فك الارتباط مع الدولار يغير أسس التقييم
انخفاض الدرهم يعزز جاذبية الأسهم المحلية أمام الاستثمارات الأجنبية
اعتبر الخبراء ان الاستثمار في الأسهم المحلية يحقق ميزة اضافية للمستثمرين الأجانب الراغبين في الاستفادة من انخفاض الدرهم تتمثل في القدرة على تسييل الأسهم وتحقيق الأرباح منها من دون تحمل التكلفة المتصاعدة في مجالات الاستثمار الأخرى في الدولة والناجمة عن ارتفاع معدلات التضخم، الأمر الذي يجعل الأسهم في مقدمة قطاعات الاستثمار المستفيدة من تراجع الدرهم خصوصاً وان احتمالات فك الدرهم عن الدولار تتيح للمستثمرين الأجانب الاستفادة كذلك من الصعود المرتقب لقيمة الدرهم في حال جرى فك الارتباط وذلك في ضوء ما تشير إليه الدراسات الدولية من أن الدرهم وبقية العملات الخليجية مقيمة بأقل من قيمتها الحقيقية بنسب كبيرة. وأوضحوا ان احتمال ارتفاع قيمة الدرهم ستحد من دخول الاستثمارات الأجنبية كأموال ساخنة إلى أسواق الأسهم المحلية وتجعلها تفضل البقاء للاستثمار على المديين المتوسط والطويل خصوصاً وأن أغلبية الدراسات المتخصصة تشير إلى أن الأسهم المحلية مهيأة للتحسن المجزي في هذا المدى الزمني، الأمر الذي يجعل هذه الأسهم مغرية للمستثمرين مع احتمال تحسن أسعارها من جهة وتحسن قيمة الدرهم المسعرة فيه هذه الأسهم من جهة أخرى.
وأكدوا ان معرفة المستثمرين الأجانب بأن الدرهم يستند إلى اقتصاد الدولة الذي يحقق نمواً اقتصادياً متصاعداً مع توسع مستمر في حجم الأعمال والمشاريع يجعلهم مطمئنين إلى أن التراجع الذي شهده الدرهم ليس ناجماً عن ضعف في الأداء الاقتصادي وسببه الوحيد هو ارتباط الدرهم بالدولار الأمر الذي يجعلهم يعتبرون ان الاستثمار في الأسهم المسعرة بالدرهم يشكل فرصة استثمارية جيدة يعززها فك الارتباط المحتمل مع الدولار والتحسن في سعره صرف الدرهم نتيجة لذلك، خصوصاً وأن المضاربات على الدرهم في أسواق العملات الدولية جعلته يرتفع إلى أعلى مستوى له منذ عام 2002.
وقال حمود عبدالله مدير عام الإمارات الدولي للوساطة ان انخفاض الدرهم جعل الأسهم المحلية أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية القادمة من الدول غير المرتبطة عملاتها بالدولار وفي مقدمتها دول الاتحاد الأوروبي مع الارتفاع الكبير لليورو مقابل الدولار والدرهم، الأمر الذي جعل الأسهم المحلية رخيصة نسبياً بالمقارنة بين أسعارها بالدرهم واليورو والعملات الأخرى غير المرتبطة بالدولار. وأضاف ان المستثمرين الأجانب يدركون تماماً ان تراجع الدرهم ليس ناجماً عن ضعف في الاقتصاد الوطني وهذا يجعل الاستثمار بالأسهم المحلية أكثر جدوى ليس فقط لأن هذه الأسهم مقيمة في السوق بأقل من قيمتها الحقيقية بل ولأنها مسعرة كذلك بالدرهم المقيم أيضاً بأقل من قيمته الحقيقية والذي يتيح له النمو الاقتصادي المتصاعد في الدولة والتوسع المستمر في المشاريع تحقيق تحسن جيد في قيمته وان استغرق ذلك بعض الوقت في حال تم فك ارتباط الدرهم بالدولار.
وأشار إلى ان الأوساط المالية الدولية أصبحت الآن ترجح ان يتم فك الارتباط بناء على معطيات عديدة في مقدمتها المؤشرات المتتالية التي تصدر على هذا الصعيد والتي ترصدها المؤسسات الدولية بدقة وتستطيع التأكد من جديتها من خلال معرفتها الواسعة بالأسواق المالية والنقدية العالمية، ولذلك يرتفع سعر صرف الدرهم بفعل المضاربات التي تتحرك حالياً على أساس التوقعات باقتراب فك ارتباط الدرهم بالدولار.
وقال محمد علي ياسين العضو المنتدب في الإمارات للأسهم والسندات ان الاستثمارات التي تأتي من دول لا ترتبط عملاتها بالدولار ستجد في انخفاض الدرهم مع الدولار حافزاً يشجعها على الاستثمار في الدولة ليس فقط في قطاع الأسهم بل وكذلك في القطاعات الأخرى كالسياحة والعقار، لكن الاستثمارات الأجنبية التي تأتي إلى قطاع الأسهم تحديداً مصدرها مؤسسات مالية متخصصة مثل البنوك وشركات الاستثمار، وهذه لديها أدوات استثمارية في أسواق العملة تستخدمها بمواكبة استثماراتها في الأسهم من أجل الحد من مخاطرة انخفاض العملة، علماً بأن فك ارتباط الدرهم بالدولار في حالة حدوثه سيجعل هذه الاستثمارات تقيم فرص الاستثمار في الأسهم المحلية على أسس جديدة تأخذ في الاعتبار قيمة العملة واحتمالات تحسنها أو على الأقل الحد من تراجعها بحيث تقل المخاوف من احتمال تآكل الأرباح الناجم عن تراجع العملة خصوصاً عندما تكون الاستثمارات في الأسهم تجري للمدى الطويل.
واعتبر ان التغيرات في سعر العملة ليست كبيرة إلى الحد الذي يؤدي لتآكل قوي في قيمة الأرباح، حيث لا تزال فرص الاستثمار في الأسهم المحلية تحقق للمستثمرين الأجانب عائداً مجزياً يفوق التراجع الذي يحدث في قيمة العملة، وبالتالي يستبعد أن تتأثر قرارات المستثمرين سلباً بتغيرات أسعار الصرف، أما في حال جرى فك الارتباط بين الدرهم والدولار وتحسن سعر صرف الدرهم نتيجة لذلك فستصبح قيمة الدرهم واحتمال تحقيق مكاسب منه أحد المعايير الأساسية التي يستند إليها المستثمرون في اتخاذ قرارات البيع والشراء.
وقال هيثم عرابي مسؤول الأسواق العربية في شركة شعاع كابيتال ان انخفاض قيمة الدرهم مقابل اليورو والعملات الأخرى غير المرتبطة بالدولار جعلت الأسهم المحلية منخفضة القيمة بالنسبة للاستثمارات القادمة من تلك الدول، وهذا عزز من جاذبية الاستثمار بالأسهم المحلية، كما ان النقاش الدائر حالياً حول امكانية فك ارتباط الدرهم بالدولار يساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية في الأسهم المحلية لأنه في حالة اتخاذ قرار بفك الارتباط والتوقعات بأن تتحسن قيمة الدرهم نتيجة لذلك تكون هذه الاستثمارات قد حققت مكاسب اضافية فضلاً عن ارباحها من تغيرات أسعار الأسهم.
ورأى ان التحسن في قيمة الدرهم ستكون تدريجية وستترك انعكاسات ايجابية على أداء الشركات المساهمة من خلال دورها في الحد من معدلات التضخم وهذا يعزز بالتالي من جاذبية الأسهم المحلية للاستثمارات الأجنبية.
وقال تقرير لمجلة “ميد” ان أسواق المال أخذت بالفعل في حسبانها القرار المنتظر لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) بخفض معدلات الفائدة بنصف نقطة مئوية في شهر سبتمبر/أيلول وبدأت بالفعل تتعامل على هذا الأساس قبل اتخاذ القرار بأسابيع.
وأوضح التقرير أن البنوك المركزية في الشرق الأوسط بدأت تواجه حالة مماثلة مع تصعيد معركتها مع أسواق المال للهيمنة على السياسة النقدية.
وأضاف ان حجم الاستثمارات الذي أعقب الشائعات حول قرب فك ارتباط الدرهم الإماراتي بالدولار الأمريكي أثبت مدى حساسية الأسواق في الوقت الراهن حيث ارتفعت قيمة الدرهم إلى أعلى مستوى له على الإطلاق مقابل الدولار منذ 17 عاماً في نهاية الشهر الماضي.
وبالمثل ارتفعت قيمة الريال السعودي أمام الدولار إلى أعلى مستوى على الإطلاق منذ 21 عاماً، وانطلق الريال القطري إلى أعلى مستوياته أمام الدولار منذ 5 سنوات.
وفي الوقت نفسه تواجه بنوك المنطقة المركزية وضعاً صعباً نظراً لأن غالبية أصولها الخارجية مصدرة بالدولار، ولذا فهي تحاول الاحتفاظ بارتباطها بالدولار في الوقت الذي تزداد انعكاسات هذه السياسات سلبية يوماً بعد يوم. وقالت المجلة إن الجميع تقريباً يجمعون على أن فك الارتباط واقع لا محالة لكن البنوك المركزية الخليجية سعياً منها للحفاظ على استقرار عملاتها عمدت إلى خفض الفائدة بصورة تفوق في بعض الأحيان خفض الفائدة في الولايات المتحدة بهدف منع المضاربين من التربح من وراء قرار فك الارتباط بالدولار وربط عملاتها بسلة عملات.
بيد أن هذا الأمر على كل حال، لن يردع المضاربين إذ حاولت الكويت اتباع السياسة نفسها قبل إعادة تقييم الدينار من دون أن يحد هذا من عمليات المضاربة.