الـــــــــــــــزواج العـــــــــــــرفى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
قال الله تعالى فى كتابه الكريم
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ “
[آل عمران:102]
” يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَ لُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ” [النساء:1]
” يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً { } يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ” [الأحزاب:70-71]
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة فى النار
أحبتى فى الله :
نتحدث اليوم عن ظاهرة خطيرة تنتشر فى مجتمعنا إنتشار النار فى الهشيم فإنه لا ينبغى أن يكون العلماء بموضوعاتهم وأطروحاتهم فى جانب وأن تكون الأمة وأن يكون المجتمع بمشاكله وهمومه فى جانب أخر .. نحن اليوم على موعد مع هذه الظاهرة التى تسمى بـ (( الزواج العرفى )) وكما تعودت حتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا فسوف ينتظم حديثى مع حضراتكم فى هذا الموضوع الخطير فى العناصر التالية :
أولاً :
الزواج آية ربانية ، وسنة نبوية ، ومملكة إيمانية
ثانياً : الزواج السرى باطل .. شرعاً وعرفاً
ثالثاً : الضحايا يعترفون .. والمأساة مروعة !!
رابعاً : هذه هي الأسباب .. وهذا هو العلاج
وأخيراً : فهل من توبة ؟ !!
فأعيرونى القلوب والأسماع ، والله أسأل أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ
أولاً :
الزواج آيه ربانية ، وسنة نبوية ، ومملكة إيمانية :
أحبتى الكرام : إن الإسلام لا يحارب دوافع الفطرة ولا يستقذرها ، وإنما ينظمها ، ويرفعها عن المستوى الحيوانى و البهيمى .. وهذا هو الذى يليق بالإنسان الذى كرمه الله عز وجل
قال تعالى : ” وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ” [ الإسراء: 70].
فالزواج آية من آيات الله ، وسنة من رسول الله ، والإسلام يقيم العلاقة بين الرجل والمرأة على أساس من المشاعر الطاهرة الرقيقة التى تبنى على السكن النفسى والبدنى والمودة والرحمة
قال تعالى : ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ” [الروم:21] .
أما بيت الزوجية فمملكة إيمانية …. الزوج ملكها ، وربانها ، والمسير لأمورها و شؤونها ، بما جعل الله له من قوامة فى قوله تعالى : ” الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْو “
الزوجة هى الأخرى ملكة متوجة فى هذه المملكة الإيمانية لأنها شريكة الحياة ورفيقة الدرب وقرة العين ، أما الرعية فى هذه المملكة الطيبة بين هذين الملكين الكريمين ، فهم ثمرة الفؤاد .. ولب الكبد .. وزهرة الحياة الدنيا .. هم الأولاد قال تعالى : ” المالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا “
هذه المملكة إن ظلل سماءها منهج رب البرية .. و سيد البشرية ، وروى نبتها بماء الإخلاص والمودة والرحمة الندية ، أتت ثمارها كل صبح وعشية .. وأينعت فى أرضها زهرات الحب ، والوفاء ، والإخلاص ، الأخلاق العلية
وهذا هو السبيل الشرعى الوحيد الذى يضمن للمرأة حقوقها ، وكرامتها ويضمن للأولاد حقوقهم ، وكرامتهم ، فى المجتمع الإسلامى ، لأن الزوج فى هذا الزواج الشرعى مسئول مسئولية كاملة عن زوجته وأولاده فى الدنيا والآخرة
لقوله تعالى : ” لينفقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ” [ الطلاق : 7 ]
ولقول الله تعالى : ” يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ” [ التحريم: 6 ]
ولقول النبى كما فى الحديث الصحيح الذى رواه البخارى و مسلم من حديث ابن عمر (( كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ .. وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِىْ أَهْلهِِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) ولقول النبى كما فى صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله (( اتَّقُوا اللَّهَ فِى النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ )) ثم قال المصطفى (( وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ))
هذا هو الزواج الشرعى الذى عرفه المسلمون منذ زمن الوحى إلى أن صرنا إلى هذا الزمان الذى يموج بالفتن ، فتن الشهوات والشبهات .. إلى أن صرنا إلى هذا الزمان الذى إختلت فيه المقاييس الصحيحة للحلال والحرام !! وتجرأ فيه كثير من الناس على محارم الله جل وعلا وعلى حدود !! ورأينا ظاهرة جديدة تنتشر الآن فى المجتمع انتشار النار فى الهشيم ، تلك الظاهرة التى تسمى بالزواج العرفى وهو عنصرنا الثانى من عناصر هذا اللقاء
الزواج السرى الذى يطلقون عليه (( العرفى )) باطل شرعاً وعرفاً فأعيرونى القلوب والأسماع جيداً ، لأن هذا العنصر هو لب الموضوع وأساسه ونظراً لأهميته وخطورته فسوف أركز الحديث فيه على ثلاثة محاور
المحور الأول :
صورة الزواج العرفى القائم
المحور الثانى :
بطلانه عرفاً
المحور الثالث :
بطلانه شرعاً
أولاً :
صورة الزواج العرفى القائم :
تتلخص فى التقاء الرجال بالنساء أو الشباب بالفتيات فى العمل أو المدارس والجامعات ، فيترصد الشاب لفتاة مستهترة !! وهذه الفتاة يعرفها الشباب جيداً ، وذلك من خلال شعرها المكشوف ، وثوبها الضيق أو العارى الذى يظهر كل فتنة مخبوءة فى جسدها ، يعرفها الشباب من خلال عطرها الأخاذ وبرفانها العاصف وحركاتها المثيرة وكلماتها المؤثرة وإلا فأنا أتحدى أن يترصد شاب مستهتر لفتاة تجلببت بجلباب الحياء والعفة والمروءة والطهر والشرف ، يترصد الشاب بفتاة مستهترة – من هذا النوع الذى ذكرت – ويلهب مشاعرها وأحاسيسها بكلمات الحب ، والعشق ، والغرام التى حفظها من كتب الأدب المكشوف ، أو من المسلسلات والأفلام ، ويقسم لها الشاب بالتوراة والإنجيل والقرآن أنه يحبها حباً قد أحرق فؤاده ، وأنه لا يصير على فراقها فى لحظة من ليل أو نهار ، ومن ثَمَّ فهو يريد أن يتزوج بها ولكن – ولكن ماذا ؟!! ولكن الظروف لا تسمح الآن !! من هنا يحاول الشاب أن يقنع الفتاة أن يتزوجها سراً !! يعنى بدون علم الولى ، يعنى بدون علم والد الفتاة المسكين ، الذى يربى و ينفق ، ثم تتزوج ابنته زواجاً باطلاً من غير أن يدرى المسكين عن هذا الزواج شيئاً .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم !!!
يأتى هذا الشاب ليكمل فصول خديعته ، وخيانته الكبرى ، فيأتى بورقة ويُشهد عليها زميلين من زملائه المقربين ، ممن يعرفون علاقته المحرمة والمشبوهة ، يُشهد هذا الشاب زميليه على هذا العقد العرفى الباطل ليكون هو بدوره شاهداً لواحد منهما على عقد عرفى باطل جديد
وأقول لكم أيها الأحبة : إن أى عقد زواج يباركه الولى – يعنى والد الفتاة أو وليها – ويشهد عليه الشهود ويعلن للمجتمع الإسلامى فهو عقد شرعى صحيح وإن لم يوثق فى وثيقة زواج رسمية عند مأذون شرعى ، وأى عقد زواج لا يباركه الولى وبدون إعلان وشهود فهو باطل وإن سجل فى وثيقة زواج رسمية عند مأذون شرعى ، لأن وثيقة الزواج الرسمية ليست شرطاً فى صحة العقد إنما هى من باب المصالح المرسلة التى يضمن من خلالها حقوق النساء فى زمن خربت فيه الذمم ، وقل فيه أهل الأمانة !!
أما المحور الثانى :
و هو سؤال مهم : هل يُقر عُرف الناس ذلك ؟!
الجواب : لا ورب الكعبة ، بل العرف يبطله ، لأن العرف عند علماء الأصول : هو ما تعارف عليه الناس فى عاداتهم ومعاملاتهم ، وقد يقر الشرع عرفاً ، وقد لا يقر الشرع عرفاً ، بمعنى أن الشرع المطهر قد يحكم على عرف من أعراف الناس بالجواز ، وقد يحكم على عرف من أعراف الناس بالبطلان ، فالشرع قد يقر عرفاً وقد يبطل عرفاً آخر
أما العرف المعتبر شرعاً : هو العرف الذى لا يخالف نصاً شرعياً أو قاعدة من قواعد الشريعة ، هذا هو العرف المعتبر فى ميزان الشرع
والسؤال : أئتونى برجل مسلم عاقل على وجه الأرض – لا فى مصر بل فى بلد أوروبى – يقول بأن المسلمين منذ زمن الوحى إلى هذا الزمان قد تعارفوا فى تزويجهم لأبنائهم وبناتهم على هذه الصورة السرية الخبيثة !!
بمعنى أن تزوج البنت نفسها بدون إذن وليها وأن ينطلق الشاب أو الفتى ليتزوج بأى فتاة بدون علم الوالد أو بدون علم الأسرة .. هل تعارف الناس على هذه الزيجة الخبيثة والعلاقة المحرمة ؟!!
التى تقوم على أساس من الغش والنفاق والخداع والخيانة ؟! خيانة من شاب وفتاة ، من شاب خان أسرته وأهله ومجتمعه بعد أن خان الله ورسوله ، ومن فتاة خانت أسرتها ومجتمعها بعد أن خانت الله ورسوله وإن توهم أحد من الشباب أنه قد تزوج زواجاً شرعياً صحيحاً ، فأنا أساله – وأرجو أن يصدق فى الجواب : إن كنت تعتقد أنك تزوجت زواجاً شرعياً صحيحاً فلماذا أخفيته عن أهلك ؟! وعن أقرب الناس إليك ؟!! فالحلال لا يعرف السرية ولا يخشى الظهور
ثم .. لماذا تتلصص و تبحث عن مكان خفى لا يراك فيه أحد من الناس لتخلو بفتاة أو بزميلة في الجامعة في شقة مفروشة أو في غرفة فندق مظلمة لتزنى بدعوى الزواج ؟
ثم .. ألا تشعر بالخيانة والنفاق والخداع وأنت تأخذ المصروف من والدك كل صباح بحجة الذهاب إلى الجامعة و أنت ذاهب إلى شقة مفروشة أو غرفة مظلمة لتمارس الدعارة والزنى بدعوى الزواج ؟! ثم .. هل تقبل أنت أن يأخذ زميلك فى الجامعة أختك إلى نفس الشقة المفروشة ليزنى بها بدعوى أنها زوجته وأنت وأسرتك لا تعلمون عن هذا الزواج شيئاً ؟!!
ثم .. هل تقبل بعد ذلك أن تخرج أبنتك أنت إلى الجامعة لترجع إليك بجنين في أحشائها بدعوى أنها تزوجت بزميلها فى الجامعة ؟!! وأنت فى البيت لا تعلم عن ذلك شيئاً ؟!
أصـدق فى الجواب .. وتذكر قول الله تعالى : ” بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ” [القيامة : 14 – 15]
ولا تنس قول الله تعالى : ” وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ” [الأنبياء : 47]
وردد دوماً قول القائل :
يا هاتكاً حرم الرجال و تابعاً
من يزنى فى قوم بألف درهم
إن الزنى دين إذا استقرضته
طرق الفساد فأنت غير مكرم
فى قومه يزنى بربع الدرهم
كان الوفاء من أهل بيتك فاعلم
أأنت تباهى بالزنا فرحاً ؟ أأنت تعبث بالأعراض تيهاً ؟
فقال : بل ذاك شرعاً صار متبعاً كم تاه غيرى به قبلى و كم باها !!
فقلنا : ألست تخاف الله منتقماً ؟! فقال في كبر : لا أعرف الله !!
ويح الشباب إذا الشيطان نازعهم على العقول فأوهاها وألغاها !!
قد علمتهم أفانين الخنا و سائل غشى بصائرها زيغ وأعماها !!
ومطربة ومطرب فى المذياع لقنهم ألحان فحش وزكاها وغناها !!
ووالد غافل لا هى ومدرسة نظامها من نظام الدين أقصاها !!
لو أن لى قوة فى أمتى ويداً ألزمت حواء مثواها ومأواها !!
كان لها بيت عزاً .. كان لها بيت ملكاً .. فيه ترى السلطان و الجاه
فقوضت بيدها عرشها وغدت رعية وذئاب الأرض ترعاها !!
هذه الحضارة دين لا أدين به إنى كفرت بمعناها ومبناها !!
لا يقر عرف العقلاء ولا عرف المسلمين ذلك ، ولم يعرف المسلمين هذه العلاقة المحرمة الخبيثة من زمن الوحى إلى أن صرنا فى زمن الفتن
الشهوات والشبهات ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم
والسؤال الثالث :
هل يقر شرع الله ذلك ؟
والجواب :
لا ورب الكعبة ، بل شرع الله يبطل هذا الزواج الخبيث وهذه العلاقة المشئومة ، فعقد الزواج فى الإسلام ميثاق له قدسية كبيرة عند الله تعالى وعند رسول الله
فعلى الزوجين أن يستمتع كل منهما بالآخر – على الوجه الذى شرعه الله – إلا بالقبول ، والإيجاب ، والإعلان ، والولى ، والمهر ، والشهود
أما القبول و الإيجاب :
فهما ركنان لا يصح العقد إلا بهما ، وهى صيغة العقد المعروفة ، ومذهب جمهور العلماء أن العقد يصح بأى لفظ يدل على ذلك
أما الشروط :
فأول شرط من شروط صحة العقد : الولى إذ لا يصح أى عقد فى أى أرض ، وتحت أى سماء ، ولأى ظرف من الظروف ، إلا بهذا الشرط وهو شرط الولى
والولى هو والد الفتاة أو من يزوجها إذا توفى أبوها أو إن غاب وليها من أهلها
قال تعالى : ” وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ” [ البقرة : 232 ]
قال الشافعى – رحمة الله – وهذه الآية هى أبين ما فى القرآن كله على أنه لا نكاح إلا بولى ، وستعجبون إذا علمتم سبب نزول الآية ، فلقد نزلت فى حق معقل بن يسار فلقد زوج معقل أخته لرجل من المسلمين وأحسن إليه معقل وأكرمه ، وبعد فترة طلق هذا الرجل أخت معقل ، فلما انقضت عدتها جاء الرجل مرة أخرى ليرد المرأة ، فقال له معقل بن يسار : زوجتك وأفرشتك ، أكرمتك ، فطلقتها ثم جئت تخطبها ، والله لا تعود إليك أبداً ، وكان رجلاً لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه ، فنزل قول الله تعالى على النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم ” وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ ”
أى : فلا تمنعوهن ، فالعضل فى اللغة هو : المنع والتضييق والتعسير ، فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ، فلما سمع معقل بن يسار الآية
قال : الآن أفعل يا رسول الله ، وفى لفظ سمعاً وطاعة الآن أفعل يا رسول الله .. فأعادها إليه بمهر جديد فأنكحها إياه .
إستدل جمهور المفسرين بهذه الأية على أنه لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها أو أن تزوج غيرها ولو كانت ثيباً – لأن أخت معقل بن يسار لم تكن بكراً وإنما كانت ثيباً ، ومع ذلك قال الله لوليها ، فَلا تَعْضُلُوهُنَّ – إذا لو لم يكن لعضل الولى معنى ما أمر الله ولى المرأة أن يردها إلى الرجل مرة أخرى
قال تعالى : ” وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ” [ النور : 32 ]
وإنكحوا خطاب من الله لأولياء المرأة واستدل جمهور المفسرين والإمام البخارى بهذه الآية على أنه لا نكاح ألا بولى ، لأن الخطاب من الرب العلى لأولياء المرأة
وقال تعالى : ” فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ “
وكيف تتزوج البنت بدون إذن الولى ؟! بدون إذن الوالد وبدون علم الأسرة ؟! هذا تشريع الله الحكيم الذى يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير
وقال تعالى : “وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ” وهذه الآية أيضاً خطاب من الله لأولياء المرأة فلا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها أو غيرها ، وهذا قول جمهور المفسرين الذين فسروا هذه الآيات الكريمات
وتأتى السنة – على صاحبها أفضل الصلاة والسلام – لتأكد تأكيداً لا لبس فيه ، ولا غموض .. بل ولا تأويل ، لتأكد أنه لا زواج إلا بولى قال المصطفى فى الحديث الذى رواه أحمد ، و أبو داود ، والترمذى ، والنسائى ، وابن ماجه ، والبيهقى ، والدارقطنى ، والبغوى ، والطبرانى ، والحاكم من حديث أبو موسى الأشعرى
أن الحبيب النبى قال : (( لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ)) وفى رواية (( لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ )) فى الحديث الصحيح الصريح الذى رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذى ، والبيهقى ، والبغوى ، وابن حبان ، والدارقطنى ، والطبرانى والحاكم من حديث السيدة عائشة أن النبى قال : (( أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ))
ماذا تريدون بعد ذلك يا من توحدون الله ؟ و يا من تثقون و تقصدون رسول الله ؟ ، ورسول الله هو المشرع فى هذه الأمة
وفى الحديث الصحيح الذى رواه ابن ماجه ، والبيهقى ، والطبرانى من حديث أبى هريرة أنه قال : (( لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا ))
قال أبو هريرة : الزانية هى التى تزوج نفسها ، وقال ابن عباس : البغى هى التى تزوج نفسها
وقد يحتج علينا – من باب الأمانة العلمية فى طرح الموضوع – بحديث للنبى
قال وبقول لأبى حنيفة ، أما الحديث فصحيح رواه مسلم ، وأبو داود ، والترمذى من حديث أبى هريرة أن النبى : (( الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ يَسْتَأْذَنُهَا أَبُوهَا فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا ))
والحديث لا يعكر على كلامنا ، فالمراد بالحديث – كما قال جمهور أهل العلم -: أنه لا يجوز لولي المرأة الثيب أن يزوجها رغماً عنها ، بل لا يجوز له أن يزوجها ألا بأمرها و رضاها ، فإن زوَّجها رغماً عنها فلها أن تفسخ النكاح عند ولي الأمر أو من ينوب عنه ، واستدل العلماء على ذلك بالحديث الصحيح الذي رواه البخاري ، وأحمد من حديث خنساء بنت خدام أن أباها زوجها وكانت ثيباً ، فكرهت المرأة ذلك وذهبت للنبي فاشتكت له فرد النبى نكاح والدها .
أما قول أبى حنيفة – رحمه الله – فإنه يقول : (( يجوز للمرأة أن تزوج نفسها بدون إذن وليها وأخذ الإمام من ذلك هذا الحكم من باب القياس على جواز بيع المرأة سلعتها بنفسها ، فقاس الإمام على ذلك أنه يجوز للمرأة أن تزوج نفسها ))
وهذا قياس فاسد الاعتبار بإجماع علماء الأصول لأنه قياس مع نص من القرآن و كلام النبى ، والقاعدة الأصولية باتفاق وإجماع العلماء تقول : (( لا قياس مع النص ))
وأنا أقول إجلالاً منى لأبى حنيفة – رحمة الله عليه : أن الدليل الصريح الذى ذكرته الآن لو بلغ أبا حنيفة لقال به أبو حنيفة وأنا أكاد أجزم بذلك وأبو حنيفة – رحمة الله – هو القائل : إذا صح الحديث عن النبى فهو مذهبى وأبو حنيفة هو القائل : لا يحل لأحد أن يقول بقولنا حتى يعلم من أين قلنا
والله جـل وعلا هـو القائل : ” فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وقال تعالى : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينا ” [الأحزاب : 36]
وقال الله تعالى : ” فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ” [النساء : 65 ]
بل وستعجبون إذا علمتم أن الأحناف أنفسهم قد خالفوا أبا حنيفة فى هذه المسألة ، فأنتم تعلمون – كما ذكر الإمام الطحاوى فى شرح معانى الآثار – أن أبا يوسف ومحمد بن الحسن – وهما أتبع الناس لأبى حنيفة وأعرف الناس بمذهب أبى حنيفة ، بل وهما اللذان أصلا وقعدا قواعد المذهب الحنفى – قد خالفا أبا حنيفة فى هذه المسألة بل فى كثير من المسائل
وقالا : لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها أو أن تزوج غيرها ولا يصح الزواج إلا بولى
فهل ينبغى للمسلم بعد ذلك أن يقدم قول الإمام أبى حنيفة على قول المصطفى محمد ؟! هذا هو الشرط الأول من شروط العقد
الشرط الثانى : الإعلان :
الإسلام أوجب إعلان الزواج و إشهاره ، فالإسلام لا يعرف السرية فى الزواج ، بل ولا يعرف بزواج السر
قال ابن تميمة : نكاح السر هو نكاح البغايا ، وهو نكاح ذوات الأخدان
الحلال لا يخشى الظهور ، الحلال لا يعرف السراديب والسرية ، بل يعلن عن نفسه بغاية الوضوح .. وبغاية العزة والكرامة
تزوج فى الحلال الطيب واحدة ، وإثنتين ، وثلاثة ، وأربعة بشرط العدل وإرفع رأسك ولا تستحى من المجتمع الذى ينظر إلى شريعة الله جل وعلا على أنها جرم يجب على أصحابه أن يضعوا رؤوسهم فى الوحل والطين والتراب !! ارفع رأسك ما دمت تؤدى ما أمر الله به ، وما شرعه لك رسول الله
دعوكم من هذه الهزيمة النفسية التى أصابت الأمة وجعلت المسلم ينظر إلى شرع الله المحكم فى القرآن و السنة على أنه رجعية ، وتخلف و تأخر فى الوقت الذى ينظر فيه المجتمع إلى هذه العلاقات الخبيثة المحرمة على أن أهلها ممن تحرروا من قيود المجتمع و من ضغط الواقع و من ضغط الدين ! و لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم ” أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ” [الملك : 14] .
الإسلام لا يعرف السرية فى الزواج ، بل يوجب عليك الإسلام أن تعلن زواجك فى الحلال الطيب ، وأن ترفع رأسك بذلك فى المجتمع
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه أحمد والحاكم والطبرانى وغيرهم من حديث عبد الله بن الزبير بسند حسن قال : (( أعلنوا النكاح )) وفى رواية للطبرانى بسند حسن بالشواهد من حديث يزيد بن السائب أن النبى سأل : هل يرخص لنا باللهو عند العرس ؟ قال : (( نعم )) إنه نكاح لا سفاح ، ثم قال المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( أشيدوا النكاح )) أى : أعلنوه و اظهروه
أما الشرط الثالث من شروط العقد فهو : المهر
قال تعالى : ” وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ” [ النساء : 4 ]
فالمهر واجب على الرجل وهو حق كامل للمرأة ، ولقد أمر الإسلام بتخفيف المهر وتيسيره كما فى الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدى قال : جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت : يا رسول الله جئت أهب لك نفسى ، فصعَّد النظر فيها وصوَّبه ثم طأطأ رسول الله رأسه ، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً فجلست
وهنا أريد أن أوضح أمراً أنه لا يجوز للمرأة أن تهب نفسها لإحد من الرجال فهذا الأمر خاص بالنبىصلى الله عليه وسلم قال تعالى : ” خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ” هذا أمر كان لابد من التنبيه عليه
ونعود إلى حديث سهل قال : فقام رجل من أصحابه ، فقال يا رسول الله ! إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها ، فقال : (( عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَهَلْ ))
فقال : لا والله ! يا رسول الله ، فقال (( اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ ، فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئاً ؟ )) فذهب ثم رجع ، فقال : لا والله ! ما وجدت شيئاً ، فقال رسول الله : (( انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ )) فذهب ثم رجع
قال : لا والله ! يا رسول الله ولا خاتماً من حديد ، ولكن هذا إزارى ( قال سهل : ما له من رداء ) فلها نصفه
فقال رسول الله : (( مَا تَصْنَع بِإزَارِكَ ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ ))
فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام فرآه رسول الله مُولياً ، فأمر به فدعى
فلما جاء قال : (( مَاذَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ؟ ))
قال : معى سورة كذا وسورة كذا ( عدَّدها ) فقال : (( تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْر قَلْبِكَ ))
قال : نعم
قال : (( اذْهَبْ فَقَدْ مُلِّكْتَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ))
فالإسلام أوجب المهر ، لكنه أمر بتخفيفه ، و قد أجمع العلماء على أنه لا حد لكثيره
الشرط الرابع من شروط صحة العقد : الشهود .
قال النبى صلى الله عليه وسلى كما فى الحديث الصحيح الذى رواه البيهقى ، والطبرانى ، والدارقطنى من حديث عائشة : (( لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ ))
وفى حديث عمران بن الحصين الذى صححه الألبانى فى إرواء الغليل بشواهده أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (( لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَى عَدْلٍ ))
ولقد أتفق علماء الأصول على شروط العدالة
وهى : الإسلام ، والبلوغ ، والعقل ، وعدم الفسق
هذه شروط مجمع عليها بين علماء الأصول فى الشاهد العادل ، ووالله و أنا على منبر النبى لقد أرسلت إليىّ فتاة جامعية رسالة كتبتها بدموع الندم – يوم لا ينفع الندم – تخبرنى فيها بأنها قد تزوجت زواجاً عرفياً باطلاً بزميل لها فى الجامعة ، وفى يوم من الأيام شعرت بالحمل يتحرك فى أحشائها ، فأسرعت إليه لتتوسل بين يديه أن يأتى إلى أهلها ليتزوجها زواجاً شرعياً صحيحاً
تقسم لى بالله أن الشاب أخرج ورقة الزواج العرفى الباطل ومزقها أمام عينيها وبين يديها
وقال لها : من يدرينى أنه ولدى ؟!
يتنكر الشاب للفتاة ويمزق الورقة بين يديها لينطلق يبحث عن فريسة غبية أخرى ، هذا هو الواقع تقول لى الفتاة : أن شاباً من الشابين الذين شهدا على ورقة العقد العرفى الباطل لما علم بلك ذهب إليها وطلب أن يزنى بها !! فلما رفضت هددها أن يفضح أمرها فى الجامعة وبين أسرتها ، فهى تسألنى و تقول هل تمكنه من أن يزنى بها حتى لا تفضح نفسها فى الجامعة أو بين أهلها ؟!
هذا شاهد من أولئك الشهود الذين يشهدون الآن على وثيقة عقد الزواج العرفى الباطل المشئوم المزعوم
هل يقول مسلم بعد ذلك أيها الأحبة بأن هذا الزواج السرى الباطل يمت إلى لفظ الزواج أو إلى لفظ العرف بصلة من قريب أو من بعيد ؟! لا .. و رب الكعبة العبرة بالمسميات والحقائق لا بالأسماء ، فلو سميت الخمر بالشمبانيا ، و الوسكى والبارندى ، والمشروبات الروحية ، فالمسمى واحد وهو الخمر الحرام ، ولو سمى الربا بالفائدة والعائد أو غير ذلك فهذا لن يخرج الربا عن كونه ربا حرمه الله ، وأنا أقسم بالله أن أى مسلم على وجه الأرض لا يرضى ولا يقبل هذه العلاقة ولا يقبل هذا الزواج العرفى الباطل لأمه، أو لأخته ، أو لعمته ، أو لخالته ، أو لأبنته ، أو حتى لأبنه لأنه خروج عن الدين والأخلاق والفطرة السليمة السوية النقية ، والواقع الآن يؤكد أن المأساة مروعة ، وهذا هو عنصرنا الثالث بإيجاز .
ثالثاً : الضحايا يعترفون .. والمأساة مروعة !!
فأكتفى بثلاث حالات فقط و إلا و الله عندى الكثير
الأولى لفتاة تقول :
شكلت أنا و زميلي ثنائي عاطفى كان محل أنظار الجميع – وكأن الجامعة فى بلدنا الآن تحولت إلى واحات فيحاء للحب والعشق و الغرام
تقول :
قررنا الزواج عرفياً حتى نضع الأسرتين أمام الأمر الواقع !!
ولو صدقت الفتاة الجريئة هذه لقالت وقررنا أن نضع رؤوس الأسرتين فى الوحل والطين والتراب
وإلا فإن الفتاة تتوهم وتعتقد أنها متزوجة فى الحلال الطيب ، فأنا أسألها أيضاً
وأرجو أن تصدق فى الجواب لماذا أخفت هذا الزواج عن والدها وأمها ؟! هذه الأم المسكينة
التى لازالت تتضرع إلى الله أن يرزقها بالزوج الصالح ، وفهى لا تدرى أن أبنتها متزوجة
أمر عجيب ، ثم هل يعقل أن فتاة طاهرة ، شريفة ، تربت فى بيت طهر وشرف وعفة
دون أن يعلم هذا البيت الشرف الطاهر عن زيجتها شيئاً ؟!
تقول :
قررنا الزواج عرفياً حتى نضع الأسرتين أمام الأمر الواقع ، فلما علمنا بخبر نجاحنا
اتصلت أنا وهو على الأسرتين لنبلغ الأسرتين معاً بخبر النجاح ثم بخبر الزواج
تقول :
و أعطيت الهاتف – أى سماعة التليفون – لهذا الشاب الذي تزوجها بالعقد العرفى ليخبر أمها بخبر زواجهما ، والأم لا تعلم ولا يعلم الوالد عن ذلك شيئاً
تقول الفتاة :
فلما أخبرها الخبر صرخت الأم صرخة أنا سمعتها و أنا أقف بجواره فى سماعة التليفون
ووقعت الأم المسكينة على الأرض ، ثم أسرع الوالد إلى امرأته التى سقطت ما الخبر ؟ هل ماتت أبنته ؟
فقالت :
ليتها ماتت ، لقد تزوجت ابنتك ، فلما علم الوالد المسكين ذلك سقط هو الآخر على الأرض ونقل إلى المستشفى ، وفى غرفة العناية المركزة خرج الطبيب ليخبرهم بأن الوالد أصيب بجلطة فى المخ أدت إلى شلل نصفى
حالة ثانية :
نُشرت تحت عنوان ( الطيار قاتل زوجته المضيفة يعترف ) تزوج طيار بزميلة له مضيفة فى الطيران
وهو متزوج وخاف أن يعلن عن زواجه ، تزوج بها في السر بعقد عرفى باطل دون علم والدها وأهلها ، فلما حملت هذه البنت أرادت أن تعلن زواجها وأن تفرح به فى المجتمع ، فأنكر ورفض هذا الطيار ذلك
فلما أصرت قتلها بالسكين فى شقتها ثم أحرق جثتها حتى تضيع علامات و أدلة الجريمة
حالة ثالثة مروعة :
والد تزوج ورزقه الله بالأولاد ، وأراد أن يتزوج مرة ثانية ، ولكنه خاف من إمرأته
وخاف من المجتمع الذى أصبح ينظر إلى تعدد الزوجات على أنه فضيحة و جريمة
فتزوج فى السر ، وتمضى السنوات والأيام
ويقدر الله أن يدخل ولده من امرأته الأولى الجامعة وأن تدخل إبنته من إمرأته الثانية الجامعة
ويقدر الله أن يحب كل منهما الآخر ويقررا الزواج العرفى
والعجيب أنهما وهما يوقعان العقد وجدا تطابقاً كاملاً فى الأسمين
فقال الفتى للفتاة :
أنظرى إلى هذا الذوبان وهذا الحب حتى وصل التطابق فى الأسمين إلى هذا حد التكامل
ولما أحست البنت بالحمل فى أحشائها أسرعت إليه بالتوسل أن يأتى إلى بيتها ليطلبها رسمياً
وليتزوجها زواجاً شرعياً صحيحاً وحددت له موعداً ليكون الوالد فى البيت وذهب إلى هنالك
وكانت المفاجأة من يفتح له الباب ؟
إنه أبوه .. ما الذى جاء به الى هنا ؟ هل رتبت الفتاة مع الفتى ذلك ؟
لا ، ولكن لما عرف الفتى الحقيقة ألقى بنفسه من الطابق العلوى منتحراً
وسقط الوالد على الأرض وقد أصيب بأزمة قلبية ، فلما علمت الفتاة أصيبت بحالة فقدت فيها الوعى والنطق
ثمرة مُرَّةٌ للإعراض عن شرع الله :
” فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ” [ طه : 123– 127]
وأخيراً :
ما هى الأسباب لهذه الظاهرة وما هو العلاج ؟!!.
وهذا هو عنصرنا الرابع .. هذه هى الأسباب .. و هذا هو العلاج :
السبب الثانى : غياب الأسرة
غابت الأسرة .. و إنعدمت الرقابة !! بدعوى مشؤمة مزعومة ألا وهى دعوى الحرية
التى يقلد فيها كثير من المسلمين الغرب الكفار التى تصطدم عقيدته بعقيدتنا اصطداماً مباشراً
و تصطدم أخلاقياتنا
و أخلاق المجتمع الإسلامى اصطداماً مباشراً ، يقلد الكثير من الآباء الغرب
فيقول :
أنا رجل ديمقراطى أود أن أؤصل
وأسس الديمقراطية فى بيتى !! أنا رجل أحب الحرية فلتخرج الفتاة فى أى وقت تشاء
وبأى لبس ، وبأى مظهر ، وتتكلم فى التليفون فى أى وقت وفى أى ساعة !! أنا لا أشك فى أخلاقها
أنا أثق فيها ثقة عمياء !! هذا كلام باطل ليس فى دين الله عز وجل – هذا إن كنت غربياً لا تعرف قرآن ولا سنة
ولا يحل لأبنتك أن تتكلم مع أى أحد فى أى وقت ، ولايجوز إلى أبنتك أن تخرج إلى الجامعة (( بالاسترتش ))
أو بالثوب العارى أو الضيق ، لا يجوز لها أن تتكلم بالساعات الطويلة مع زميل لها فى الجامعة
أين الإيمان و أين الإسلام ؟ بل وأين الرجال يا مسلمون ؟!
ألم يفكر الوالد وألم يسأل نفسه فى ساعة من الساعات مع من تتكلم
البنت فى هذه الساعة المتأخرة من الليل ؟!! مع من تهمس ؟!!
ألم يسأل الوالد نفسه كيف خرجت البنت إلى الجامعة بهذا الثوب ؟! بالاسترتش أو الثوب الضيق العارى ، بالرائحة الأخاذة التى تعصف بالأنوف ؟!! ألم يسأل الوالد نفسه ؟ ألم تسأل الأم كيف خرجت البنت بهذا الزى ؟ ألم تفكر فى السؤال عن صواحبها مع من تخرج ؟ مع من تتكلم ؟ أين الرقابة ؟! أين الوالد ؟! أين الأم ؟! والله عز وجل يقول : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً
فالعلاج يكمن فى إيجاز فى العودة إلى شرع الله ، فيىالعودة إلى قرآن الله وإلى سنة رسول الله
يا مسلمون نحن لا نتلقى تشريعنا عن الشرق الملحد ولا عن الغرب الكافر ، بل عن الله جل وعلا وعن رسول الله
والسؤال الذى يفرض نفسه الآن :
فحدد الآن جواباً على هذا السؤال ….. لمن تسمع ؟ لمن تذعن ؟ ومن تطيع ؟ هل تسمع لله ورسوله أم لشرق ملحد وغرب كافر ؟ أم لأولئك الذين يعزفون على وتر الغرب ؟! وعلى وتر التمجيد والتقديس للغرب ؟!!
ووالله ما أصيبت الأمة بالذل ، والذلة ، والهوان إلا يوم أن تركت كتاب ربها وسنة نبيها وراحت لتذوب فى بوتقة الغرب .. تلك البوتقة التى تصطدم اصطداماً مباشراً مع عقيدتنا وأخلاقنا وديننا
أيها المسلمون :
إن العلاج يكمن فى العودة إلى الشرع المطهر إلى القرآن وإلى السنة الصحيحة وتَذَكَّر أيها الوالد
وتذكرى أيتها الأم كلام النبى كما فى الصحيحين ، من حديث ابن عمر : (( كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِىْ أَهْلهِِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالَمرْأَةُ رَاعيَةٌ وَمَسْئُولٌةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ))
ورب الكعبه ستسأل عن أبنتك هذه بين يدى الله ، وستسألين أيتها الأم عن أبنتك بين يدى الله ، وأذكر بحديث للنبي في الصحيحين من حديث معقل بن يسار أنه قال : (( مًا مِنْ عَبْد أسْتَرْعَاهُ اللُه رَعِيَّةً ، يَمُوتُ يَوْمَ وَهُوَ غَاشٌ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللُّه عَلَيْهِ الَجَّنةَ ))
السبب الثالث من أسباب هذه الظاهرة و هو أخطر الأسباب :
المغالاة فى المهر و تكاليف الزواج و نفقاته …أمام تعنت كثير من الآباء والأمهات فى نفقات الزواج تأخر كثير من شبابنا عن الزواج ، وتأخر كثير من بناتنا عن الزواج
ولولا حياء فى صدورهن لصرخن فى وجوه الأباء و الأمهات :
أن إرحموا ضعفنا ، خلوا بيننا وبين شاب مسلم ولو كان فقيراً ، ليساعد كل واحد منا الآخر على طاعة الله عز وجل والعلاج يكمن أيها الأباء و الأمهات في العودة إلي الإسلام العظيم قال النبى صل الله عليه وسلم : (( يَسِّروَا وَلَا تُعَسِّروَا وَبَشِّرَوا وَلَا تُنَفِّرَوا ))(
والحديثين الصحيحين وفى سنن الترمذى بسند حسن من حديث أبى هريرة أنه قال : (( إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وًدِينَهُ فَزَوّجُوهُ ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَة فى الأَرضِ وَفَسَادٌ ))
السبب الرابع : التبرج و الاختلاط و الخلوة :
فالجسم العاري والنظرة المؤثرة .. والعطر الأخاذ .. والحركات المثيرة كل هذا يثير الشهوات الكامنة ويحرك الغرائز الهاجعة فى صدور الشباب مع إختلاط وخلوة ، تكون الكارثة أعظم
ولقد إستوقفنى كلمات لكاتبة إنجليزية تسمى ( الليدى كوك ) تقوم على قدر كثرة الإختلاط تكثر أولاد الزنا
ولاشك أن جعبة الباحثين لظاهرة الاختلاط والخلوة حافلة بالأحداث المزرية
التى تسطع فى وجه كل من يجادل فى الحق بعدما تبين ، محال يا أصحاب العقول الراشدة
أن نسكب البنْزين على نار مشتعلة أصلاً
ونقول :
يا نار إياك إياك والاشتعال !! وأن نكتف شاب بالقيود والحبال ، وأن نلقيه فى البحر
ثم نقول :
إياك والغرق وإياك إن تبتل بالماء !!
ألقاه فى اليم مكتوفاً وقال
إياك إياك أن تبتل بالماء
إن الجذب بين الرجل و المرأة أمر مركوز فى الفِطَرِ ، لأن الله قد أناط بهذا الجذب
إمتداد النسل البشرى على ظهر الأرض ، فحيثما وجد الرجل والمرأة
فإن الجذب بينهما أمر فطرى .. جبلى .. لا يستيطع مخلوق أن ينفك عنه مهما ادعى لنفسه من مقومات الأنفكاك
والعلاج لهذا السبب يكمن فى العودة إلى شرع الله إلى قول الله تعالى : ” فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ” [ النساء: 65] فما حرم الإسلام الخلوة ، والاختلاط ، والتبرج إلا لأنه يهدف إلى إقامة مجتمع إسلامى طاهر نظيف لا تثار فيه الشهوات ، ولا تثتثار فيه الغرائز الهاجعة .
السبب الخامس من أسباب هذه الظاهرة هو الإعلام :
وما أدراك ما الإعلام ؟! فإن الإعلام الآن يشيع الفاحشة فى الذين آمنوا .. بالأدب المكشوف والأفلام والمسلسلات الهابطة .. والمسرحيات الساقطة .. والعزف والتمجيد للفنانين والفنانات ، والمطربين والمطربات ، الأحياء منهم والأموات !! والتشويه المستمر لصور الدعاة والعلماء ولا حول ولا قوة إلا بالله !!
والعلاج يكمن فى أن يتقى الله القائمون بالإعلام الذين لا يرقبون فى المؤمنين إلاً ولا ذمة ، وأن يعودوا إلى الأصل الذي من أجله أنشئ هذا الإعلام لنشر الفضيلة ، والقضاء على الشر والرذيلة
فإن النظر إلى الخريطة الإعلامية المقدمة إلي أبنائنا ، وبناتنا ، وأطفالنا فى البيوت ، سينقلب إليه بصره خاسئاً وهو حسير لأن هذه الخريطة تعزف على وتر الحس ، الجنس ، والدعارة ، والعنف ، والجريمة ، والكلمات الساقطة والهابطة ، فماذا تنتظرون بعد ذلك؟!
السبب السادس : غياب المؤسسات التربوية الدينية :
والضعف الشديد فى الطرح الدعوى الذى لا يتفق مع مشاكل الشباب بصفة خاصة ، ولا مع مشاكل الأمة والمجتمع بصفة عامة ، والعلاج يكمن فى أن ترجع الآن وزارة الأوقاف والأزهر وكل القائمين على أمر الدعوة فى مصر إلى الدعوة إلى الله بجد وصدق وإخلاص
ولا ينبغى على الإطلاق – فى ظل هذا الظرف الحرج – أن يحال وأن يفرق بين الدعاة الرسمين من الأوقاف والأزهر وبين الدعاة غير الرسمين من غيرهما ، ممن آتاهم الله العلم ، وجعل لهم قبولاً بين المسلمين هنا وهنالك
فإن الخطر يهدد الجميع وكلنا يركب سفينة واحدة إن نجت نجونا وإن غرقت غرقنا كما قال النبى
وأختم بهذا السبب الخطير ألا وهو :
المدارس والجامعات ومناهج التعليم :
فإن مناهج التعليم فى بلادنا تحسن إن تعلم أبنائنا العلوم والمعارف
ولكنها لا تحسن أن تعلم عيونهم الدموع ولا قلوبهم الخشوع !!
كيف ذلك فى هذا الاختلاط المروع المدمر ؟ كيف يتربى الولد على الإيمان فى هذه البيئة
التى تثير الشهوات وتحرك فيه الغرائز ؟ والعلاج أقدمه فى نقاط محددة
أسأل الله أن يفتح لها القلوب والآذان عند أساتذتنا الأفاضل الكرام من القائمين على أمر التربية والتعليم فى بلادنا :
أولاً :
جعل مادة الدين مادة أساسية :
فتصبح من مواد الرسوب والنجاح ، ليهتم بها أبنائنا وبناتنا ، بشرط أن يضع المادة العلمية الدينية
والإسلامية نخبة من العلماء الأفاضل والدعاة الأجلاء ، ليضعوا المادة الهادفة الهادئة
التى تربى أبنائنا وبناتنا على الإيمان بالله وعلى حب رسول الله
وليختار هؤلاء الأفاضل المادة أو المعلومة الدينية التى تتناسب مع كل مرحلة تعليمية من مراحل التعليم
ثانياً :
إلغاء الاختلاط إلغاءً تاماً بين الطلاب والطالبات :
وإن قال المسئولون بأننا لا نقدر على هذا أقول …. حتى ولو كان هذا فى الفصول الدراسية
على الأقل ، وهذا أضعف الإيمان
ثالثاً :
إلغاء الرحلات المختلطة بين الطلاب والطالبات فى أى مرحلة من مراحل التعليم
فإن هذه الرحلات المختلطة كانت السببب الرئيسى الخطير لهذه الظاهرة
وما تسمعونه عن جماعة (( حورس )) ليس منكم ببعيد
رابعاً :
إلغاء الفترة المسائية الدراسية للطالبات فى الكليات العملية والنظرية حتى لاتتأخر الطالبة
عن وقت معين عن بيتها وأسرتها
خامساً :
مؤاخذة أى فتاة متبرجة مؤاخذة شديدة ومنعها منعاً باتاً إن دخلت الجامعة بثياب لا تليق مع قيم ورسالة الجامعة
سادساً :
القضاء على هذه الثنائيات المشبوهة التي تنتشر هنا وهناك فى زوايا الجامعة ، فإنها دار علم وليست دار حب وغرام !!
سابعاً :
فتح باب الكليات والجامعات للعلماء العاملين والدعاة الصادقين لإلقاء المحاضرات العلمية الهادئة
الهادفة على أن يتولى هذا الأمر بصورة رسمية رئيس الجامعة
أو عميد كل كلية على حده ، بشرط أن يشرف هذه الجلسات أخواننا المدرسيين والمدرسات مع الطلاب والطالبات
ثامناً :
مراعاة أوقات الصلاة في وضع المنهج الدراسي حتى لا يحرم الطلبة والطالبات من أداء صلاة الظهر في وقت الدراسة مع المدرسين والمدرسات .
هذه هى بعض البنود العملية التى أسال الله أن يفتح لها القلوب والآذان ووالله إنه لأمر يسير على من يسير الله عليه
أحبتى فى الله :
إن المشكلة تهدد الجميع ، ولا ينبغى أن نقول بأن الصالحين بمنأى عن هذه الظاهرة .. كلا .. إن النبى صلى الله عليه وسلم أخبرنا أننا نركب جميعاً سفينة واحدة إن نجت السفينة أى (( سفينة المجتمع )) نجا الصالحون مع الطالحين
وإن هلكت السفينة هلك الصالحون مع الطالحين
و أخيراً – حتى لا أشق عليكم -أنادى على هولاء الشباب والفتيات من أبنائنا وبناتنا ممن وقعوا فى هذا المستنقع جهلاً بالدين أو جرأة على الدين
أنادى على الجميع وأقول : هل من توبة ؟
عد إلى الله .. ارجع إلى الله .. ارجع إلي الله أيها الفتى و أيتها الفتاة
فأن وقع الشاب فى ذلك فليذهب إلى أهل الفتاة وليعقد عليها عقداً شرعياً صحيحاً
هذا هو ما قاله الشافعى وغيره
إذهب وجدد التوبة وإندم على ما مضى .. وعد إلى الله .. وإعلم أن الله تواب رحيم .. يفرح بتوبتك .. وهو الغنى عنك .. مهما كثرت ذنوبك ومعاصيك فاعلم أن عفو الله أعظم لقوله تعالى : ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم ” [ الزمر : 53 ]
وإعلم أيها الشاب وأيتها الفتاة :
أن النبي يقول : (( يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ ))
وأختم بهذا الحديث الذى رواه الإمام البخارى من حديث عمر بن الخطاب أن النبى رأى أمرأة فى السبى تبحث عن ولدها فلما وجدته ألصقته ببطنها فأرضعته فال النبى لأصحابه (( أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ )) قالوا : لا يا رسول الله ، قال : ((لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا )) فعد إلى الله أيها الفتى وأيتها الفتاة
لقوله تعالى
تصفّح المقالات
2 thoughts on “الزواج العرفي حلال أم حرام؟”
Comments are closed.
مشكوةوووووووووووووووووووور