 مرة وللشركات الرئيسية حوالي 2.52 مرة, أما بالنسبة للقطاعات الاقتصادية فقد سجل قطاع الصناعات أقل مضاعف للقيمة الدفترية 1.34 مرة ولقطاع الخدمات 2.73 مرة ولقطاع التأمين 1.95 مرة.

ووفقا للتقرير فقد أدى الارتفاع المتتالي والشديد في أسعار الأسهم خلال الأعوام التي شهدت نموا في المؤشرات القياسية لها عن 230% إلى خروج أسعار الأسهم عن نطاق التقييم المالي المتعارف عليه وأصبحت تتداول على مضاعفات ربحية ومضاعفات دفترية مرتفعة في الوقت الذي لم يصاحب ارتفاع الأسعار الحاد ارتفاعا في التوزيعات النقدية في ظل بيئة من الفوائد المصرفية التي زادت 17 مرة خلال السنوات الثلاث الماضية مما أدى إلى هجرة الاستثمار إلى الودائع والعقار.

وشهد عام 2005 موجة كبيرة من الشركات التي طرحت للاكتتاب العام حيث تم طرح 9 شركات جديدة جمعت من المستثمرين 20.22 مليار درهم خلال فترة وجيزة وظهرت مشاكل في آلية طرح هذه الاكتتابات وساهمت طريقة التمويل في تازيم الوضع في الأسواق المالية كما ان مكاتب الوساطة والصناديق الاستثمارية ساهمت بدورها في تضخيم الحركة التصحيحية.

المؤشرات القياسية

ويرى تقرير الفجر للأوراق المالية انه بعد عامين من الارتفاع الشديد في أسعار الأسهم نتيجة للطفرة الاقتصادية التي مرت بها الإمارات والتي كان تأثيرها ايجابيا على أرباح الشركات, دخلت الأسهم الإماراتية في موجة هبوط رئيسية أدت إلى انخفاض جميع المؤشرات القياسية بسوق الإمارات المالي بشكل ملحوظ خلال العام 2006.

وسجل المؤشر العام لسوق الإمارات انخفاضا بنسبة 41.07%، حيث سجل مؤشر القطاع الصناعي اكبر نسبة انخفاض خلال العام بلغت 57.7% في حين جاء مؤشر القطاع البنكي في المرتبة الثانية من حيث الانخفاض وسجل انخفاضاً بنسبة 40.95%

ثم مؤشر قطاع الخدمات والذي سجل انخفاضاً بنسبة 37.36%، بينما احتل مؤشر التأمين المرتبة الأخيرة من حيث اقل انخفاض بلغ 35.47%، وكانت نسبة الانخفاض متقاربة لمؤشرات كل من سوقي أبوظبي للأوراق المالية ودبي المالي, اذ انخفض كل منهما بنسبة 42.35%، 44.42% على التوالي.

ويعزو المحللون أسباب الانخفاض إلى العديد من العوامل أهمها الممارسات السلبية التي قام بها المتعاملون في الأوراق المالية من حيث الإفراط في تمويل الأسهم والجري وراء المضاربات وعدم نضج مستوى الإفصاح عند مجالس إدارات بعض الشركات وموجة الاكتتابات الجديدة والتي صاحبها موجة رفع رؤوس الأموال للشركات القديمة اضافة إلى الأوضاع السياسية الحرجة التي تمر بها المنطقة مما أثر سلبيا على سوق الأسهم.

ولاشك ان هذه العوامل مجتمعة أثرت سلبيا على القيمة السوقية للأسهم المدرجة، اذ فقدت الأسهم ما يقارب من 326 مليار درهم من قيمتها السوقية خلال عام 2006 بنسبة انخفاض في القيمة السوقية بلغت 39% تقريبا، واذا ما أخذنا في الاعتبار القيمة السوقية للشركات التي تم إدراجها في عام 2006 والتي بلغت 26.8 مليار درهم في نهاية عام 2006

فان المؤشر العام لسوق الإمارات (بدون الشركات التي تم إدراجها في عام 2006) يكون قد فقد 353.4 مليار درهم بنسبة انخفاض بلغت 42.09%، وكانت أسهم قطاع الصناعة الأكثر تضررا من موجة الهبوط السعري اذ فقدت 53 مليار درهم بنسبة انخفاض بلغت 56%، في حين فقدت أسهم قطاع البنوك نسبة 41% من قيمتها السوقية وذلك بقيمة 143 مليار درهم، بينما فقدت أسهم قطاع الخدمات 124 مليار درهم بنسبة انخفاض 34% وكان قطاع التأمين الأقل تضررا حيث فقد 5 مليارات درهم فقط من القيمة السوقية بنسبة انخفاض 19%.

حركة التداول

شهد عام 2006 ارتفاعاً في حركة التداول نتيجة للقرارات الإدارية التي اتخذتها مجالس إدارات الشركات المدرجة في السنة السابقة والتي تميزت بتجزئة الأسهم ورفع رؤوس الأموال من خلال توزيع أسهم منحة ومن خلال الاكتتاب بأسهم جديدة، بالإضافة إلى زيادة عدد الشركات المدرجة والذي أدى إلى ارتفاع عدد الأسهم المتوفرة في السوق والذي تزامن مع موجة التصحيح التي مرت بالأسواق المالية

وعدم قدرة المستثمرين على تحديد طول فترة موجة الهبوط الرئيسية للسوق ومحاولاتهم إعادة التوازن لمحافظهم المالية, فضلا عن محاولات المضاربين الاستفادة من التذبذبات السعرية التي تخللت موجة الهبوط الرئيسية وأدت هذه العوامل مجتمعة إلى ارتفاع كمية الأسهم المتداولة بالسوق من 33.8 مليار سهم في عام 2005 إلى 50.9 مليار سهم في عام 2006 بنسبة ارتفاع 50.6%.

واستحوذ سوق دبي المالي على النصيب الأكبر من الزيادة في كمية الأسهم المتداولة، اذ ارتفعت كمية الأسهم المتداولة به من 25.5 مليار سهم في عام 2005 لتصل إلى 39.6 مليار سهم في عام 2006 بنسبة ارتفاع 55.2% ويرجع ذلك بصفة أساسية إلى زيادة عدد الشركات المدرجة بسوق دبي من 30 شركة في عام 2005 إلى 47 شركة في عام 2006، كما ارتفعت كمية الأسهم المتداولة بسوق أبوظبى خلال عام 2006 بنسبة 36.5% لتصل إلى 11.2 مليار سهم بدلا من 8.2 مليار سهم في عام 2005.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع في كمية الأسهم المتداولة الا ان موجة الهبوط الحاد في الأسعار التي سادت الأسواق المالية أدت إلى انخفاض قيمة الأسهم المتداولة، حيث سجلت قيمة الأسهم المتداولة خلال العام 418 مليار درهم بانخفاض 17.99% عن قيمة الأسهم المتداولة خلال عام 2005 والتي بلغت 509 مليارات درهم، وشهدت غالبية القطاعات الرئيسية بالسوق انخفاضا في قيمة التداول

فيما عدا قطاع التأمين الذي سار في اتجاه عكسي تماما مسجلا زيادة في حركة التداول على أسهمه بنسبة 45.9% ويرجع ذلك إلى أن غالبية المستثمرين وخاصة المؤسسات لجأت إلى أسهم قطاع التأمين طلبا للحماية من موجة الهبوط السعرية التي سادت السوق، على اعتبار أن قطاع التأمين يتميز تاريخيا بالسوق المحلي بأنه اقل القطاعات تذبذبا في الأسعار, وفي بعض الأحيان قد يأخذ اتجاهاً معاكساً لاتجاه السوق،

في حين كان القطاع البنكي أكثر القطاعات انخفاضا في قيمة التداولات اذ انخفضت حركة التداول على أسهمه خلال عام 2006 بنسبة 45.6%، كما تشير البيانات إلى ان قطاع الخدمات رغم ان قيمة التداولات عليه انخفضت بنسبة 13.2% خلال عام 2006 الا انه كالمعتاد استحوذ على ما يقرب من 80% من قيمة التداولات خلال ذات العام.

تغير القيمة السوقية

ظهرت آثار موجة الهبوط التي تعرض لها السوق خلال عام 2006 بوضوح في التغيرات التي طرأت على إحصائيات الشركات المرتفعة وتلك المنخفضة خلال العام، اذ انخفض عدد الشركات المرتفعة من 63 شركة خلال عام 2005 إلى 18 شركة فقط خلال عام 2006 بنسبة انخفاض 71.4%،

اما الشركات التي انخفضت أسعار أسهمها فقد زادت بنسبة 310.5% خلال عام 2006، اذ ارتفعت من 19 شركة في عام 2005 إلى 78 شركة في عام 2006، اما الشركات التي لم تتغير أسعار إقفالها خلال العام فقد ارتفعت من 6 شركات في عام 2005 لتبلغ 9 شركات في عام 2006،

كما زاد عدد الشركات التي حدث تداول على أسهمها خلال عام 2006 من 85 شركة خلال عام 2005 إلى 97 شركة خلال عام 2006 وذلك كنتيجة طبيعية لزيادة عدد الشركات المدرجة بالسوق خلال عام 2006 وان كانت الزيادة في عدد الشركات المتداولة تمثل نسبة 75% فقط من إجمالي الزيادة في عدد الشركات المدرجة بالسوق، اي ان هناك 4 شركات تم إدراجها بالسوق خلال عام 2006 ولم يتم عليها اية تداولات.

واستحوذت أربع شركات فقط على 63.8% من إجمالي قيمة التداول بالسوق مما يشير إلى ارتفاع درجة التركز بالسوق، حيث استحوذ سهم شركة إعمار العقارية فقط على 40% من إجمالي قيمة التداول خلال العام، في حين سجلت شركة أملاك للتمويل 14% من إجمالي قيمة التداول بالسوق، واستحوذ كل من سهم دبي للاستثمار ودبي الإسلامي على 5% لكل منهما من إجمالي قيمة التداول بالسوق.

وجاءت شركة تمويل في المرتبة الأولى من حيث نسبة الارتفاع في سعر إغلاقها خلال عام 2006 مقارنة بسعر إغلاقها في عام 2005، حيث ارتفع سعر إغلاقها ليصل إلى 4.13 دراهم بنهاية عام 2006 بمعدل تغير بلغ 304.9%، في حين ارتفع سعر إغلاق سهم شركة رأس الخيمة الوطنية للتأمين ليصل إلى 5.58 دراهم بنسبة ارتفاع 148%, وكانت شركة الاتصالات المتكاملة دو في المرتبة الثالثة من حيث معدل الارتفاع في سعر إغلاق أسهمها خلال عام 2006 بنسبة 115.8% وذلك على الرغم من أنها تم إدراجها في سوق دبي أول أبريل 2006.

وجاءت شركة فودكو القابضة في المرتبة الأولى من حيث نسبة الانخفاض في سعر إغلاقها خلال عام 2006 مقارنة بسعر إغلاقها في عام 2005، بمعدل تغير بالسالب بلغ- 68.6%، في حين انخفض سعر إغلاق سهم شركة الاسمنت الوطنية ليصل إلى 14.7 درهماً بنسبة انخفاض -67.3% وكانت شركة دانة غاز في المرتبة الثالثة من حيث معدل الانخفاض في سعر إغلاق أسهمها خلال عام 2006 وذلك بنسبة -65.11%، كما كان سهم دبي الإسلامية للتأمين وإعادة التأمين منخفضا بنسبة -63.5%.

الشركات المدرجة

شهد عام 2006 زيادة في عدد الشركات المدرجة بالسوق، حيث ارتفع عدد الشركات المدرجة من 89 شركة في عام 2005 إلى 105 شركات في عام 2006 بزيادة بلغت 16 شركة تم إدراج جميع هذه الشركات في سوق دبي المالي. وبلغ عدد الشركات الوطنية التي تم إدراجها 5 شركات (إماراتية) و11 شركة أجنبية منها 8 شركات كويتية وشركة قطرية وأخرى بحرينية وواحدة أردنية.

كما تم إدراج معظم الشركات في قطاع الخدمات كما حقق أكبر نسبة زيادة في عدد الشركات المدرجة بلغت 36% نظرا لإضافة عدد 9 شركات خدمات خلال عام 2006 تلاه قطاع الصناعة حيث زادت عدد الشركات المدرجة بقطاع الصناعة 5 شركات بنسبة زيادة 25%،

في حين زادت عدد الشركات المدرجة بكل من قطاع البنوك وقطاع التأمين بنسبة 4.5% لكل منهما نتيجة قيد بنك واحد فقط وشركة واحدة فقط في قطاع التأمين. وبلغت رؤوس أموال الشركات الوطنية الخمس التي تم إدراجها حوالي 4.3 مليارات درهم كان لشركة الاتصالات المتكاملة 4 مليارات درهم وبلغت القيمة السوقية لهذه الشركات حوالي 27 مليار درهم.

خلل في تقييم الأسهم

أدى الارتفاع المتتالي والشديد في أسعار الأسهم حلال السنوات التي شهدت نموا في المؤشرات القياسية لا يقل عن 230% , وذلك في الأعوام 2003 و2004 و2005 , إلى خروج أسعار الأسهم عن نطاق التقييم المالي المتعارف عليه وأصبحت تتداول على مضاعفات ربحية ومضاعفات دفترية مرتفعة.

كما أن ارتفاع الأسعار بهذه الحدة لم يصاحبه ارتفاع في التوزيعات النقدية في ظل بيئة من الفوائد المصرفية التي ارتفعت 17 مرة خلال السنوات الثلاث الماضية, وأدى ذلك إلى هجرة الاستثمار إلى الودائع المصرفية والعقار والتي تعد اقل مخاطرة نسبيا مقارنة بالأسهم نتيجة للمضاربات العنيفة, وأصبحت الذبذبة السعرية للأسهم المدرجة عالية,

وبالتالي ارتفعت درجة المخاطر من الاستثمار في الأسهم, ومن ثم تحولت المحافظ الاستثمارية إلى الودائع او الاستثمار العقاري. ونتج عن هذا التحول أن بدأت موجة التصحيح في الأسعار والتي بدأت تحت الاعتقاد بأن هذا التصحيح صحي للأسواق المالية حيث يعالج الخلل في أسعار الأصول المرتفعة سواء من حيث مضاعفات الربحية أو مضاعفات القيمة الدفترية.

خلل في الاكتتابات الجديدة

شهد العام 2005 موجة كبيرة من طرح شركات جديدة للاكتتاب العام. حيث تم طرح 9 شركات جديدة جمعت من جمهور المستثمرين ما يقارب 20.22 مليار درهم خلال فترة وجيزة. وظهرت مشاكل في آلية طرح هذه الاكتتابات اضطرت وزارة الاقتصاد والتخطيط للتدخل لضبط وتنظيم عملية الطروحات الجديدة. ومن أهم هذه المشاكل التقارب الزمني للطروحات مما خلق نقصاً حاداً, ولكن مؤقت, عند المستثمرين,

كما أن حجم هذه الاكتتابات ومدة احتجاز المبالغ المكتتب بها ساعدت على تضخيم النقص في السيولة. كما خلقت هيمنة كبار المستثمرين على هذه الاكتتابات مشكلة العدالة في توزيع الأسهم حيث ساهمت ضخامة رؤوس الأموال التي اكتتب بها كبار المستثمرين

والتي جاء معظمها من تمويل البنوك في مزاحمة صغار المستثمرين على الحصول على حصص مقبولة وبالتالي عدم توفر عدد كاف من الأسهم لصغار المستثمرين. مع العلم بأن رؤوس الأموال المستخدمة لم تكن بهدف الاستثمار لفترة زمنية طويلة إنما كانت ذات طبيعة قصيرة الأجل وخصوصا الاكتتابات التي شارك فيها المستثمرون من خارج الدولة.

الإفراط في التمويل

قامت البنوك وشركات التمويل بانتهاز فرصة التحسن المستمر في أسعار الأسهم والذي ابتدأ من منتصف العام 2001 واستمر إلى أواخر عام 2005 بتمويل المستثمرين لتداول الأسهم وارتفع حجم التمويل خصوصا بعد انخفاض الفوائد إلى مستويات متدنية تاريخيا. ولكن لسوء الحظ لوحظ أن شريحة كبيرة من التمويل جاءت عندما كانت الأسهم تتداول على مستويات تقييم عالية وخصوصا خلال العام 2005.

وقد تحفظ صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير على ارتفاع حجم القروض بشكل ملحوظ خلال العام 2005 ويتوقع أن تستخدم شريحة كبيرة من هذه القروض أساسا لشراء أصول (أسهم) بمستويات تقييم عالية وبالتالي فإن أي حركة تصحيح مفاجئة سيكون لها تأثير سلبي على نوعية هذه القروض.

وهذا ما حصل 8حركة التصحيح التي دخلت بها الأسواق ضخمت من حدة الهبوط وبالتالي خلقت دورة هبوط في الأسعار تغذي نفسها من حيث البيع الاضطراري لسداد التزامات البنوك وبالتالي الضغط على الأسعار مرة أخرى ومن ثم البيع الاضطراري مرة أخرى وهكذا دواليك.

التمويل الخاطئ للاكتتابات

ساهمت طريقة تمويل الاكتتابات في تأزيم الوضع في الأسواق المالية حيث ان طريقة التمويل التي قامت بها البنوك أثرت سلبيا على الأسواق المالية حيث ان مضاعفات التمويل التي استخدمت والتي بلغت في بعض الأحيان 16 مرة رأس المال المستخدم في عدة أشياء سلبية أهمها ارتفاع تكاليف شراء السهم على المستثمر المقترض وبالتالي عدم جدوى الشراء من الناحية المالية

حيث ان هناك بعض الحالات التي كانت تكلفة تمويل شراء بعض الاكتتابات فيها أعلى بكثير من السعر العادل لأسهم هذه الشركة وبالتالي فإن انخفاض سعر السهم ينعكس سلبيا على المستثمر ويشكل مخاطرة على سلامة القرض وإذا ما ضغط البنك على المستثمر للتسييل فإن ذلك ينعكس سلبيا على كل السوق المالي وجميع المستثمرين.

وأثر ارتفاع أسعار الفوائد وانخفاض أسعار الأسهم وصغر حجم الأرباح والتوزيعات النقدية نظرا لحداثة عمر هذه الشركات سلبيا على قدرة المستثمرين على الحفاظ على ممتلكاتهم من هذه الأسهم وبالتالي اضطرارهم للبيع تحت وطأة ضغط البنوك لتوفير السيولة الكافية لسداد أعباء التمويل المرتفع.

ممارسات الوسطاء السلبية

ساهمت مكاتب الوساطة العاملة في الدولة في تضخيم الحركة التصحيحية. وأدى قيام الأسواق المالية بتخفيض عمولات الوسطاء بالنصف إلى قيام الوسطاء بالبحث عن مصدر دخل آخر سواء بتشجيع العملاء على المضاربة الشرسة أو عن طريق التمويل المفرط لتداول الأسهم أو من خلال السماح للعملاء بالتداول على المكشوف وأخيرا استثمار جزء من رأس المال هذه الشركات في الأسهم.

وأدى انخفاض أسعار الأسهم المستمر والذي ابتدأ مع أواخر العام 2005 واستمراره خلال العام 2006 إلى خسارة المستثمرين ومكاتب الوساطة لجزء كبير من أموالهم سواء نتيجة للمضاربات أو نتيجة للاقتراض العالي والذي نتج عنه بيع اضطراري لسداد التزامات العميل لدى الوسيط. ونتج عن هذه الأساليب تضخيم حركة التصحيح والذي انعكس سلبيا على أسعار الأسهم وعلى ثروات المستثمرين وثقتهم بالأسواق المالية كقناة مالية لتوظيف رؤوس الأموال.

ارتفاع تكاليف الفوائد

ونتج عن السياسة النقدية المتشددة التي طبقها البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خلال السنوات الثلاث الماضية ارتفاع الفائدة المصرفية في الولايات المتحدة. ونتيجة لارتباط العملة المحلية بالدولار فإن كل مرة يتم رفع الفائدة على الدولار يتم مقابلها رفع الفائدة على الدرهم. وخلال العام 2006 قام الفيدرالي الأميركي برفع الفوائد 6 مرات من مستوى 3.75% إلى مستوى 5.25% رافعا الفائدة بمعدل 0.25% في كل مرة مع العلم ان الفيدرالي رفع الفائدة حوالي 17 مرة متتالية خلال الثلاث سنوات الماضية.

وهذا جعل العائد من الاستثمار في الودائع البنكية أعلى من الاستثمار في الأسهم (التوزيعات بسيطة وأسعار الأسهم في انخفاض) حيث كان معدل العائد من التوزيعات النقدية للشركات والتي تراوحت آنذاك ما بين 1% إلى 2% والتي تعد أقل من ربع العائد من الاستثمار في الودائع البنكية والتي هي أساسا لا تحمل أية مخاطر

وخصوصا بعد مسلسل هبوط أسعار الأسهم المستمر، كما أن ارتفاع الفوائد أدى إلى ارتفاع تكلفة خدمة قروض الأسهم وبالتالي رضوخ المستثمرين المقترضين بعد هبوط أسعار الأسهم إلى ضغوط البنوك واضطرارهم للبيع الاضطراري لتوفير السيولة الكافية لخدمة الدين.

عدم الاستقرار السياسي

ساهمت الأوضاع السياسية المضطربة التي سادت عام 2006 , وما شهده من الاعتداء الإسرائيلي على لبنان وتدهور الأوضاع في العراق وأزمة الملف النووي الإيراني، والتغيرات التي أحدثتها الانتخابات الأميركية وما أفرزته من عدم وضوح للرؤية فيما يتعلق بالسياسة الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط،, في انخفاض الثقة في الأسواق المالية الخليجية كأداة آمنة لتوظيف الأموال مما دفع شريحة من المستثمرين إلى تصفية مراكزهم المالية بالأسواق الخليجية والهجرة إلى أماكن أخرى أكثر أمانا.

كما كان للاضطراب الأمني الذي تمر به المنطقة العربية والتخوف من انعكاساته السلبية على منطقة الخليج دور مهم في التأثير على الأسواق المالية الخليجية وخصوصا ما يدور في العراق حاليا وتحول النزاع إلى نزاع طائفي والتخوف من امتداده إلى المناطق المجاورة كما أن هناك إشارات متضاربة بشأن الحلول الموجودة لمعالجة الوضع الإيراني من حيث إقرار مجلس الأمن قرار مقاطعة ومعالجة الأزمة سلميا.

ارتباط قوي بالأسواق الأخرى

وشكلت الاستثمارات المشتركة بين أسواق الخليج المالية سواء الخاصة بالمستثمرين أنفسهم أو الخاصة بالشركات العاملة عاملا مهما في الأحداث التي شهدتها الأسواق المالية في عام 2006، ولعبت دورا هاما في انتقال عدوى موجة انخفاض أسعار الأسهم إلى السوق الإماراتي العام الماضي نظرا لما انتجته هذه الاستثمارات المشتركة من تزايد درجة الارتباط بين أسواق الأوراق المالية الخليجية.

ونتيجة لانعكاس انخفاض أسعار الأسهم في احد الأسواق الخليجية حتى ولو كانت ناتجة عن أسباب داخلية على بقية أسواق الخليج الأخرى أصبح المستثمرون الخليجيون لا ينظرون إلى الأوضاع الاقتصادية العامة للدولة أو إلى أداء الشركات المالي وإنما يتابعون عن كثب تحركات أسعار الأسهم في البورصات الخليجية المقيدة بها الأسهم التي يمتلكونها، وذلك من أجل الحفاظ على توازن محافظهم المالية،

حيث يقومون في حالة تعرض أسعار الأسهم بالسوق السعودي على سبيل المثال للانخفاض ببيع أسهمهم بالسوق الإماراتي من أجل توفير سيولة لإعادة التوازن إلى استثماراتهم بالسوق السعودي مما يؤدى إلى الضغط على أسعار الأسهم بالسوق الإماراتي نحو الانخفاض متأثرة بالانخفاض الحادث في السوق السعودي.

الممارسات السلبية للصناديق

وساهمت الممارسات السلبية التي اتبعتها الصناديق الاستثمارية في تضخيم حركة التصحيح التي مرت بها الأسواق المالية خلال العام الماضي. حيث قامت بعض الصناديق الاستثمارية والتي تديرها البنوك التجارية بعدة ممارسات أثرت سلبيا على السوق فمثلا قامت بعض الصناديق بتشجيع المكتتبين في الوحدات الاستثمارية لهذه الصناديق على الاقتراض لزيادة حجم اكتتابهم في هذه الصناديق حتى أنه في بعض الأحيان بلغ حجم الاقتراض 3 دراهم إلى كل درهم مستثمر في هذه الصناديق.

ومع هبوط أسعار الأسهم أدى ذلك إلى تضخيم ومضاعفة خسارة المكتتبين في الصندوق. وعند مطالبة المكتتبين على سداد الخسارة أدى ذلك إلى قيام المكتتبين ببيع جماعي لهذه الوحدات عوضا عن السداد. واحدى الممارسات السلبية الأخرى التي قامت بها الصناديق هو عدم توزيع رأس مال الصندوق بكفاءة

حيث لوحظ بأن بعض الصناديق استثمرت رأس مال الصندوق في عدد محدود جدا من الأسهم (4 أسهم فقط) والذي نتج عنه مخاطرة عالية. كما أن بعض الصناديق خالفت الفلسفة الاستثمارية التي نشأت عليها وتحولت إلى صناديق مضاربة عوضا عن صناديق استثمارية مما أثر سلبيا على أداء الصندوق وأداء السوق إجمالا.

ضعف القوة الشرائية

ونتيجة للاكتتابات الجديدة التي تم طرحها خلال العام 2005 وقيام الشركات برفع رؤوس أموالها أن تم سحب سيولة كبيرة من جيوب المستثمرين قدرت بأكثر من 63 مليار درهم تم ضخها من قبل المستثمرين سواء لتمويل انشاء شركات جديدة أو لتمويل رفع رؤوس أموال الشركات القديمة.

ومن الجانب الأخر وبالرغم من ارتفاع أرباح الشركات بنسبة تفوق ال90% لتصل إلى ما يقارب 33 مليار درهم خلال العام 2005 إلا أن التوزيعات النقدية خلال العام 2006 لم ترتق إلى هذا المستوى من الأرباح وعلى العكس فقد ارتفعت نسبة احتفاظ الشركات بالأرباح بشكل ملحوظ لتصل إلى 76%.

وأدت المبالغ الخيالية التي طلبتها الشركات وعدم توفر السيولة لدى المستثمرين وتقارب الموعد الزمني لهذه الطروحات إلى عمليات بيع جماعية بهدف جمع السيولة اللازمة للمشاركة في الاكتتابات ورفع رؤوس الأموال. ونتج عن ذلك تضخيم حركة الهبوط في الأسعار بحيث أصبح من الصعوبة على السيولة الفائضة من هذه الاكتتابات ان تعيد التوازن إلى السوق. وأدى انخفاض الأسعار إلى إضعاف قدرة المستثمرين على توفير السيولة لدعم الأسواق المالية نظرا لتأكل رأس المال المستثمر.

التسييل الجماعي

أثر انخفاض أسعار الأسهم الحاد والسريع على المحافظ والصناديق الاستثمارية وخصوصا التي كانت تعتمد على قروض الأسهم, ونظرا لتخوف البنوك من عدم قدرة المقترضين على الوفاء بالتزاماتهم تجاه القروض, قامت بعض البنوك بالتسييل الاضطراري لمحافظ بعض كبار المستثمرين حتى أنه في بعض الأحيان تسابقت البنوك على التسييل مما أدى في بعض الأحيان إلى أن بلغت أسعار الأسهم الحد الأدنى المسموح به للتداول (لمت داون).

وهذا دفع بالأسعار إلى الأسفل وأثر على المستثمرين مما نتج عنه عمليات تسييل أخرى وهكذا دواليك بحيث أصبحت عمليات التسييل ككرة الثلج كلماتدحرجت كبرت بالحجم. كما أن موجة الهلع التي أصابت السوق في تلك الفترة دفعت العديد من المكتتبين في الصناديق الاستثمارية إلى التسابق لتسييل جزء أو كل الوحدات الاستثمارية التي يملكونها.

ونتيجة لذلك فقد اضطر الصندوق إلى تنفيذ عمليات بيع كبيرة نظرا للخروج الجماعي وأدت عمليات التسييل أو بيع الأسهم إلى الضغط أكثر على الأسعار وبالتالي أثرت سلبيا على أسعار الأسهم وعلى قيمة وحدات الصندوق مما نتج عنه خروج مستثمرين جدد من الصندوق.

مسلسل درامي

وتحول ما ابتدأ كحركة تصحيحية في أسعار الأسهم لمعالجة خلل في التقييم بعد سنوات من الارتفاع المستمر إلى مسلسل درامي يومي يتمثل في الانخفاض المستمر بالأسعار دام لأكثر من 13 شهرا ولا يزال مستمرا. وتسبب في تحول الحركة التصحيحية إلى هبوط حر في أسعار الأسهم الممارسات السلبية التي قامت بها المؤسسات المالية والتي كانت تحمل في طياتها مخاطر نتج عنها عمليات بيع وتسييل جماعي أدخلت الهلع والخوف في قلوب المستثمرين والمقرضين نتج عنها دخول السوق في دوامة من البيع الجماعي أثرت على الأسعار سلبيا.

ومع هبوط الأسعار إلى مستويات تقييم جذابة لم تستطع أن تجد القاع للأسعار وذلك يعود إلى دخول عوامل أخرى تسيطر على الأسواق المالية منها الاضطرابات الأمنية وتدهور الوضع في العراق والسياسة النقدية المتشددة للمصرف المركزي والتي نتج عنها رفع الفوائد المحلية مما أدى إلى ارتفاع تكاليف تمويل قروض الأسهم وزيادة جاذبية الودائع البنكية على الاستثمار في الأسهم التي كانت توزيعاتها شحيحة وفي انخفاض مستمر في الأسعار.

الأداء الاقتصادي المحلي

الناتج المحلي الإجمالي: شهد عام 2006 زيادة كبيرة في معدلات النمو الاقتصادي بالدولة وتوسعا في حجم الأنشطة الاقتصادية المختلفة حيث أنه من المتوقع أن يرتفع إجمالي الناتج المحلي خلال عام 2006 وفقا لتقرير صندوق النقد الدولي ليصل إلى 642 مليار درهم مقارنة ب 476 مليار درهم في عام 2005 مسجلا نموا بمعدل 34.8% بالأسعار الجارية ومعدل نمو حقيقي بالأسعار الثابتة يصل إلى 11.5%،

وقد ساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي ارتفاع أسعار النفط وزيادة حجم الإنتاج من الغاز الطبيعي كما كان للقطاع العقاري باعتباره قطاعا قائدا في ذلك التوسع في حجم النشاط الاقتصادي خاصة في ظل اتجاه معظم إمارات الدولة نحو إزالة القيود على تملك الأجانب ومواطني دول الخليج العربي للأراضي والعقارات. ويتوقع وفقا لتقرير صندوق النقد الدولي أن تتراوح معدلات النمو في حجم النشاط الاقتصادي خلال السنوات الخمس القادمة ما بين 5.4%، 6%،

بحيث يرتفع حجم الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 844.9 مليار درهم مع نهاية عام 2011وذلك نتيجة للزيادة المتوقعة في حجم إنتاج دولة الإمارات من النفط ليصل إلى 3.46 ملايين برميل يوميا مع نهاية عام 2011وكذلك لتوقع زيادة معدلات التوسع في نشاط القطاع غير الهيدروكربونى خلال الخمس سنوات القادمة بمعدل 6.4% سنويا.

معدلات التضخم: صاحب الطفرة في معدلات النمو في حجم النشاط الاقتصادي خلال عامي 2005، 2006 ارتفاع في معدلات التضخم نتيجة للزيادات في إيجارات المساكن وأسعار الخدمات وكذا النمو في كمية النقود المعروضة والتي ارتفعت بنسبة 34% بالإضافة إلى الارتفاع في أسعار النفط والتي بلغت 31%،

حيث وصل معدل نمو التضخم في الإمارات خلال عام 2005 إلى 8% ثم انخفض انخفاضا طفيفا في عام 2006 ليصل إلى 7.7% الا ان ذلك المعدل يعد معدلا مرتفعا نسبيا وقد ساهم في الإبقاء على معدل التضخم عند مستويات مرتفعة نسبيا معدلات الزيادة الكبيرة في حجم النشاط الاقتصادي بالدولة خلال عامي 2005، 2006،

الأمر الذي انعكس في ارتفاع حجم السيولة المحلية بنسبة 33.8%، 26.6% على التوالي وادى كذلك إلى زيادة حجم الائتمان المحلي بنسبة 36.7%، 24.1% خلال عامي 2005، 2006. ومن المتوقع في ظل السياسة النقدية لمصرف الإمارات المركزي والتي تتجه نحو خفض حجم السيولة المحلية (عرض النقود) ان ينخفض معدل النمو في عام 2007 ليصل إلى 5% وان يستمر ذلك الانخفاض خلال الخمس سنوات القادمة ليصل إلى 3.7% في عام 2011.

الحسابات القومية: من المتوقع أن يساهم الارتفاع في حجم وقيم الصادرات النفطية وارتفاع معدلات النمو في الصادرات غير الهيدروكربونية للدولة في ارتفاع فائض الموازنة العامة من 70 مليار درهم في عام 2004 ليصل إلى 128.2 مليار درهم و 190.7 مليار درهم في عامي 2005، 2006 بنسبة 26.9%، 29.7% من حجم الناتج المحلي الإجمالي على التوالي،

كما ساهمت هذه العوامل على المستوى الدولي في تحقيق طفرة كبيرة في فائض الحساب الجاري للإمارات والذي قفز من 10.6 مليارات دولار أميركي في عام 2004 إلى 19.1، 35.5 مليار دولار أميركي في عامي 2005، 2006 على التوالي بما يعادل 14.7%، 20.3% من حجم الناتج المحلي الإجمالي في العامين الأخيرين، وقد انعكس ذلك التوسع في الصادرات على مستوى الطلب المحلي بالدولة على الواردات والتي ارتفعت بنسبة 27% لتصل إلى نحو 100 مليار دولار أميركي بنهاية 2006.

ويتوقع صندوق النقد الدولي استمرار الارتفاع في فائض الموازنة العامة في السنوات الخمس القادمة على الرغم من إمكانية انخفاض أسعار النفط خلال تلك السنوات، الا ان الصندوق يعتبر أنه حتى اذا حدث انخفاض في أسعار النفط في المستقبل فان ذلك سيكون أثره هامشيا على الاقتصاد الإماراتي

نظرا لأنه يتمتع بالديناميكية وعدم الاعتماد على النفط كمورد ومحرك رئيسي للاقتصاد الإماراتي، اذ يشير صندوق النقد الدولي إلى ان فائض الموازنة العامة للدولة سيصل إلى 215 مليار درهم بحلول عام 2011 بنسبة 25.4% من حجم الناتج المحلي الإجمالي، كما ان فائض الحساب الجاري بميزان المدفوعات سيظل موجبا ويصل إلى 43.9 مليار دولار أميركي بحلول عام 2011 وذلك بنسبة 19.1% من حجم الناتج المحلي للدولة.

أسعار الفائدة المحلية: شهد عام 2006 استمرار للسياسية النقدية المتشددة التي اتبعها المصرف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على مدار الثلاث سنوات الماضية والتي تمثلت في الرفع المتتالي لأسعار الفائدة الدولارية لكبح جماح معدلات التضخم بالسوق الأميركي، حيث قام المصرف الفيدرالي الأميركي برفع معدلات الفائدة من 1% في عام 2002 لتصل إلى 5.25% في عام 2006،

ولكن في الربع الأخير من عام 2006 توقف المصرف الفيدرالي الأميركي عن رفع معدلات الفائدة الدولارية في ضوء ما أسفرت عنه البيانات المنشورة عن الاقتصاد الأميركي والتي أشارات إلى تباطؤ في حركة النشاط الاقتصادي الأميركي، بل أن المصرف الفيدرالي الأميركي بدأ يفكر في تغيير مسار السياسة النقدية والبدء في اجراء تخفيض متتالي على الفائدة الدولارية بدءا من من عام 2007،

ولكن البيانات الأخيرة التي ظهرت في نهاية عام 2006 والخاصة بزيادة تكلفة الأجور بالاقتصاد الأميركي قد أجلت تنفيذ التوجه الجديد في السياسة النقدية الأميركية إلى ما بعد النصف الأول من العام 2007. نظرا لارتباط العملة المحلية بدولة الإمارات بالدولار الأميركي واتجاه المصرف الفيدرالي الأميركي بالرفع المتتالي لأسعار الفائدة على الودائع الدولارية خلال الثلاثة أعوام الماضية،

فقد واكب ذلك ارتفاع مماثل في أسعار الفائدة المحلية لتصل أسعار الفائدة على الودائع (ثلاثة أشهر) إلى 5.2% في نهاية عام 2006 بينما بلغت أسعار الفائدة على الإقراض 8.6% في عام 2006 (وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي). وقد كان لذلك الارتفاع في أسعار الفائدة بعض الأثر السلبى على الاستثمارات في سوق الأوراق المالية في عام 2006.

أسعار الفائدة

تعتبر الفوائد الأميركية من أهم العناصر الخارجية المؤثرة في اقتصادات دول الخليج وذلك لتأثيرها المباشر على السياسة النقدية وتأثيرها غير المباشر على الأسواق المالية. ويرجع هذا التأثير لأسعار الفائدة الأميركية على السياسيات النقدية لدول مجلس التعاون لسياسة هذه الدول بربط أو تثبيت سعر العملة المحلية مع سعر صرف الدولار الأميركي.

ولذلك فإن اي قرار للمصرف الفيدرالي الأميركي لتغير أسعار الفائدة على الدولار له انعكاسات على اقتصاد هذه الدول. مع العلم أن قرارات المصرف الفيدرالي تستند في جزء كبير إلى المتغيرات الاقتصادية الداخلية في أميركا وليس بالضرورة على ما يجري في الاقتصاد العالمي.

ومن المعلوم ان علاقة أسعار الفائدة بالنمو هي علاقة عكسية, فعندما ترتفع أسعار الفائدة فانها تؤثر سلبا في معدلات النمو. ويحدث العكس عندما تنخفض كونها تشجع على التوسع في الاقتراض لتمويل مختلف الدوافع الاستثمارية و الاستهلاكية. غير ان الفائدة المنخفضة تؤدي في نفس الوقت إلى زيادة الضغوط التضخمية والتي بدورها تمارس تأثيرا سلبيا على سعر الصرف.

ومنذ منتصف العام 2004 قام المصرف الفيدرالي الأميركي برفع الفوائد 17 مرة تدريجيا و بمعدل 0.25% نقطة في كل مرة لترتفع الفوائد الفيدرالية مع نهاية العام 2006 من 1% إلى 5.25%. وتركزت السياسة المالية للفيدرالي الأميركي على محاربة التضخم في أسعار الأصول والذي نتج عن معدلات نمو عالية نتيجة للسياسة النقدية المرنة التي تبناها المصرف خلال السنوات الماضية.

إلا أنه خلال الربع الثالث من العام الماضي توقف المصرف الفيدرالي عن رفع الفائدة وتبنى سياسة الترقب والحذر. حيث كان هناك تخوف من أن أسعار الأصول العقارية تأثرت سلبيا نظرا لمستوى الفوائد الحالي. كما أنه لوحظ امتداد هذا التأثير على إنفاق سلوكيات المستهلكين مما أدت إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكي وبالتالي انخفضت معها توقعات معدلات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.

وبالفعل بدأت التوقعات الاقتصادية بالظهور على أنه بالرغم من نمو الاقتصاد الأميركي ايجابيا خلال 2007 إلا أن ذلك سيكون بوتيرة أقل مما كانت عليه خلال 2006. وبالفعل بدأ ظهور علامات الضعف على القطاع العقاري والقطاع الصناعي

مما أدى إلى توقع العديد من المحللين على أن المصرف الفيدرالي سيغير سياسته النقدية المتحفظة والتي تعنى برفع الفوائد لمكافحة التضخم ويحولها إلى سياسة مرنة لضمان الهبوط الناعم في النمو الاقتصادي ويكون الهبوط تدريجيا عوضا عن الهبوط الحاد. ولذلك تبنى المصرف سياسة الترقب والحذر ولم يقم بإجراء أي تعديل على الفوائد الفيدرالية في أخر أربعة اجتماعات عقدها.

ولكن نتيجة للأرقام الاقتصادية التي ظهرت حديثا في شهر يناير 2007 والتي تشير إلى ارتفاع حاد في مؤشر الإنتاج الصناعي بلغ 0.4% خلال شهر ديسمبر أعلى مستوى نمو له منذ فترة طويلة. كما ارتفع مؤشر ثقة المستهلكين ليستقر على أعلى مستوى له منذ عدة سنوات.

ولوحظ تحسن ملحوظ في معدلات البطالة واستقرارها على مستويات 4.5%. ولكن بدأت الملامح التضخمية مصاحبة هذا التحسن وخصوصا في أسعار المستهلك للسلع الرئيسية (لا تشمل تكاليف النفط والمواد الغذائية) والتي نمت بنسبة 2.6% أعلى من السقف الغير معلن الــ 2%,

كما أن هناك ضغوطات تضخمية على أجور العمالة ونتيجة لذلك فقد ارتفعت احتمالات أن المصرف الفيدرالي سيؤجل أي تخفيض في الفوائد إلى ما بعد منتصف العام 2007 كما قلل من حجم التخفيضات المتوقعة فبعد أنه كان متوقع بأن تبدأ سلسلة التخفيضات في الربع الأول من العام 2007

بحيث تنخفض من مستوى 5.25% لتصل مع نهاية العام إلى 4.25% تغيرت التوقعات وأصبحت توقعات أن يبدأ التخفيض في النصف الثاني من هذا العام ويبلغ مستوى الفوائد كحد أدنى 4.75% أو 4.5%. مع العلم أن بعض الاقتصاديين تراجعوا عن توقعات التخفيض السابقة وأصبحوا تحت الاعتقاد بأنه لن يكون هناك أي تخفيض في الفوائد هذا العام.

وهذا يفسر سياسة الترقب والحذر التي يتبعها المصرف حاليا والتي تهدف إلى تحقيق التوازن بين مكافحة الضغوط التضخمية وبين الاستقرار بمعدلات نمو الاقتصاد. ويأمل المصرف الفيدرالي في أن انخفاض أسعار النفط المتوقع وانخفاض أسعار الأصول العقارية سيساعد على السيطرة على معدلات نمو التضخم

ولكن لا يتوقع أن يكون هذا كافيا وقد يتطلب الأمر رفع الفوائد ربع نقطة على الأقل خلال النصف الأول في حالة اذا ما أعطت الأرقام الاقتصادية الجديدة مؤشرات تضخمية. وتعتمد تقديراتنا للسياسة النقدية التي سيتبعها المصرف الفيدرالي على مدى أولوية احد المتناقضين التضخم أو النمو الاقتصادي.

فالأول يتطلب الإبقاء على سعر الفائدة المرتفع والثاني يتطلب تخفيضه إلا اننا نعتقد أيضا أن هناك عاملا آخر يجب النظر إليه وهو العجز الكبير في الحساب الجاري في الولايات المتحدة والذي بلغ حسب تقديرات البنك الدولي حوالي 6.5% من الناتج المحلي وهذه نسبة كبيرة ويصعب حملها لفترة طويلة من الزمن وتشكل خطرا على سعر صرف العملة.

وقد طرح البنك الدولي سيناريو هجرة الاستثمارات الأجنبية من الولايات المتحدة الأميركية نتيجة لانخفاض الثقة في سعر صرف الدولار وهذا سيؤدي إلى تسابق المستثمرين على تسييل استثماراتهم في الولايات المتحدة وهجرتها إلى الخارج مما يؤدي إلى صعوبة تمويل العجز وسينتج عن ذلك حسب تقرير البنك الدولي هزة في سع صرف الدولار (يقصد انهيارها), مما قد يضطر المصرف الفيدرالي لرفع الفوائد بشدة لدعمها وهذا سيؤثر سلبيا على صحة الأسواق المالية ونذكر أن هذا السيناريو تم طرحه من قبل البنك الدولي.

قطاع النفط

من المتوقع ان تكون الإيرادات النفطية للإمارات قد ارتفعت بنسبة 25% خلال العام 2006 لتصل إلى حوالي 224.8 مليار درهم. وقد ساعد على ارتفاع الإيرادات ارتفاع أسعار النفط حيث ارتفع سعر نفط »أبوظبي مربان« بنسبة 10% خلال العام 2006 من 57.47 دولاراً في البرميل مع نهاية العام 2005 إلى 63.12 دولاراً للبرميل مع نهاية العام 2006.

كما أنه من المتوقع ان يكون معدل الإنتاج اليومي قد ارتفع خلال العام الماضي بنسبة 4% ليصبح المعدل اليومي للإنتاج النفطي خلال العام 2006 حوالي 2.54 مليون برميل يوميا بمعدل سعري حوالي 66 دولارا للبرميل الواحد. ومن الملاحظ نمو أسعار النفط إلى مستويات قياسية في معظم العام ولكن تعاود الأسعار إلى الهبوط مع نهاية شهر أغسطس حتى يغلق على مستويات قريبة من أسعار بداية العام.

وساعد على ارتفاع أسعار النفط خلال معظم العام السابق ارتفاع الطلب نتيجة لتحسن اقتصاديات الدول الصناعية كما لعب تدهور الأوضاع الأمنية و السياسية في العراق والحرب اللبنانية الإسرائيلية والملف النووي الإيراني والقلق حول كيفية معالجة المشكلة (عسكريا أو سلميا) بالإضافة إلى بعض الأمور الأخرى كالإضرابات العمالية في حقول النفط دورا مهما في رفع أسعار النفط. ومن الملحوظ ارتفاع أسعار النفط لمعظم السنة

ولكن سرعان ما فقدت الأسعار قوتها وبدأت في الهبوط مع نهاية شهر أغسطس من العام 2006 نتيجة لظهور بوادر ضعف في الاقتصاد الأميركي حيث ان هناك إجماعا من قبل الاقتصاديين على أن العام 2007 سيشهد انخفاضا في معدلات نمو الاقتصاد في أميركا وسينعكس ذلك سلبيا على الاقتصادات الأخرى (راجع الأداء الاقتصادي العالمي).

كما كان لتوجه مجلس الأمن لمعالجة موضوع الملف الإيراني سلميا من خلال فرض عقوبات رمزية لتحد من طموحات إيران النووية أن خفف من حدة التوتر السياسي في منطقة الخليج وأدى هذا إلى التأثير سلبيا على أسعار النفط بعد انحسار علاوة الحرب من الأسعار.

وفي محاولة لدعم أسعار النفط بعد هبوطها المستمر منذ نهاية شهر أغسطس قامت منظمة أوبك مع بالاتفاق على خفض الإنتاج النفطي بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا مع بدء التنفيذ في شهر نوفمبر في العام الماضي ومن ثم الاتفاق على تخفيض أخر بمقدار 0.5 مليون برميل يوميا يدخل حيز التنفيذ في شهر فبراير من هذا العام بعد انتهاء فصل الشتاء. وبلغت حصة الإمارات من إجمالي التخفيض حوالي 143 ألف برميل يوميا.

ولوحظ خلال اجتماع أوبك الأخير الذي عقد في نيجيريا التضارب في التصريحات بين أعضاء المنظمة بشأن تخفيض الإنتاج مع نهاية العام حيث صرح بعض الأعضاء بأنه لا حاجة لخفض الإنتاج مادام سعر البرميل فوق 60 دولارا (في تلك الفترة) في حين دعت إيران إلى الإسراع في تخفيض الإنتاج لإعادة التوازن بين العرض والطلب. ومع حلول منتصف شهر يناير من العام 2007 شهدت أسعار النفط انخفاضا بنسبة 10% خلال فترة بسيطة.

4 thoughts on “«الفجر للأوراق المالية» ترصد أسباب تراجع السوق في 2006

  1. مع الاسف الشديد العوامل الرئيسية التي ذكرها التقرير والتي ادت الى انهيار السوق لا تزال موجودة بل اصبحت اكثر تعقيدا وتؤثر سلبيا على الاسعار… انا لله وانا اليه راجعون !!!

    وأهم هذه العوامل هو الوضع الامني والسياسي والعسكري المتفاقم في المنطقه.. لا اعتقد أن قلة السيولة من الاسباب المهمة للانخفاض ، فالاموال موجودة ولكنها جبانة جدا في ظل انعدام الاستقرار الامني … أتوقع المزيد من التدهور في الاسعار…. فالاسعار الحالية لا يمكننا ان نقول انها متدنية..!!!

    أعتذر عن هذا الموقف المتشائم ولكني لا أستطيع الا ان أقول الحقيقة وهذه ليست دعوة للبيع او الشراء

Comments are closed.