——————————————————————————–

كتاب عن وارن بافيت عملاق الاستثمار في العالم
كيف تجمع 100 مليار دولار بأسلوب بسيط في متناول الجميع؟
صدر عن منشورات جون وايلي وأبنائه كتاب عن ثروة وارن بافيت بقلم روبرت ب. مايلز.. وجاء فيه:

إن وارن بافيت Warren Buffet هو مستثمر وفرد مميز على حد سواء. وقد أصبح مليارديرا من خلال الاستثمار في البورصة شأنه شأن القلائل في التاريخ. ويعتبر نجاحه الباهر ملفتا لا سيما أنه لا يملك أي براءة اختراع، ولم يأتِ بجديد في التقنية ولا في مفهوم تجاري، ولم ينطلق عبر شركته الخاصة. فالوسائل التي استخدمها متوافرة للجميع في العالم الرأسمالي وهي: نظام صلب والتزام بمبادئ «الاستثمار القيمي».

يسلط هذا الكتاب الضوء على المبادئ والطرق العملية التي جعلت وارن بافيت واحدا من أهم المستثمرين في أيامنا هذه. من خلال الملاحظات الدقيقة والبحث المعمق، يدقق الكاتب في فلسفة بافيت ويظهر كيف أنه يمكن للقارئ تطبيقها في مشاريعه الاستثمارية. إن استخدام المبادئ التالية لبناء الثروة يمكن أن يساعد القارئ على تحقيق نتائج بارزة:

إن المرء غني وفقا لما يملك، وثري وفقا لما هو عليه. لا يكمن ثراء وارن بافيت الحقيقي في كمية ما يملك وما يساوي بل في شخصيته القيمة، واختيار مرشديه، ومبادئه الاستثمارية، واستراتيجياته الإدارية، ونظامه المميز، وعبقريته.

دراسة الأفضل سبيل الى التميز: يدرس بافيت الأفضل في كل القطاعات وفي كل البلدان. وهو يملك اليوم شركة تابعة تؤمن له تلقائيا الأفضل على الإطلاق في عالم الترفيه، والرياضة، والتعهدات الناجحة، والثراء، والسلطة، وقيادة الشركات.

المستثمرون الناجحون هم الذين يعملون بمبادئ «الاستثمار القيمي»: إن الاستثمار القيمي هو فن وعلم يقضي بشراء موجودات قيمتها الحقيقية دولار واحد بخمسين سنتا. يتطلب هذا مراجعة واحتسابا دقيقين للقيمة الدفترية للشركة و قيمتها الذاتية وعلاقتهما بالقيمة السوقية.

الاستثمار في «ماين ستريت» Main Street وليس في «وول ستريت»Wall Street. حقق بافيت البلايين من خلال استثماره في الشركات التقليدية العادية في «ماين ستريت» ، وليس في منشآت «وول ستريت» الجذابة مع أحدث الاختراعات التكنولوجية وأهمها.

يمكن إنشاء ثروة والمحافظة عليها من خلال تملك شركات. هذا المفهوم هو جوهر الرأسمالية. لقد أضحى بافيت أول رأسمالي في العالم عبر استعمال إيرادات من مؤسسات مختلفة بهدف امتلاك شركات إضافية، وذلك، من أجل تحقيق إيرادات أكبر وإعادة عملية التوسع هذه من جديد؛ على غرار كرة ثلج وهمية على قمة جبل اقتصادي مع الوقت الكافي لإحداث انهيار ثلجي عظيم ودائم التوسع.

وفي ما يلي ملخص لما جاء في الكتاب:
مبادئ وممارسات

إنّ حكاية وارن بافيت T هي حكاية رجل حقّق رأسمالا يعادل 100 مليار دولار، من دون أن يستفيد من أيّ إرث، أو أن يتولّى تجارة عائلية ؟؟؟طة انطلاق، ومن دون معلومات داخلية أو روابط مميّزة، أو راتب كبير.

يعتبر مجموع الثروة التي أنشأها بافيت أهمّ من مجموع إجمالي الناتج الداخلي في كلّ من كوبا، وكوريا الشمالية، واليمن معا!

إنّ مجموعة بافيت ، بركشاير هذاواي Berkshire Hathaway، متداولة في بورصة نيويورك ESYN. يعتبر سهماه من فئتي «أ» و «ب» أغلى سهمين كلفة على الاطلاق في الأسواق العالمية. تحتلّ مجموعة بركشاير اليوم المرتبة 25 لجهة التوظيفات، ويفوق عدد الموظّفين فيها 165000 شخص.

لقد حقّق بافيت كلّ ذلك من دون إجراء صفقات عدائية، أو تسريحات ضخمة، أو استثمارات في أسواق الاقتصاد الجديد.

على سبيل المثال، لو استثمرتَ 10000دولار مع وارن بافيت في عام 1956، حينما بدأ شركته الاستثمارية، لكانت بلغت ثروتك اليوم حوالي 300 مليون دولار. فالخبر السعيد الذي يأتينا من هذا المستثمر العظيم هو أنّه لا سرّ لبناء الثروة. والوعد الذي يقطعه عليك هو أنّ كلّ مستثمر قادر ـ عبر استخدام المبادئ والطرق نفسها ـ على تحقيق ثروة، والمحافظة عليها، وتمريرها الى الأجيال المستقبلية.

مبدأ رقم 1: ادرس الأفضل لتصبح الأفضل
لم يخترع وارن بافيت أيّ طرق أو ممارسات جديدة في حقل الاستثمار. وقد تعلّم مبادئ الاستثمار من مرشديه ومستخدميه السابقين: والده، وسيط في البورصة، وأستاذه الجامعي، بن غراهام Ben Graham. وجاء نجاحه الباهر نتيجة لمثابرته وثباته في تطبيق المبادئ القديمة التي ترتكز على القيمة وهي، ولو أنّ ذلك قد يبدو غريبا، تعتمد على المنطق السليم والبداهة، وهي سهلة التعلّم والتطبيق. يدرس بافيت الأفضل في كلّ القطاعات، لأنّه يعتبر أنّ الصفات التي تميّز الأفضل هي كونية ويمكن أن تتضاعف.

مبدأ رقم 2: حقّق ثروتك عبر تملّك شركة
يمكن تحقيق الثروة عبر طرق أربع وهي: الإرث، أو الزواج، أو اليانصيب، أو امتلاك عمل تجاري. ويجب المحافظة على كلّ ثروة، مهما كانت طريقة اكتسابها، عبر امتلاك شركات تجارية بشكل مستمرّ وكذلك عبر تقليص المصاريف بالنسبة للمداخيل المحقّقة. في الواقع، تنجم ثروة بافيت من تملّك شركات متنوّعة ـ أوّلا عبر البورصة، ومن ثمّ عبر شراء شركات وتملّكها بالكامل. إنّ خبرته واطلاعه وموهبته ومهاراته تكمن في تقدير الشركة بشكل مناسب، وتحديد قيم الإدارة، وفي شرائها بسعر منخفض مع حسم على قيمتها الحقيقية، مع الحرص على تحفيز المدراء الموهوبين والإبقاء عليهم. بعد ذلك، يعيد تشغيل الرأسمال الفائض ليضاعف هذه الخطوة مرّة تلو الأخرى، محقّقا حلقة رأسمالية وهمية بأرقى أشكالها.

مبدأ رقم 3: حدّد شخصيتك الاستثمارية
عليك أن تبدأ عملية الاستثمار بتحليل ذاتي لكي تطابق مزاياك وصفاتك الشخصية مع أسلوب الاستثمار المناسب. تساعدك بعض المتغيّرات على تحديد مواصفات المستثمر الذي ينطبق عليك ومنها: هل أنت مجازف ومخاطر؟ هل أنت متحفّظ؟ هل تحتاج الى زيادة المدخول أو رأس المال؟ هل أنت مستثمر ناشط أم سلبي؟ إنّ الاجابة عن هذه الأسئلة تبيّن أهدافك الاستثمارية ودرجة المخاطرة لديك.

مبدأ رقم 4: التزم بالاستثمار القيمي gnitsevnI eulaV

يعني الاستثمار القيمي المراجعة والاحتساب الدقيقين لقيمة الشركة الدفترية وقيمتها الذاتية بالاضافة الى علاقتها بالقيمة السوقية. كيف يمكنك التمييز بينهما؟

القيمة الدفترية هي ببساطة عملية طرح الموجودات من المطلوبات. والقيمة الذاتية هي الاحتساب الفني للمكاسب التي ستجنيها الشركة طيلة دوامها.

أمّا القيمة السوقية فهي سعر السهم المذكور في الجرائد.

فلنأخذ مثالا على ذلك: كم تدفع لشراء آلة تُربح دولاراً سنويا لمدّة 10 سنوات؟

لن تدفع 10دولارات لأنّك ستستردّ فقط مالك على مدار 10 سنوات.

ولن تدفع 9دولارات اليوم لتربح 1 دولار في السنة على مدار 10 سنوات، ممّا يشكّل نسبة عائدات تعادل 1% سنويا.

إنّ العائدات التي تريد تحقيقها من الاستثمار هي التي تحدّد لك المبلغ الذي ستدفعه. إذا كنت تبحث عن عائدات سنوية بقيمة 11%، وهو المعدّل الطويل الأجل المعتمد طيلة العقود الأخيرة لعائدات الأسهم العادية، فعليك أن تعرض لهذه الآلة ما يعادل سنتا يوميا في السنة، أو 52.3 دولارات.

مبدأ رقم 5: قلّص مخاطرتك
يظنّ كثيرون انّ المخاطرة أو المجازفة هي مدى تأرجح قيمة الاستثمار. نتيجة لذلك، يوظّفون أموالهم في مشاريع قليلة المجازفة تبدو لهم متدنّية الخطورة بينما أنّ هذه المشاريع تشكّل خطرا أكبر. وآخرون يظنّون أنّ المجازفة هي في القيام بتوظيفات قليلة، فيبدأون بالتنويع. وعوضا عن أن يوظّفوا الكثير في القليل، يشترون القليل من الكثير. عندما يشتري المستثمرون اثنين من كلّ شيء، يشعرون بمجازفة أقلّ ممّا إذا اشتروا الكثير من شيء واحد. يطلق بافيت على هؤلاء لقب: «مستثمري سفينة نوح»، يشترون من كلّ صنف اثنين فتصبح محفظة مستنداتهم أشبه بحديقة الحيوانات.

إنّ المخاطرة، كما يعرّفها بافيت، هي جهل المرء والمستثمر لما يفعله. إذا عرفت كيف تقيّم الشركات وتشتريها بأسعار مغرية، فعندئذ، ستريد الشراء أكثر ممّا تفهمه.

مبدأ رقم 6: طوّر فلسفة استثمارية
إنّ الفلسفة الاستثمارية هي ركيزة كلّ استثمار ناجح. ويمكن تلخيص فلسفة بافيت على الشكل التالي:
ـ القاعدة الأولى: لا تخسر رأس المال
ـ القاعدة الثانية: لا تنسَ القاعدة الأولى
ـ اعرف ما تملكه
ـ قم بالأبحاث قبل أن تشتري
ـ ركّز استثماراتك على أفضل الشركات التي تتحلّى بإدارة صلبة
ـ اتّخذ قرارا واحدا بشراء سهم ولتكن ملكيّتك طويلة الأجل
ـ لا تعطِ موافقتك أبدا من دون النظر مليا بالأمور، مهما كان الرأي السائد في المجتمع المالي

مبدأ رقم 7: ستثمر في ماين ستريت Main Street وليس في وول ستريت Wall Street
تمثّل ماين ستريت الاستثمارات والتداولات ضمن الاقتصاد القديم، بينما تتداول المنشآت ضمن الاقتصاد الجديد في وول ستريت.

إنّ بورصة وول ستريت تقدّم أحدث العروضات وأهمّها لكنّها عروضات لم تخضع للاختبار والتجربة وتعرّف بـ Initial Public Offerings IPO أي «أولى العروضات العامّة». لكنّ بافيت ينصح عوضا عن ذلك بـ OPOs Old Public Offerings وهي العروض العامّة القديمة. وهو يوظّف أمواله في مجال الألبسة والتأمين والمصارف والمجوهرات والأجهزة الإلكترونيّة والجرائد اليوميّة والمفروشات وغيرها… وفي عام 1971، أُطلق مؤشّر نازداك NASDAQ لأوّل مرّة بقيمة 100 دولار، وهو يجمع في الأساس شركات ترتكز بغالبيتها على تكنولوجيا الاقتصاد الجديد. وفي نهاية القرن، تضخّم إلى حدّ قياسي بلغ5000 دولار ثمّ انتهى إلى 2000دولار. في هذه الأثناء، كانت مجموعة بركشاير هذاواي من طراز الاقتصاد القديم تتداول بقيمة 70 دولاراً لتحقّق في عام 2000 رقما قياسيا بلغ 70000 دولار.

مبدأ رقم 8: تجنَّب 9 أخطاء شائعة
ـ شراء أسهم لا تفهمها
ـ الإفراط في التنويع
ـ جهل الفرق بين القيمة والسعر
ـ الاستثمار من خلال الأسهم بدلا من النقد
ـ التركيز الزائد على السوق
ـ الجمود: أي الاستمرار في القيام بما كنت تفعله دوما
ـ عدم تقييم الإدارة
ـ البيع المبكر
ـ عدم الشراء عند ملاحظة القيمة
——————————————————————-
رحلة العمر
يعيش جيل اليوم في وهم تحقيق الثروة بسرعة، لكنّ قصة بافيت تبرهن أنّ النجاح يأتي من خلال العمل الجدّي، والأخلاقيات العالية، والاستثمارات الطويلة الأمد. لقد مهّد بافيت طريقه إلى الثروة عبر تطبيق مبادىء عملية. واستغرق الامر خمسة عقود ليصبح واحدا من المواطنين الأكثر ثراء في العالم وذلك من خلال الاستثمار في منشآت الآخرين.

أكثر من المال
يعتقد بافيت بأنّ الحياة لا تتوقّف على تحقيق الثروة وأنّ الثروة لا تنحصر في المال فقط. وقد قال أحدهم: «إنّ العباقرة هم موضع إعجاب، والأثرياء هم موضع حسد، ورجال السلطة مصدر للخوف؛ أمّا أصحاب الشخصية الحميدة فقط فهم موضع الثقة».

ممّا لا شكّ فيه أنّ بافيت يتمتّع بالعبقرية والثروة والسلطة، لكنّ ميزة هذا الرجل هو أنّه موضع ثقة كونه يتحلّى بأخلاق حميدة.

منقوووووووووووول

9 thoughts on “(( قــــصــــــة نـــــــجـــــــااح ))

  1. أخواني الاعزاء

    العبره ليست بجمع المال فحسب

    أنما العبره بمن يعلم كيف يضع لنفسه فلسفه خاصه في عالم الأعمال وأن يكون مؤثرا فالسوق اللذي ينتمي اليه .

  2. وارن بافيت.. فيلسوف الاستثمار في الأعمال

    الرأي: وارن أدوارد بافيت، البالغ 77 عاما من العمر، هو مستثمر ورجل أعمال أمريكي عرف عنه بأنه أكبر المتبرعين للأعمال الخيرية في تاريخ الأعمال الأمريكية. فقد استطاع هذا المستثمر أن يجمع ثروة طائلة من استثمارات ذكية تحت إدارة شركة قابضة تحمل اسم “بيركشاير هاثاواي” التي يعد أكبر مساهم فيها ويحتل منصب مديرها التنفيذي.
    وبثروته الحالية التي تقدر بنحو 52 مليار دولار، أقدمت مجلة “فوربس” في إبريل 2007 على تصنيف بافيت باعتباره ثالث أغنى رجل في العالم بعد بيل جيتس مؤسس شركة “مايكروسوفت” ورجل الأعمال المكسيكي كارلوس سليم حلو.
    تصدر اسم بافيت عناوين الأنباء في يونيو 2006 عندما تعهد بالتبرع بالجزء الأكبر من ثروته من خلال تخصيص 83% منها إلى مؤسسة “بيل وميليندا جيتس فاونديشن” الخيرية. وقد بلغت قيمة هذا التبرع نحو 30 مليار دولار. وقيل إن تبرع بافيت مثل الأكبر من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة. ووقت الإعلان عن التبرع قدرت قيمته بنحو يكفي لمضاعفة حجم مؤسسة “بيل وميليندا جيتس فاونديشن”.
    وعلى الرغم من ثروته الهائلة، فإن بافيت معروف بحياته الهادئة الخالية من مظاهر البذخ والإسراف التي ميزت حياة غيره من الأثرياء. فعندما أنفق 9.7 مليون دولار من أموال شركة “بيركشاير” في عام 1989 على شراء طائرة خاصة أقدم على تسمية هذه الطائرة باسم “الطائر الذي لا يمكن الدفاع عنه” وذلك بسبب انتقاداته السابقة إلى مثل هذه المشتريات الباذخة من قبل مديري الشركات والأثرياء.
    وما زال بافيت يعيش في نفس المنزل الواقع في مركز حي داندي في مدينة أوهاما بولاية نبراسكا والذي اشتراه في عام 1958 مقابل 31500 دولار، رغم أنه كان يملك منزلا أعلى سعرا في ساحل لاغونا بيتش بولاية كاليفورنيا والذي باعه في عام 2004. ويقدر السعر الحالي للمنزل الذي يسكنه في أوماها بنحو لا يزيد عن 700 ألف دولار.
    ويعد الراتب السنوي بافت الذي تقاضاه في عام 2006 والذي لم يزد عن 100 ألف دولار راتبا ضئيلا قياسا إلى رواتب ومكافآت المديرين التنفيذيين في شركات أخرى مماثلة لشركة “يوركشاير”. ففي عام 2003 على سبيل المثال بلغ متواسط راتب المدير التنفيذي في الشركات التي تشكل مؤشر “ستاندارد أند بوورز 500” لقياس أداء الأسهم نحو 9 ملايين دولار. غير أن بافيت ورغم حياته المتواضعة قد أدرجته مجلة “تايم” في عام 2007 في قائمة أكثر 100 رجلا تأثيرا في العالم.

    البداية: ذكاء ومهارة ومغامرة
    ولد وارين بافيت في 30 أغسطس 1930 في مدينة أوماها بولاية نبراسكا لهوارد بافيت، الذي كان يعمل سمسارا للأسهم قبل أن يكون عضوا في مجلس النواب الأمريكي، ولزوجته ليلى بافين.
    وقد أظهر وارين منذ طفولته موهبة كبيرة في فهم الأعمال والرياضيات. إذ كان قادرا وبسهولة على حل المعادلات الرياضية المعقدة برأسه ومن دون الاستعانة بالقلم والورق. كما عرف عنه ولعه في قراءة الكتب حيث أظهر جوعا لا يشبع نحو المعرفة وخصوصا في مجال الأعمال وأسواق المال.
    بدأ وارين العمل في مؤسسة السمسرة التابعة لوالده وهو بعمر لا يتجاوز الحادية عشر. ففي نفس عام بدايته بهذا العمل قام بأول عملية شراء للأسهم عندما اشترى أسهم شركة “سيتيز سيرفيسيز” مقابل 38.25 دولار للسهم الواحد. وقد قام بعد ذلك ببيع ما اشتراه من أسهم عندما ارتفع السعر إلى 40 دولارا وذلك قبل أن تواصل أسعار أسهم هذه الشركة الارتفاع لتبلغ 200 دولار بعد أعوام قليلة. ذلك علمه أهمية الاستثمار في الشركات الجيدة لفترة طويلة.
    وبعمر لا يتجاوز الرابعة عشر، بدأ وارين مع زميل له في المدرسة الثانوية نصب مكائن تسلية في محلات الحلاقة لينفق الإيرادات التي حققها من هذا النشاط والتي بلغت 1200 دولار على شراء مزرعة مساحتها 40 إيكر قام بتأجيرها إلى مزارعين مستأجرين.
    وعلى الرغم من تفوقه في الدراسة، إلا أنه شعر بأن الجامعة ستكون مضيعة لوقته وذلك في ظل نجاحه باعتباره مستثمرا مغامرا، أي مشاريعيا (entrepreneur). فأثناء دراسته الثانوية أصبح لديه مصادر للإيرادات تأتي من عدد من الصحف كان يديرها، ومن شركة “ويلسون كوين أوب” المصنعة لمكائن التسلية والتي أسسها مع صديق له، ومما يدفعه إليه المزارعون من إيجار مقابل استخدام وزراعة الأرض التي كان يملكها. ومع بلوغه سن السادسة عشر وتخرجه ضمن الطلبة العشرين الأوائل من المدرسة الثانية، كان لدى وارين توفير قيمته 5 آلاف دولار. غير أنه أذعن في نهاية المطاف إلى نصيحة والده وأقدم على دخول الجامعة.
    في أعقاب تخرجه من كلية “وودرو ويلسون” العليا بجامعة واشنطن” في عام 1947، انضم وارين إلى كلية “وارتون” الشهيرة والتابعة لجامعة بنسلفانيا حيث قضى فيها ثلاثة أعوام لينتقل بعدها إلى جامعة نبراسكا. وقد بدأ هناك اهتمامه في الاستثمار بعد أن قرأ كتاب “المستثمر الذكي” لمؤلفه بنجامين غراهام.
    في عام 1951 حصل وارين على شهاد الماجستير في الاقتصاد من كلية كولومبيا للأعمال، حيث درس، تحت إشراف بنجامين غراهام، إلى جانب عدد من المستثمرين المهمين بضمنهم والتر سكولس وإيرفينغ كان.
    التأثير الآخر على فلسفة وارين بافيت الخاصة بالاستثمار جاء من مستمثر وكاتب شهير هو فيليب فيشر. فبعد أن تسلم درجة A+ من بنجامين غراهام وهي أعلى درجة يمنحها الأخير إلى أي طالب يدرس مادة تحليل أسواق الأسهم، أراد بافيت أن يعمل مع غراهم إلا أن طلبه جوبه بالرفض. ذلك دفع بوارين إلى العمل في مؤسسة والده كرجل مبيعات قبل أن يعرض عليه غراهام وظيفة في عام 1954. عاد بافيت إلى أوماها بعد عامين عندما تقاعد غراهام.

    الولوج في عالم الأعمال
    في عام 1956 قام بافيت بتأسيس شركة “بافيت أسوشييتس” المحدودة التي مثلت أول شراكة استثمارية له. تم تمويل هذه الشركة بنحو 100 دولار دفعها بافيت وشريكه وبنحو 105 ألف دولار دفعها شركاء محدودون يتألفون من أسرة وأصدقاء بافيت.
    استطاع بافيت أن يؤسس شراكات إضافية تم جمعها فيما بعد تحت مظلة “بافيت بارتنرشيب” المحدودة. وقد قام بإدارة هذه الشراكه من غرفة نومه، ملتزما بشكل وثيق بنهج غراهام في مجال شراكة الاستثمار وثقافة التعويض. وقد حققت تلك الاستثمارات ما يزيد عن 30% من الإيرادات المجمعة خلال الفترة بين 1956 و 1969 في سوق كان معدل العائد الاعتيادي يتراوح بين 7% و 11%.
    في عام 1962 بدأت “بافيت باراتنرشيب” بشراء أسهم شركة “بيركشاير هاثاواي”، وهي عبارة عن شركة صناعية كبيرة تعمل في قطاع المنسوجات الذي كان يشهد تدهورا ملموسا يتمثل في أن حجم مبيعات هذا القطاع كان يقل عن حجم رأس المال العامل فيه.
    في عام 1969 عمد بافيت على حل جميع الشركات التي أقامها ليركز على إدارة “بيركشاير هاثاواي”. وفي ذلك الوقت اعتقد تشارلي مونغر، نائب الرئيس الحالي للشركة بأن شراء الشركة أمر خاطئ بسبب الإخفاق الذي كان يواجهه قطاع المنسوجات.
    غير أن “بيركشاير” أصبحت واحدة من أكبر الشركات القابضة في العالم بفضل دور بافيت في إعادة توجيه الأموال النقدية الفائضة لدى الشركة نحو الاستحواذ على الأعمال الخاصة وأسهم الشركات العامة. وتمثلت أحد أهم اهتمامات استراتيجية بافيت في شركات التأمين وذلك بفضل الاحتياطات النقدية الكبيرة التي كان على تلك الشركات أن تحتفظ بها في خزائنها من أجل تسديد مطالب التعويضات المستقبلية. وفي واقع الأمر أن شركات التأمين قد لا تملك تلك الاحتياطات النقدية إلا أنها قادرة على استثمارها والاحتفاظ بالعوائد التي يدرها الاستثمار.
    وتحت تأثير مونغر، انتقل نهج بافيت الاستثماري بعيدا عن الالتزام المشدد بمبادئ غراهام، ليبدأ في التركيز على الأعمال ذات النوعية العالية التي تتميز بمزايا تنافسية كبيرة. وقد فسر بافيت تلك المزايا باعتبارها “مصدة” أبقت المنافسين على مسافة بعيدة.
    لقد أصبح الاستثمار في الأعمال ذات النوعية العالية سمة أساسية لشركة “بيركشاير هاثاواي”، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بشراء شركات كاملة بدلا من شراء أسهم الشركات. ونتيجة لذلك، تمتلك الشركة الآن عددا كبيرا من الأعمال التي تعتبر لاعبة مهيمنة في قطاعاتها.

    المهارات
    يصف بافيت نفسه باعتباره مخصصا للأموال على المجالات المجدية. فمهمته الأساسية تتمثل في تخصيص الأموال وتوجيهها إلى الأعمال التي تتسم باقتصاديات جيدة مع الاحتفاظ بإدارات تلك الأعمال بهدف قيادة الشركة.
    وعندما يقدم بافيت على شراء حصة مهيمنة في شركة ما، فإنه يبذل جهودا كبيرة من أجل أن يوضح لمالكي تلك الشركة ما يلي:
    • لن يتدخل في إدارة الشركة
    • سيكون مسؤولا عن التعاقد مع المديرين وعن تحديد مستويات رواتبهم
    • المال المخصص للشركة سيكون له سعر مرتبط به. والقصد من تلك العملية هو تحفيز المالكين على إرسال الفائض من رأس المال والذي لا يحقق عوائد تتجاوز التكاليف إلى مقر شركة بيركشاير بدلا من استثمارها بعوائد منخفضة. وسيكون هذا المال متاحا للاستثمار في فرص أخرى تنطوي على معدلات أعلى للعوائد.

    لاقى نهج بافيت المتمثل في عدم التدخل في إدارة الشركات التي تقع تحت سيطرة الشركة القابضة قبولا قويا وخلق مساحة للمديرين لأن يعملون باعتبارهم مالكين وصانعي قرار بشأن كل ما يتعلق بأعمالهم وشركاتهم. وقد تمكن بافيت بفضل هذا النوع من استراتيجية الاستحواذ من شراء شركات بأسعار معتدلة لأن البائعين أرادوا مساحة لكي يعملوا بشكل مستقل بعد بيع شركاتهم.
    وإلى جانب مهاراته في إدارة تدفق الأموال على شركة “بيركشاير”، امتلك بافيت مهارات في إدارة ميزانت مدفوعات الشركة. فمنذ أن تولى مهمة إداة شركة “بيركشاير” أقدم بافيت على وزن كل قرار يتخذه مقابل أثره على ميزان المدفوعات. واعتبارا من عام 2005 نجح في بناء شركة “بيركشاير” وتحويلها إلى واحدة من تسع شركات تمنحها مؤسسة “ستاندارد أند بوورز” للتصنيف الائتماني مرتبة (AAA)، وهي أعلى مرتبة ائتمانية تمنح إلى الشركات التي تتمتع بأقل مستوى ممكن من تكاليف الديون. ويجد بافيت راحة في اعتقادة بأن شركته لن تكون في المستقبل القريب واحدة من تلك التي ستهتز بفعل الكوارث الاقتصادية والطبيعية.

    فلسفة الاستثمار
    إن فلسفة بافيت الخاصة بالاستثمار في الأعمال ما هي إلا تحوير لنهج الاستثمار في القيمة والذي طوره أستاذه بنجامين غراهام. فقد أقدم غراهام على شراء شركات لأنها كانت رخيصة بالمقارنة مع قيمتها الجوهرية. إذ كان يعتقد بأنه طالما كانت السوق تضفي على الشركة التي يشتريها قيمة أقل من القيمة الجوهرية للشركة، فإنه يقوم بقرار استثماري مجدي عندما يقدم على شرائها. وبرر ذلك بالاعتقاد بأن السوق سوف تدرك فيما بعد بأنها قد منحت الشركة قيمة أقل من قيمتها الحقيقية مما يدفعها لأن تصحح هذه القيمة بصرف النظر عن طبيعة الأعمال التي تمارسها الشركة.
    وفيما يلي عدد من الأسئلة التي يتعين الإجابة عليها قبل التوصل إلى قرار بشأن شراء الشركة، وذلك حسبما ورد في كاتب بافيت الذي يحمل عنوان “بافيتولوجوي”:
    • هل أن الشركة تقع في قطاع يتسم بقاعدة اقتصادية جيدة، وليس في قطاع يشهد منافسة على الأسعار؟
    • هل لدى الشركة احتكارا استهلاكيا أو علامة تجارية تتمتع بالولاء؟
    • هل بإمكان أي شركة تتمتع بوفرة في الموارد أن تتنافس بنجاح مع الشركة التي يجري التفكير بشرائها؟
    • هل أن إيرادات المالكين في اتجاه صعودي بأرباح جيدة ومستمرة؟
    • هل أن معدل الدين إلى الأصول منخفض أو أن معدل الإيرادات إلى الديون مرتفع؟ ذلك يعني هل تستطيع الشركة تسديد ديونها في غضون سنوات عندما تكون الإيرادات أقل من المعدل؟
    • هل لدى الشركة عوائد مرتفعة ومستمرة على رأس المال المستثمر؟
    • هل تحتفظ الشركة بإيرادات تخصصها للنمو؟
    • هل تعيد الشركة استثمار إيراداتها في فرص أعمال جيدة؟
    • هل لدى الإدارة سجل جيد في تحقيق الأرباح من تلك الاستثمارات؟
    • هل تتمتع الشركة بالحرية على تعديل أسعار منتجاتها من أجل استيعاب التضخم؟

    كما يركز بافيت على توقب الشراء. فهو لا يريد الاستثمار في الأعمال التي تتسم بعدم القدرة على معرفة قيمتها. إذ يفضل الانتظار حتى حلول اتجاه التصحيح في السوق أو خلال الاتجاهات الهبوطية حتى يستطيع الشراء بأسعار معقولة، وخصوصا وأن الاتجاهات الهبوطية في أسواق الأسهم تتيح فرصا للشراء.
    ومعروف عن بافيت أيضا بأنه محافظ عندما تكون المضاربة متفشية في السوق وبأنه يكون على عكس ذلك تماما عندما يكون الآخرون قلقين وخائفين على أموالهم. وهذه الإستراتيجية المعاكسة هي التي قادت بشركة “يوركشاير” إلى تجاوز دورة الازدهار والانهيار في قطاع الإنترنت في عام 2000 من دون أن تتعرض إلى أي أضرار.

    العمل الخيري
    في يونيو 2006، أعلن بافيت عن عزمه على التبرع بنحو 10 ملايين سهم من أسهم الفئة ب في شركة “يوركشاير هاثاواي”، قدرت قيمتها في 23 يونيو 2006 بنحو 30.7 مليار دولار، إلى مؤسسة “بيل وميليندا جيتس” الخيرية، وهو أكبر تبرع خيري في التاريخ. ووانطوى هذا الإعلان على قرار يقضي بأن تتسلم المؤسسة المذكورة 5% من إجمالي التبرع على أساس سنوي في كل يوليو، اعتبارا من عام 2006. كما انطوى على انضمام بافيت إلى مجلس إدارة مؤسسة “جيتس الخيرية”، رغم أنه لا يعتزم لعب دور نشط في إدارة المؤسسة.
    كما أعلن بافيت عن خطط تقضي بالمساهمة بأسهم إضافية من أسهم شركة “بيركشاير” تقترب قيمتها من 6.7 مليار دولار لمؤسسة “سوزان تومبسون بافيت” وغيرها من المؤسسات الخيرية التي يترأسها ثلاثة من أولاده.
    وقد اعتبر توزيع تبرعاته بالشكل المذكور ذلك تحولا مهما عن البيانات التي أصدرها بافيت في السابق والتي أعلن فيها بأن الجزء الأكبر من ثروته ستذهب إلى مؤسسة “بافيت”. والمعروف بأن مجمل العقار الذي كانت تمتلكه زوجته والمقدرة قيمته بنحو 2.6 مليار دولار قد ذهب إلى تلك المؤسسة عندما توفيت في عام 2004.
    وعلى ضوء تلك التبرعات السخية التي لا نظير لها فإن أولاد بافيت لن يورثوا جزءا كبيرا من ثروته. وهذه الأفعال تتسق مع تصريحات بافيت في السابق والتي أعرب فيها عن معارضته تحويل ثروات كبيرة من جيل إلى آخر. فقد علق بافيت على هذه القضية في مرة من المرات بالقول “أريد أن أمنح أطفالي ما يكفي لكي يشعورا أن بإمكانهم أن يفعلوا أي شيء ولكن ما لا يكفي لكي يشعروا أن بإمكانهم ألا يفعلون شيئا”.
    وفيما يلي اقتباس مما كتبه وارين بافيت في عامي 1995 يلقي الضوء على أفكاره وفلسفته بخصوص ثروته ولماذا تطلع منذ وقت بعيد إلى إعادة تخصيصها:
    “أعتقد شخصيا بأن المجتمع مسؤول وبنسبة كبيرة عما حققته من إيرادات. فلو وضعتموني في وسط بنغلاديش أو البيرو أو مكان آخر لوجدتم كم ستنتج تلك المهارة في ذلك النوع الخطأ من التربة.. فأنا أعمل في نظام للسوق شاءت الصدف أن يكافئ بشكل مجز، ومجز للغاية، ما أقومه به وما يقوم به (الملاكم) مايك تايسون. فلو كان بإمكانك أن تطرح شخصا في الأرض بعشر ثوان وتحصل على 10 ملايين دولار، فإن هذا العالم سيدفع الكثير على ذلك. ولو كنت معلما رائعا فإن هذا العالم لن يدفع الكثير على ذلك. ولو كنت ممرضا مدهشا فإن هذا العالم لن يدفع الكثير على ذلك. والآن، هل سأحاول طرح نظام آخر يقوم بإعادة توزيع ذلك؟ كلا، لا أعتقد أن بإمكاني القيام بذلك. لكنني أعتقد بأنك عندما تحظى بمعاملة جيدة للغاية من قبل نظام السوق هذا، حيث يمطرك هذا النظام فعلا بالسلع والخدمات بفضل بعض من مهارة فريدة، فأعتقد بأن المجتمع له الحق عليك”.
    وقبل ذلك وفي عام 1988 كتب بافيت يقول:
    “ليس لدي أي مشكلة أو شعور بالذنب إزاء المال. فالطريقة التي أرى بها هذا المال هي أن أموالي تمثل عددا هائلا من الصكوك التي أطالب بها المجتمع. والأمر شبيه بأن لدي تلك الأوراق الصغيرة التي أستطيع أن أحولها إلى استهلاك. فلو شئت، فإنني أستطيع أن أوظف 10 آلاف شخص لكي يرسموا صورتي في كل يوم ولبقية حياتي. عندذاك فإن الناتج القومي الإجمالي (للولايات المتحدة) سيرتفع. إلا أن فائدة هذا المنتج ستكون معدومة، في الوقت الذي سأمنع فيه هؤلاء العشرة آلاف شخص من القيام ببحوث خاصة بمرض الإيدز أو من التعليم أو التمريض. إلا إنني لن أفعل ذلك. فأنا لا استخدم العديد من تلك الصكوك التي أطالب بها المجتمع. وليس هناك مما هو مادي أنا في حاجة ماسة إليه وأريده كثيرا. لذلك سوف أمنح جميع تلك الصوك إلى العمل الخيري عندما نتوفى أنا وزوجتي”.

    المواقف
    انتقد بافيت بشكل متكرر قطاع المال العالمي بسبب ما يعتبره تكاثرا في المستشارين الذين لا يضيفون قيمة إلى القطاع لكنهم يحصلون على مكافآت تعتمد على حجم صفقات الأعمال التي يسهلون قيامها. وقد أشار بافيت إلى تنامي أحجام التعامل بالأسهم باعتباره دليلا على أن جزءا متناميا من إيرادات ومكاسب المستثمرين يذهب إلى السماسرة والوسطاء.
    كما أكد بافيت في عام 1998 ومن على منصة جامعة هارفارد الشهيرة على الجانب غير المنتج لمعدن الذهب. فقد قال إن الذهب “يجري حفره واستخراجه من أعماق الأرض في أفريقيا أو من أماكن أخرى. بعد ذلك يتم صهره وحفر حفرة أخرى ودفنه مرة أخرى ودفع أموال لأناس يقفون حول تلك الحفر لحمايته. ليس لديه أي فائدة. وأي فرد يراقب هذه العملية من كوب المريخ سيحك رأسه دهشة”.
    ويعتقد بافيت بأن الدولار الأمريكي سيخسر قيمته في المدى البعيد. وينظر إلى ارتفاع العجز التجاري للولايات المتحدة باعتباره إتجاها مثيرا للقلق سيؤدي إلى خفض قيمة الدولار والأصول الأمريكية. ونتيجة لهذا العجز فإن حصة أكبر من ملكية الأصول الأمريكية ستتحول إلى أيدي الأجانب. وقد دفع ذلك ببافيبت إلى الدخول في أسواق العملات الأجنبية لأول مرة في عام 2002. إلا أنه أقدم في عام 2005 على خفض انكشافه بشكل كبير على تلك الأسواق وذلك بعد أن أدى التغير في أسعار الفائدة إلى زيادة تكاليف العقود في أسواق العملات.
    بيد أن بافيت استمر في تشاؤمه حيال الدولار من خلال تأكيداته على أنه يتطلع إلى القيام بعملايات استحواذ للشركات التي تستمد حصة كبير من إيراداتها من خارج الولايات المتحدة. إذ يستثمر بافيت الآن في شركة “بيتروتشاينا” الصينية النفطية على الرغم من الدعوات الصادرة عن بعض أوساط النشطاء في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان له بالانسحاب من تلك الشركة.
    يعرف عن الخطابات التي يلقيها بافيت بأنها تمزج بين الحديث الجدي عن الأعمال مع السخرية. ففي كل عام يترأس بافيت الاجتماع السنوي للمساهمين في شركة “بيركشاير هاثاواي” والذي يعقد في مركز كويست بمدينة أوماها في ولاية نبراسكا والذي يحضره ما يزيد عن 20 ألف زائر من عموم الولايات المتحدة والخارج. وقد ذهب البعض إلى حد شراء سهم واحد فقط في الشركة لمجرد حصوله على فرصة لحضور الاجتماع وتوجيه سؤال إلى بافيت.
    وغالبا ما تحظى التقارير السنوية والرسائل الموجهة إلى المساهمين والتي يعدها بافيت بتغطية واسعة في وسائل الإعلام الاقتصادية. وقد عرف عن كتابات بافيت بأنها تحتوي على اقتباسات أدبية عديدة وعلى العديد من الطرائف.
    ويبدي بافيت موقفا مؤيدا وبقوة لفرض ضرائب أكبر على الميراث، قائلا إن الوقوف ضد هذه الضريبة أشبه “باختيار فريق لأولمبياد عام 2020 من خلال اختيار أكبر أبناء الفائزين في ميداليات ذهبية من الدورة الأولمبية لعام 2000”.

    شيء من الحياة الشخصية
    تزوج بافيت سوزان تومبسون في عام 1952. وقد أنجبا بنتا ووليدن، سوزي وهاوراد وبيتر. وبدأ الزوجان بالعيش منفصلين في عام 1977 رغم بقائهما متزوجين حتى وفاة سوزان في يوليو 2004. وتعيش إبنة بافيت، سوزي، في أوماها حيث تنشط في مجال الأعمال الخيرية من خلال مؤسسة “سوزان بافيت” الخيرية. كما أنها عضو في مجلس إدارة مؤسسة “غيرلز إنك”.
    في عيد ميلاده السادي والسبعين، تزوج بافيت من خليلته أستريد مينكس التي عاشت معه منذ خروج زوجته من بيت الزوجية. ومن المثير في الأمر أن سوزان بافيت هي التي رتبت لكل من زوجها وأستريد أن يلتقيا قبل أن تغادر أوماها لتتابع مهنتها الغنائية. وقد كان الثلاثة قريبين من بعضهم الآخر حيث كان بطاقات التهنئة في أعياد الميلاد وبطاقات العطلات ترسل بتوقيع من “وارين وسوزي وأستريد”. وقد تحدثت سوزان بافيت بشكل مختصر عن تلك العلاقة قبيل وفاتها في لمحة نادرة ألقت بعض الضوء على حياة بافيت الخاصة.
    يعتبر وارين بافيت لاعبا متحمسة للعبة البيردج. فقد قال يوما أنه يقضي 12 ساعة في الأسبوع يمارس تلك اللعبة. وغالبا ما يمارس هذه اللعبة مع بيل جيتس. وفي عام 2006 رعا بافيت دورة في لعبة البريدج تحت اسم “كأس بافيت”. وخلال هذه الدورة تنافس فريق من إثني عشر لاعبا أمريكا مع فريق من إثني عشر أوروبيا.
    المكان المفضل لدى بافيت لتناول وجباته خارج المنزل هو مطعم “غوراتس ستيك هاوس” في أوماها، حيث يشتري في الغالب شريحة لحم بقري (تي-بون) مطبوخة قليلا.
    وقد اعتاد بافيت على قيادة سيارة “لينكولن تاون” مصنوعة في عام 2001 أقدم على بيعها عبر موقغ “إي باي” للمزايدات وتبرع بما جناه لصالح مؤسسة “غيرلز إنك” الخيرية التي تشغل إبنته منصب عضو في مجلس إدارتها. ومنذ أن باع تلك السيارة أصبح يقود الآن سيارة “كاديلاك دي تي إس”.
    في ديسمبر 2006 كتب عن بافيت بأنه لا يحمل جهاز هاتف نقالا وليس لديه جهاز كمبيوتر في مكتبه، وبأنه يقود سيارته بنفسه. غير أنه في مايو 2007، ذكر ريتشارد سانتولي، رئيس مجلس إدارة شركة “نيتجيتس” في تقرير نشرته صحيفة “نايتلي بيزنس” المتخصصة في الأعمال، بأن بافيت أصبح يستخدم الآن جهاز هاتف نقالا إلا أنه ما يزال بعيدا عن استخدام البريد الإلكتروني.
    كشف فحص الحمض النووي (DNA) لبافيت بأنه ليست لديه أي صلاة قرابة مع جيمي بافيت وبأن أجداده لأبيه قد انحدروا من شمال إسكندنافيا في حين أن لدى أمه جذور من إسبانيا أو أستونيا.
    أقام بافيت حفلات لجمع الأموال لكلا مرشحي الحزب الديمقراطي للرئاسة، هيلاري كلينتون وباراك أوباما. وعلى الرغم من أنه لم يكشف أي شيء بشأن هوية من سيمنح صوته من هذين المرشحين، إلا أنه أكد على إن كليهما سيكونان “رئيسان عظيمان” للولايات المتحدة.

Comments are closed.